الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الأمارات ما يدل على إنه في نشأته يمتد إلى أبعد أعماق التاريخ المسيحي، وأبعد أغواره، وهو يشبه الأناجيل القائمة في إنه قصة المسيح من ولادته إلى اتهامه. ويحكى محاوراته، ومناقشاته وخطبه، ولكن الكنيسة لم تعترف به وأنكرته، فليس معتبراً عند المسيحيين مصدراً دينياً، ولكنه متداول بين علماء الأمم الأوربية، وقد اتجهوا إليه بالبحث والعناية، والاهتمام، ولم يمنعهم من ذلك إنكار الكنيسة له. ذلك الإنجيل هو إنجيل برنايا، ومن الحق علينا أن ندرسه، ونعرف رأي المسيحيين فيه، وما يؤدي إليه النظر العلمي من غير أفتيات عليهم ولا تهجم، ومن غير أن نقحم أنفسنا فيما ليس لنا من إملاء عقيدة على القوم في دينهم.
برنابا:
38-
جاء ذكر برنابا في رسالة أعمال الرسل التي ينسب تدوينها إلى لوقا. فقد جاء في الإصحاح الرابع من تلك الرسالة: "ويوسف الذي دعى من الرسل برنابا الذي يترجم ابن الوعظ: وهو لاوى قبرصي الجنس، إذ كان له حقل باعه واتى بالدراهم، ووضعها عند أرجل الرسل"، وجاء في الإصحاح التاسع عند الكلام عن إيمان شاول - وهذا هو الذي أشتهر بعدئذ باسم بولس الرسول - إن برنابا هو الذي شهد له بالإيمان، وهو نص ما جاء فيه:"ولما جاء شاول إلى أورشليم حاول أن يلتصق بالتلاميذ، وكان الجميع يخافونه غير مصدقين إنه تلميذ، فأخذه برنابا وأحضره إلى الرسل. وحدثهم كيف أبصر الرب في الطريق. وإنه كلمه، وكيف جاهر في دمشق باسم يسوع" ولقد ذكر ذلك السفر أيضاً إنه كانت ترسله الكنيسة للوعظ والهداية، وفي الإصحاح الحادي عشر: "فسمع الخبر عنهم في آذن الكنيسة التي في أورشليم. فأرسلوا برنابا لكي يجتاز إلى أنطاكية، الذي لما أتى، ورأى نعمة الله فرح ووعظ أن يثبتوا في الرب بعزم القلب. لأنه كان رجلاً صالحاً، وممتلئاً من الروح القدس والإيمان، فانضم إلى الرب جمع غفير ثم خرج برنابا إلى طرسوس ليطلب شاول، ولما وجده جاء به إلى أنطاكية
…
"، ويزعمون أن الروح القدس خاطبه واختصه بالخطاب هو وبولس (شاول) من بين الأنبياء والمعلمين، فقد جاء في الإصحاح الثالث عشر من رسالة الأعمال: "وكان في أنطاكية في الكنيسة هناك أنبياء ومعلمون: برنابا وسمعان الذي يدعى نيجر.
ولوكيوس القيرواني، ومنابن الذي تربى مع هيروكس رئيس الربع، وشاول.
وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس: افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه، فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقوهما، فهذا، إذ أرسلا من الروح القدس انحدرا إلى سلوكية، ومن هناك سافرا في البحر إلى قبرص. ولما سارا في سلاميس ناديا بكلمة الله في مجامع اليهود. وكان معهما يوحنا خادماً" وقد استمر برنابا وبولس مصاحبين في التبشير بالديانة المسيحية في قبرص. وحدثت على أيديهما المعجزات، حتى زعم الناس أنهما الهان. وجاء فيه عن بيان وقع الخبر عليهما: فلما سمع الرسولان برنابا وبولس مزقا ثيابهما، واندفعا إلى الجمع صارخين وقائلين: "أيها الرجال لماذا تفعلون هذا؟ نحن بشر تحت آلام مثلكم. نبشركم أن ترجعوا من هذه الأباطيل إلى الإله الحي الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، الذي في الأجيال الماضية ترك جميع الأمم، مع إنه لم يترك نفسه بلا شاهد".
ومن هذا كله يتبين أن رسالة الأعمال تشهد أن برنابا كان من الرسل في اعتقادهم، الذين أخلصوا للدعوة إلى المسيحية، حتى باع كل ما يملك؟ وألقى بثمنه بين أيدي الرسل يتصرفون به في سبيل نشر الدعوة، وينفقونه في حاجات الجميع. وإنه هو الذي شهد لبولس بالإيمان. وإن الكنيسة أرسلتهما مبشرين بالمسيحية في قبرص بعد أن ارسلت برنابا وحده إلى أنطاكية، وأن برنابا كان رجلاً صالحاً ممتلئاً من الروح، وأن الروح القدس خصه بعناية من بين الرسل والمعلمين كما يعتقدون.
وينص بولس في رسالته إلى أهل كولوسى في إصحاحها الرابع على أن مرقس صاحب الإنجيل ابن أخت برنابا: فيقول: "يسلم عليكم ارسترخص المأسور معي، ومرقس ابن أخت برنابا الذي أخذتم لأجله أن آتى إليكم فاقبلوه".
ولقد كان مرقس هذا يصاحب وبولس قي سفرهما للدعاية والوعظ. ولقد افترقا بسبب إرادة برنابا أن يصحبهما ابن أخته في الطواف في المدن التي سبقت إليها الدعاية، ومخالفة بولس لذلك، ولذلك جاء