الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خفيه: "وعصر تارون قيصر كتب بطرس رئيس الحواريين إنجيل مرقس عن مرقس في مدينة رومية، ونسبه إلى مرقس".
ونوجه نظر القارئ إلى ما قاله ابن البطريق من أن الذي كتب الإنجيل هو بطرس عن مرقس، ونسبه إليه، فكان بطرس راوي مرقس، مع أن الأول رئيس الحواريين - كما يقول ابن البطريق - والثاني من تلاميذه، كما جاء في كتاب مروج الأخبار في تراجم الأبرار. وإذا كان ذلك الإنجيل خلاصة علمه بالمسيحية، فإذا رواه عنه أستاذه، فقد روى هذا عن مرقس ما ألقاه عليه وعلمه، وإن ذلك لغريب، ولقج ذكر هذا الأمر صاحب مرشد الطالبين:"قد زعم إنجيل مرقس كتب بتدبير بطرس سنة 61 لنفع الأمم الذين كان ينصرهم بخدمته". وقد ذكر الأمر بلفظ الزعم، كأنه لا يصدقه، وإنه لا يراه مقبولاً، كما نراه غريباً، ولكن هكذا يذكر الرواة. وبجوار هؤلاء الذين يقولون أو يزعمون أن إنجيل مرقس كتب بتدبير من بطرس، وبولس، فقد قرر الكاتب أرينيوس:"أن مرقس كتب إنجيله بعد موت بطرس وبولس".
وفي الحق أن ذلك الاختلاف، وإن كان زمنياً في ظاهره، هو في معناه ولبه، اختلاف في شخص المحرر لهذا الإنجيل. فابن البطريق، وهو من المؤرخين المسيحيين الشرقيين يقرر أن الذي كتبه هو بطرس عن مرقس، ونسبه إليه، وأرينيوس يقرر أن الذي كتبه هو مرقس من غير تدبير بطرس، لأنه كتبه بعد موته. فمن الكاتب إذن؟ ليس بين أيدينا ما ترجح به إحدى الروايتين على الأخرى!. ولنتجاوز هذا إلى تاريخ كتابة ذلك الإنجيل، فنجدهم أيضاً قد اختلفوا في زمان تأليفه. وقد قال في ذلك هورن:"ألف الإنجيل الثاني سنة 56 وما بعدها إلى سنة 65 والأغلب إنه ألف سنة 60 أو سنة 63"، ويقول صاحب كتاب المرشد الطالبين: إنه كتب سنة 61.
إنجيل لوقا:
32-
يقولون: إن لوقا ولد في أنطاكية، ودرس الطب، ونجح في ممارسته ولم يكن من أصل يهودي، ولقد رافق بولس في أسفاره وأعماله،
وجاء في رسائل بولس ما يشير إلى هذه الرفقة، وتلك الأزمة. ففي الإصحاح الرابع من رسالته إلى كولوسي يقول:"ويسلم عليكم لوقا الطبيب الحبيب"، وفي الإصحاح الرابع من رسالته الثانية إلى أهل تيموتاوس يقول:"لوقا وحده معي"، وفي رسالته إلى أهل فليمون يقول:"مرقس وارسترخس وديماس ولوقا العاملون معي". من هذا كله يفهم أن لوقا هذا هو الأنطاكي، الطبيب، ومثل هذا جاء في تاريخ ابن البطريق، ويستنبط القس إبراهيم سعيد من كون بوقا طبيباً معاني كثيرة تسمو بإنجيله، فيقول:"وكان لوقا طبيباً، وهذه المهنة لها قيمتها الخاصة لأنها تلقي على حياة لوقا نورا ساطعاً، فترينا إياه الرجل العلمي العملي المدقق المحقق، الرقيق الأسلوب، الجميل الديباجة، لأن الرومان لم يسمحوا في وقتهم لأحد أن يتعاطى مهنة الطب، إلا لمن جاز امتحانات عدة على جانب عظيم من الصعوبة والدقة والخطورة"، ثم يبين:"أن كونه طبيباً قد سرد ولادة المسيح من غير أب سرداً طبيعياً هادئاً من غير محاولة التدليل على جوازه، يؤخذ منه أن ذلك ليس ضد العلم، وإن كان فوق متناول العالم، وليس ضد الطبيعة، وإنه فوق مجرى الطبيعة". ويرجح - كما قال كثيرون - إنه ولد بأنطاكية، ولكن الدكتور بوست يقرر إنه لم يكن أنطاكيا، ويبين أن الذين يقولون إنه أنطاكي وعموا ذلك أو ظنوه من اشتباهه بلوكيوس، فيقول: ظن بعضهم إنه (لوقا) مولود في أنطاكية إلا أن ذلك ناتج من اشتباهه بلوكيوس. وزعم بوست إنه كان رومانيا نشأ بايطاليا. ومهنة الطب التي نسب إليها ليست أيضاً موضع اتفاق، لأن بين المؤرخين المسيحيين من يقرون إنه كان مصوراً.
ومن هذا يتبين أن الباحثين ليسوا على علم يقيني بمولد وصناعة كاتب هذا الأنجيل، فمن قائل إنه انطاكي ولد بانطاكية، ومن قائل إنه روماني ولد بايطاليا، ومن قائل إنه كان طبيباً، ومن قائل إنه كان مصوراً، وكلهم يتفقون على إنه من تلاميذ بولس ورفقائه، ولم يكن من تلاميذ المسيح، ولا من تلاميذ حوارييه. ولبولس هذا شأن خطير في المسيحية كما سنبين.
من كتب لهم إنجيل لوقا، ولغته، واختلافهم حوله:
ويختلفون أيضاً في القوم الذين كتب لهم أولاً هذا الإنجيل. فالقس إبراهيم سعيد يقول: "إنه كتب لليونان، وإنجيل متى كتب لليهود. وإنجيل