المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌والشفاعة التي ادخرها لهم حق، كما روي في الأخبار: - التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية

[صالح الفوزان]

فهرس الكتاب

- ‌قال العلامة حجة الإسلام أبو جعفر الوراق الطحاوي -بمصر- رحمه الله:هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم

- ‌نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحدٌ لا شريك له

- ‌ولا شيء مثله:

- ‌ولا شيء يعجزه:

- ‌ولا إله غيره:

- ‌قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء:

- ‌لا يفنى ولا يبيد:

- ‌ولا يكون إلا ما يريد:

- ‌لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام:

- ‌ولا يشبه الأنام:

- ‌حي لا يموت:

- ‌قيوم لا ينام:

- ‌خالق بلا حاجة، رازق بلا مؤنة:

- ‌مميت بلا مخافة:

- ‌باعث بلا مشقة:

- ‌ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه:

- ‌لم يزدد بكونهم شيئاً، لم يكن قبلهم من صفته:

- ‌وكما كان بصفاته أزلياً، كذلك لا يزال عليها أبدياً:

- ‌ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم (الخالق)

- ‌ولا بإحداث البرية استفاد اسم (الباري) :

- ‌له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق:

- ‌وكما أنه محيي الموتى بعدما أحيا، استحق هذا الاسم قبل إحيائهم، كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم:

- ‌ذلك بأنه على كل شيء قدير:

- ‌وكل شيء إليه فقير:

- ‌وكل أمر عليه يسير:

- ‌لا يحتاج إلى شيء:

- ‌(ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير) :

- ‌خلق الخلق بعلمه:

- ‌وقدر لهم أقداراً:

- ‌وضرب لهم آجالاً:

- ‌ولم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم:

- ‌وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم:

- ‌وأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته:

- ‌وكل شيء يجري بتقديره:

- ‌يهدي من يشاء، ويعصم ويعافي فضلاً، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلاً:

- ‌وكلهم يتقلبون في مشيئة بين فضله وعدله:

- ‌وهو متعال عن الأضداد والأنداد:

- ‌لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا غالب لأمره:

- ‌آمنا بذلك كله، وأيقنا أن كلا من عنده:

- ‌وأن محمداً عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله:

- ‌وأنه خاتم الأنبياء، وإمام الأتقياء، وسيد المرسلين وحبيب رب العالمين:

- ‌وكل دعوى النبوة بعده فغي وهوى:

- ‌وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى بالحق والهدى، وبالنور والضياء:

- ‌وأن القرآن كلام الله:

- ‌منه بدأ بلا كيفية قولاً، وأنزله على رسوله وحياً:

- ‌وصدّقه المؤمنون على ذلك حقاً:

- ‌وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة:

- ‌ليس بمخلوق ككلام البرية:

- ‌فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر، فقد كفر:

- ‌وقد ذمه الله وعابه وأوعده بسقر، حيث قال تعالى: (سأصليه سقر) [المدثر: 26]

- ‌فلما أوعد الله بسقر لمن قال: (إن هذا إلا قول البشر) علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر:

- ‌ولا يشبه قول البشر:

- ‌ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر:

- ‌فمن أبصر هذا اعتبر:

- ‌وعن مثل قول الكفار انزجر:

- ‌وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر

- ‌والرؤية حق لأهل الجنة، بغير إحاطة ولا كيفية:

- ‌كما نطق به كتاب ربنا: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) :

- ‌وتفسيره على ما أراده الله تعالى وعلمه:

- ‌وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهو كما قال:

- ‌ومعناه على ما أراد:

- ‌لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا، ولا متوهمين بأهوائنا:

- ‌فإنه ما سَلِمَ في دينه إلا من سلّم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

- ‌ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه:

- ‌ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام:

- ‌فيتذبذب بين الكفر والإيمان، والتصديق التكذيب، والإقرار والإنكار:

- ‌موسوساً تائهاً شاكاً، لا مؤمناً مصدقاً، ولا جاحداً مكذباً:

- ‌ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم أو تأولها بفهم:

- ‌إذا كان تأويل الرؤية وتأويل كل معنى يُضاف إلى الربوبية بترك التأويل ولزوم التسليم:

- ‌وعليه دين المسلمين:

- ‌ومن لم يتوق النفي والتشبيه، زل ولم يصب التنزيه:

- ‌فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية:

- ‌منعوت بنعوت الفردانية. ليس في معناه أحد من البرية:

- ‌وتعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات:

- ‌لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات

- ‌والمعراج حق، وقد أُسري بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

- ‌وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء:

- ‌ثم إلى حيث شاء الله من العلا. وأكرمه الله بما شاء:

- ‌وأوحى إليه ما أوحى (ما كذب الفؤاد ما رأى) :

- ‌فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى:

- ‌والحوض الذي أكرمه الله تعالى به -غياثاً لأمته- حق:

- ‌والشفاعة التي ادخرها لهم حق، كما رُوي في الأخبار:

- ‌والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق:

- ‌وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة، وعدد من يدخل النار جملة واحدة، فلا يزداد في ذلك العدد، ولا ينقص منه:

- ‌وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه:

- ‌وكلٌ ميسرٌ لما خُلق له:

- ‌والأعمال بالخواتيم:

- ‌والسعيد من سعد بقضاء الله، والشقي من شقي بقضاء الله:

- ‌وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه:

- ‌لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل:

- ‌والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلّم الحرمان، ودرجة الطغيان:

- ‌فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً ووسوسة:

- ‌فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه:

- ‌ونهاهم عن مرامه:

- ‌كما قال تعالى في كتابه: (لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون) :

- ‌فمن سأل: لِمَ فعل؟ فقد رد حكم الكتاب:

- ‌ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين:

- ‌فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منّور قلبه من أولياء الله تعالى:

- ‌وهي درجة الراسخين في العلم:

- ‌لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود:

- ‌فإنكار العلم الموجود كفرٌ، وادعاء العلم المفقود كفرٌ:

- ‌ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود، وترك طلب العلم المفقود:

- ‌ونؤمن باللوح والقلم وبجميع ما فيه قد رُقم:

- ‌فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن، ليجعلوه غير كائن- لم يقدروا عليه. ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه، ليجعلوه كائناً-لم يقدروا عليه:

- ‌جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه:

- ‌وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه:

- ‌فقدّر ذلك تقديراً محكماً مبرماً:

- ‌ليس فيه ناقض، ولا معقّب، ولا مزيل، ولا مغير، ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه:

- ‌وذلك من عُقد الإيمان، وأصول المعرفة:

- ‌فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيماً:

- ‌وأحضر للنظر فيه قلباً سقيماً:

- ‌لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سراً كتيماً:

- ‌وعاد بما قال فيه أفاكاً أثيماً:

- ‌والعرش والكرسي حق:

- ‌وهو مستغن عن العرش وما دونه:

- ‌محيط بكل شيء وفوقه:

- ‌وقد أعجز عن الإحاطة خلقه:

- ‌ونقول: إن الله اتخذ إبراهيم خليلاً، وكلم الله موسى تكليماً، إيماناً وتصديقاً وتسليماً:

- ‌ونؤمن بالملائكة والنبيين:

- ‌والكتب المنزلة على المرسلين ونشهد أنهم كانوا على الحق المبين:

- ‌ونسمّي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين:

- ‌ما داموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين، وله بكل ما قاله وأخبر مصدّقين:

- ‌ولا نخوض في الله، ولا نماري في دين الله:

- ‌ولا نجادل في القرآن، ونشهد أنه كلام رب العالمين:

- ‌نزل به الروح الأمين، فعلّمه سيد المرسلين محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

- ‌وهو كلام الله تعالى لا يساويه شيء من كلام المخلوقين:

- ‌ولا نقول بخلقه، ولا نخالف جماعة المسلمين:

- ‌ولا نكفَّر أحداً من أهل القبلة بذنب، ما لم يستحله:

- ‌ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله:

- ‌ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته، ولا نأمن عليهم، ولا نشهد لهم بالجنة:

- ‌ونستغفر لمسيئهم، ونخاف عليهم، ولا نُقَنِّطُهُم:

- ‌والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام:

- ‌وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة:

- ‌ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه:

- ‌والإيمان: هو الإقرار باللسان، والتصديق بالجنان:

- ‌وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق:

- ‌والإيمان واحد. وأهله فيه سواء:

- ‌والتفاضل بينهم بالخشية والتقى، ومخالفة الهوى، وملازمة الأولى:

- ‌والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن، وأكرمهم عند الله أطوعهم وأتبعهم للقرآن:

- ‌ونحن مؤمنون بذلك كله:

- ‌لا نفرق بين أحد من رسله، ونصدقهم كلهم على ما جاءوا به:

- ‌وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النار لا يخلدون، إذا ماتوا وهم موحدون:

- ‌ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته:

- ‌ثم يبعثهم إلى جنته:

- ‌اللهم يا وليّ الإسلام وأهله، ثبتنا على الإسلام حتى نلقاك به:

- ‌ونرى الصلاة خلف كل برٍّ وفاجرٍ من أهل القبلة، وعلى من مات منهم:

- ‌ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا ناراً:

- ‌ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق، ما لم يظهر منهم شيء من ذلك:

- ‌ونذر سرائرهم إلى الله تعالى:

- ‌ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا:

- ‌وإن جاروا:

- ‌ولا ندعو عليهم:

- ‌ولا ننزع يداً من طاعتهم:

- ‌ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية:

- ‌وندعو لهم بالصلاح والمعافاة:

- ‌ونتبع السنة والجماعة، ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة:

- ‌ونحب أهل العدل والأمانة، ونبغض أهل الجور والخيانة:

- ‌ونقول: الله أعلم، فيما اشتبه علينا علمه:

- ‌ونرى المسح على الخفين، في السفر والحضر، كما جاء في الأثر:

- ‌والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين: برهم وفاجرهم، إلى قيام الساعة، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما:

- ‌ونؤمن بالكرام الكاتبين، فإن الله قد جعلهم علينا حافظين:

- ‌ونؤمن بملك الموت، الموكل بقبض أرواح العالمين:

- ‌والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران:

- ‌ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة، والعرض والحساب، وقراءة الكتاب، والثواب والعقاب، والصراط والميزان:

- ‌والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان أبداً ولا تبيدان:

- ‌وأن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق، وخلق لهما أهلاً:

- ‌فمن شاء منهم إلى الجنة فضلاً منه. ومن شاء منهم إلى النار عدلاً منه:

- ‌وكل يعمل لما قد فرغ له، وصائر إلى ما خُلق له:

- ‌والخير والشر مقدران على العباد:

- ‌وأفعال العباد خلق الله، وكسب من العباد:

- ‌ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون:

- ‌ولا يطيقون إلا ما كلفهم:

- ‌وهو تفسير: "لا حول ولا قوة إلا بالله". نقول: لا حيلة لأحد، ولا حركة لأحد ولا تحوّل لأحد عن معصية الله إلا بمعونة الله، ولا قوة لأحد على إقامة طاعة الله والثبات عليها إلا بتوفيق الله:

- ‌وكل شيء يجري بمشيئة الله تعالى وعلمه وقضائه وقدره:

- ‌غلبت مشيئته المشيئات كلها:

- ‌وغلب وقضاؤه الحيل كلها:

- ‌يفعل ما يشاء وهو غير ظالم أبداً، تقدّس عن كل سوءٍ وحين، وتنزه عن كل عيب وشين

- ‌(لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون) :

- ‌وفي دعاء الأحياء وصدقاتهم منفعة للأموات:

- ‌والله تعالى يستجيب الدعوات، ويقضي الحاجات:

- ‌ويملك كل شيء، ولا يملكه شيء:

- ‌ولا غنى عن الله تعالى طرفة عين:

- ‌ومن استغنى عن الله طرفة عين، فقد كفر وصار من أهل الحين:

- ‌والله يغضب ويرضى، لا كأحد من الورى:

- ‌ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:

- ‌ولا نفرط في حب أحد منهم:

- ‌ولا نتبرأ من أحد منهم:

- ‌ونبغض من يبغضهم:

- ‌وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير:

- ‌وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان:

- ‌وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالجنة، على ما شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقوله الحق، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح وهو أمين هذه

- ‌ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأزواجه الطاهرات من كل دنس، وذرّيّاته المقدسين من كل رجس؛ فقد برئ من النفاق

- ‌وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين -أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر -لا يُذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل:

- ‌ولا نفضل أحداً من الأولياء على أحد من الأنبياء عليهم السلام، ونقول: نبي واحد أفضل من جميع الأولياء:

- ‌ونؤمن بما جاء من كراماتهم، وصح عن الثقات من رواياتهم:

- ‌ونؤمن بأشراط الساعة: من خروج الدجال:

- ‌ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء:

- ‌ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها:

- ‌وخروج دابة الأرض من موضعها:

- ‌ولا نصدق كاهناً ولا عرّافاً:

- ‌ولا من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة:

- ‌ونرى الجماعة حقاً وصواباً، والفرقة زيغاً وعذاباً:

- ‌ودين الله في الأرض والسماء واحد، وهو دين الإسلام:

- ‌قال الله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) . وقال تعالى: (ورضيت لكم الإسلام ديناً) :

- ‌وهو بين الغلو والتقصير:

- ‌وبين التشبيه والتعطيل:

- ‌وبين الجبر والقدر:

- ‌وبين الأمن والإياس:

- ‌فهذا ديننا واعتقادنا ظاهراً وباطناً. ونحن براء إلى الله من كل من خالف الذي ذكرناه وبيناه:

- ‌ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان، ويختم لنا به:

- ‌ويعصمنا من الأهواء المختلفة، والآراء المتفرقة:

- ‌والمذاهب الردية:

- ‌مثل المشبهة:

- ‌والمعتزلة:

- ‌والجهمية والجبرية:

- ‌والقدرية‌‌‌‌وغيرهم، من الذين خالفوا السنة والجماعة، وحالفوا الضلالة:

- ‌‌‌وغيرهم، من الذين خالفوا السنة والجماعة، وحالفوا الضلالة:

- ‌وغيرهم، من الذين خالفوا السنة والجماعة، وحالفوا الضلالة:

- ‌ونحن منهم براء، وهم عندنا ضلال وأرديا. وبالله العصمة والتوفيق:

الفصل: ‌والشفاعة التي ادخرها لهم حق، كما روي في الأخبار:

‌والشفاعة التي ادخرها لهم حق، كما رُوي في الأخبار:

ــ

هو حوض النبي صلى الله عليه وسلم، فيجب الإيمان به واعتقاده، وأن يتمسك الإنسان بالسنة، حتى يرد هذا الحوض، ولا يُردّ عنه يوم القيامة.

الشفاعة أيضاً من مسائل العقيدة المهمة (1) ؛ لأنه قد ضل في إثباتها أناس، وغلا في إثباتها أناس، وتوسط فيها أناس.

فالشفاعة يوم القيامة الناس فيها على ثلاثة أقسام:

قوم غلوا في إثباتها حتى طلبوها من الأموات ومن القبور ومن الأصنام والأشجار والأحجار (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله)[يونس: 18]، (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) [الزمر: 3] .

(1) حديث الشفاعة أخرجه البخاري رقم (3340، 4712، 7510) ومسلم رقم (193، 194) . وفيه: "ائتوا النبي صلى الله عليه وسلم فيأتوني فأسجد تحت العرش فيقال: يا محمد أرفع رأسك واشفع تشفع وسل تعطه".

ص: 94

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وطائفة غلت في نفي الشفاعة كالمعتزلة والخوارج، فإنهم نفوا الشفاعة في أهل الكبائر، وخالفوا ما تواترت به الأدلة من الكتاب والسنة في إثبات الشفاعة.

وأهل السنة والجماعة توسطوا فأثبتوا الشفاعة على الوجه الذي ذكره الله ورسوله، وآمنوا بها من غير إفراط ولا تفريط.

والشفاعة في اللغة مأخوذة من الشفع، وهو ضد الوتر، فالوتر هو الفرد الواحد. والشفع هو أكثر من واحد، اثنين أو أربعة أو ستة، وهو ما يسمى بالعدد الزوجي.

وشرعاً: الوساطة في قضاء الحاجات، وساطة بين من عنده الحاجة وصاحب الحاجة، وهي على قسمين: شفاعة عند الله، وشفاعة عند الخلق.

فالشفاعة عند الخلق على قسمين:

شفاعة حسنة، وهي الأمور الحسنة النافعة المباحة، تتوسط عند من عنده حاجات الناس من أجل أن يقضيها لهم، قال سبحانه:(من يشفع شفاعةً حسنة يكن له نصيب منها)[النساء: 85]، وقال عليه الصلاة والسلام: "اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان

ص: 95

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رسوله ما شاء" (1) . هذه شفاعة حسنة وفيها أجر؛ لأن فيها نفعاً للمسلمين في قضاء حاجاتهم وحصولهم على مطلوبهم الذي فيه نفع لهم، وليس فيها تعدّ على أحد أو ظلمٌ لأحد.

والقسم الثاني: شفاعة سيئة، وهي التوسط في أمور محرمة، كالشفاعة في إسقاط الحدود إذا وجبت، وهذا يدخل فيمن لعنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:"لعن الله من آوى محدثاً"(2) . والشفاعة أيضاً في أخذ حقوق الآخرين وإعطائها لغير مستحقها، قال تعالى:(ومن يشفع شفعة سيئة يكن له كفلٌ منها)[النساء: 85] .

أما الشفاعة عند الله فليست كالشفاعة عند المخلوق، فالشفاعة عند الخالق: أن يكرم الله جل وعلا بعض عباده في أن يدعو لأحد المسلمين المستحقين للعذاب بسبب كبيرة ارتكبها، فيشفع عنده الشافع في أن يعفو عنه ولا يعذبه؛ لأنه مؤمن موحد،

(1) أخرجه البخاري رقم (1432) ومسلم رقم (2627) .

(2)

فعن علي رضي الله عنه قال: ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا، من أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل

"

أخرجه البخاري رقم (1870) ومسلم رقم (1370) .

ص: 96

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فيشفع الشافع عند الله جل وعلا بأن يعفو عنه، أو فيمن دخل النار في معصية فيشفع الشافع عند الله في أن يخرج ويرفع عنه العذاب، وهي ما تسمى بالشفاعة في أهل الكبائر.

لكن الشفاعة عند الله يشترط لها شرطان:

الشرط الأول: أن تكون بإذن الله، فلا أحد يشفع عند الله إلا بإذن، فهو الذي يأذن للشافع أن يشفع، أما من قبل أن يأذن فلا أحد يتقدم إلى الله عز وجل:(من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)[البقرة: 255] ، وليس كالمخلوق الذي يتقدم الناس للشفاعة عنده وإن لم يأذن، فالله جل وعلا لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه.

الشرط الثاني: أن يكون المشفوع فيه من أهل التوحيد وأهل الإيمان، ممن يرضى الله عنهم قولهم وعملهم، (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) [الأنبياء: 28] ، أي: رضي الله قوله وعمله، وجاء الشرطان في قوله تعالى:(إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى)[النجم: 26] . أن يأذن الله هذا الشرط الأول، ويرضى هذا الشرط الثاني.

أما الكافر فإنه لا تنفعه الشفاعة (فما تنفعهم شفاعة الشافعين)[المدثر: 48] ، (ما للظالمين من حميم ولا شفيع

ص: 97

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يطاع) [غافر: 18] فالشفاعة في القرآن شفاعتان؛ شفاعة منفية وهي التي انتفت شروطها، وشفاعة مثبتة وهي التي تحققت شروطها.

فالكافر لا تنفعه الشفاعة؛ لو شفع فيه أهل السماوات وأهل الأرض ما قبل الله فيه شفاعتهم؛ لأنه مشرك كافر بالله عز وجل، لا يرضى الله قوله ولا عمله، إلا ما جاء في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب، فهي شفاعة خاصة، وأيضاً ليست شفاعة من أجل خروجه من النار، إنما هي شفاعة من أجل تخفيف العذاب عن هذا الرجل؛ لما حصل منه من مؤازرة النبي صلى الله عليه وسلم وحمايته له عليه الصلاة والسلام والمدافعة عنه، فالنبي صلى الله عليه وسلم يشفع في تخفيف العذاب عنه فقط.

هذه هي الشفاعة الثابتة بشروطها، وهي أنواع:

منها أنواع خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأنواع مشتركة بينه وبين غيره من الأنبياء، والملائكة والصالحين والأفراط الذين ماتوا قبل البلوغ، كل هؤلاء يشفعون عند الله سبحانه وتعالى.

وأما الشفاعة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم فهي أنواع:

أولها: شفاعته عليه الصلاة والسلام في أهل الموقف إذا طال

ص: 98

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الموقف يوم القيامة، واشتد الكرب، واشتد الزحام، ودنت الشمس من الرؤوس، وحصل الكرب العظيم، أهل المحشر يريدون من يشفع لهم لفصل القضاء بينهم وصرفهم من هذا الموقف: إما إلى جنة وإما إلى نار؛ فيذهبون إلى آدم عليه السلام فيعتذر لهيبة المقام وجلالته، ثم يذهبون إلى نوح عليه السلام أول الرسل فيعتذر، ثم يذهبون إلى موسى كليم الله فيعتذر، ثم يذهبون إلى عيسى عليه السلام فيعتذر أيضاً، ثم يذهبون إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول:"أنا لها، أنا لها" ثم يأتي فيخر ساجداً بين يدي الله عز وجل، ويحمده ويثني عليه ويدعوه حتى يقال له:"ارفع رأسك، وسل تُعطه، واشفع تشفع"(1) بعد الدعاء والاستئذان، لا يشفع مباشرة، بل يسجد ويدعو ويثني على الله ويتوسل إليه بأسمائه وصفاته، ثم يؤذن له بالشفاعة، ثم يشفع للفصل بين الخلائق فيقبل الله شفاعته، ويأتي سبحانه وتعالى لفصل القضاء بين عباده، قال سبحانه:(كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً* وجاء ربك والملك صفاً صفاً)[الفجر: 21، 22] وقال سبحانه: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر)[البقرة: 210] .

(1) أخرجه البخاري رقم (3340، 4712) ، 7510) ومسلم رقم (193، 194) .

ص: 99

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هذه شفاعته عليه الصلاة والسلام في الفصل بين الخلائق، وهي مقام عظيم شرّف الله به النبي صلى الله عليه وسلم، وهي المقام المحمود الذي قال الله سبحانه فيه:(ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)[الإسراء: 79] ؛ لأنه يحمده عليه الأولون والآخرون، ويظهر فضله عليه الصلاة والسلام في هذا الموقف العظيم.

الشفاعة الثانية: الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم: شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة (1) ، فأول من يستفتح باب الجنة هو محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أول من يدخلها (2) ، وأول من يدخلها من الأمم أمته عليه الصلاة والسلام.

(1) فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا أول شفيع في الجنة" أخرجه مسلم رقم (196) .

(2)

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آتي باب الجنة يوم القيامة، فاستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد. فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحدٍ قبلك". أخرجه مسلم رقم (197) .

ص: 100

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشفاعة الثالثة: الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم: شفاعته لأهل الجنة بأن يرفع الله منازلهم ودرجاتهم، فيشفع في أناس في أن يرفع الله درجاتهم في الجنة، فيرفعهم الله بشفاعته عليه الصلاة والسلام.

الشفاعة الرابعة: -وهي مشتركة- الشفاعة في أهل الكبائر من المؤمنين فيمن استحق دخول النار أن لا يدخلها، وفي من دخلها أن يخرج منها، وهذه هي محط الخلاف بين الفرق؛ فالجهمية والخوارج وأضرابهم أنكروها وقالوا: من دخل النار لا يخرج منها، وأهل السنة والجماعة أثبتوها كما جاءت واعتقدوها، ويجب على المسلم أن يعتقدها ويؤمن بها، وأن يسأل الله أن يُشفع فيه نبيه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه بحاجة إليها.

الشفاعة الخامسة: وهي خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهي شفاعته في عمه أبي طالب، أبو طالب مات على الشرك وعلى دين عبد المطلب المشرك، قال: هو على ملة عبد المطلب، ومات على ذلك، فصار من أهل النار الخالدين فيها. ولكن الله عز وجل يشفع رسوله عليه الصلاة والسلام في تخفيف العذاب عنه، فيكون في ضحضاح من نار، ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً، مع أنه أهون أهل النار

ص: 101