الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويوسف عليهما السلام. ونحن نعتقد أن هذه القصص قد وردت في أسفار وقراطيس كانت متداولة بين أيدي اليهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وانفقدت.
وفي كتب التفسير بيانات كثيرة معزوة إلى علماء الأخبار من أهل القرنين الأول والثاني في صدد ولادة إبراهيم وتوحيده ربه وتمرده على عبادة الأصنام، وما كان بينه وبين أبيه وقومه والملك نمرود من مواقف. ومفارقته لقومه قد يكون فيها بعض الإغراب، ولكنها تدل على أن قصص إبراهيم في نطاق ما جاء في القرآن ومنها ما لم يذكر في سفر التكوين مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم وعصره.
ولقد ذكرنا في سياق تفسير سورة الأعلى أن العرب أو العدنانيين سكان الحجاز منهم كانوا يتداولون بينهم تقليد نسبتهم بالأبوة إلى إبراهيم عليه السلام وأن ذلك مما أشير إليه إشارة تأييدية في آيات سورة البقرة [124- 129] وآية الحج [78] التي أوردناها في ذلك السياق. فالذي يتبادر لنا أن ما جاء في هذه السلسلة والسور الأخرى من ذلك قد استهدف فيما استهدف لفت نظر السامعين من العرب إلى ما كان من استنكار أبيهم الأكبر من أبيه ما يستنكره النبي صلى الله عليه وسلم من أهله وقومه. والهتاف بهم بأن فخر الانتساب إلى إبراهيم لا يكون في محلّه إلا إذا ساروا على طريقته فنبذوا عبادة الأصنام وتصامموا عن وسوسة الشيطان.
تعليق على شخصية إدريس عليه السلام
وإدريس عليه السلام يذكر هنا لأول مرة. وقد ذكر مرة ثانية في سورة الأنبياء في آية واحدة مع إسماعيل وذي الكفل عليهما السلام.
ولقد تعددت الروايات التي يرويها المفسرون في صدده. من ذلك أنه من أجداد نوح عليه السلام. وأن اسمه أخنوخ. وهذا الاسم ورد في الإصحاح الخامس من سفر التكوين المتداول بصفة جد من أجداد نوح. ولقد جاء عنه في هذا الإصحاح (وعاش أخنوخ خمسمائة وستين سنة. وسلك مع الله. وإن الله أخذه) وقد يكون في هذا ما يفيد أنه كان نبيا وأن الله رفعه. وبعبارة ثانية قد يكون في تطابق مع ما جاء في الآية [57] من سلسلة الآيات. ويكون ذلك مما كان
متداولا في أوساط الكتابيين، ومما كان يعرفه السامعون من العرب أو بعضهم.
ومما قاله المفسرون دون عزو إلى مصدر أن أخنوخ سمي إدريسا لكثرة دراسته لكتب الله. وأنه أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبس الثياب المخيطة. وكان الناس قبله يلبسون الجلود. وأنه أول من اتخذ السلاح وقاتل الكفار. وأول من نظر في علم النجوم والحساب، وأنه أنزل عليه ثلاثون صحيفة.
ونحن نرجح أن اسم (إدريس) كان الاسم المتداول قبل الإسلام لنبي من الأنبياء. وقد يكون أخنوخ المذكور في سفر التكوين. وقد يكون ما ذكر عنه من كثرة دراسته وعلومه مما كان متداولا عنه. وكلمة (إدريس) كما يبدو عربية الجذر والصيغة وهذا ما قاله اللغوي المشهور ابن منظور في لسان العرب فيكون العرب قبل الإسلام هم الذين أطلقوا الاسم على هذا النبي بسبب ما سمعوا من صفاته.
وفي صدد رفعه إلى السماء روى الطبري عن أبي هريرة وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه ليلة المعراج في السماء الرابعة. وروى عن ابن عباس أنه رفع إلى السماء السادسة ومات فيها. وعن مجاهد أنه رفع كما رفع عيسى ولم يمت. وقال الطبري تعقيبا على ذلك أن حياته وموته مختلف فيهما. ومع ذلك فالمفسرون يوردون أقوالا أخرى عن معنى جملة وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا منها أن المكان العلي هو في الجنة في اليوم الآخر. ومنها أن الجملة تعني علوّ الرتبة والشأن مطلقا أو في الدنيا. حيث يبدو من القائلين أنهم لم يأخذوا بما روي من أمر رفعه إلى السماء ووجوده فيها.
وإلى هذا ففي الطبري في صدد رفعه إلى السماء رواية طويلة مروية عن كعب الأحبار فيها كثير من الخيال والمفارقة. فلم نر طائلا في إيرادها ولا سيما أنها لا تتصل بموضوع السلسلة وهدفها.
ومهما يكن من أمر فنبوّة إدريس عليه السلام وكرامته وشفعته عند الله مما هو وارد في القرآن. واسمه مما يدل على أنه كان معروفا قبل الإسلام كنبي من أنبياء الله في أوساط العرب. وأن الهدف من ذكره في سلسلة الأنبياء هو نفس الهدف