الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصادر المسيحية بعد عيسى عليه السلام
-
24- الكتاب المقدس لدى النصارى يشمل التوراة و
الأناجيل
، ورسائل الرسل
، وتسمى التوراة (أسفارها الموسوية وغيرها) كتب العهد القديم، وتسمى الأناجيل، ورسائل الرسل كتب العهد الجديد، فمن العهد القديم يعرفون أخبار العالم في عصوره الأولى، وأجياله القديمة، وشرائع اليهود الاجتماعية والدينية، وتاريخ نشأتهم، وحكوماتهم وحوادثهم، والنبوات السابقة منذ هبوط الإنسان على هذه الأرض، والبشارات بالنبيين اللاحقين، وبالمسيح، وفيها يجدون أدعية متوارثة تعين على أداء العبادات، والقيام بالطقوس الدينية كمزامير داود، ولنترك الكلام في التوراة وأسفارها فلذلك موضعه من الدراسة للديانة اليهودية، بيد إنه يجب أن يلاحظ أن بعض الأسفار المعتبرة عند اليهود مرفوضة عند المسيحيين، لعدم اعتقادهم بصحة الوحي فيها.
الأناجيل:
25-
أما كتب العهد الجديد فهي التي تعنينا في هذا البحث، ويهمنا أن نجلي أمرها، ونعرف حقيقتها، وأولها الأناجيل.
والأناجيل المعتبرة عندهم أربعة: إنجيل متى، وإنجيل مرقس، وإنجيل لوقا، وإنجيل يوحنا.
ومكان الأناجيل في النصرانية مكان القطب والعماد، وإذا كانت شخصية المسيح وما حاطوها به من أفكار هي شعار المسيحية، فإن هذه الأناجيل هي المشتملة على أخبار تلك الشخصية، من وقت الحمل إلى وقت صلبه في اعتقادهم وقيامته من قبره بعد ثلاث ليال، ثم رفعه بعد أربعين ليلة، وهي بهذا تشتمل على عقيدة ألوهية المسيح في زعمهم، والصلب والفداء، أي إنها تشتمل على لب المسيحية في نظرهم بعد المسيح ومعناها.
وهذه الأناجيل الأربعة هي التي تعترف بها الكنائس، وتقرها الفرق المسيحية وتأخذ بها، ولكن التاريخ يروى لنا إنه كانت في العصور الغابرة أناجيل أخرى، قد أخذت بها فرق قديمة، وراجت عندها، ولم تعتنق كل فرقة إنجيلها، فعند كل من أصحاب مرقيون، وأصحاب ديسان
إنجيل يخالف بعضه هذه الأناجيل، ولأصحاب مانى إنجيل يخالف هذه الأربعة، وهو الصحيح في زعمهم، وهناك إنجيل يقال له إنجيل السبعين ينسب إلى تلامس، والنصارى ينكرونه، وهناك إنجيل أشتهر باسم التذكرة، وإنجيل سرن تهس، ولقد كثرت الأناجيل كثرة عظيمة، وأجمع على ذلك مؤرخو النصرانية، ثم أرادت الكنيسة في آخر القرن الثاني الميلادي، أو أوائل القرن الرابع أن تحافظ على الأناجيل الصادقة - في اعتقادها - فاحتارت هذه الأناجيل الأربعة من الأناجيل الرائجة إبان ذلك.
ولقد يذكر بعض المؤرخين إنه لم توجد عبارة تشير إلى وجود أناجيل متى ومرقي ولوقا ويوحنا قبل آخر القرن الثالث. وأول من ذكر هذه الأناجيل الأربعة أرينيوس في سنة 209. ثم جاء من بعده كليمنس اسكندريانوس في سنة 216، وأظهر أن هذه الأناجيل الأربعة واجبة التسليم، ولم تكتف الكنيسة باختيار هذه الأناجيل الأربعة، بل أرادت الناس على قبولها لاعتقادها صحتها، ورفض غيرها، وتم لها ما أرادت فصارت هذه الأناجيل هي المعتبرة دون سواها.
ولقد كنا نود ونحن ندرس المسيحية وأدوارها في التاريخ أن نعرف هذه الأناجيل التي أهملت، وما كانت تشتمل عليه. مما كان سبباً في رفضها، وحمل الناس على تركها، وخصوصاً أنها كانت رائجة. ويأخذ بها طوائف من المسيحيين ويتدينون هذه الديانة على مقتضاها، فإن الإطلاع عليها يمكننا من معرفة اعتقاد الناس في المسيح، وكيف كان، خصوصا بين أولئك الذين قاربوا عصره، وأدركوا زمانه، ولقوا تلاميذه، ونهلوا من مناهلهم، وإذ ضن التاريخ بحفظ نسخ منها، فقد كنا نود أن تطلعنا الكنيسة على ما اشتملت عليه مما يخالفها، وما كان من سبب رفضها، وترينا حجة الرفض، لتكون دليلاً مغيراً لها على إنها بهذا أقامت ديانة المسيح ولم تغيرها، ولكن ضن التاريخ علينا، فطوى تلك الأناجيل، وضنت الكنيسة فطوت تلك البيانات، فلم يبق لنا إلا أن نكتفي من الدراسة مما بين أيدينا، لعل فيه غناء إن أنعمنا النظر وأمعنا في الاستنباط وجعلنا لقضية العقل سلطاناً، ومن بدهياته برهاناً.