الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسائل رسلهم
44-
انتهينا في كلامنا السابق إلى ذكر الأناجيل وعرضها، كما يقول المسيحيون، وكنا في ذلك ناقلين، ولم نعن في ذلك بالنقد، فإن لذلك موضعه.
والآن ننتقل إلى القسم الثالث من مصادر المسيحية، وهو رسائل رسلهم، ويسمونها - ما عدا رسالة أعمال الرسل - الأسفار التعليمية، كما يسمون الأناجيل ورسالة أعمال الرسل الأسفار التاريخية، لأن الأناجيل تعني يشرح حياة السيد المسيح وحكاية أحواله، وبعض أفواله ومواعظه، أما الرسائل فإنها تعني بالناحية التعليمية التي تبين بها الديانة.
عدد الرسائل وكاتبوها:
والرسائل اثنتان وعشرون رسالة: الأولى، وتسمى أعمال الرسل، وتنسب إلى لوقا صاحب الإنجيل، وأربع عشرة كتبها بولس، وهي رسالة أهل رومية وكورنثوس الأولى والثانية، وغلاطية، وأفسس، وفيلينى، وكولوسى، وتسالونيكى الأولى والثانية، وثيموثاوس الأولى وتيموثاوس الثانية، وتيطس، وفيلمون والعبرانيين، ورسالة كتبها يعقوب، ورسالتان كتبهما بطرس، وثلاث رسائل كتبها يوحنا، ورسالة كتبها يهوذا.
وهنا غير الاثنتين والعشرين رسالة أخرى يسمونها السفر النبوي وهي رؤيا يوحنا، وهذه الرسالة في منحاها ومنهجها تخالف الرسائل السابقة، فبينما الرسائل السابقة وعظية وتعليمية في جملتها، وتتعرض كثيراً لذكر بنوى المسيح، وتخليصه للعالم من خطيئته، تجد رسالة رؤيا يوحنا اللاهوتي، تعني ببيان أُلوهية المسيح وسلطانه في السماء وعلمه بحال الكنيسة والقوامين على المسيحية من بعده، وهي تارة تصور الإله في عليائه كشيخ أشبب يشبه المسيح متمنطقا عند ثدييه بمنطقة من ذهب،
وعيناه كلهب نار، وفي يده سبعة كواكب، وسيف ماض ذو حدين يخرج من فيه، (راجع الإصحاح الأول من الرؤيا) .
وتارة تصور المسيح خروفاً قائماً كأنه مذبوح له سبعة قرون وسبع أعين، (راجع الإصحاح الخامس) .
وتبين أن الناس يعرضون أمام الإله والمسيح "ويخرون ساجدين، ثم تصور الملائكة وأحوالهم وأعمالهم، وهكذا
…
".
فهي رسالة تشرح سلطان المسيح في الملكوت وتبين أحوال الملائكة وخضوعهم للمسيح ولله.
45-
وهذه الرسائل تشرح المسيحية الحاضرة بأكثر من الأناجيل، وقد كتبت جميعها باليونانية، كما يقول مؤرخوهم، وللباحثين كلام كثير في شأن الرسائل، وقوة سندها، وقيمتها من حيث الاستدلال لهذا الدين، ولكنا نرجئ القول في ذلك إلى الكلام في نقد مصادر المسيحية نقداً علمياً، ونكتفي الآن بعرضها وذكرها، محوطة بهالة من تقديسهم، ومكلوءة بتقديرهم.
وقد ذكرنا موجزاً لتاريخ يوحنا، وعرفنا القارئ به، وهو صاحب الرؤيا، وثلاث رسائل، وبينا لوقا، وهو صاحب رسالة أعمال الرسل، فلنعرف الآن بكلمات موجزة القارئ ببطرس صاحب الرسالتين، ويعقوب ويهوذا، ولكل رسالة، وبولس وله أربع عشرة كما ذكرنا.
فبطرس من حواريي المسيح، وكان اسمه الأصلي سمعان، وكان صياد سمك وقد جال بعد المسيح للتبشير، فذهب إلى أنطاكية وغيرها، ثم ذهب إلى رومة سنة 65 فقبض عليه وزج في السجن، وحكم عليه بالموت صلباً في زمن نيرون على ما نوهنا. وقد طلب أن يصلبوه منكساً حتى لا يتشبه بالمسيح.
وقد علمت أن صاحب يروج الأخبار في تراجم الأبرار يخبر أن بطرس وتلميذه مرقص صاحب الإنجيل الذي كان يعبر عنه بابنه كلاهما كان ينكر ألوهية المسيح.