الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مرقس يقول كتب للرومان، و
إنجيل يوحنا
كتب للكنيسة العامة".
وإنا نجد إنجيل لوقا يبتدئ بهذه الجملة: "إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا. كما سامها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين، رأيت أيضاً، إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس، لتعرف صحة الكلام الذي علمت به". وثاوفيلس هذا يقول عنه ابن البطريق إنه من عظماء الروم، فيقول في ذلك: "وكتب لوقا إنجيله إلى رجل شريف من علماء الروم يقال له تاوفيلا. وكتب إليه أيضاً الأبركسيس الذي هو أخبار التلاميذ: وهي الرسالة المسماة أعمال السل، وهناك من يقول أن ثاوفيلس هذا كان مصرياً، لا يونانياً، فهو قد كتب للمصريين لا لليونانيين.
ويقول الدكتور بوست في تاريخه: " قد كتب هذا الإنجيل قبل خراب أورشليم وقبل الأعمال، ويرجح إنه كتب في قيصرية في فلسطين مدة أمر بولس سنة 58 - 60 من الميلاد غير أن البعض يظنون إنه كتب قبل ذلك". ومن هذا يفهم أن بوست يرجح إنه ألفه وبولس حي في الأسر، ولكن يحقق العلامة لارون إنه حرر إنجيله بعد أن حرر مرقس إنجيله، وذلك بعد موت بطرس، وبولس. والواقع أن باب الخلاف في تاريخ تدوين هذه الإنجيل أوسع من ذلك، فقد قال هورن: ألف الإنجيل الثالث سنة 53 أو سنة 63 أو سنة 64.
ولا نترك هذا الإنجيل من غير أن نقول أن الباحثين قد اختلفوا في شخصية كاتبه وفي صناعته، وفي القوم الذين كتب لهم، وفي تاريخ تأليفه، ولم يتفقوا إلا على إنه ليس نمت تلاميذ المسيح ولا تلاميذ تلاميذه. وإلا على إنه كتب باليونانية.
إنجيل يوحنا:
33-
لهذا الإنجيل خطر وشأن أكثر من غيره في نظر الباحث، لأنه الإنجيل الذي تضمنت فقراته ذكراً صريحاً لألوهية المسيح، فهذه الألوهية يعتبر هو نص إثباتها وركن الاستدلال فيها. ولذلك كان لابد من العناية به، إذا كان التثليث هو شعار المسيحية، وهو موضع مخالفتها لديانات التوحيد، وأساس التباين بين هذه الديانة وتلك الديانات.
ويقول جمهور النصارى: أن كاتب هذا الإنجيل هو يوحنا الحواري ابن زيدى الصياد الذي كان يحله السيد المسيح، حتى إنه استودعه والدته وهو فرق الصليب، كما يعتقدون، وقد نفى في أيام الاضطهاد الأولى، ثم عاد إلى أفسس، ولبث يبشر فيها، حتى توفى شيخاً هرما.
هذه خلاصة ما جاء بكتاب مرشد الطالبين، ولكن بجوار هؤلاء من محققي المسيحيين من أنكر أن يكون كاتب هذا الإنجيل هو يوحنا الحواري، بل كتبه يوحنا آخر لا يمت إلى الأول بصلة روحية، وأن ذلك الإنكار لم يكن من ثمرات هذه الأجيال، بل ابتدأ في القرن الثاني الميلادي، فإن العلماء بالمسيحية في القرن الثاني الميلادي أنكروا نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا الحواري، وكان بين ظهرانيهم أرينيوس تلميذ بوليكارب تلميذ يوحنا الحواري، ولم يرد عليهم بأنه سمع من أستاذه صحة تلك النسبة، ولو كانت صحيحة لعلم بذلك حتماً تلميذه بوليكارب، ولأعلم هذا تلميذه ازينيوس، ولأعلن هذا تلك النسبة عندما شاع انكارها. ولقد قال استادلين في العصور المتأخرة:"إن كامنة إنجيل يوحنا تصنيف طالب من طلبة مدرسة الإسكندرية، ولقد كانت فرقة الوجين في القرن الثاني تنكر هذا الإنجيل وجميع ما أسند إلى يوحنا، ولقد جاء في دائرة المعارف البريطانية التي اشترك في تأليفها خمسمائة من علماء النصارى ما نصه: "أما إنجيل يوحنا فإنه لا مرية ولا شط كتاب مزور أراد صاحبه مضادة اثنين من الحواريين بعضهما لبعض. وهما القديسان يوحنا ومتى، وقد ادعى هذا الكاتب الممرور في متن الكتاب إنه هو الحواري الذي يحبه المسيح، فأخذت الكنيسة هذه الجملة على علاقتها، وجزمت بأن الكاتب هو يوحنا الحواري، ووضعت اسمه على الكتاب نصا، مع أن صاحبه غير يوحنا يقيناً، ولا يخرج هذا الكتاب عن كونه مثل بعض كتب التوراة التي لا رابطة بينها وبين من نسبت إليه، وإنا لنرأف ونشفق على الذين يبذلون منتهى جهدهم ليربطوا، ولو بأوهى رابطة، ذلك الرجل الفلسفي - الذي ألف هذا الكتاب فيلا الجيل الثاني - بالحواري يوحنا الصياد الجليل، فإن أعمالهم تضيع عليهم سدى لخبطهم على غير هدى".
هذا قول بعض الباحثين من كتابهم: "ومن البدهي أن يعد المتعصبون ذلك القول خروجاً على وجه المسيحية، ولذلك قال أحد هؤلاء المتعصبين،
وهو الدكتور بوست زادا علة هؤلاء: وقد أنكر بعض الكفار قانونية هذا الإنجيل، لكراهتهم تعليمه الروحي، ولاسيما تصريحه الواضح بلاهوت المسيح، غير أن الشهادة بصحته كافيه، فإن بطرس يشير إلى آية منه (2 بط 1: 14 قال يو 21، 18، واغناطيوس وبوليكرس يقتطفان من روحه وفحواه. وكذلك الرسالة إلى ديو كنيتس وباسيلوس وجوستينس الشهيد وتانياس، وهذه الشواهد يرجع بنا زمانها إلى منتصف القرن الثاني، وبناء على هذه الشهادات، وعلى نفس كتابه الذي يوافق ما نعلمه من سيرة يوحنا نحكم بأنه من قلمه، وإلا فكاتبه من المكر والغش على جانب عظيم، وهذا الأمر يعسر تصديقه، لأن الذي يقصد أن يغش العالم لا يكون روحياً، ولا يتصل إلى علم وعمق الأفكار والصلات الموجود فيه، وإذا قابلناه بمؤلفات الآباء رأينا بينه وبينها بونا عظيماً، حتى نضطر للحكم بأنه لم يكن منهم من كان قادراً على تأليف كذا، بل لم يكن بين التلاميذ من يقدر عليه يوحنا إلا يوحنا، ويوحنا ذاته لا يستطيع تأليفه بدون إلهام من ربه".
وإذا نظرنا إلى هذا القول نظرة فاحصة كاشفة نقسمه قسمين، قسم يعلن به الكاتب شدة إيمانه وتعصبه بما يشتمل عليه هذا الكتاب وتقديسه. وهو القسم الذي ذكره في عجز قوله، وهو إنه لا يستطيع احد من الآباء، بل لا يستطيعه أحد من الحواريين، بل لا يستطيعه الكاتب نفسه إلا بالهام من ربه، ويلحق بهذا الجزء ما سبقه مما يماثله، فإن من الخطأ لأن يعد ذلك برهنه واحتجاجاً، فإنه ليس فيه أية محاولة لها، أما القسم الثاني فهو مل يصح أن يعتبر محاولة للاستدلال وهو ما ذكر في صدر قوله، فإنه يقرر الاتفاق بين نص جاء فيه، ونص جاء في رسالة بطرس الثانية، فهو يقول: أن الفقرة الرابعة من الإصحاح الأول ونصها مع الفقرة التي قبلها: "13 - ولكني أحسبه حقاً ما دمت في هذا المسكن أن أنهضكم بالتذكرة - 14 - عالماً أن خلع مسكني قريب، كما أعلن ربنا يسوع المسيح أيضاً" موافقة للفقرة الثامنة عشرة من الإصحاح الحادي والعشرين من إنجيل يوحنا ونصها: "الحق الحق أقول لك لما كنت أكثر حداثة كنت تنطق ذلك، وتمشي حيث تشاء، ولكن متى شخت فإنك تمد يدك، وآخر بمنطقك، ويحملك حيث لا تشاء".