الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يهدي من يشاء، ويعصم ويعافي فضلاً، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلاً:
ــ
قوماً يقولون: ما شاء الله وشاء محمد، أنكر ذلك وقال:"قولوا؛ ما شاء الله ثم شاء محمد"، فجعل مشيئته مرتبة على مشيئة الله "بثم" التي تفيد الترتيب والتراخي، لا بالواو؛ لأنها تقتضي التشريك.
الله سبحانه يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، وهذا بقضاء الله وقدره، ولكنه يهدي من يعلم أنه يصلح للهداية، ويهدي من يحرص على طلب الهداية ويُقبل عليها، فإن الله ييسره لليسرى، ويضل من يشاء بسبب إعراضه عن طلب الهداية والخير، فيضله الله عقوبة له على إعراضه وعدم رغبته في الخير، يوضح ذلك قوله تعالى:(فأما من أعطى وأتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى)[الليل: 5-7] فصار السبب من العبد، والقدر من جهة الله سبحانه:(وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى)[الليل: 8-10] فصار السبب من العبد والقدر من الله عز وجل، ولكن قدره الله عقوبة له.
فقدر الله الهداية فضلاً من الله عز وجل، وتكرم على الشخص الذي يريد الخير ويريد الهداية، فييسره الله للخير ولفعله، وهذا لمصلحته، لا مصلحة لله عز وجل، وأما إضلال الضالين فعدل منه سبحانه وتعالى، جزاءً لهم على إعراضهم وعدم إقبالهم على الخير
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعلى طاعة الله عز وجل، لم يظلمهم شيئاً، ولهذا نجد في الآيات (والله لا يهدي القوم الظالمين) [البقرة: 258] (والله لا يهدي القوم الكافرين)[البقرة: 264]، (والله لا يهدي القوم الفاسقين) [المائدة: 108] فجعل الظلم، والكفر، والفسق، أسباب لعدم الهداية، وهذه من أفعال العباد جازاهم عليها، عدلاً منه سبحانه وتعالى لا ظلماً (وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) [النحل: 33] ، فلا يليق به سبحانه أن يكرم من هذا وصفه وأيضاً لا يليق به سبحانه وتعالى أن يُضيع عمل العاملين، قال سبحانه:(أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون)[الجاثية: 21](وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون)[الجاثية: 22]، (أفنجعل المسلمين كالمجرمين * ما لكم كيف تحكمون) [القلم: 35، 36] هذا جور ينزه الله عنه، ويقول سبحانه وتعالى:(أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار)[ص: 28] .