الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران:
ــ
النار فيأتيه من حرها وسمومها، والعياذ بالله.
فالإجابة الصحيحة والتي يُثبت الله قائلها: أن يقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيّ محمد صلى الله عليه وسلم (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) [إبراهيم: 27] .
وهذا بسبب الإيمان بالله ورسوله، وليس بسبب التعلم أو الثقافة، فمن ليس عنده إيمان فإنه يتلكأ في الإجابة، وهو المنافق الذي يُظهر الإيمان في الدنيا ويُبطن الكفر، فإنه لا يستطيع الإجابة ويقول: هاه، هاه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، فيضرب بمرزبة من حديد يسمعها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق (ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) [إبراهيم: 27] .
قد يقول قائل: الميت يصير تراباً، فكيف يعذب وهو تراب؟ نقول: الله قادر على أن يعذبه وهو تراب، وقادر على أن يحمي عليه التراب.
وقد يقول قائل: ما كل الناس يدفنون، بعضهم يُلقى في البحر، وبعضهم تأكله السباع، فكيف يأتيه العذاب؟ نقول: نعم يأتيه العذاب، في أي مكان كان، وكذلك يأتيه الملكان، والإيمان بهذا هو من الإيمان بالغيب، ومن الإيمان بخبر الله ورسوله، أما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الذي لا يؤمن بذلك ويعتمد على عقله وفكره، فهذا هو الضلال المبين.
وعذاب القبر ونعيمه دلت عليه أدلة من الكتاب والسنة، بل قال العلماء: إن الأحاديث متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن كذب بالأمر المتواتر يكون كافراً.
فالمعتزلة لا يؤمنون بما يحدث في القبر؛ لأنهم عقلانيون، وهم الذين يبنون الأمور على عقولهم، ويسمون أدلة الشرع ظنية، فأما أدلة العقل عندهم فهي يقينية، فهكذا يقولون، وهؤلاء هم العقلانيون، وهم المعتزلة ومن سار على نهجهم من العقلانيين في هذه العصور.
ومن أدلة عذاب القبر: قول الله عز وجل في قوم فرعون: (النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب)[غافر: 46] فقوله: النار يعرضون عليها غدواً وعشياً، هذا في القبر.
(وإن للذين ظلموا عذاباً دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون)[الطور: 47] فقوله: (عذاباً دون ذلك) قالوا: إنه عذاب القبر.
وقيل هو: العذاب في الدنيا: ما يصيبهم من القتل والسبي وضرب الجزية وغير ذلك، والآية تشمل المعنيين، وقوله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تعالى: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون)[السجدة: 21] العذاب الأدنى هو عذاب القبر، والأكبر هو عذاب يوم القيامة.
أما السنة فتواترت الأحاديث بإثبات عذاب القبر، منها: في الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام مر على قبرين فقال: "إنهما ليعذبان، ولا يعذبان في كبير، أما أنه كبير -أو: بلى إنه لكبير- أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فإنه لا يستبرئ من بوله"(1) .
وكذلك الحديث الصحيح الذي أمر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من أربع "أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال"(2) .
وغير ذلك من الأدلة، وقد يشاهد بعض الناس ما يحصل من عذاب القبر من أجل العظة والعبرة.
ذكر الحافظ ابن رجب في كتابه " أهوال القبور وأحوالها أهلها
(1) أخرجه البخاري (رقم218) ن ومسلم (رقم292) .
(2)
أخرجه الترمذي (رقم 3613)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.