الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفصول السورة مترابطة متساوقة مما يلهم أنها نزلت متتابعة حتى تمت.
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة يونس (10) : الآيات 1 الى 2]
بسم الله الرحمن الرحيم
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (1) أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ (2)
. (1) تلك: لغويا هي إشارة إلى البعيد في حين أن (هذه) للقريب. وقد انطلق بعضهم من هذا الفرق فقال إنها عنت كتب الله السابقة. غير أن الطبري وآخرين رجحوا أنها في مقام (هذه) ، وأنها إشارة إلى القرآن وهذا هو الصواب المتوافق مع المطالع المماثلة مثل مطالع سور الشعراء والنمل والقصص التي مرّ تفسيرها.
(2)
الحكيم: هنا من الإحكام، والحكمة أيضا منه. وعلى هذا فتعبير (الحكيم) بالنسبة لكتاب الله يمكن أن يكون بمعنى (المحكم) كما يمكن أن يكون بمعنى (المحتوي حكمة) ويمكن أن يكون بالمعنيين معا أي أنه محكم الأسلوب حكيم المضمون.
(3)
قدم صدق: أوجه الأقوال أنها بمعنى فضل ومنزلة رفيعة مضمونة وثابتة.
روى المفسرون عن ابن عباس وغيره أقوالا في صدد (الر) منها أنها اختصار لجملة (أنا الله أرى) أو اختصار لاسم الرحمن. أو من أسماء القرآن، أو قسم أقسم الله به ونرجح بالنسبة لها ما رجحناه لمثيلاتها أنها استرعاء السمع إلى آيات القرآن والإشارة التي أعقبتها تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ مما قد يدعم ذلك. وقد
تكرر هذا الأسلوب في سور عديدة مرت أمثلة منها. وفي الآية دليل تكرر كثيرا على أن تعبير (الكتاب) للقرآن كان يطلق على ما كان ينزل منه تباعا وقبل أن يتم تمامه.
أما الآية الثانية فقد احتوت سؤالا استنكاريا عن استغراب الناس لاختصاص الله تعالى رجلا منهم لينذرهم ويبشر المؤمنين بما لهم عند الله من المنزلة الرفيعة المضمونة، وحكاية لقول الكافرين عن هذا الرجل بأنه لساحر بارع.
ولا يروي المفسرون فيما اطلعنا عليه شيئا في صدد نزول الآيتين. والمتبادر من فحواهما وفحوى ما يأتي بعدهما أنهما في صدد حكاية مواقف وعقائد المشركين والتنديد بها بصورة عامة، والأرجح أنها نزلت في صدد موقف من مواقفهم المتكررة المتجددة.
وقد تكرر ما حكته الآية عن الكفار. وجاء ذلك في سورة الإسراء التي سبقت هذه السورة مباشرة في النزول حسب ما روته الروايات. ولعل التساوق بين أخريات سورة الإسراء وبداية هذه السورة ثم في ما حكته السورتان من أقوال الكفار ومواقفهم المتشابهة قرائن على صحة رواية نزول هذه السورة بعد تلك السورة.
ولقد احتوت الآية ردا على استغراب الكفار وعجبهم ونسبتهم السحر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وانطوى في هذا الرد تسفيه مفحم لهم، فالساحر يبقى في حدود الأفعال والأقوال والمظاهر الوضيعة الدنيوية التي تمتزج بالخداع والكذب والتخييل، وتستهدف منافع وأغراضا خاصة، في حين أن الرجل الذي جاءهم قد جاء داعيا إلى الله ومكارم الأخلاق، ونذيرا للناس حتى يتقوا الله، وبشيرا للمتقين بالمنزلة الكريمة الرفيعة.
وتكرار حكاية أقوال الكفار المتشابهة في سور متعاقبة يفيد أنهم كانوا