الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونؤمن بما جاء من كراماتهم، وصح عن الثقات من رواياتهم:
ــ
مقام النبوة في منزل *** فويق الرسول ودون الولي
وهذا كفر؛ لأن الأفضل الرسل ثم الأنبياء ثم الأولياء، وسبب تقديم الولي على النبي عند الصوفية -على زعمهم- أن الولي يأخذ عن الله مباشرة، والنبي يأخذ بواسطة.
وقوله: (ونقول: نبي واحد أفضل من جميع الأولياء) :
وهذا لا شك فيه، فجميع الأولياء من أول الخلق إلى آخرهم لا يعادلون نبياً واحداً، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة.
هذا بحث عظيم، وهو بحث الكرامات، فالكرامة هي الخارق للعادة، فإن كانت على يد نبي فهي معجزة، مثل معجزة القرآن، فالإنس والجن عجزوا عن أن يأتوا بمثله، وهي أعظم المعجزات، ومثل معجزة عصا موسى، والتسع الآيات، ومثل إحياء الموتى لعيسى ابن مريم؛ وإن جرت الخارقة على يد رجل صالح فهو كرامة من الله أجراها على يده، وليس من عنده، مثل ما حصل لأصحاب الكهف وما حصل لمريم (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً) [آل عمران: 37] فكان يأتيها رزقها وهي تتعبّد الله ولم تخرج من المحراب، وكذلك ما حصل من كرامات لهذه الأمة، وقد ذكر شيخ الإسلام طرفاً منها في كتابه: الفرقان.
أما إذا جرى الخارق على يد كاهن أو ساحر فهذا خارق
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شيطاني، يجري على يده من أجل الابتلاء والامتحان، فقد يطير في الهواء ويمشي على الماء ويعمل أعمالاً خارقة للعادة وهي من أعمال الشياطين.
والضابط: أننا ننظر إلى عمله، فإن كان موافقاً للإسلام، فما يجري على يده كرامة، وإلا فهو من خدمة الشياطين له.
قال تعالى: (ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض)[الأنعام: 128] ، فالجني استمتع بالإنسي بالخضوع له وطاعته، والإنسي استمتع بالجني لأنه يخدمه ويحضر له ما يريد، قال تعالى:(قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم* وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون)[الأنعام: 128، 129] ، فهذه خوارق شيطانية، فالفارق بينها وبين الكرامة: الإيمان والعمل الصالح؛ وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، أما من عاداهم فقد حصل عنده بسبب فهم الخوارق خلط كثير، فالمعتزلة ومن نحا نحوهم من العقلانيين إلى يومنا هذا ينكرون الكرامات، حتى إن غلاتهم ينكرون بعض المعجزات، ويقولون: هذه لا يثبتها العقل؛ لأنهم يقدمون عقولهم.
الصنف الثاني: وهم القبوريون والصوفيون، غلوا في إثبات الكرامات حتى أثبتوها لأولياء الشيطان، فيثبتونها لمن لا يصلي ولا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يصوم إذا جرى على يده خارق للعادة، وهي خوارق شيطانية، ومنهم من يغلو في الولي الصالح ويتخذه إلهاً مع الله كما حدث للقبوريين، فلو قرأت كتاب الشعراني المسمى "طبقات الأولياء" لرأيت العجب العجاب والحكايات الباطلة، فالولي عندهم خرج عن التكاليف ولا يحتاج إلى العبادة.
فالإنسان مهما بلغ من الصلاح والعبادة فإنه لا يخرج عن العبودية، لا الملائكة، ولا الأولياء، ولا الأنبياء، حتى نبينا صلى الله عليه وسلم يقول:"والله إني لأرجو أن أكون أعلمكم بالله وأتقاكم"، وهو سيد البشر وخير من مشى على الأرض، ويقول الله له:(واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)[الحجر: 99] فما أحد بلغ ما بلغه النبي صلى الله عليه وسلم وما خرج عن عبادة الله، حتى المسيح صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل فيه:(لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً* فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذاباً أليماً ولا يجدون لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً)[النساء: 172، 173] فهذا بحث