الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما ينبغي له إذا قال له الشيح: أفهمت؟ ألا يقول: نعم، حتى يتضح له المقصود إيضاحًا جليًا؛ لئلا يكذب ويفوته الفهم: ولا يستحي من قوله: لم أفهم؛ لأن استثباته يحصل له مصالح عاجلة وآجلة: فمن العاجلة؛ حفظه المسألة، وسلامته من الكذب بإظهاره فهم ما لم يكن فهمه
(1)
.
ثالثًا:
احترام الشيخ:
وهذا من الأدب الذي يلزم طالب العلم أن يسلكه، فلا يماري شيخه ولا يؤذيه، ولا يتعنت معه في الحوار والسؤال؛ فقد يحرم الطالب الفائدة، بشؤم تعامله مع شيخه، وما أغضب أحدٌ أستاذه إلا حُرم علمه.
(2)
.
إِنَّ الْمُعَلِّمَ وَالطَّبِيبَ كِلَاهُمَا
…
لَا يَنْصَحَانِ إِذَا هُمَا لَمْ يُكْرَمَا
فَاصْبِرْ لِدَائِكَ إِنْ أَهَنْتَ طَبِيبَهُ
…
وَاصْبِرْ لِجَهْلِك إِنْ جَفَوْتَ مُعَلِّمَا
(1)
المجموع شرح المهذب (1/ 37) بتصرف يسير.
(2)
الأخلاق والسير في مداواة النفوس ص (92).
قال الشعبي رحمه الله: «كان أبو سلمة
(1)
يماري ابن عباس؛ فحرم بذلك علمًا كثيرًا»
(2)
، وحرم الاستفادة منه، وقد اعترف أبو سلمة بذلك وتَحَسَّرَ على سلوكه وندم على ما كان منه، وقال في آخر حياته:«لو رفقتُ بابن عباس؛ لأصبتُ منه علمًا كثيرًا»
(3)
.
(4)
.
وكان الصحابة رضي الله عنهم يعلمون تلاميذهم ويربونهم على السؤال عما ينفع وترك ما لا ينفع.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه يومًا: «سلوني عما شئتم، فقال ابن الكَوَّاء
(5)
: ما السواد الذي في القمر؟ قال: فإن تلك لله، ألا سألت عما ينفعك في دينك وآخرتك، ذاك محو الليل. قال: أخبرنا عن قوله: {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا}
(1)
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، المدني، قيل اسمه عبد الله، و قيل إسماعيل وقيل اسمه كنيته. من ثقات التابعين، روى له أصحاب الكتب الستة. توفي بالمدينة سنة (94). ينظر في ترجمته: تهذيب الكمال (33/ 370 - 376)، وتاريخ الإسلام (2/ 1198، 1199).
(2)
جامع بيان العلم (1/ 521).
(3)
أخرجه الدارمي في سننه (1/ 394) رقم (426)، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/ 209) رقم (382).
(4)
المجموع شرح المهذب (1/ 36).
(5)
هو عبد الله بن عمرو اليشكري، المعروف بـ (ابن الكواء)، من رؤوس الخوارج، مشهور بصحبته لعلي وبكثرة أسئلته له. وقد شهد معه صفين، وذُكِر أنه رجع عن مذهب الخوارج فيما بعد. قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (1/ 360):(لا يعتمد على ما يرويه). ينظر ترجمته في لسان الميزان (3/ 329).
[الذاريات:2] قال: ثكلتك أمك سل تفقهًا، ولا تسل تعنتًا، سل عما يعنيك، ودع ما لا يعنيك»
(1)
.
(2)
.
وعلى طالب العلم إذا أراد أن يستفيد من شيخه ويحصل على علمه أن يصبر على جفاءٍ يصدر منه، أو سوء خلق، ولا ينبغي أن يَصده ذلك عن ملازمته والاستفادة من علمه، وعليه أن يحسن الظن بشيخه، ويتأول أفعاله وأقواله التي يظهر أن الصواب خلافها على أحسن تأويل ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، ويحملها على أحسن المحامل، ويجتهد بالاعتذار عنه.
كما على طالب العلم أن يتحمل من شيخه إذا نهره أو غضب عليه:
(3)
.
وقد بَوَّب الخطيب البغدادي في جامعه: باب «الرفق بالمحدث، واحتماله عند الغضب»
(4)
.
(1)
أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (1/ 418) رقم (334).
(2)
الإبانة الكبرى لابن بطة (1/ 418).
(3)
أخرجه ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه ص (158)، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/ 223) رقم (423).
(4)
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/ 222).