الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَكِيماً (165) لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (166) وآية سورة الشورى هذه شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) ومدعومة بما اقتضته حكمة التنزيل من دعائم ووسائل تمثيلية وتذكيرية ووعظية وإنذارية وتبشيرية في قصص الأولين وأخبارهم ومشاهدهم مما كان معروفا ومتداولا لدى سامعي القرآن أو في المشاهد والصور والأحداث القائمة والجارية في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وبيئته.
تعليق على نسبة المتعصبين من الكتابيين
في العصور المتأخرة الافتراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وموقفهم من رسالته العلوية ومن العجيب أن المتعصبين من الكتابيين في العصور المتأخرة لم يتأثروا ولم يكتفوا بما كان من نسبة الكفار إلى النبي صلى الله عليه وسلم افتراء القرآن أو تلقيه من أناس آخرين وكتبهم مواجهة وبردّ القرآن عليهم بردوده القوية المفحمة النافذة إلى أعماق الضمير والتي منها الآيات التي نحن في صددها ثم آية سورة الأحقاف هذه: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8) وآية سورة الشورى هذه: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (24) وآية سورة النساء هذه: لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (166) وآية سورة الأنعام هذه: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ
…
[19] وآية سورة الأنعام هذه: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ
…
[93] فكرروا ما قاله كفّار العرب مثيرين إشكالات ثانوية لا تمسّ بالجوهر ولا تثبت على التمحيص.
ولقد رأوا في القرآن تطابقا مع بعض ما جاء في الأسفار المتداولة في أيديهم فزعموا أنه مقتبس منها بل تواقحوا بدون وازع من منطق وضمير وحياء وواقع فقالوا إن الإسلام صورة ممسوخة أو نسخة مشوهة من اليهودية والنصرانية متجاهلين ما جاء عليه من نقاء وصفاء وانطوى فيه من علوية وروحانية وأتى به من تصحيح لكل انحراف وتحريف عقائدي وأخلاقي ارتكس فيه اليهود والنصارى وأهل الملل الأخرى. ومن مبادئ وتشريعات وأحكام وتلقينات فيها حلّ لكل مشكلة إيمانية واستجابة لكل مطلب حياتي في كل ظرف فجاء فريدا في صفائه ونقائه وروحانيته وعلويته وكماله لينفذ إلى كل ضمير وقلب وعقل وليترشح بذلك ليكون دين الإنسانية العام. وقد فات عنهم بل تعاموا عن قصد أن الكفار هم الذين زعموا هذا حين كانوا يقولون أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الفرقان: 5] فردّه القرآن عليهم ردّا قويا شرحناه آنفا بل وتعاموا عن قصد كذلك أن القرآن إلى هذا قد أعلن ذلك التطابق لا على اعتبار أنه مقتبس ولكن على اعتبار أنه وحي منزل من الله كما كان ينزل على النبيين من قبل حيث يقول بأسلوب قوي نافذ: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (165) لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً
[النساء:
163-
166] ووَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [المائدة: 48]
ووَ هذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ [الأنعام: 92] وشَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ [الشورى: 13] مع إشارات تنديدية بما كانت عليه اليهودية والنصرانية وأتباعهما من نقض وانحراف وتحريف واختلاف وشقاق وإيذان رباني بأن الله تعالى قد أرسل له وأنزل عليه القرآن ليبين لهم ذلك وليخرجهم من الظلمات إلى النور في آيات سورة المائدة هذه: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (12) فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14) يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) ويا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة: 19] ووَ ما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ
بَعْدِهِمْ
«1» لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [الشورى:
14-
15] ووَ لَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ [الزخرف: 63- 65] .
وهذه الآيات وأمثالها التي تضع الأمر في نصابه الحقّ من وحي القرآن الرباني ورسالة الإسلام السامية النقية المصححة المتممة والتي من شأنها أن تستولي على قلب وضمير كل عاقل منصف بريء من الهوى وقصد المكابرة والعناد، تظهر عظيم التجنّي والوقاحة والكذب في الأقوال التي يتقوّلها المغرضون من المستشرقين والمبشرين.
ولقد اتكئوا على المباينة بين ما جاء في القرآن في الظاهر لما هو معروف اليوم من وقائع التاريخ القديم فقالوا إنه ملفق من الحكايات المتداولة المشوبة بالخيال والتحريف متجاهلين أن ذلك من الشؤون الوسائلية التي لا تمسّ جوهر الرسالة العلوي الروحاني ولا تخلّ بمدى الوحي القرآني في حال وأن القرآن في قصصه لا يهدف إلى تأريخ الأحداث والوقائع لذاتها وإنما إلى الموعظة والعبرة والتذكير والتمثيل وأن هذا الهدف إنما يتحقق إذا كانت القصص والوقائع معروفة عند السامعين، وليس هناك أي دليل على عكس ذلك. وفي القرآن آيات عديدة تؤيد ذلك مثل آية العنكبوت هذه: وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) وآية سورة الفرقان هذه: وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ
(1) أي بعد الأنبياء نوح وإبراهيم وموسى وعيسى الذين ذكروا في الآية [13] من سورة الشورى التي أوردناها قبل قليل.
السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً (40) وآية سورة الروم هذه: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9) وآيات سورة الفجر هذه: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (6) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (10) . واتكئوا على ما بين القرآن والأسفار من مباينة في الوقائع فقالوا إنه محرّف مع أنه لا يستطيع أحد أن ينفي احتمال ورود ما ورد في القرآن في أسفار وقراطيس أخرى كانت موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وضاعت كما لا ينفي احتمال طروء تحريف على ما في الأيدي اليوم من الأسفار.
ونحن نعتقد ذلك. وقد نبهنا في سياق سورة الأعراف إلى ما كان مفقودا من أسفار ذكرت أسماؤها في الأسفار المتداولة وإلى ما هو ملموح في الأسفار المتداولة من تحريف وتغاير وتناقض. وكما وقع هذا وذاك يمكن أن يكون وقع مثله بطبيعة الحال. ونقول من قبيل المساجلة إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعقل أن يكون اخترع هذا وذاك لأنه ليس من ضرورة فنية إلى ذلك، والسياق القرآني يظلّ مستقيما بدونه.
ومما قالوه إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد قام برحلات عديدة فانطبع بذاكرته كثير من الشؤون مع ما انطبع فيها مما سمعه من محتويات الأسفار فألّف القرآن من ذلك.
وهذا كلام متهافت لأن القرآن كما قلنا قبل قليل لم يقصد إلى سرد الوقائع والصور والمشاهد وإنما هو دعوة إلى الله تعالى والعمل الصالح متّحدة في جوهرها مع دعوة الأنبياء الأولين ومتممة لها وصادرة مثلها عن الوحي الرباني ومصححة لما وقع فيها من تحريف وانحراف واختلاف ولا يمكن أن يتناقض هذا أو يخلّ به ما هو مسلّم به من إلمام النبي صلى الله عليه وسلم بأحوال وأحداث وقصص العرب والأمم الأخرى ومدوناتها بطبيعة الحال، وما اقتضت حكمة الله بوحيه منها بالأسلوب الذي جاء به هذا للتدعيم والتذكير والعبرة والإنذار والموعظة.
وكل ما قالوه تمحّك ومصوّب على الفصول الثانوية والوسائلية دون الجوهري في الرسالة المحمدية القرآنية فضلا عن تهافته. ولقد نبّه القرآن إلى أن الذين يتمحكون بالمتشابهات التي منها القصص والصور والمشاهد ويعمون عن النور الذي يشعّ من خلال المبادئ القرآنية المحكمة إنما يبغون الفتنة ويتلبسون بالنية السيئة والمكابرة كما جاء في آية سورة آل عمران هذه: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ
…
[7] .
ومن العجيب أن الذين يقولون هذه الأقوال التي قال معظمها كفّار العرب للنبي صلى الله عليه وسلم يزعمون أنهم يعتقدون بنبوّة الأنبياء ومهمتهم، ووحي الله إليهم ثم يناقضون أنفسهم بإنكار ذلك على النبي العربي مع أن دعوته مثل دعوة الأنبياء من قبله إلى وحدة الله وتنزيهه عن كل شائبة ثم إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعدل والحق والإحسان والبرّ والتعاون والصدق والرحمة ومساعدة المعوزين والمحبة والسلام والنهي عن الفواحش والخبائث والمنكرات، ومع أن ما أخبر به عن وحي الله إليه مماثل لما كان من وحي الله إلى الأنبياء السابقين الذين يعترف القرآن بهم وبكتبهم ويأمر بالاعتراف والإيمان بهم. والمحكم من القرآن الذي كان يقصد به في بدء الأمر من تعبير (القرآن) على ما شرحناه في مناسبات سابقة وبخاصة في سياق تفسير سورة (ص) يدور على ذلك. ولا يسع أي شخص واع من غير المسلمين إذا تجرّد عن الهوى والغرض والتعصّب والمكابرة أن ينكر أنّ ما احتواه من مبادئ وأسس هي علوية لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها تنزيل من حكيم حميد.
وقد تجاهلوا كذلك أن القرآن استشهد بالكتابيين الذين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم واستمعوا إلى القرآن في العهدين النبويين المكي والمدني. وقد شهد الذين حسنت نواياهم وطابت سرائرهم وتجرّدوا من الغرض والتعصّب والمكابرة والعناد بصدقهما وآمنوا بهما ولم يتمحّكوا بالمتشابهات. وليس هناك أي احتمال لتهمة
الضغط والإكراه لعدم إمكان ذلك في تلك الظروف وإنما كان استنادا إلى ما رأوه من صدق أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وسمعوه من الحق ثم إلى صفات محمد صلى الله عليه وسلم المطابقة لما في كتبهم على ما ذكرته آية الأعراف هذه: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ [157] التي أوردنا من الشواهد ما يوضح ما احتوته في سياق تفسيرها وقد سجلت آيات الإسراء [107- 109] والقصص [51- 52] والأحقاف [10] والعنكبوت [47] والأنعام [114] والرعد [36] التي أوردنا نصوصها قبل قليل حركة إيمان وتصديق الكتابيين في مكة وسجلت آيات عديدة مدنية مثل هذه الحركة في المدينة أيضا مثل آية آل عمران هذه: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (199) وآية سورة النساء هذه: لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (162) وآيات سورة المائدة هذه:
وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) .
وإذا كان حقّا قد ظل فريق من أهل الكتاب في الحجاز وبخاصة اليهود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يجحدون نبوته والقرآن الذي أنزل عليه فقد كان ذلك بتأثير من أحبارهم ورهبانهم الذين لم يستطيعوا كبت جماح هواهم والتجرد من أنانياتهم ومآربهم وحسدهم، وعموا عن رؤية الحق والهدى واتباعهما على ما ذكرته آيات عديدة هي تسجيل في نفس الوقت لواقع أمرهم، مثل آيات سورة البقرة هذه وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى
الَّذِينَ كَفَرُوا
«1» فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (90) وهذه وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ (101) وهذه وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ
…
[109] ومثل آيات سورة آل عمران هذه وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (69) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وآيات سورة التوبة هذه اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ....
[31- 34] .
ومثل آيات سورة النساء هذه التي تنطوي على أبشع وأفسق وأكفر وأخبث موقف لليهود من رسالة الله وقرآنه وهداه نتيجة لما كان من حسدهم وغيظهم:
(1) كان اليهود يقولون للعرب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إنهم يجدون في كتبهم أنه سيبعث قريبا نبي عربي وأنهم سيكونون معه حزبا واحدا، وكانوا يقولون ذلك على سبيل الزهو والاعتزاز على العرب. انظر تفسير الآية في تفسير الطبري وابن كثير والبغوي والمنار والطبرسي.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً (45) مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46) وأَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ «1» [51- 54] .
ونريد أن ننبه إلى أمر مهم في المسألة وهو أن القرآن إنما يقصد بجملة مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ [آل عمران: 3] الواردة بنصّها أو قريبا منها في الآيات هو التطابق في الأسس والمبادئ ووحدة المصدر مما تضمّنت تقريره آيات سورة النساء [163] وسورة الشورى [13] التي أوردنا نصّها آنفا. فإذا كان هناك تباين بين ما جاء في القرآن وما جاء في الأسفار فمردّ ذلك إلى ما طرأ على هذه الأسفار من تحريف وتبديل وما كان من علماء الكتابيين الدينيين من سوء تأويل وشذوذ وخلاف وشقاق ونزاع، وما كانوا يخفونه مما في أيديهم من كتب مما نبهت إليه آيات قرآنية عديدة مثل آيات سورة البقرة هذه: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (76) أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما
(1) ذهب وفد يهودي إلى مكة لتحريض أهلها على النبي والمسلمين والتحالف معهم على استئصال شأفتهم وأخذهم المشركون إلى أوثانهم فتباركوا بها وحلفوا عندها وسألوهم أهم أهدى من محمد فحلفوا لهم أنهم هم أهدى
…
(انظر ابن هشام ج 3 ص 235 وما بعدها وابن سعد ج 3 ص 108 وما بعدها) .
يُعْلِنُونَ (77) وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) وهذه: وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) وهذه: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (253) وهذه: كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (213) ومثل آيات سورة آل عمران هذه: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (20) وهذه: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78) ومثل آيات سورة المائدة [13- 16] وآيات سورة الشورى [14- 15] وآيات سورة الزخرف [63- 65] التي أوردناها آنفا.
ومن هنا تبدو حكمة الله ورحمته أن بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا للناس جميعا كتابيين وأمّيين وأنزل عليه القرآن ليكمّل به للإنسانية دينها ويصبح الإسلام بذلك دين الإنسانية العام كما جاء في آيات كثيرة منها آيات سورة التوبة هذه: