الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسالة في
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله، وأصحابه أجمعين، أما بعد: فنتكلم هذه الليلة عن صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
أولاً: أعتقد أنك إذا قمت إلى الصلاة فإنما تقوم بين يدي الله عز وجل، الذي يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، ويعلم ما توسوس به نفسك، وحينئذ حافظ على أن يكون قلبك مشغولاً بصلاتك، كما أن جسمك مشغولاً بصلاتك، جسمك متجه إلى القبلة، إلى الجهة التي أمرك الله عز وجل، فيكن قلبك أيضاً متجهاً إلى الله.
أما أن يتجه الجسم إلى ما أمر الله بالتوجه إليه، ولكن القلب ضائع فهذا نقص كبير، حتى إن بعض العلماء يقول: إذا غلب الوسواس – أي الهواجس – على أكثر الصلاة فإنها تبطل، والأمر شديد.
فإذا أقبلت إلى الصلاة فاعتقد أنك مقبل إلى الله عز وجل.
وإذا وقفت تصلي فاعتقد أنك تناجي الله عز وجل، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا كان أحدكم في صلاة، فإنه يناجي ربه"(1) .
(1) متفق عليه من حديث أنس بن مالك رواه البخاري في الصلاة باب ليبزق عن يساره.. (413) ، ومسلم في المساجد باب النهي عن البصاق في المسجد ح54 (551) .
وإذا وقفت في الصلاة فاعتقد أن الله عز وجل قبل وجهك، ليس في الأرض التي أنت فيها، ولكنه قبل وجهك، وهو على عرشه عز وجل، وما ذلك على الله بعسير، لأن الله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء) في جميع صفاته، فهو فوق عرشه، وهو قبل وجه المصلي إذا صلى، وحينئذ تدخل وقلبك مملوء بتعظيم الله عز وجل، ومحبته، والتقرب إليه.
فتكبر وتقول: "الله أكبر"، ومع هذا التكبير ترفع يديك إلى حذو منكبيك، أو إلى فروع أذنيك.
والمنكب هو: الكتف وفروع الأذنين أعلاها، ثم تضع يدك اليمنى على يدك اليسرى، على الذراع كما ثبت ذلك في صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد – رضي الله عنه – قال:(كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة)(1) .
ثم تخفض رأسك فلا ترفعه إلى السماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، واشتد قوله في ذلك حتى قال:"لينتهين – أي الذين يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة – عن ذلك، أو لتخطفن أبصارهم"(2) .
ولهذا ذهب بعض من أهل العلم إلى تحريم رفع المصلي رأسه إلى السماء أو بصره إلى السماء، وهو قول وجيه جداً؛ لأنه لا
(1) رواه البخاري، وتقدم في ص160.
(2)
رواه البخاري في الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، ح (750) من حديث أنس، ورواه مسلم من حديث جابر بن سمرة، وأبي هريرة في الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة ح117 (428) وح118 (429) .