الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ثامنًا:
التحلي بخصال المروءة:
إِنَّ مما يزين طالب العلم ويُجمله التحلي بـ (المروءة): كمكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه، وإفشاء السلام، وتحمل الناس، والأنفة من غير كبرياء، والعزة في غير جبروت، والشهامة في غير عصبية، ولا جاهلية. وعليه فتنكَّب خوارم المروءة، في طبع، أو قول، أو عمل، من حرفة مهينة، أو خلة رديئة، كالعجب، والرياء، والبطر، والخيلاء، واحتقار الآخرين، وغشيان مواطن الريب، كل ذلك مما يفسد العلم على طالبه
(1)
.
(تاسعًا:
الوسطية وعدم الغلو:
الشريعة الإسلامية جاءت بالوسطية، بين الغلو والجفاء، وبين الإفراط والتفريط، قال الله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة:143].
وقد جاء تحذير أهل الكتاب من الغلو في الدين كما في قول الله سبحانه: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [النساء:171].
ثم جاء تحذيرنا عن هذا المرض العُضَال الذي وقع فيه اليهود والنصارى، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ»
(2)
.
(1)
حلية طالب العلم ص (149) بتصرف.
(2)
أخرجه النسائي (5/ 268) رقم (3057)، وابن ماجه (2/ 1008) رقم (3029)، وأحمد (3/ 351) رقم (1851)، وابن خزيمة (4/ 274) رقم (2867)، والحاكم في المستدرك (1/ 637) رقم (1711)، وقال:«صحيح على شرط الشيخين» .
ذلك لأن الغلو مُهلكٌ ويؤدي بالإنسان إلى الضلال والانحراف عن جادة الحق، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ، قَالَهَا ثَلَاثًا»
(1)
.
فعاقبة الغلو وخيمة، ومآله قبيح، انظر إلى النصارى كيف آل بهم الغلو في نبي الله عيسى عليه السلام إلى جعله إلهًا وربًا! وكيف آل الغلو بالخوارج حتى أوقعهم في تكفير المسلمين واستحلال دمائهم، حتى كفروا كبار الصحابة ومنهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وما زال منهج الخوارج باقيًا في الأمة يضعف في عصر ويقوى في عصر آخر، وقد بلغ في هذا العصر أشده تكفيرًا للمسلمين واستهانةً بالدماء، وتشويهًا لصورة الإسلام في أقطاب الدنيا، فنسأل الله أن يكفي المسلمين شرورهم ويهديهم صراطه المستقيم.
فعلى المسلم أن يأخذ الأمر باعتدالٍ ورَوِيَّة، ويحذر الشذوذ والغلو، وأن يرفق بنفسه وإخوانه، وأن يتحبب إلى خلق الله ويحببهم لدين الله.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ»
(2)
.
وعن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَاّ زَانَهُ، وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَاّ شَانَهُ»
(3)
.
(1)
أخرجه مسلم (4/ 2055) رقم (2670).
(2)
أخرجه أحمد في المسند (20/ 346) رقم (13052). وهذا الحديث وإن كان فيه مقال، لكنه حسن بشواهده.
(3)
أخرجه مسلم (4/ 2004) رقم (2594).