الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليه بأن يقولا له قولا لينا لعلّه يتذكر أو يخشى. ولقد تكرر مثل هذا التلقين في آية من سورة آل عمران خاطب بها الله سبحانه نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم مثنيا فيها على أخلاقه السمحة ولينه منبها إلى أنه لو لم يكن كذلك ولو كان فظّا غليظ القلب لا نفض الناس من حوله، حاثّا إياه على الاستمرار في معاملتهم بالعفو والصفح والتألّف.
وهي هذه فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) ومثل هذا التلقين منطو في آية سورة الأعراف خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (199) على ما مرّ شرحه في سياق تفسير السورة المذكورة.
ولقد روى النسائي والترمذي حديثا عن طارق بن شهاب قال «إن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقد وضع رجله في الغرز أي الجهاد أفضل قال كلمة حق عند سلطان جائر» غير أننا لا نرى تعارضا بين هذا وبين التلقين الجليل الذي احتوته العبارة القرآنية والله تعالى أعلم.
[سورة طه (20) : الآيات 49 الى 79]
قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى (49) قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (50) قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى (51) قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى (52) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى (53)
كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى (54) مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (55) وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى (56) قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً (58)
قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (60) قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (61) فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (62) قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (63)
فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى (64) قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (65) قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (67) قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (68)
وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (70) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (71) قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى (73)
إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى (76) وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (78)
وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى (79)
(1)
أعطى كل شيء خلقه ثم هدى: منح كل شيء مما خلق ما اقتضاه نوعه من صفات وغرائز ونواميس وقابليات وهداه إلى استعمالها والانتفاع بها.
(2)
ما بال القرون الأولى: ماذا جرى للأمم المتقدمة.
(3)
في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى: في علم الله الذي لا يضل ولا يغفل ولا يذهل ولا ينسى شيئا.
(4)
مهدا: ممهدة قابلة للسير.
(5)
أزواجا من نبات شتى: أنواعا وأصنافا شتى.
(6)
مكانا سوى: مكانا مستويا أو مكانا فيه إنصاف وتسوية للطرفين.
(7)
يوم الزينة: يوم العيد الذي يتزين فيه الناس.
(8)
يحشر: يجتمع.
(9)
فيسحتكم: يهلككم ويسحقكم.
(10)
فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى: تجادلوا وتناقشوا في الأمر في اجتماع سري.
(11)
إن هذان لساحران: قرئت (إن) كحرف نفي. فتكون جملة (هذان لساحران) مبتدأ وخبرا. وقرئت بتشديد النون على أنها المشبهة التي تنصب الاسم وترفع الخبر. وقرأ بعضهم (هذان) في صيغة (هذين) لتكون اسمها. ولكن قراءة الجمهور (هذان) . وقد روي عن عائشة قولها إن (هذان) من غلط الكتاب والأصح أن تكون (هذين) اسما لأنّ المشبهة. وفي القرآن آيات كثيرة ورد فيها حرف (إن) بالجزم كحرف نفي وورد بعدها مبتدأ وخبرا. ومن ذلك آية سورة إبراهيم إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [11] فتكون جملة إِنْ هذانِ لَساحِرانِ في مقام (ما هذان إلا ساحران) ونرى هذا هو الأوجه والرواية المروية عن عائشة لم ترد في كتب الصحاح. ونحن نتوقف فيها. والله أعلم.
(12)
طريقتكم المثلى: طريقتكم الفضلى.
(13)
أجمعوا كيدكم: دبروا الأمر متضامنين.
(14)
من استعلى: من غلب وعلا على خصمه.
(15)
فأوجس: فشعر وأحس.
(16)
تلقف: بمعنى تبتلع، ومعنى تلقف في الأصل الأخذ بسرعة.
(17)
لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف: من خلاف بمعنى مخالفة أي قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، أو قطع اليد اليسرى والرجل اليمنى.
(18)
جذوع النخل: الجذع بمعنى الساق.
(19)
لن نؤثرك: لن نختارك ولن نفضلك.
(20)
الذي فطرنا: الذي خلقنا. والجملة إما أن تكون معطوفة على «ما جاءنا» أو قسما بالذي فطرنا، وكلاهما وارد.