الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محيط بكل شيء وفوقه:
وقد أعجز عن الإحاطة خلقه:
ونقول: إن الله اتخذ إبراهيم خليلاً، وكلم الله موسى تكليماً، إيماناً وتصديقاً وتسليماً:
ــ
والمخلوقات، بقدرته وعزته، فهي المحتاجة إليه، وهو غني عنها سبحانه وتعالى.
ولا يلزم من كون الشيء فوق الشيء أن يكون الأعلى محتاجاً إلى ما تحته، فالسماوات فوق الأرض وليست محتاجة إلى الأرض.
محيط بكل شيء (إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء)[آل عمران: 5] وإحاطته بالأشياء: علمه بها، وإلا فالله عز وجل في جهة العلو.
فالله سبحانه وتعالى يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً، قال الله عز وجل:(ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض)[البقرة: 255] فالله محيط بكل شيء علماً (لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً)[الطلاق: 12] .
من عقيدة المسلمين أن الرسل أفضل الخلق وأن الرسل يتفاضلون فهم يعتقدون أن الله اتخذ إبراهيم خليلاً، كما قال الله تعالى:(واتخذ الله إبراهيم خليلاً)[النساء: 125] والخلة هي أعلى درجات المحبة، فالله جل وعلا يحب عباده المؤمنين والمتقين
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمحسنين، ويحب التوابين ويحب المتطهرين، ولكن الخلة لم يحصل عليها إلا اثنان من العالم: إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وقد قال عليه الصلاة والسلام:"إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً"(1) .
(وكلم الله موسى تكليماً)[النساء: 164] ففضل بعض النبيين على بعض، وإن كانوا كلهم بالمرتبة العليا، لكن الله جل وعلا فضل بعضهم على بعض (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات) [البقرة: 253] فكل نبي يعطيه الله عز وجل تفضيلاً خاصاً به، فضل إبراهيم ومحمداً عليهما الصلاة والسلام بالخلة، وفضل موسى بأنه كلمه تكليماً بدون واسطة الملك، وسمع موسى كلامه، ناداه سبحانه وناجاه؛ والمناداة: الصوت المرتفع، والمناجاة: الصوت الخفي، كل هذا حصل لموسى عليه الصلاة والسلام، وهذه فضيلة لم يحصل عليها غيره، وقال:(تكليماً) للتأكيد، حتى لا يقول أحد: إن هذا مجاز، فلما أكده بالمصدر، دل على أنه تكليم حقيقي من الله عز وجل، وهذا فيه إثبات الكلام لله عز وجل، وفيه إثبات الفضيلة
(1) أخرجه مسلم رقم (532) والبخاري بنحوه رقم (466، 467) ، وقد تقدم تخريجه.