الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون) :
وفي دعاء الأحياء وصدقاتهم منفعة للأموات:
ــ
والكامل في أفعاله وخلقه سبحانه وتعالى.
وكذلك لا يُسأل سبحانه عما يفعل؛ لأن كل شيء يفعله لحكمة، وواقع موقعه، فأما العباد فيسألون؛ لأنهم يخطئون، ويضعون الأمور في غير مواضعها، ففيه فرق بين الخالق والمخلوق، فالله لا يقع في أفعاله خلل، أما العبد فعنده ظلم وحسد وكبر، وعنده أمور تقتضي أنه يخطئ في أموره وتصرفاته.
هذه مسألة فقهية، ولها تعلق بالعقيدة:
قال عليه الصلاة والسلام: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"(1) .
فالعبد ينقطع عمله بموته، إلا ما تسبب في بقائه بعد موته، مثل الصدقة الجارية، كوقف مسجد أو مدرسة يدرس فيها، فما دام نفعها فأجرها يجري ما دام هذا الوقف ينتفع به.
(أو علم) بأن يكون قد درّس الفقه أو العقيدة، وصار له تلاميذ، فيجري عليه أجر تعليمه، أو ألّف كتباً تنفع الناس، فيجري أجره، وهذا من العلم الذي علَّمه.
(1) أخرجه مسلم (رقم1631) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(أو ولد صالح يدعو له) فهو تزوج من أجل إعفاف نفسه، وطلباً للذرية الصالحة، فجاءه ولد صالح، وهذا مما تسبب فيه، قال عليه الصلاة والسلام:"إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم"(1) .
فإن كان صالحاً يدعو له بعد موته، فإن دعاءه يصل إليه، وهذا من عمله الذي تسبب فيه فينفعه عمل غيره.
وغير هذه المسألة محل الخلاف، قال سبحانه:(وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)[النجم: 39] منطوق الآية: أن عمل الإنسان لا ينفع غيره، إلا ما تسبب فيه، فأخذ طائفة من العلماء بهذه الآية، وقال: لا ينفعه إلا عمله مطلقاً، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأشياء تنفع الميت من عمل غيره، مثل الدعاء والاستغفار (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) [الحشر: 10] (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات)[محمد: 19] ، هذا يشمل الأموات أيضاً.
والنبي صلى الله عليه وسلم أمر المسلمين إذا دفنوا أخاهم أن يقفوا على قبره،
(1) أخرجه أبو داود (رقم3528) والترمذي (رقم1362) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأن يستغفروا له ويسألوا له التثبيت (1) ، كذلك الصدقة تنفع الميت، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بأن أمة ماتت، ولو تكلمت لتصدقت، أفأتصدّق عنها؟ قال:"نعم"(2) .
كذلك الحج ينفع غيره، كما جاءت به الأدلة، كما في حديث شبرمة، قال عليه الصلاة والسلام:"حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة"(3) فهذا عمل للغير ينفع الميت، كذلك لما جاءت امرأة تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحج عن أمها: أنها أدركتها فريضة الحج ولم تحج، أفأحج عنها؟ قال:"نعم، حجي عن أمك"(4) . فتكون هذه الأشياء: الدعاء والاستغفار والصدقة والحج والعمرة، تكون نافعة للميت من عمل غيره، فتكون مخصصة للآية (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) [النجم: 39] .
(1) فعن عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل".
…
أخرجه أبو داود (رقم3221) والحاكم 1/370 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الإسناد ولم يخرجاه.
(2)
أخرجه البخاري (رقم2760) ومسلم (رقم1004) .
(3)
أخرجه أبو داود (رقم1811) وابن ماجه (رقم2903) وابن خزيمة (رقم 3039) .
(4)
أخرجه البخاري (رقم1852) .