الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والله تعالى يستجيب الدعوات، ويقضي الحاجات:
ــ
وغلت طائفة في هذا وقالت: ينفع الميت كل شيء من عمل غيره، فيستأجرون المقرئين يقرءون للميت، فمثل هذا العمل لا ينفع الميت ولا الحي؛ لأن القارئ أخذ على قراءته أجرة، فليس له ثواب، ومن ناحية ثانية: أن هذا الأمر مبتدع، ليس عليه دليل، وسبحان الله! لو جعل الأجرة التي يعطيها المقرئ صدقة عن الميت صار تابعاً للسنة وينفع الميت، أما على وجه البدعة فلا ينفع الميت ولا الحي، وهذا نتيجة ترك السنة.
هذه من صفات الله عز وجل أنه يجيب من دعاه، قال سبحانه (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) [البقرة: 186] .
وأمر الله عز وجل بدعائه فقال: (ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)[غافر: 60]، وقال سبحانه:(أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض)[النمل: 62] إلى غير ذلك من الآيات التي فيها الأمر بالدعاء وإجابة الدعاء، وهذا من كرمه وجوده وإحسانه، يأمر عباده بدعائه ليستجيب لهم، مع أنه غني عنهم، ولكن لعلمه سبحانه وتعالى بحاجتهم أمرهم بدعائه، وفي الحديث: "من لا يسأل الله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يغضب عليه" (1) .
والدعاء أعظم أنواع العبادة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "الدعاء هو العبادة"(2) .
وكما أنه أمر بدعائه، نهى عن دعاء غيره والإشراك به في الدعاء، فقال:(وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا)[الجن: 18]، (قل إنما ادعوا ربي ولا أشرك به أحداً) [الجن: 20] ، (ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون) [المؤمنون: 117] .
فلا يجوز دعاء غير الله، ومن دعا غير الله فهو مشرك، سواء كان المدعو ملكاً أو نبياً أو ولياً، فقد أشرك الشرك الأكبر (ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون) [الأحقاف: 5] ، (إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم) [فاطر: 14]
(1) أخرجه أحمد 2/477 والترمذي (رقم3370) وابن ماجه (رقم3827) والحاكم 1/491 وصححه وأقره الذهبي.
(2)
أخرجه أبو داود (رقم1479) والترمذي (رقم3369) وابن ماجه (رقم3828) وقال الترمذي: حسن صحيح.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فسماه شركاً، وقال سبحانه (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وماله منهم من ظهير* ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) [سبأ: 22، 23] .
فالدعاء لا يكون إلا لله، فلا يدعى أحد من دونه من الأحياء أو الأموات، أيّاً كان هذا المدعو.
والدعاء على قسمين:
الأول: دعاء عبادة، وهو الثناء على الله عز وجل في أسمائه وصفاته وأفعاله، فالذي يسبحه ويكبره ويحمده ويثني عليه قد دعاه دعاء عبادة.
الثاني: دعاء مسألة، وهو طلب الحوائج من الله عز وجل، وكلاهما تضمنته سورة الفاتحة، فأولها إلى نصفها دعاء عبادة، إلى قوله (إياك نعبد) وآخر السورة مسألة.
والعلماء يقولون: دعاء العبادة مستلزم لدعاء المسألة، ودعاء المسألة متضمن لدعاء العبادة.
والله عز وجل وعد من دعاه أن يستجيب له، وقد يقول قائل: أنا دعوت ولم يستجب لي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والجواب أن يُقال: المانع من عندك أنت، الدعاء سبب من الأسباب، والنتيجة لا تحصل إلا إذا انتفت الموانع، فقد يكون مانع من الموانع منع استجابة دعوتك، إما أن تكون دعوت بقلب غافل لاهٍ فأنى يُستجاب لقلب غافل لاهٍ؟ كما في الحديث، أو أنك تأكل الحرام وتشرب الحرام وتلبس الحرام، قال عليه الصلاة والسلام في الذي:"يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يارب، يارب، ومطعمه حرام وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يُستجاب له"(1) ؟
أو يدعو بإثم أو قطيعة رحم، فلا يُستجاب له، هذا من ناحية.
ومن ناحية ثانية: أن الله عز وجل أعلم بمصالحك، قد يعجل لك الإجابة وقد يؤخرها، وقد يصرف عنك من السوء مثلها، وأنت لا تدري، كما في الحديث:"ما من رجل يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل دعوته، وإما أن يؤخرها له، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها"(2) .
أهل الضلال يقولون: لا حاجة للدعاء؛ لأن الأمر إذا كان قدر فلا يحتاج إلى دعاء؛ لأنه إذا كان الأمر قدر لك فإنه سيأتيك، ولو لم
(1) أخرجه مسلم (رقم1015) .
(2)
أخرجه الترمذي (رقم3390) .