المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نظرة في الوحي في الإسلام والوحي في المسيحية: - محاضرات في النصرانية

[محمد أبو زهرة]

فهرس الكتاب

- ‌افتتاحية الطبعة الثالثة

- ‌افتتاحية الطبعة الثانية

- ‌افتتاحية الطبعة الأولى

- ‌تمهيد

- ‌المسيحية: كما جاء بها المسيح عليه السلام

- ‌المسيحية في القرآن:

- ‌مريم والمسيح في القرآن الكريم:

- ‌الحمل بالمسيح وولادته:

- ‌الحكمة في كون المسيح ولد من غير أب:

- ‌بعثة عيسى عليه السلام ومعجزاته:

- ‌الحكمة من كون معجزاته عليه السلام من ذلك النوع:

- ‌ما نراه حكمة صحيحة:

- ‌تلقي اليهود لدعوته:

- ‌مناوأة اليهود له:

- ‌نهاية المسيح في الدنيا:

- ‌المسيح بعد نجاته:

- ‌موازنة بين المسيح في القرآن الكريم والمسيح في المسيحية الحاضرة:

- ‌المسيحية بعد المسيح

- ‌ما نزل بالمسيحيين من اضطهاد:

- ‌أثر الاضطهادات في الديانة:

- ‌الفلسفة الرومانية والمسيحية:

- ‌الأفلاطونية الحديثة وأثرها في النصرانية:

- ‌التثليث ليس من المسيحية بل من الفلسفة الإغريقية

- ‌مصادر المسيحية بعد عيسى عليه السلام

- ‌24- الكتاب المقدس لدى النصارى يشمل التوراة و‌‌الأناجيل، ورسائل الرسل

- ‌الأناجيل

- ‌الأناجيل لم يملها المسيح ولم تنزل عليه:

- ‌إنجيل متى:

- ‌أثر جهل تاريخ التدوين والمترجم:

- ‌إنجيل مرقس:

- ‌إنجيل لوقا:

- ‌إنجيل يوحنا

- ‌تاريخ تدوين هذا الإنجيل وسبب تدوينه:

- ‌ما يستنبط من سبب كتابته:

- ‌هذه الأناجيل لم تزل على عيسى عليه السلام:

- ‌إنجيل عيسى:

- ‌أقوال علماء النصرانية في إنجيل عيسى:

- ‌إنجيل برنابا:

- ‌برنابا:

- ‌هل برنابا من الحواريين الاثني عشر:

- ‌الكلام في صحة تسمية هذا الإنجيل:

- ‌ترجيح صدق النسبة في هذا الإنجيل:

- ‌قيمة إنجيل برنابا من حيث ما أشتمل عليه:

- ‌مخالفة إنجيل برنابا لما عليه المسيحيون:

- ‌رسائل رسلهم

- ‌عدد الرسائل وكاتبوها:

- ‌ترجمة يعقوب صاحب الرسالة:

- ‌ترجمة يهوذا:

- ‌ترجمة بولس:

- ‌صفات بولس:

- ‌كتب العهد القديم والأناجيل والرسائل كتبت بإلهام في اعتقادهم:

- ‌نظرة فاحصة

- ‌ما يجب أن يكون في الكتاب الديني من صفات ليكون حجة:

- ‌تطبيق هذه الشروط على كتب النصارى:

- ‌مناقشة ادِّعاء الإلهام في سفر الأعمال:

- ‌الرسل غير معروفين:

- ‌لوقا صاحب سفر الأعمال لم يكن ملهماً:

- ‌دعوى الإلهام ليست محل إجماع المسيحيين:

- ‌دعوى الإلهام باطلة ممن يدعيها:

- ‌التضارب بين كتب العهد الجديد:

- ‌التناقض بينها مبطل لإدعاء الإلهام وبيان إنكارهم لبعضها ثم اعترافهم به:

- ‌موازنة قس بين أحاديث الرسول وكتبهم من حيث الرواية:

- ‌بيان ما في كلامه من زيف:

- ‌نظرة في الوحي في الإسلام والوحي في المسيحية:

- ‌النصرانية كما هي عند النصارى وفي كتبهم

- ‌العقيدة:

- ‌عقيدة التثليث:

- ‌الابن لا يعني به الولادة البشرية:

- ‌الثالوث أشخاص متغايرة، وإن كان وجودها متلازماً:

- ‌صلب المسيح فداء عن الخليقة:

- ‌المسيح يدين ويحاسب:

- ‌تقديس الصليب:

- ‌عبادتهم:

- ‌من شعائر المسيحية:

- ‌من تنظيم الأسرة:

- ‌شرائع التوراة والمسيحية:

- ‌تحليل لحم الخنزير مع تحريمه في التوراة:

- ‌المجامع المسيحية تاريخها - وأسبابها - وقراراتها

- ‌كيف وجدت فكرة جمع المجامع:

- ‌المجامع العامة والمجامع الخاصة:

- ‌1- مجمع نيقية سنة 325

- ‌الاختلاف الخاص الذي انعقد المجمع بعده:

- ‌تدخل قسطنطين وجمع مجمع نيقيا:

- ‌قراراته تؤيد برهبة السلطان:

- ‌النقد الموجه إلى المجمع:

- ‌أمره بتحريق ما يخالفه:

- ‌تلقى المسيحيين لقرارات المجمع:

- ‌ما يستنبط من هذا:

- ‌نشاط الموحدين:

- ‌2- المجمع القسطنطيني الأول سنة 381

- ‌عدد المجمع والطعن في كونه عاماً:

- ‌3- مجمع أفسس الأول سنة 431

- ‌4- مجمع خليكدونية سنة 451

- ‌الشغب في المجمع:

- ‌المصريون يرفضون تعيين بطريرك على غير مذهبهم:

- ‌انفصال الكنيسة المصرية نهائياً:

- ‌المجامع الباقية

- ‌مجمع تحريم اتخاذ الصور:

- ‌انفصال الكنيسة الشرقية عن الغربية وسببه:

- ‌الكنيسة الغربية أو الكنائس:

- ‌المجامع اللاحقة كلها غير مسكونية إلا في نظر الكنيسة الغربية:

- ‌الفرق المسيحية

- ‌الفرق التي ظهرت في عصر التوحيد:

- ‌أصحاب بولس الشمشاطي:

- ‌دخول الوثنية على التوحيد:

- ‌البربرانية:

- ‌نحل أُخر:

- ‌ضياع التوحيد بسبب تحريف الكتب:

- ‌الفرق القديمة في عهد التثليث

- ‌فرقة مقدونيوس:

- ‌النسطوريون:

- ‌اليعقوبيون:

- ‌المارونية:

- ‌الكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية

- ‌محاولة إزالة الخلاف:

- ‌انتقاد مسيحي للكنيسة الغربية:

- ‌بطارقة الكنيسة الشرقية:

- ‌الإسلام يظلل الكنائس الشرقية بالحرية الدينية:

- ‌الفرقة الحديثة "البروتستانت

- ‌شدة الكنيسة على الناس والعلماء:

- ‌فرض سلطانها على الملوك:

- ‌قرارات الحرمان تنال الملوك:

- ‌استبداد الكنيسة بفهم الكتب المقدسة:

- ‌مسألتا الاستحالة والغفران:

- ‌إفراط الكنيسة في استعمال حق الغفران:

- ‌صورة من صك الغفران:

- ‌سلوك رجال الدين الشخصي:

- ‌ابتداء الإصلاح:

- ‌دعوة بعض رجال الدين إلى الإصلاح:

- ‌ابتداء الإصلاح من غير رجال الدين:

- ‌النقد العنيف:

- ‌ثورة لوثر على الكنيسة:

- ‌لوثر لم يرد هدم الكنيسة:

- ‌زونجلي وأعماله:

- ‌كلفن وأثره في الإصلاح:

- ‌إنشاء كنائس للمصلحين:

- ‌أهم مبادئ الإصلاح:

- ‌المسيحيون لم يسيروا في منطقهم إلى أقصى مداه:

- ‌عقول مسيحية تنكر ألوهية المسيح:

- ‌خاتمة

الفصل: ‌نظرة في الوحي في الإسلام والوحي في المسيحية:

لما يحملون ويروون، وينقدون متن الحديث، فيعرضونه على الكتاب وما أشتهر من السنة واستفاضت به الأخبار، وما علم من هذا الدين بالضرورة فإن لم يخالفها بعد أن روى بسند متصل مكون من عدول كان مقبولاً، وإلا كان مردوداً، ونريد أن نهمس في أذن حضرة القس الرشيد بأن من أسباب ردهم لبعض الأحاديث ورفض نسبتها إلى الرسول عليه الصلاة والسلام عدم موافقتها للعقل، فهل له أن يطبق ذلك النقد على أناجيله ورسائله؟ إنا ننصح له أن يفعل، لأنا نريد له الهدى، لا الضلال، والرشد لا الغي، وهي نية نحتسبها عند الله.

‌نظرة في الوحي في الإسلام والوحي في المسيحية:

64-

نريد أن نختم مناقشتنا لذلك القسيس بمناقشة كلمة ذكرها: وهي التفرقة بين الوحي في الإسلام والوحي في المسيحية. فيقول عن الوحي في الإسلام: "أن الوحي في الإسلام هو التجرد عن كل شيء إنساني، وتلاوة ما يسمونه اللوح المحفوظ، ولكن الوحي في المسيحية يجمع بين العنصر البشري والعنصر الإلهي، أي الملهمات الإلهية تتجسد في لباس لغوي بشري، لتكون مفهومة لدى الناس الذين تبلغ إليهم، فالكلمة المعلنة المكتوبة في الإنجيل هي رمز لكلمة الله، الوحي المعلن لنا حق الله.

من أجل هذا يعتقد المسيحيون أن الوحي بالروح القدس لا يحرم على الموحي إليهم استخدام الوسائل البشرية الاجتهادية الممكنة لديهم ولا يرفع من الكاتب مسئولية الاجتهاد، والتحقيق والتدقيق، هذا بخلاف الإعلانات المحتوى عليها كتاب الوحي التي لا تتدخل فيها مواهب الكاتب الطبيعية، بل هي من الله أولاً وأخراً، كالنبوات المتفرقة في كل أجزاء الكتاب المقدس، وسفر الرؤيا".

معنى الوحي:

هذه كلمته، ونريد قبل أن نتعرف من تلك الكلمة معنى الوحي في كتبهم أن نسارع إلى بيان وحي الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في الإسلام فنقول: إن وحي الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قسمان: قسم يوحى به على إنه كلام الله تعالت كلماته، ولهذا يكون المعنى والتعبير لله جلت قدرته، وذلك كما في القرآن الكريم الذي نزل به الروح الأمين.

ص: 96

القسم الثاني، الأمور الشرعية التي كان يوحي الله بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبينها للناس، فالمعنى فيها بوحي من الله تعالى والعبارة فيها للنبي صلى الله عليه وسلم.

وإذن فكلامه عن الوحي في الإسلام لم يكن صحيحاً في عمومه، وكان عليه أن يتحرى قبل أن يكتب، ولكنه لن يفعل.

ولننتقل إلى الوحي بالكتب عندهم، وهذا ما نريد أن نأخذ العلم به عنه، وعساه يهدينا إلى ما نعرف به محض الحق المبين.

هو يقول إن كلمات الإنجيل ليست هي كلمات الروح القدس، التي ألهمها رسلهم، سواء في ذلك كل كتبهم، فالعبارة فيها للكاتب، وليست الروح القدس الذي يلهم رسلهم بما يكتبون فيما يزعمون، ثم تنقسم كتبهم بعد ذلك إلى قسمين: قسم هو وحي لا تدخل فيه المواهب الطبيعية بالتصرف فيه بأي نوع من أنواع التصرف، وهو ما يسمى بالنبوات عندهم. والقسم الثاني تتصرف فيه مواهب الكاتب، وفي هذا القسم لا يرفع عن الكاتب ما يوجبه عليه التحقيق والتدقيق والاجتهاد.

ونظرة فاحصة إلى هذا القول ترينا أن الإلهام قد أخذ يضؤل أمره، وتتواضع دعواه، خصوصاً بالنسبة للأناجيل، لأنها ليست بكتب نبوة كالرؤيا، ولم يتخللها كلام الله، كنا يفعل بولس في رسائله، إذ كان يزعم أحياناً إنه يتكلم عن الله، وأحياناً يقول إنه يتكلم من عنده، فالأناجيل ليست فيها إذن تلك النبوات، وعلى ذلك يكون للمواهب الطبيعية البشرية دخل في كتابتها، ويتحملون تبعة الاجتهاد فيها والتدقيق والتمحيص. ومن يتحمل تبعة عمل ينسب إليه. وعلى ذلك قد يتوارد الخطأ على اجتهادهم وتدقيقهم وتمحيصهم، فيكون من أخبارهم ما صادف التحقيق فيه الصواب، وما عرض له الخطأ، وكيف تكون بعد ذلك بإلهام أو وحي؟ وكيف تكون مقدسة لا يأتيها الباطل من يديها ولا من خلفها؟ وإذن فقد أتوا على دعوى الإلهام بالنقض فلا إلهام في الأناجيل إذن.

هذه كلمتنا في كتبهم تحرينا فيها أن نكتبها كما كتبها المسيحيون، ونوجه من النقد ما وجهوا، وذلك لكي ننصف القوم.

ولقد القينا عليها نظرة فاحصة لنوائم بين أخبارها المختلفة، ونجمع

ص: 97

بين الأقوال المتضاربة، ونشير إلى حكم العقل المستقيم عليها، أهي صالحة لأن تكون مصدر دين بتدين به ألوف من البشر وأهل العلم، أم غير صالحة؟.

إن كتاب كل دين هو الأصل والدعامة والأساس، فإذا كان غير صحيح السند، أو غير مقبول لدى العقول كان ثبوت الدين فيه نظر، بل إنه انهار، وفقد أصله، ولم يعد شيئاً في الأديان مذكوراً.

ولننتقل بعد ذلك إلى عقيدة المسيحيين، وبعض شرائعهم كما جاءت بها تلك الكتب التي علمت أمرها.

ص: 98