الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لاعتقاد جازم، وإيمان بدين، وكيف يزعم زاعم أن هذا الكتاب بحواشيه الدخيلة غير المعلومة من متنه الأصيل، هو بإلهام من الله العلي القدير؟! ولكن في العالم عقول تقبل ذلك.
بيد إنه من الإنصاف لهذه العقول أن نقول: أنهم يقيمون غواشي تمنع نورها أن يكشف عن موضع الضعف فيها فهي لا تقبله على نور وبينة، وسلطان مبين.
59-
هذه بعض المتناقضات بين هذه الكتب بعضها مع بعض وبعض مناقضتها للعقل والمدون في التاريخ، وإنَّا نحيل القارئ في هذا المقام إلى كتاب إظهار الحق للشيخ رحمه الله الهندي: فقد أتى بأكثر من مائة اختلاف بين هذه الكتب، وجبه بما مناظريه، فلم يحيروا جواباً، ولم يستطيعوا خطاباً، ولسنا نريد أن ننقلها برمتها منه فليرجع القارئ إليه، فسيجد الغريب.
التناقض بينها مبطل لإدعاء الإلهام وبيان إنكارهم لبعضها ثم اعترافهم به:
وإذا كانت هذه الكتب متناقضة متضاربة يلحق الكذب كلها في حملتها وأجزائها عند مناقشتها فهي إذن ليست بإلهام، ويكفي هذا بطلانا لمدعاهم في الإلهام.
وإن نسبة هذه الكتب إلى من نسبت إليهم على ما فيها، وعلى إنها في ذاتها ليست حجة، هي موضع شك كثير، فإنه ليس لهم سند متصل يصل هذه الكتب في أقدم العصور التي عرفت فيها - بالكاتبين لها، فهي لم تعرف معرفة كاملة قبل مجمع نيقية الذي كان في سنة 325، ولم يجئ ذكر لها قبل ذلك إلا على لسان أرينيوس سنة 200 وكليمنس سنة 216.
بل إن مجمع نيقية لم يعترف بكثير منها، فإن ذلك المجمع لم يعترف بما يأتي:
1-
برسالة بولس إلى العبرانيين.
2-
ورسالة بطرس الثانية.
3، 4- ورسالة يوحنا الثانية والثالثة.
5-
ورسالة يعقوب.
6-
ورسالة يهوذا.
7-
ورؤيا يوحنا التي تسمى "الكتاب النبوي" ولم يحكم بصحة هذه الكتب إلا في مجمع لوديسيا سنة 364.
انقطاع السند في نسبتها لكاتبيها:
فقبل سنة 364 لم يعترف بصحة هذه الرسائل السبع، وقبل سنة 325 لم تكن الكتب كلها معروفة أو مختصة بذلك التقديس. وآخر كتاب من هذه الكتب كتب في القرن الأول، فبين آخر كتبهم تدويناً في زعمهم، ومعرفته والاعتراف به أكثر من خمس وعشرين سنة ومائتين لا راوي برويها، وقد وقع بهم من الأحداث في هذه المدة ما يذهب باللب ويضيع الرشد، وينسي المرء معه كل شيء، وإن الكتب نفسها لم تسلم من الاضطهاد. فقد أصدر أحد أباطرة الروم سنة 303 أمراً بهدم الكنائس وإحراق الكتب، وعدم اجتماع المسيحيين لأداء عباداتهم، فتفذ الولاة الأمر، فهدموا الكنائس، وحرقوا الكتب، وأتوا على كل ما للمسيحيين من بيوت عبادة وكتب، هدماً وتحريقاً، ومن سبق إلى ظنهم إنه أخفى كتاباً عذبوه عذاباً شديداً، حتى يعلنه فيحرق.
ومن قبل ومن بعد أنزلوا البلاء بعلمائهم، فما تركوا عالماً منهم بالديانة إلا قتلوه، وكان الولاة يتفننون في طرق إبادة المسيحية من الوجود، أبادوا العلماء حتى لا يوجد من يرشد إليها، ويتوارث العلم بها، وأبادوا الكتب حتى لا تحفظ تلك الديانة في الصدور أو السطور.
ولا شك أن ذلك الاضطهاد الذي دام إلى صدر القرن الرابع يجعل الكتب التي رويت قبل ذلك موضع شك في نسبتها إلى قائليها، حتى يقوم دليل على صحة تلك النسبة، ولم يقيموا أي دليل، لأن السند منقطع بينها وبين من تنسب إليهم، والحبل بينهم وبينها غير متصل بأوهى أنواع الاتصال، لأن السند المتصل الذي يطمئن معه القارئ لكتاب، فيغلب على ظنه إنه صادق النسبة إن نسب إليه، هو أن يروى ثقة عن ثقة مثله حتى يصل السند إلى من لقي المؤلف فيقول: سمعته منه أو تلقيته عنه،