الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَحْمَدِينَ الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتُكَبِّرِينَ الله أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ عند كل صلاة وعند منامك. رواه مسلم.
(الفصل الثاني)
2412-
(9) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَصْبَحَ قَالَ: اللَّهُمَّ بِكَ أَصْبَحْنَا وَبِكَ أَمْسَيْنَا وَبِكَ نَحْيَا وَبِكَ نَمُوتُ وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ. وَإِذَا أَمْسَى فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا وَبِكَ أَصْبَحْنَا وَبِكَ نَحْيَا وَبِكَ نَمُوتُ وَإِلَيْكَ النُّشُورُ.
ــ
المواضع الثلاثة وليس في مسلم ذكر الجلالة (أربعًا وثلاثين) تكملة للمائة (عند كل صلاة) أي: بعد كل مفروضة كما ورد في الأحاديث وقوله: ((عند كل صلاة)) هكذا وقع في جميع نسخ المشكاة الحاضرة وكذا في المصابيح، وشرح السنة. وليس هو في صحيح ومسلم. ولم يذكره الجزري في جامع الأصول. (وعند منامك)، وفي مسلم: حين تأخذ مضجعك. ولعل تخصيصها بالخطاب في هذا الحديث لأنها الباعث الأصلي في طلب الخادم أو هذا الحديث نقل بالمعنى أو بالاختصار وهذا هو الراجح. وفي الحديث أن من واظب على هذا الذكر عند النوم يصبه إعياء لأن فاطمة شكت التعب من العمل فأحالها صلى الله عليه وسلم على ذلك. كذا أفاده ابن تيمية، قال الحافظ: وفيه نظر ولا يتعين رفع التعب بل يحتمل أن يكون من واظب عليه لا يتضرر بكثرة العمل ولا يشق عليه ولو حصل له التعب. والله أعلم (رواه مسلم) في الدعاء ولم أجد من أخرجه سواه.
2412-
قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح) أي: دخل في الصباح وهذا لفظ أحمد، وأبي داود، والبخاري في الأدب المفرد. وللترمذي:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه يقول: إذا أصبح أحدكم فليقل)) . ولابن ماجة، وابن السنى ((قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبحتم فقولوا)) . فقد اجتمع في الحديث القول والفعل (اللهم بك أصبحنا) الباء متعلق بمحذوف وهو خبر ((أصبحنا)) ولا بد من تقدير مضاف أي: أصبحنا متلبسين بحفظك، أو مغمورين بنعمتك، أو مشتغلين بذكرك، أو مستعينين باسمك، أو مشمولين بتوفيقك، أو متحركين بحولك وقوتك ومتقلبين بإرادتك وقدرتك. وتقديم ((بك)) على أصبحنا وما بعده يفيد الاختصاص (وبك أمسينا) هذا مبني على أن المراد المساء السابق أو اللاحق وصيغة الماضي للتفاؤل (وبك نحيى وبك نموت) أي: أنت تحيينا وأنت تميتنا يعني يستمر حالنا على هذا في جميع الأوقات وسائر الأحوال (وإليك) لا إلى غيرك (المصير) أي: المرجع بعد البعث (وإذا أمسى) عطف على ((إذا أصبح)) (اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا) بتقديم ((أمسينا)) (وإليك النشور) أي: البعث بعد الموت. قال الجزري: يقال: نشر الميت ينشر نشورًا إذا عاش بعد الموت وأنشره الله أحياه. وقال المجد: النشر إحياء الميت كالنشور والإنشار والحياة نشره فنشر. وأفادت رواية الكتاب أن لفظ ((المصير)) في الصباح ولفظ ((النشور)) في المساء وهكذا وقع في نسخ الترمذي الموجودة عندنا وكذا ذكر الشوكاني في تحفة
رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة.
2413-
(10) وعنه قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ قلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِشَيْءٍ أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ قَالَ: قُلْ اللَّهُمَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ
ــ
الذاكرين ويظهر من تصحيح المصابيح وجامع الأصول (ج5: ص62) أن في الترمذي ((المصير)) في الموضعين، وهكذا رواه البغوي في شرح السنة (ج5: ص112) أي: بلفظ: ((المصير)) في الموضعين قال: ويروى ((وإليك النشور)) وجاء في أبي داود فيهما النشور. وفي أبي عوانة، والأدب المفرد:((النشور)) في الصباح و ((المصير)) في المساء عكس ما في نسخ الترمذي، ورواه ابن ماجة بذكر المصير في المساء ولم يذكر لفظ النشور مطلقًا، ومؤدي النشور والمصير واحد وهو الرجوع إلى الله بعد الموت فلا تخالف بين الروايات ولا اعتراض على البغوي والمصنف في إيرادهما الرواية المذكورة (رواه الترمذي) في الدعوات وحسنه (وأبو داود) في الأدب وسكت عنه. وذكر المنذري تحسين الترمذي وأقره (وابن ماجة) في الدعاء، وأخرجه أيضًا أحمد بإسناد رجله رجال الصحيح، والنسائي في الكبرى، والبخاري في الأدب المفرد، وأبو عوانة، وابن حبان في صحيحيهما، وابن السني في عمل اليوم والليلة (ص13)، والبغوي في شرح السنة وقال: هذا حديث حسن وذكره النووي في الأذكار وصححه.
2413-
قوله (وعنه قال) الظاهر أن الحديث من رواية أبي هريرة مباشرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه شهد سؤال أبي بكر (قال أبو بكر: قلت يا رسول الله) كذا في بعض النسخ ووقع في بعضها ((قال أبو بكر: يا رسول الله)) ، أي بدون لفظ ((قلت)) وهكذا وقع عند جميع المخرجين وكذا ذكره البغوي في المصابيح، والنووي في الأذكار، والجزري في جامع الأصول، والشوكاني في تحفة الذاكرين وهو الصواب. (وإذا أمسيت) زاد في رواية أحمد (ج1: ص10) ((إذا أخذت مضجعي)) (اللهم عالم الغيب والشهادة) ، أي ما غاب من العباد وظهر لهم، ونصبه على أنه صفة المنادي أو على النداء فإن قوله: اللهم بمعنى يا الله. وكذا ما بعده من الأوصاف وهو قوله: (فاطر السموات والأرض) أي مخترعهما وموجدهما ومبدعهما على غير مثال سبق. وقوله: ((اللهم عالم الغيب)) إلخ. وهكذا وقع بتقديم العالم على الفاطر عند أحمد (ج1: ص11، وج2: ص298) ، والترمذي، والبخاري في الأدب المفرد، وأفعال العباد، وابن حبان، وفي بعض الطرق ابن السني. ووقع عند أحمد (ج1: ص15) ، وأبي داود، والدارمي، والحاكم وفي بعض الروايات لابن السني بتقديم الفاطر على العالم، ووقع عند أحمد (ج1: ص10) بالشك أنه قال: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة. أو قال: اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السموات والأرض. والجزم مقدم على الشك. ورواية تقديم الفاطر أرجح لموافقتها لحديث عبد الله بن عمرو عند أحمد (ج2: ص197) ، والترمذي، والبخاري في الأدب المفرد، ولكونها موافقة للتنزيل. والله أعلم. (رب كل شيء) بالنصب أيضًا، أي
وَمَلِيكَهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ. رواه الترمذي، وأبو داود، والدارمي.
2414-
(11) وعن أبان
ــ
مصلح كل شيء ومربيه. (ومليكه) ، أي وملك كل شيء أو مالكه وقاهرة، فعيل بمعنى الفاعل للمبالغة كالقدير بمعنى القادر (أعوذ بك من شر نفسي) ، أي من ظهور السيئات الباطنية التي جبلت النفس عليها، وقيل: أي من شر هواها المخالف للهدي قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ} (28: 50) . أما إذا وافق الهوى الهدى فهو كزبد وعسل. وقيل: الاستعاذة منها لكونها أسرع إجابة إلى داعي الشر من الهوى والشيطان. وحاصله مزيد الاعتناء بتطهير النفس فقدم إشارة لكمال الصديق أن يفعله ليكون وسيلة إلى كل كمال يترقى إليه بعد، إذ الترقي يتفاوت بحسب تفاوت مراتب ذلك التطهير (ومن شر الشيطان) ، أي وسوسته وإغواءه وإضلاله، ثم يحتمل أن يكون المراد جنس الشياطين أو رئيسهم وهو إبليس (وشركه) روي على وجهين أظهرهما وأشهرهما بكسر الشين مع إسكان الراء أي: ما يدعو إليه الشيطان ويوسوس به من الإشراك بالله. والثاني: بفتح الشين والراء. أي: جبائله ومصائده (جمع مصيدة وهي ما يصاد بها من كل شيء) التي يفتتن الناس بها، وإحداها شركة بفتح الشين والراء وآخرها هاء. والإضافة على الأول إضافة المصدر إلى الفاعل وعلى الثاني محصنة، والعطف على التقديرين للتخصيص بعد التعميم للاهتمام به (قله) أي: قل هذا القول (وإذا أخذت مضجعك) بفتح الميم والجيم بينهما ضاد ساكنة أي: إذا أردت النوم (رواه الترمذي) في الدعوات، وصححه (وأبو داود) في الأدب، وسكت عليه. ونقل المنذري تصحيح الترمذي وأقره (الدارمي) في الاستيذان، وأخرجه أيضًا أحمد (ج1: ص10، 11، وج2: ص298) ، والنسائي في الكبرى، والبخاري في الأدب المفرد، وأفعال العباد، وابن حبان في صحيحه، والحاكم (ج1: ص513) ، وصححه وأقره الذهبي، وابن أبي شيبة، وابن السنى (ص16، 230، 231) ، وأبو داود الطيالسي، والخطيب في تاريخ بغداد (ج11: ص166، 167) ، وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند أحمد (ج2: ص172، 197) ، والترمذي في الدعوات، والبخاري في الأدب المفرد من طريق أبي راشد الحبراني قال: أتيت عبد الله بن عمرو ابن العاص فقلت له: حدثنا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى بين يدي صحيفة. فقال: هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت فيها فإذا فيها ((أن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال له رسول الله: يا أبا بكر قل: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت، رب كل شيء ومليكه أعوذ بك من شري نفسي ومن شر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءًا أو أجره إليّ مسلم)) .
2414-
قوله: (وعن أبان) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة يصرف لأنه على وزن فعال، ويمنع لأنه يجعل على
بْنِ عُثْمَانَ قَال سَمِعْتُ أبي يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ. فَكَانَ أَبَانُ قَدْ أَصَابَهُ طَرَفُ فَالِجٍ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ أَبَانُ مَا تَنْظُرُ إليَّ؟
ــ
وزن أفعل، والأشهر الصرف (ابن عثمان) أي: ابن عفان الأموي المدني ثقة من كبار التابعين قال عمرو بن شعيب: ما رأيت أعلم بحديث ولا أفقه منه. وعده يحيى القطان في فقهاء المدينة. وكان به صمم ووضح وأصابه الفالج قبل أن يموت بسنة، مات سنة (105) حكى البخاري في التاريخ عن مالك أنه كان قد علم أشياء من قضاء أبيه، وأنكر أحمد سماعه من أبيه، وفي هذا الحديث تصريح بسماعه منه، وكذا حديثه في صحيح مسلم مصرح بالسماع (قال) أي أبان (سمعت أبي) أي عثمان: ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة) أي بعد طلوع الفجر وبعد غروب الشمس، وفي رواية أحمد (ج1: ص67) : قال في أول يومه أو في أول ليلته (بسم الله) قيل الباء متعلقة الاستعاذة المقدرة أي: أعوذ باسم الله، وقيل متعلَّقة هو أصبحنا وأمسينا حسبما يقتضيه المقام أو متعلقة أستعين أو أتحفظ أي: أستعين أو أتحفظ من كل مؤذ باسم الله. المعنى أذكر اسمه على وجه التعظيم والتبرك (الذي لا يضر مع اسمه) أي: مع ذكره باعتقاد حسن ونية خالصة (شيء) كائن (في الأرض ولا في السماء) أي: من البلاء النازل منها (وهو السميع) أي: بأقوالنا (العليم) أي: بأحوالنا (ثلاث مرات) ظرف ((يقول)) (فيضره شيء) بالنصب جواب ((ما من عبد)) . قال الطيبي: وبالرفع عطفًا على يقول: على أن الفاء هنا كهي في قوله: ((لا يموت لمؤمن ثلاثة من الولد فتمسه النار)) أي: لا يجتمع هذا القول مع المضرة كما لا يجتمع مس النار مع موت ثلاثة من الولد بشرطه. ورواه أحمد (ج1: ص63، 67)، والبخاري في الأدب المفرد بلفظ:((من قال صباح كل يوم ومساء كل ليلة ثلاثًا ثلاثًا بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، لم يضره شيء في ذلك اليوم أو في تلك الليلة)) . وفي الحديث دليل على أن هذه الكلمات تدفع عن قائلها كل ضر كائنًا ما كان وأنه لا يصاب بشيء في ليله ولا نهاره إذا قالها في أول الليل والنهار (فكان) كذا في جميع النسخ الحاضرة، وفي الترمذي، وابن ماجة ((وكان)) (أبان) بالوجهين (طرف فالج) كذا للترمذي، وفي ابن ماجة: طرف من الفالج أي: نوع منه وهو بكسر اللام داء يحدث في أحد شقي البدن فيبطل إحساسه وحركته. قال في القاموس: الفالج (بكسر اللام على وزن فاعل) استرخاء لأحد شقي البدن لانصباب خلط بلغمي تنسد منه مسالك الروح (فجعل الرجل) الذي سمع منه الحديث (ينظر إليه) أي: إلى أبان تعجبًا وإنكارًا بأنك كنت تقول هذه الكلمات في كل صباح ومساء فكيف أصابك الفالج إن كان الحديث صحيحًا؟ (ما تنظر إلى) أي: ما سبب نظرك إلي؟ قال الطيبي: ((ما)) هي استفهامية وصلتها محذوفة و ((تنظر
أَمَا إِنَّ الْحَدِيثَ كَمَا حَدَّثتكَ وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيَّ قَدَرَهُ. رواه الترمذي، وابن ماجة، وأبو داود. وفي روايته:((لَمْ تُصِبْهُ فَجْاءَةُ بَلاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ لَمْ تُصِبْهُ فَجْاءَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ)) .
ــ
إليّ)) حال، أي: ما لك تنظر إلي؟ (أما) للتنبيه وقيل: بمعنى حقًا (ولكني لم أقله) أي: ما قدر الله لي أن أقوله (يومئذ ليمضي) من الإمضاء (عليّ) بتشديد الياء (قدره) بفتح الدال أي: مقدره. قال الطيبي: قوله: ((ليمضي الله)) علة لعدم القول وليس بغرض له كما في قعدت عن الحرب جبنًا، وقيل: اللام فيه للعاقبة. كما في قوله: لدوا للموت وابنوا للخراب، ذكره القاري. وفي رواية أبي داود ((فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه، فقال: ما لك تنظر إلي؟ فو الله ما كذبت على عثمان ولا كذب عثمان على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني فيه غضبت فنسيت أن أقولها)) . (رواه الترمذي، وابن ماجة) في الدعاء. وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح (وأبو داود) في الأدب، وسكت عنه هو والمنذري، وأخرجه أيضًا أحمد (ج1: ص63، 67) ، وابنه عبد الله في زوائده (ج1: ص73) ، والبخاري في الأدب المفرد، والنسائي في الكبرى، وابن حبان، والحاكم (ج1: ص514) وصححه ووافقه الذهبي، وابن أبي شيبة، وابن السني (ص16)، والبغوي في شرح السنة (ج5: ص113) (وفي روايته) أي: رواية أبي داود (لم تصبه فجاءة بلاء) بالإضافة بيانية، وهو بضم الفاء ممدودًا مصدر بمعنى المفعول أو بمعنى ما فاجأك. يقال: فجأه الأمر يفجأه، وفجئه يفجأه فجأ، وفجأة وفجأءة، وفاجأه مفاجأة، وافتجأ افتجاء هجم عليه أو طرقه بغتة من غير أن يشعر به. قال القاري: وفي نسخة بفتح الفاء وسكون الجيم في مختصر النهاية فجأه الأمر وفجئه فجاءة بالضم والمد وفجأ بالفتح وسكون الجيم من غير مد وفاجأه مفاجأة إذا جاءه بغتة من غير تقدم سبب - انتهى. وفيه إشارة إلى أن المراد بالفجأءة ما يفجأ به، والمصدر بمعنى المفعول وهو أعم من أن يكون بالمد وغيره (حتى يصبح، ومن قالها) أي: تلك الكلمات (حين يصبح لم تصبه فجاءة بلاء حتى يمسي) وعند ابن حبان وعبد الله بن أحمد في زوائده في مسند أبيه (ج1: ص73)((لم تفجأه فاجئة بلاء حتى الليل، ومن قالها حين يمسي لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يصبح إن شاء الله)) يعني من قال ذلك في الصباح يحفظه الله من كل ضرر مفاجئ حتى يغيب الشمس، ومن قالها في المساء يحفظه الله كذلك حتى يطلع الفجر، وفي شرح السنة ((لم تفجأه فاجئة حتى يمسي
…
وحتى يصبح)) . قال القاري: وفي الغايتين أعني حتى يصبح وحتى يمسي إيماء إلى أن ابتداء الحفظ من الفجاءة والمضرة عقب قول القائل في أي: جزأ من أجزاء الليل أو النهار بل وفي سائر أثناءهما.
2415-
(12) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَى: أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ والحَمْدُ لله لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَمِنْ سُوءِ الْكِبَرِ أَوْ الْكُفْرِ. وفي رواية:((مِنْ سُوءِ الْكِبَرِ والكبر)) ، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ. وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا: أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ. رواه أَبُو دَاوُد، والترمذي. وفي روايته لَمْ يَذْكُرْ:((مِن سُوءَ الْكُفْرِ)) .
2416-
(13) وعن بَعْضَ بَنَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعَلِّمُهَا فَيَقُولُ: قُولِي حِينَ تُصْبِحِينَ سُبْحَانَ اللَّهِ
ــ
2415-
قوله: (وعن عبد الله) أي: ابن مسعود (كان يقول إذا أمسى أمسينا) إلى قوله: (وهو على كل شيء قدير) سبق الكلام عليه إعرابًا. ومعنى (رب) أي: يا ربي (وخير ما بعدها) أي: من الليالي أو مطلقًا (من الكسل) أي: في صالح العمل، وهو بفتحتين عدم انبعاث النفس للخير وقلة الرغبة مع إمكانه يقال: كسل كسمع يكسل فتر وتثاقل وتوانى عما لا ينبغي أن يتوانى عنه (ومن سوء الكبر) . قال النووي: قال القاضي: روينا الكبر بإسكان الباء وفتحها. فالإسكان بمعنى التعاظم على الناس والفتح بمعنى الهرم والخرف والرد إلى أرذل العمر كما في الحديث الآخر. قال القاضي: وهذا أظهر وأشهر مما قبله. قال: وبالفتح ذكره الهروي، وبالوجهين ذكره الخطابي وصوب الفتح وتعضده رواية النسائي:((وسوء العمر)) انتهى. (أو الكفر) شك من الراوي وفي جامع الأصول: ((والكفر)) أي: بالواو بدل أو، أي: من سوء الكفر أي: من شر ما فيه الكفر أو الكفران. وقال القاري: أي: من شر الكفر وإثمه وشؤمه، أو المراد بالكفر الكفران (وفي رواية) أي: لأبي داود (من سوء الكبر) بفتح الباء أي: كبر السن (والكبر) بسكونها أي التكبر عن الحق (رب أعوذ بك من عذاب في النار) أي: عذاب كائن في النار (وإذا أصبح قال ذلك) أي: ما يقول في المساء من الذكر المذكور (أيضًا) أي إلا أنه يقول: (أصبحنا وأصبح الملك لله) بدل ((أمسينا وأمسى الملك لله)) ويبدل اليوم بالليلة فيقول: رب أسألك خير ما في هذا اليوم، ويذكر الضمائر بعده (رواه أبو داود) في الأدب، (والترمذي) في الدعوات، وأخرجه أيضًا مسلم وقد تقدم في الفصل الأول من هذا الباب والنسائي، وابن أبي شيبة، وابن السنى (ص13) (وفي روايته) أي: الترمذي (لم يذكر) بصيغة المجهول وروي معلومًا (من سوء الكفر) وكذا لم يذكر في رواية لأبي داود وليس هو عند مسلم أيضًا فالمحفوظ هو من سوء الكبر.
2416-
قوله: (وعن بعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم) قال الحافظ في التقريب لم أقف على اسمها وكلهن صحابيات. أي: فلا يضر جهالة اسمها (فيقول) الفاء تفسيرية (سبحان الله) هو علم للتسبيح منصوب على المصدرية تقديره سبحت الله سبحانًا
وَبِحَمْدِهِ ولا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. اعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا فَإِنَّهُ مَنْ قَالَها حِينَ يُصْبِحُ حُفِظَ حَتَّى يُمْسِيَ وَمَنْ قَالَها حِينَ يُمْسِي حُفِظَ حَتَّى يُصْبِحَ. رواه أبو داود.
2417-
(14) وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ فَسُبْحَانَ اللَّهِ
ــ
ولا يستعمل غالبًا إلا مضافًا، ومعنى التسبيح تنزيه الله عما لا يليق به من كل نقص وعيب (وبحمده) قيل الواو للحال والتقدير: أسبح الله متلبسًا بحمدي له من أجل توفيقه. وقيل: عاطفة. والتقدير: أسبح الله وأقوم أو أبتدئ بحمده، ويمكن أن تكون زائدة والمعنى أسبحه مقرونًا بحمده (لا قوة) وفي عمل اليوم والليلة لابن السني: ولا حول ولا قوة (إلا بالله) أي: إلا بإقداره تعالى (ما شاء الله) أي: وجوده (كان) أي: وجد في وقت أراده (وما لم يشأ لم يكن) أي: لم يوجد أي: سواء يشاء العبد أو لم يشأ. وهذا معنى قوله تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ} (76: 30)(أعلم) بصيغة المتكلم أي: أعتقد (أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا) أي: له القدرة الكاملة والعلم الشامل. قال الطيبي: هذان الوصفان أعني: القدرة الشاملة، والعلم الكامل، هما عمدة أصول الدين وبهما يتم إثبات الحشر والنشر ورد الملاحدة في إنكارهم البعث وحشر الأجساد لأن الله تعالى إذا علم الحزئيات والكليات على الإحاطة علم الأجزاء المتفرقة المتلاشية في أقطار الأرض فإذا قدر على جمعها أحياها فلذلك خصهما بالذكر في هذا المقام (فإنه) أي: الشأن وهو تعليل لقولي (حفظ) بصيغة المجهول أي: من البلايا والخطايا (رواه أبو داود) في الأدب، وأخرجه أيضًا النسائي في الكبرى، وابن السني (ص16) كلهم من رواية عبد الحميد مولى بني هاشم عن أمه وكانت تخدم بعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم: أن بنت النبي صلى الله عليه وسلم حدثتها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمها إلخ. وقد سكت عنه أبو داود. وقال المنذري في مختصر السنن: في إسناده امرأة مجهولة وهي أم عبد الحميد. وقال الحافظ في الكنى من النساء من التقريب: أم عبد الحميد الهاشمية مولاهم مقبولة من الثالثة. أي: من الطبقة الوسطى من التابعين، ثم قال في المبهمات من النسوة على ترتيب من روى عنهن رجالاً ثم نساء: عبد الحميد بن أبي هاشم عن أمه كانت تخدم بعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم، لم أقف على اسمها وكأنها صحابية - انتهى. وحكى في هامش شرح السنة (ج5: ص115) عن الحافظ بعد نقل كلام المنذري المذكور أنه قال (أي: الحافظ) لكن يغلب على الظن أنها. أي: أم عبد الحميد صحابية، فإن بنات النبي صلى الله عليه وسلم متن في حياته إلا فاطمة فعاشت بعده ستة أشهر أو أقل وقد وصفت بأنها كانت تخدم التي روت عنها، لكنها لم تسمها. فإن كانت غير فاطمة قوي الاحتمال، وإلا احتمل أنها جاءت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم. والعلم عند الله - انتهى.
2417-
قوله: (من قال حين يصبح) أي: يدخل في الصباح {فَسُبْحَانَ اللَّهِ} أي: نزهوه عما لا يليق بعظمته تعالى
حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} إِلَى قوله {وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} أَدْرَكَ مَا فَاتَهُ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَهُنَّ حِينَ يُمْسِي أَدْرَكَ مَا فَاتَهُ فِي لَيْلَتِهِ. رواه أبو داود.
ــ
أو أريد به الصلاة على ما روي عن ابن عباس، والمعنى فصلوا له {حِينَ تُمْسُونَ} من الإمساء أي: تدخلون في المساء وهو وقت المغرب والعشاء بناء على ما قدمناه من أن المساء أول الليل أي من غروب الشمس {وَحِينَ تُصْبِحُونَ} من الإصباح أي: تدخلون في الصباح وهو وقت الفجر. يعني صلوا لله صلاة المساء. أي: المغرب والعشاء وصلاة الصبح {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} جملة اعتراضية حالية ومعناها يحمده أهلهما {وَعَشِيّاً} بفتح العين عطف على ((حين)) أي: وحين العشي وهو ما بين زوال الشمس إلى غروبها والمشهور أنه آخر النهار فالمراد به وقت العصر أي: صلوا لله عشيًا. أي: صلاة العصر {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} أي: تدخلون في الظهيرة وهي وقت الظهر. قال نافع بن الأزرق لابن عباس: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ قال: نعم. وقرأ هاتين الآيتين، وقال: جمعت الآية الصلوات الخمس ومواقيتها. واختار الطيبي عموم معنى التسبيح الذي هو مطلق التنزيه فإنه المعنى الحقيقي الأولى من المعنى المجاز من إطلاق الجزء وإرادة الكل مع أن العبرة لعموم اللفظ لا بخصوص السبب فإن فائدة الأعم أتم. قاله القاري (إلى قوله) أي: تعالى: {وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} بصيغة المجهول من الإخراج، وهذا اقتصار من الرواي وهو من سورة الروم وتمامه:{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} كالطائر من البيضة، والحيوان من النطفة، والنبات من الحبة، والمؤمن من الكافر، والذاكر من الغافل، والعالم من الجاهل، والصالح من الطالح {وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} على عكس ما ذكر {وَيُحْيِي الأَرْضَ} أي: بالإنبات {بَعْدَ مَوْتِهَا} أي: يبسها {وَكَذَلِكَ} أي: مثل ذلك الإحياء {تُخْرَجُونَ} (30: 18، 19) أي: من قبوركم إحياء للحساب والعذاب والنعيم، والمراد أن الإبداء والإعادة متساويتان في قدرة من هو قادر على إخراج الميت وعكسه (أدرك ما فاته) أي: من الخير. أي حصل له ثواب ما فاته من ورد وخير (ومن قالهن) أي: تلك الكلمات أو الآيات (رواه أبو داود) في الأدب، وأخرجه أيضًا الطبراني، وابن السني (ص20، 28) كلهم من حديث سعيد بن بشير النجارى عن محمد بن عبد الرحمن ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عباس، وقد سكت عنه أبو داود. قال النووي في الأذكار: لم يضعفه أبو داود وقد ضعفه البخاري في تاريخه الكبير، وفي كتاب الضعفاء. وقال المنذري: في إسناده محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه وكلاهما لا يحتج به - انتهى. قلت: إسناد الحديث ضعيف جدًا. سعيد بن بشير قال الحافظ في التقريب فيه: إنه مجهول، وقال في تهذيبه: روى له أبو داود حديثًا واحدًا يعني حديث الباب وذكره البخاري في الضعفاء. وقال: لا يصح حديثه، وسعيد شبه المجهول. وقال العقيلي: مجهول ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني قال فيه في التقريب: ضعيف واتهمه ابن عدي، وابن حبان، وقال في تهذيبه: قال ابن معين:
2418-
(15) وعَنْ أَبِي عَيَّاشٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كَانَ لَهُ عِدْلَ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ
ــ
ليس بشيء. وقال البخاري، وأبو حاتم، والنسائي، والساجي: منكر الحديث. وقال البخاري في تاريخه الكبير (1، 1، 163) : كان الحميدي يتكلم فيه لضعفه، وقال ابن حبان حدث عن أبيه بنسخة شبيهًا بمأتى حديث كلها موضوعة لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره إلا على وجه التعجب. وقال ابن عدي: كل ما يرويه به ابن البيلماني فالبلاء فيه منه - انتهى. وأبوه عبد الرحمن البيلماني قال: عنه في التقريب: ضعيف. وقال في تهذيبه ذكره ابن حبان في الثقات. وقال: لا يحب أن يعتبر بشيء من حديثه إذا كان من رواية ابنه محمد لأن ابنه يضع على أبيه العجائب. وقال الدارقطني: ضعيف لا تقوم به الحجة. وقال الأزدي: منكر الحديث يروي عن ابن عمر بواطيل. وقال صالح جزرة: حديثه منكر ولا يعرف أنه سمع من أحد من الصحابة إلا من سُرَّق. قلت: فعلى هذا يكون حديثه هذا مرسلاً.
2418-
قوله: (وعن أبي عياش) بتشديد التحتانية وآخره معجمة. وقيل: ابن أبي عياش، وقيل: ابن عائش. قال الحافظ في التقريب: والصواب الأول. وقال في تهذيبه: أبو عياش الزرقي. وقيل: ابن أبي عياش. وقيل: ابن عائش. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ((من قال إذا أصبح لا إله إلا الله)) الحديث. قاله سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة. قلت: قد وقع في بعض طرقه أي: عند النسائي، وابن ماجة عن أبي عياش الزرقي. فقيل: هو أبو عياش الزرقي الأنصاري الصحابي الراوي لحديث صلاة الخوف بعسفان وقد اختلف في اسمه فقيل: هو زيد بن الصامت، وقيل ابن النعمان، وقيل: اسمه عبيد بن معاوية، وقيل: عبد الرحمن بن معاوية بن الصامت شهد أحدًا وما بعدها ومات بعد الأربعين في خلافة معاوية. قال الحافظ في الإصابة: وعلى ذلك درى أبو أحمد الحاكم والذي يظهر أنه غيره. قلت: وقد جزم بالأول المصنف في الإكمال وإليه يظهر ميل الإمام أحمد حيث ذكر هذا الحديث في مسند أبي عياش الزرقي الراوي لحديث صلاة الخوف بعسفان. وقال الحافظ في تهذيبه: فإن كان (أي: الذي وقع في رواية النسائي، وابن ماجة) محفوظًا فهو الذي قبله وقد نص أبو أحمد للحاكم أن هذا الحديث من رواية أبي عياش الزرقي، ووقع في الكنى لأبي بشر الدولابي: أبو عياش الزرقي روى عنه زيد بن أسلم حديث ((من قال إذا أصبح)) (من قال) شرطية (إذا أصبح) ظرفية (له الملك وله الحمد) أي: على وجه الاختصاص حقيقة وإن وجدا في الجملة لغيره صورة زاد بعده في رواية ابن السني ((يحيي ويميت وهو حي لا يموت)) (كان) جواب الشرط (له) أي: لمن قال: ذلك المقال (عدل رقبة) أي: مثل إعتاقها وهو بفتح العين وكسرها روايتان بمعنى المثل، وقيل: بالفتح المثل من غير الجنس وبالكسر من الجنس وعلى هذا فالفتح ها هنا أظهر وقيل: بالعكس (من ولد إسماعيل) صفة ((رقبة)) وهو بفتح الواو واللام وبضم فسكون
وَكُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَحُطَّ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ وَكَانَ فِي حِرْزٍ مِنْ الشَّيْطَانِ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِنْ قَالَهَا إِذَا أَمْسَى كَانَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ. فَرَأَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرَى النَّائِمُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا عَيَّاشٍ يُحَدِّثُ عَنْكَ بِكَذَا وَكَذَا قَالَ: صَدَقَ أَبُو عَيَّاشٍ. رواه أَبُو دَاوُد وابن ماجة.
2419-
(16) وعَنْ الْحَارِثِ بْنِ مُسْلِمٍ التَّمِيمِيِّ عن أبيه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
أي: أولاده والتخصيص لأنهم أشرف من سبي (وكتب) أي: أثبت مع هذا (وحط) أي: وضع ومحى (ورفع له عشر درجات) أي: من درجات الجنان (وكان في حرز) بكسر المهملة أي: حفظ وصون (كان له مثل ذلك) أي: ما ذكر من الجزاء (فرأى رجل) وفي نسخة القاري ((قال حماد بن سلمة فرأى رجل)) وقد ذكر أبو داود هذه الزيادة بقوله: ((قال في حديث حماد)) وهو راوي هذا الحديث عن سهيل بن أبي صالح وهو حماد بن سلمة بفتح اللام ابن دينار البصري أبو سلمة، ثقة عابد أثبت الناس في ثابت وتغير حفظه بآخره مات سنة (167) قال المصنف: هو من أعلام البصريين وأئمتهم كثير الحديث واسع الرواية مشهور بالسنة والعبادة، مات سنة سبع وستين ومائة. وأطال الحافظ في ترجمته في تهذيب التهذيب فراجعه إن شئت (رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم) أي: في المنام، وفي رواية ابن السني ((فكأن رجلاً اتهمه فقال: أكثر أبو عياش على نفسه فنام الرجل فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام)) (فقال) أي: الرجل في المنام (يحدث عنك بكذا وكذا) ، ولأحمد، وابن ماجة ((يروي عنك كذا وكذا)) (قال) صلى الله عليه وسلم (صدق أبو عياش) وفي ابن السني (قال الرجل فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قال: صدق أبو عياش، صدق أبو عياش، صدق أبو عياش)) وقوله:((فرأى الرجل)) إلخ، ذكر استظهارًا وتأييدًا للرواية وطمأنينة للقلب لا استدلالاً على صحتها وثبوتها للإجماع على أن الرؤيا لا تثبت بها الأحكام ولا الحديث لأن النائم لا يضبط فربما نقل خلاف ما سمع أو كلامه يحتاج إلى تأويل وتعبير ويقع الخلاف في التفسير ولأنها إن وافقت ما استقر في الشرع فالعبرة به وإلا فلا عبرة بها لأنها إذا خالفته لم يجز نسخه بها (رواه أبو داود) في الأدب، (وابن ماجة) في الدعاء، وأخرجه أيضًا أحمد (ج4: ص60) ، والنسائي في عمل اليوم والليلة، وابن أبي شيبة، وابن السني (ص22، 23) .
2419-
قوله: (وعن الحارث بن مسلم التميمي) تابعي قاله البخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم وغير واحد، قال البغوي سكن الشام (عن أبيه) أي: مسلم بن الحارث التميمي صحابي صرح بكونه صحابيًا البخاري، وأبو حاتم، وأبو زرعة وغيرهم. وقال في التقريب: مسلم بن الحارث، ويقال: الحارث بن مسلم التميمي صحابي قليل الحديث. قلت: قوله: ((عن الحارث بن
أَنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقُلْ قبل أن تكلم أحدًا: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي
ــ
مسلم عن أبيه)) كذا عند أبي داود، ووقع عند النسائي، وابن حبان ((عن مسلم بن الحارث بن مسلم عن أبيه)) والصواب ما وقع في أبي داود. قال الخزرجي في الخلاصة (ص69) : الحارث بن مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا عند النسائي، والصواب ما عند أبي داود ((عن الحارث بن مسلم عن أبيه)) أي: عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو حاتم، وأبو زرعة الرازي: الحارث بن مسلم تابعي - انتهى. ونحوه قال المنذري في الترغيب (ج1: ص140) وقال أبو زرعة الرازي كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (1/2/88) : الصحيح الحارث بن مسلم بن الحارث عن أبيه. قال الحافظ في تهذيب التهذيب: مسلم بن الحارث ورمز عليه لأبي داود، ويقال: الحارث بن مسلم التميمي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء عند الانصراف من صلاة المغرب. روى حديثه عبد الرحمن بن حسان الفلسطيني اختلف عليه فيه....... قلت (قائله الحافظ) : وصحح البخاري، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان، والترمذي، وابن قانع وغير واحد أن مسلم بن الحارث هو: صحابي روى هذا الحديث. وأخرج ابن حبان الحديث في صحيحه من مسند الحارث بن مسلم، والذي يرجح ما قاله البخاري أن صدقة ابن خالد ومحمد بن شعيب بن شابور رويا عن عبد الرحمن بن حسان الذي مدار الحديث عليه فقالا: عن الحارث بن مسلم بن الحارث عن أبيه، ورواه وليد بن مسلم فاختلف عليه. فقال داود بن رشيد، وهشام بن عمار، وعمرو بن عثمان الحمصي، وعلي بن سهل الرملي، ومؤمل بن الفضل الحراني عنه عن عبد الرحمن عن مسلم بن الحارث بن مسلم عن أبيه. وقال محمد بن مصفى وعبد الوهاب بن نجدة، ومحمد بن الصلت عن الوليد بقول صدقة بن خالد، ومحصل ذلك الاختلاف في الصحابي هل هو الحارث بن مسلم أو مسلم بن الحارث وفي التابعي كذلك ولم أجد في التابعين توثيقًا إلا ما اقتضاه صنيع ابن حبان حيث أخرج الحديث في صحيحه، وقد جزم الدارقطني بأنه مجهول، والحديث الذي رواه أصله تفرد به ما رأيته إلا من روايته، وتصحيح مثل هذا في غاية البعد لكن ابن حبان على عادته في توثيق من لم يرو عنه واحد إذا لم يكن فيما رواه ما ينكر - انتهى. وقال في الإصابة: وصحح البخاري، والترمذي وغير واحد: أن اسم الصحابي مسلم واسم التابعي ولده الحارث، والاختلاف فيه على الوليد بن مسلم فقال جماعة: عنه عن عبد الرحمن بن حسان عن الحارث بن مسلم عن أبيه. وقال هشام بن عمار وغيره عنه عن عبد الرحمن عن مسلم بن الحارث. والراجح الأول لأن محمد بن شعيب بن شابور رواه عن عبد الرحمن كذلك. وكذا قال: صدقة بن خالد عن عبد الرحمن في حديث آخر، وأخرجه البخاري في التاريخ (4/1/253) عن الحكم بن موسى عن صدقة ولفظه عن الحارث بن مسلم التميمي عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب له كتابًا بالوصاة إلى من يعرفه من ولاة الأمر، قال الدارقطني: مات في خلافة عثمان – انتهى. (أنه أسر) من الإسرار (إليه) إلى مسلم بن الحارث، والمعنى تكلم النبي صلى الله عليه وسلم معه سرًا وخفية. قال الطيبي: في الإسرار ترغيبه فيه حتى يتلقاه ويتمكن في قلبه تمكن السر المكنون لا الضنة. أي: البخل به من غيره (إذا انصرفت) أي: فرغت (اللهم أجرني
مِنْ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ ثُمَّ مِتَّ فِي لَيْلَتِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا، وَإِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ كَذَلِكَ فَإِنَّكَ إِذا مِتَّ فِي يَوْمِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا. رواه أبو داود.
2420-
(17) وعن ابْنَ عُمَرَ قال: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَعُ هَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ
ــ
من النار) ، أي خلصني منها، أمر من الإجارة من باب الأفعال من الجور. معناه: أمِنّي وأعذني وأنقذني وخلصني من النار، أجاره الله من العذاب أنقذه (سبع مرات) ظرف لقل، أي كرر ذلك سبع مرات (فإنك إذا قلت ذلك) ، أي الدعاء المذكور سبعًا، (ثم مت) بضم الميم وكسرها، (كتب لك جوار) ، أي أمان وخلاص، بكسر الجيم وإهمال الراء كذا وقع في أكثر نسخ المشكاة، وهكذا في التاريخ الكبير للبخاري، وجامع الأصول والأذكار، والجامع الصغير، والترغيب ووقع في بعض نسخ المشكاة، ((جواز)) بفتح الجيم وإعجام الزاي، وهكذا وقع في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان (583) وكذا وقع في بعض نسخ أبي داود، قال القاري: أي خلاص، والجواز في الأصل البراءة التي تكون مع الرجل في الطريق حتى لا يمنعه أحد من المرور، وحينئذ فلا يدفعه إلا تحلة القسم - انتهى. (وإذا صليت الصبح) ، أي وانصرفت (فقل) ، أي هذا الذكر سبعًا (كذلك)، أي قبل أن تكلم أحدًا. قال المناوي: في فيض القدير (ج1: ص393) تنبيه قال ابن حجر: يؤخذ من مجموع الأدلة أن الصلاة إما أن تكون مما يتطوع بعدها أو لا؟ فالأول اختلف فيه هل يتشاغل قبل التطوع بالذكر المأثور كالمذكور في هذا الخير ثم يتطوع أو عكسه؟ ذهب الجمهور إلى الأول، والحنفية إلى الثاني، ويترجح تقديم الذكر المأثور لتقييده في الأخبار الصحيحة بدبر الصلاة، وزعم بعض الحنابلة أن المراد بدبرها ما قبل السلام ورد بعدة أخبار، وأما التي لا يتطوع بعدها فيتشاغل الإمام ومن معه بالذكر المأثور ولا يتعين له مكان، بل إن شاؤا انصرفوا أو مكثوا وذكروا، وعلى الثاني إن كان للإمام عادة أن يعظهم فليقبل عليهم جميعًا وإن كان لا يزيد على الذكر المأثور فهل يقبل عليهم أو ينفتل فيجعل يمينه من قبل المأمومين ويساره من قبل القبلة ويدعو؟ الثاني هو ما عليه أكثر الشافعية - انتهى. (رواه أبو داود) ، أي في الأدب، وأخرجه أيضًا أحمد () ، والبخاري في تاريخه (1/4/253) ، والنسائي في الكبرى، وابن حبان في صحيحه، والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري وقد عرفت ما في سنده من الكلام.
2420-
قوله (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع) ، أي يترك (هؤلاء الكلمات) ، وعند أحمد، وابن ماجة ((هؤلاء الدعوات)) (حين يمسي وحين يصبح) ، الظاهر أن كان ناقصة وجملة يدع خبر لها، أي لم يكن تاركًا لهن في هذين الوقتين بل
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي. يعني الخسف. رواه أبو داود.
ــ
يداوم عليها فيهما (اللهم إني أسالك العافية)، أي السلامة من الآفات الدينية والشدائد الدنيوية. وقيل: السلامة من الأسقام والبلايا. وقيل: عدم الابتلاء بها والصبر عليها والرضا بقضائها، وهي مصدر أو اسم من عافى. قال في القاموس: والعافية دفاع الله عن العبد وعافاه الله تعالى من المكروه عفاء ومعافاة وعافية: وهب له العافية من العلل والبلاء كأعفاه (اللهم إني أسالك العفو) ، أي محو الذنوب والتجاوز عنها، (والعافية) ، أي السلامة من العيوب (في ديني ودنياي) ، أي في أمورهما (اللهم استر) بضم التاء الفوقية (عوراتي) ، أي عيوبي وهي بسكون الواو وجمع عورة وهي سوءة الإنسان وكل ما يستحيي منه إذا ظهر ويسوء صاحبه أن يرى ذلك منه (وآمن روعاتي) بفتح الراء وسكون الواو جمع روعة وهي الفزعة، وآمن أمر من الإيمان بمعنى إزالة الخوف وإعطاء الأمن، ومنه قوله تعالى {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} (106: 4) وحاصل المعنى: اجعل خوفي أمنًا وأبدله به، وقال السندي معنى ((آمن روعاتي)) ، أي ادفع عني خوفًا يقلقني ويزعجني وكأن التقدير وآمني من روعاتي على قياس {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} (اللهم احفظني) ، أي ادفع البلاء عني، (من بين يدي) ، أي أمامي (ومن خلفي) إلخ، يعني من الجهات الست لأن كل بلية تصل الإنسان إنما تصله من إحداهن، وبالغ في جهة السفل لرداءة الآفة منها (وأعوذ بعظمتك أن أن أغتال) بصيغة المجهول من المتكلم، أي أؤخذ بغتة وأهلك غفلة (من تحتي) ، أي أهلك بالخسف، والأصل في الاغتيال أن يؤتي المرأ من حيث لا يشعر وأن يدهى بمكروه لم يرتقبه. قال في القاموس: غاله أهلكه كاغتاله وأخذه من حيث لم يدر (يعني الخسف)، أي يريد النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتيال من الجهة التحتانية الخسف. في القاموس: خسف الله بفلان الأرض غيبه فيها، وهذا تفسير من راوي الحديث وكيع بن الجراح كما في أبي داود، وابن ماجة أو جبير كما في ابن السني، قال الطيبي: استوعب الجهات الست كلها لأن ما يلحق الإنسان من نكبة وفتنة فإنما يجيء به ويصل إليه من إحدى هذه الجهات وبالغ في جهة السفل حيث قال: ((وأعوذ بك أن أغتال من تحتي)) لرداء آفتها - انتهى. ولا يخفى حسن موقع قوله: بعظمتك. وقوله: يعني الخسف كذا في جميع النسخ وهكذا وقع عند الحاكم. وفي المسند قال: يعني الخسف، وفي أبي داود، وابن ماجة، وابن حبان ((قال وكيع (راوي الحديث) يعني الخسف)) ، وفي ابن السني قال جبير:(أي ابن أبي سليمان بن جبير بن مطعم رواي الحديث عن ابن عمر) : وهو الخسف. قال عبادة (شيخ وكيع وتلميذ جبير) : لا أدري هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قول جبير يعني هل فسره من قبل نفسه أورواه؟ قال الحافظ: وكأن وكيعًا لم يحفظ هذا التفسير فقال من نفسه - انتهى. (رواه أبو داود) في الأدب وأخرجه أيضًا أحمد (ج2: ص26) ، والنسائي في الكبرى مطولاً وفي
2421-
(18) عَنْ أَنَسِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ اللَّهُمَّ أَصْبَحْنا نُشْهِدُكَ وَنُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلَائِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ إِلا غفرَ اللهُ له مَا أَصَابَه فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ مِنْ ذَنْبٍ وَإِنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي غفرَ الله لَهُ مَا أَصَابَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مِنْ ذَنْبٍ. رواه الترمذي وأبوداود وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ــ
الصغرى مختصرًا، وابن ماجة في الدعاء، والبخاري في الأدب المفرد في موضعين، وابن حبان في صحيحه، والحاكم (ج1: ص517) ، وابن أبي شيبة، وابن السني (ص14)، وقد سكت عنه أبو داود والمنذري. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وقال النووي: رويناه بالأسانيد الصحيحة.
2421-
قوله (نشهدك) من الإشهاد، أي نجعلك شاهدًا على إقرارنا بوحدانيتك في الألوهية والربوبية وهو إقرار للشهادة وتأكيد لها وتجديد لها في كل صباح ومساء وعرض من أنفسهم أنهم ليسوا عنها غافلين، وقوله:((أصبحنا ونشهد)) بصيغة الجمع للترمذي، وفي أبي داود ((اللهم إني أصبحت وأشهدك حملة عرشك)) ، (وملائكتك) بالنصب عطف على ما قبله تعميمًا بعد تخصيص (وجميع خلقك) ، أي مخلوقاتك تعميم آخر (أنك) ، بفتح الهمزة، أي على شهادتنا واعترافنا بأنك (أنت الله هذا لفظ أبي داود، وفي الترمذي بأنك الله (إلا غفر الله له)، قال القاري: استثناء مفرغ مما هو جواب محذوف للشرط المذكور، أي الذي قال فيه ذلك الذكر تقديره: ما قال قائل هذا الدعاء إلا غفر له، أو يقدر نفي، أي من قال ذلك لم يحصل له شيء من الأحوال إلا هذه الحالة العظيمة من المغفرة الجسيمة فعلى هذا ((من)) في ((من قال)) بمعنى ما النافية، ويمكن أن تكون ((إلا)) زائدة - انتهى. قال الشيخ: كون إلا ههنا زائدة هو الظاهر وقد صرح صاحب القاموس بأنها قد تكون زائدة (ما أصابه في يومه ذلك من ذنب) زيادة ((من ذنب)) لأبي داود فقط (وإن قالها) أي هذه الكلمات (حين يمسي غفر الله له ما أصابه في تلك الليلة من ذنب) ، أي أي ذنب كان واستثنى الكبائر، وكذا ما يتعلق بحقوق العباد والإطلاق للترغيب مع أن الله يغفر ما دون الشرك لمن يشاء. (رواه الترمذي) في الدعوات، (وأبو داود) في الأدب واللفظ للترمذي، وأخرجه أيضًا النسائي في عمل اليوم والليلة، والطبراني في الأوسط كلهم من رواية بقية بن الوليد عن مسلم بن زياد الشامي عن أنس. وبقية مدلس ورواه عندهم بالعنعنة، نعم صرح بالتحديث عند ابن السني (ص25) ، في رواية المتن الآتي. واعلم أن حديث أنس هذا ليس في رواية اللؤلؤي، ولذلك لم يذكره المنذري في مختصر السنن، قال الحافظ المزي في الأطراف (ج1: ص406) : وحديث أبي داود في رواية أبي بكر بن داسة عنه ولم يذكره أبو القاسم انتهى. وروى أبو داود، وابن السني (ص234) من طريق مكحول عن أنس مرفوعًا ((من قال حين يصبح أو يمسي: اللهم إني أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمدًا عبدك
2422-
(19) وعن ثوبان قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَقُولُ إذا أمسى وإذا أصبح ثَلاثًا: رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه أحمد
ــ
ورسولك أعتق الله ربعه من النار، فمن قالها مرتين أعتق الله نصفه، ومن قالها ثلاثًا أعتق الله ثلاثة أرباعه، فإن قالها أربعًا أعتقه الله من النار)) ، وقد سكت عنه أبو داود. قال النووي: روينا في سنن أبي داود بإسناد جيد لم يضعفه. وقال المنذري في مختصر السنن: في إسناده عبد الرحمن بن عبد الحميد أبو رجاء المهري مولاهم المصري المكفوف. قال ابن يونس: كان يحدث حفظًا وكان أعمى وأحاديثه مضطربة - انتهى. وقال في حاشية شرح السنة (ج5: ص111) : قد حسن هذا الحديث الحافظ ابن حجر في أمالي الأذكار كما نقله عنه ابن علان في الفتوحات الربانية (ج3: ص105، 106) .
2422-
قوله (ما من عبد مسلم يقول إذا أمسى وإذا أصبح ثلاثًا) لفظ أحمد من رواية أبي سلام ممطور الحبشي التابعي عن رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ((ما من عبد مسلم يقول حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات)) إلخ، ولفظ الترمذي من رواية أبي سلمة عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم من قال حين يمسي رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا، كان حقًا على الله أن يرضيه. (رضيت بالله)، أي بقضائه. وقال القاري: هو يشمل الرضا بالأحكام الشرعية والقضايا الكونية (وبالإسلام) ، أي بأحكامه (دينًا) فيه التبرؤ عن جميع ما سوى الإسلام من الأديان (وبمحمد) ، أي بمتابعته (نبيًا) ، وفي حديث أبي سلام عن خادم النبي صلى الله عليه وسلم ((وبمحمد رسولاً)) ، قال النووي في الأذكار بعد ذكر الروايتين: فيستحب أن يجمع الإنسان بينهما فيقول نبيًا رسولاً ولو اقتصر على أحدهما كان عاملاً بالحديث. قيل: ويصح أن يقول ((نبيًا ورسولاً)) بواو العطف لأن المراد إثبات الوصفين له صلى الله عليه وسلم عملاً بقضية الخبرين، والمنصوبات تمييزات، ويمكن أن تكون حالات مؤكدات (إلا كان حقًا على الله) ، أي يمضي وعده، وقيل: أي واجبًا على الله وجوب تفضل وتكرم ورحمة وهو الذي أوجب ذلك على نفسه حيث قال {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} (6: 54) والمعنى أن الله عز وجل يحقق لهذا العبد ما وعده وهو إعطاءه من واسع فضله، وقوله حقًا خبر كان (أن يرضيه) من الإرضاء، أي يعطيه ثوابًا جزيلاً حتى يرضى. وهو اسم كان والجملة خبر ما والاستثناء مفرغ (يوم القيامة) ، هذا عند أحمد فقط (رواه أحمد) لم أجد الحديث عند أحمد في مسند ثوبان، نعم رواه أحمد (ج4: ص337، وج5: ص367) ، من رواية أبي عقيل عن سابق بن ناجية عن أبي سلام قال: مر رجل في مسجد حمص فقالوا: هذا خدم النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فقمت إليه فقلت: حدثني حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتداوله بينك وبينه الرجال. قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد إلخ. وهكذا رواه أبو داود في الأدب، والنسائي في الكبرى، وابن ماجة في الدعاء والحاكم، (ج1: ص518) وابن أبي شيبة
والترمذي.
2423-
(20) عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَجْمَعُ أَوْ تَبْعَثُ عِبَادَكَ. رواه الترمذي.
2424-
(21) ورواه أحمد عن البراء.
ــ
والطبراني، وابن السني (ص24) ، وابن سعد والروياني، والبغوي وغيرهم، وقد سكت عنه أبو داود، والمنذري وجود النووي سنده وقال الهيثمي (ج10: ص116) : رجال أحمد والطبراني ثقات. وقال البوصيري: إسناده صحيح رجاله ثقات. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي. قيل: والخادم المبهم عند هؤلاء المخرجين هو ثوبان. والله أعلم. (والترمذي) في الدعوات من طريق سعيد بن المرزبان البقال عن أبي سلمة عن ثوبان. وسعيد بن المرزبان ضعيف مدلس باتفاق الحفاظ، وقد قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. والظاهر أنه حسنه لشواهده. منها حديث أبي سلام عن خادم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم أن سنده جيد، ومنها حديث أبي سعيد عند ابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، ومنها حديث المنيذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه الطبراني وابن مندة كما في مجمع الزوائد (ج10: ص116) ، وفي الإصابة (ج4: ص192) ، وفي إسناده رشدين وهو ضعيف وقع بعض نسخ المشكاة بعد الترمذي، ((وأبو داود)) وهو خطأ من الناسخ.
2423-
قوله (وضع يده) ، أي اليمنى كما في رواية أحمد (تحت رأسه) ، وفي رواية ((تحت خده)) وهو محمول على اختلاف الأوقات فكان تارة كذا، وتارة كذا. أو على أن بعض اليد تحت خده وبعضها تحت رأسه فعبر عن بعض ما تبين له أو يكون ذلك لقرب كل واحد منهما من الآخر (اللهم قني) بكسر القاف أمر من وقي يقي، أي احفظني (يوم تجمع أو تبعث عبادك)، أي يوم القيامة وأو للشك من الراوي يشك هل قال: تجمع أو تبعث. وقد ورد في حديث ابن مسعود عند أحمد تجمع بغير شك وسيأتي في حديث حفصة ((تبعث)) بغير شك، فأي اللفظين قال جاز له ذلك. ولما كان النوم في حكم الموت والاستيقاظ كالبعث دعا بهذا الدعاء متذكرًا لتلك الحالة ويستحب أن يقول ذلك ثلاث مرات كما سيأتي في حديث حفصة (رواه الترمذي) في الدعوات، أي عن حذيفة وقال: حديث حسن صحيح. قلت: وصححه أيضًا الحافظ وحديث حذيفة هذا رواه أيضًا الحميدي في مسنده (ج1: ص210، 211) ، وأحمد (ج5 ص382) ونسبه الشوكاني في تحفة الذاكرين (ص88) للترمذي والبزار.
2424-
قوله (ورواه أحمد عن البراء)(ج4: ص281، 290، 298، 300، 301، 303) ، وأخرجه أيضًا الترمذي في السنن وفي الشمائل والبغوي في شرح السنة، (ج5: ص97) ، والنسائي في اليوم والليلة، وابن حبان في صحيحه وسنده
2425-
(22) وعَنْ حَفْصَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ. ثَلَاثَ مِرات. رواه أبو داود.
2426-
(23) وعن عَلِيٍّ أَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَضْجَعِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّات مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَغْرَمَ وَالْمَأْثَمَ اللَّهُمَّ لا يُهْزَمُ جُنْدُكَ
ــ
صحيح كما قال الحافظ: وصنيع المصنف يدل على أن حديث حذيفة ليس عند أحمد، وحديث البراء لم يروه الترمذي والأمر ليس كذلك كما عرفت.
2425-
قوله (وعن حفصة) أم المؤمنين رضي الله عنها (كان إذا أراد أن يرقد) ، أي ينام (قني عذابك يوم تبعث عبادك) فيه أنه ينبغي للعاقل أن يجعل النوم وسيلة لذكر الموت والبعث الذي بعده (ثلاث مرات)، في بعض النسخ مرار (رواه أبو داود) في الأدب وسكت عنه هو والمنذري وقال: وأخرجه النسائي أيضًا مختصرًا في وضع الكف خاصة. قلت: وأخرجه أيضًا أحمد (ج6: ص287، 288) ، وابن السني (ص231، 232) مختصرًا ومطولاً وعزاه في الحصن للبزار، وابن أبي شيبة أيضًا، وفي الباب عن ابن مسعود أخرجه أحمد (ج1: ص395، 401، 415، 444) ، وابن ماجة، ورجال إسناده ثقات إلا أنه منقطع أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه شيئًا.
2426-
قوله (كان يقول عند مضجعه) اسم مكان أي عند اضطجاعه في مضجعه أو اسم زمان أو مصدر (إني أعوذ بوجهك)، أي بذاتك والوجه يعبر به عن الذات كما في قوله تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (28: 88)(وكلماتك التامات) وفي بعض النسخ من سنن أبي داود ((التامة)) ، أي بالإفراد، أي الكاملات في إفادة ما ينبغي وهي أسماءه وصفاته أو آياته القرآنية (من شر ما أنت آخذ بناصيته)، أي هو في قبضتك وتصرفك كقوله تعالى:{مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلَاّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} (11: 56) ، وهي عبارة عن القدرة أي من شر جميع الأشياء لأنه على كل شيء قدير. (أنت تكشف) ، أي تزيل وتدفع (المغرم) مصدر وضع موضع الاسم والمراد مغرم الذنوب والمعاصي، وقيل المغرم كالغرم الدين. والمراد به ما استدين فيما يكرهه الله أو فيما يجوز ثم يعجز عن أداءه، فأما دين احتاج إليه وهو قادر على أداءه فلا يستعاذ منه ذكره الجزري في النهاية، وقال التوربشتي: الغرم والمغرم ما ينوب الإنسان في ماله من ضرر بغير جناية منه وكذلك ما يلزمه أداءه، ومنه الغرامة والغريم الذي عليه الدين والأصل فيه الغرام وهو الشر الدائم والعذاب والمراد من المغرم ما يلزم به الإنسان من غرامة أو يصاب به في ماله من خسارة وما يلزمه كالدين وما يلحق به من المظالم (والمأثم) ، أي ما يأثم به الإنسان أو هو الإثم نفسه وضعًا للمصدر موضع الاسم (لا يهزم) بصيغة المجهول، أي لا يغلب ولو في عاقبة الأمر
وَلا يُخْلَفُ وَعْدُكَ وَلا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ. رواه أبو داود.
2427-
(24) وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ أو عَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ
ــ
(ولا يخلف وعدك) ، بصيغة المجهول من الإخلاف ورفع وعدك، وفي بعض النسخ بلفظ المخاطب المعلوم فوعدك منصوب، (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) ، الجد بفتح الجيم وفسر بالغني وعليه الأكثرون، أي لا ينفع ذا الغني غناه منك، أي بدل طاعتك وإنما ينفعه العمل الصالح، وقيل: الجد هو البخت والحظ والعظمة، أي لا ينفعه ولا ينجيه حظه بالمال والولد والعظمة إنما ينفعه وينجيه منك فضلك ورحمتك. قال الجزري الجد البخت، وقيل: الغني، أي لا ينفع المبخوت والمسعود حظه وغناه اللذان هما منك، إنما ينفعه العمل والطاعة والإخلاص - انتهى. وقيل منك معناه عندك. وقيل الجد أبو الأب والأم، أي لا ينفع أحدًا مجرد نسبه، وقيل الجد بكسر الجيم بمعنى الجد والاجتهاد في الدنيا، والمعنى أن صاحب الجد على حيازة الدنيا الحريص عليها لا ينفعه ذلك وإنما ينفعه عمل الآخرة (سبحانك وبحمدك) ، أي أجمع بين تننزيهك وتحميدك (رواه أبو داود) في الأدب وأخرجه أيضًا النسائي، وابن أبي شيبة وسكت عنه أبو داود وصححه النووي.
2427-
قوله (أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم) ، يجوز فيهما النصب صفة لله بعد صفة أو مدحًا بعد مدح، والرفع بدلاً من الضمير أو على أنه خبر مبتدأ محذوف (وأتوب إليه)، أي أطلب المغفرة وأريد التوبة فكأنه قال: اللهم اغفر لي ووفقني للتوبة (ثلاث مرات) ظرف قال (غفر الله له ذنوبه) ، أي المتعلقة بحق الله أو الذنوب مطلقًا إن قصد بذلك التوبة وعدم العود وعجز عن إرضاء أصحاب الحقوق فلا يبعد أن الله تعالى يقبل توبته ويرضي خصومه من عنده وفضل الله واسع (وإن كانت) ، أي ولو كانت ذنوبه في الكثرة (مثل زبد البحر)، الزبد محركة ما يعلو الماء وغيره من الرغوة (أو) للتنويع (عدد رمل عالج) بفتح اللام وكسرها. قال في مرآة الزمان: عالج موضع بالشام رمله كثير، وقال الطيبي: موضع بالبادية فيه رمل كثير، وفي النهاية: العالج ما تراكم من الرمل ودخل بعضه على بعض وجمعه عوالج. فعلى هذا لا يضاف الرمل إلى عالج لأنه صفة له، أي رمل يتراكم، وفي التحرير عالج موضع مخصوص فيضاف، قال ميرك: الرواية بالإضافة فعلى قول صاحب النهاية وجهه أن يقال: إنه من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة أو الإضافة بيانية وعدد منصوب عطفًا على مثل ويجوز جره عطفًا على الزبد وكذا قوله أو عدد ورق الشجر أو عدد أيام الدنيا. كذا في المرقاة. قلت: لفظ الترمذي ((وإن كانت عدد ورق الشجر وإن كانت عدد رمل عالج وإن كانت عدد أيام الدنيا، وهذا يعين أن العدد في لفظ المشكاة منصوب عطفًا على مثل، والمصنف تبع البغوي في نقل لفظ الحديث، وفي
أو عَدَدَ وَرَقِ الشَّجَرِ أو عَدَدَ أَيَّامِ الدُّنْيَا. رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب.
2428-
(25) وعن شَدَّاد بْنَ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَأْخُذُ مَضْجَعَهُ بقرأة سُورَة مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلا وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مَلَكًا فَلا يَقْرَبُهُ شَيْءٌ يُؤْذِيهِ حَتَّى يَهُبَّ مَتَى هَبَّ. رواه الترمذي.
2429-
(26) وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خَلَّتَانِ
ــ
الحديث فضيلة عظيمة ومنقبة جليلة في مغفرة ذنوب القائل بهذا الذكر ثلاث مرات وإن كانت بالغة إلى هذا الحد الذي لا يحيط به عدد وفضل الله واسع وعطاؤه جم (رواه الترمذي) في الدعاء من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد، وعبيد الله بن الوليد هذا ضعيف متروك وعطية بن سعد العوفي قال في التقريب عنه: صدوق يخطئ كثيرًا وكان شيعيًا مدلسًا (وقال هذا حديث غريب) وفي نسخ الترمذي الموجودة عندنا ((هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن الوليد الوصافي)) وهكذا نقل المنذري في الترغيب وقال بعد ذكره: عبيد الله هذا واه ولكن تابعه عليه عصام بن قدامة وهو ثقة خرجه البخاري في تاريخه من طريقه بنحوه وعطية هذا هو العوفي، قال أحمد وغيره ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه ووثقه ابن معين وغيره، وحسن له الترمذي غير ما حديث وأخرج حديثه ابن خزيمة في صحيحه، وقال في القلب من عطية شيء.
2428-
قوله (ما من مسلم يأخذ مضجعه بقراءة سورة)، أي مفتتحًا بقراءة سورة وقيل: أي متلبسًا بقراءتها، وقوله ((بقراءة)) كذا في كثير من نسخ المشكاة، وهكذا وقع في المصابيح ووقع في بعض نسخ المشكاة ((يقرأ)) بلفظ المضارع وهكذا وقع في الترمذي وذكره في جامع الأصول بلفظ ((فيقرأ)) ، أي بزيادة الفاء على صيغة المضارع. وهكذا وقع عند أحمد، وابن السني (من كتاب الله) ، أي القرآن المجيد (إلا وكل الله به ملكًا) ، أي أمره بأن يحرسه من المضار وهو استثناء مفرغ (فلا يقربه) بفتح الراء (شيء يؤذيه) ، وفي رواية أحمد ((إلا بعث الله عز وجل إليه ملكًا يحفظه من كل شيء يؤذيه)) ولابن السني، ((إلا وكل الله عز وجل به ملكًا لا يدع شيئًا يقربه ويؤذيه)) (حتى يهب) بضم الهاء وتشديد الباء من باب نصر (متى هب)، أي يستيقظ متى استيقظ بعد طول الزمان أو قربه من النوم (رواه الترمذي) في الدعوات وأخرجه أيضًا أحمد (ج4: ص125) ، وابن السني (ص238) كلهم من رواية أبي العلاء بن الشخير عن رجل من بني حنظلة عن شداد بن أوس، قال الترمذي: هذا حديث غريب. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (ج10: ص120)، وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح وحسنه السيوطي كما قال الشوكاني: في تحفة الذاكرين (ص87) ورد عليهما بأن في إسناده مجهولاً وهو الحنظلي وأيضًا قد ضعف النووي في الأذكار إسناده.
2429-
قوله (خلتان) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام، أي خصلتان كما صرح بذلك في بعض روايات
لا يُحْصِيهِمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلا دَخَلَ الْجَنَّةَ أَلا وَهُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ يُسَبِّحُ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا وَيَحْمَدُهُ عَشْرًا وَيُكَبِّرُهُ عَشْرًا قَالَ: فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْقِدُهَا بِيَدِهِ. قَالَ: فَتِلْكَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ وَإِذَا أَخَذ مَضْجَعَه يسَبِّحُهُ وَيكَبِّرُهُ وَيحْمَدُهُ مِائَةً فَتِلْكَ مِائَةٌ بِاللِّسَانِ وَأَلْفٌ فِي الْمِيزَانِ فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةِ سَيِّئَةٍ؟
ــ
الحديث (لا يحصيهما رجل مسلم)، أي لا يحافظ عليهما كما في رواية أحمد (ج2: ص206) ، والحميدي (ج1: ص265) ، وأبي داود، يعني لا يواظب عليهما. قيل: والأظهر أنه ليس المراد إجراء هذه الألفاظ على اللسان فقط بل التذكر والتيقظ في فهم معانيها وإن لم يحرم من البركة من يذكرها وقلبه لاه عنها (إلا دخل الجنة)، أي مع الناجين. وقيل: أي مع السابقين وإلا فإنه يدخل الجنة كل مؤمن إن شاء الله تعالى وإن كان بعد أمد والاستثناء مفرغ وفيه بشارة عظيمة بحسن الخاتمة للمواظب على هذه الأذكار (ألا) بالتخفيف حرف تنبيه (وهما) ، أي الخصلتان وهما الوصفان كل واحد منهما (يسير) ، أي سهل خفيف لعدم صعوبة العمل بهما على من يسره الله (ومن يعمل بهما) ، أي على وصف المداومة (قليل) عددهم، أي نادر لعزة التوفيق وجملة التنبيه معترضة لتأكيد التحضيض على الإتيان بهما والترغيب في المداومة عليهما، والظاهر أن الواو في ((وهما للحال والعامل فيه معنى التنبيه. قاله القاري. (يسبح الله) بأن يقول سبحان الله، وهو بيان لإحدى الخلتين والضمير للرجل المسلم (في دبر) بضمتين، أي عقب (كل صلاة)، أي مكتوبة كما في رواية أحمد (ج2: ص162) (عشرًا) ، أي من المرات (ويحمده) بأن يقول الحمد لله (ويكبره) بأن يقول الله أكبر (قال) ، أي ابن عمرو (يعقدها) ، أي العشرات (بيده)، أي بأصابعها أو بأناملها أو بعقدها. والمراد يضبط الأذكار المذكورة وبحفظ عددها أو يعقد لأجلها بيده. (قال) : أي النبي صلى الله عليه وسلم (فتلك) ، أي العشرات الثلاث دبر كل صلاة من الصلوات الخمس (خمسون ومائة) ، أي في يوم وليلة حاصلة من ضرب ثلاثين في خمسة، أي مائة وخمسون حسنة (باللسان) ، أي بمقتضى نطقه في العدد (وألف وخمسمائة في الميزان) ، لأن كل حسنة بعشر أمثالها على أقل مراتب المضاعفة الموعودة في الكتاب والسنة (وإذا أخذ مضجعه) ، في الترمذي ((وإذا أخذت مضجعك تسبحه وتكبره وتحمده)) وهذا بيان للخلة الثانية (يسبحه ويكبره ويحمده مائة) ، أي مائة مرة يعني يسبح الله ثلاثًا وثلاثين، ويكبره أربعًا وثلاثين، ويحمده، ثلاثًا وثلاثين، فيكون عدد المجموع مائة يدل على ذلك رواية النسائي، وابن السني. ((وإذا أوى أحدكم إلى فراشه أو مضجعه يسبح ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، وكبر أربعًا وثلاثين)) ، ولأبي داود ((ويكبر أربعًا وثلاثين إذا أخذ مضجعه ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويسبح ثلاثًا وثلاثين)) . (فتلك) ، أي المائة من أنواع الذكر (مائة) ، أي مائة حسنة (وألف) ، أي ألف حسنة على جهة المضاعفة (فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمس مائة سيئة) كذا عند أحمد، والنسائي، وابن ماجة، والبخاري في
قَالُوا: وَكَيْفَ لا نحْصِيهَا؟ قَالَ: يَأْتِي أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ فَيَقُولُ اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا حَتَّى يَنْفَتِلَ فَلَعَلَّهُ لا يَفْعَلُ وَيَأْتِيهِ فِي مَضْجَعِهِ فَلا يَزَالُ يُنَوِّمُهُ حَتَّى يَنَامَ. رواه الترمذي وأبو داود
ــ
الأدب المفرد وفي الترمذي، ((ألفي وخمسائة سيئة)) وفي مسند الحميدي ((ألفي سيئة وخمسمائة سيئة)) قال القاري: الفاء جواب شرط محذوف وفي الاستفهام نوع إنكار يعني إذا حافظ على الخصلتين وحصل ألفان وخمسمائة حسنة في يوم وليلة فيعفي عنه بعدد كل حسنة سيئة كما قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (11: 114) فأيكم يأتي بأكثر من هذا من السيئات في يومه وليلته حتى لا يصير معفوًا عنه فما لكم لا تأتون بهما ولا تحصونهما؟ انتهى. وقال السندي: في حاشية النسائي: قوله: ((فأيكم يعمل)) إلخ، أي لتساوي هذه الحسنات ولا يبقى منها شيء، أي بل السيئات في العادة أقل من هذا العدد فتغلب عليها هذه الحسنات الحاصلة بهذا الذكر المبارك، وقال في حاشية ابن ماجة: أي إنها تدفع هذا العدد من السيئات وإن لم تكن له سيئات بهذا العدد ترفع له بها درجات وقلما يعمل الإنسان في اليوم والليلة هذا القدر من السيئات فصاحب هذا الورد مع حصول مغفرة السيئات لابد أن يحرز بهذا الورد فضيلة هذه الدرجات (قالوا وكيف لا نحصيها) ، أي المذكورات، وفي رواية أحمد ((قالوا: كيف من يعمل بهما قليل)) ؟ والمعنى أنهم قالوا مستفهمين استفهام تعجب إذا كان هذا الثوب الجزيل لمن يعمل هذا العمل القليل فكيف يقل العاملون به؟ قال الطيبي: أي كيف لا نحصي المذكورات في الخلتين، وأي شيء يصرفنا فهو استبعاد لإهمالهم في الإحصاء فرد استبعادهم بأن الشيطان يوسوس له في الصلاة حتى يغفل عن الذكر عقيبها وينومه عند الاضطجاع كذلك. وهذا معنى قوله (قال) : أي النبي صلى الله عليه وسلم (يأتي أحدكم) مفعول مقدم (فيقول) ، أي يوسوس له ويلقي في خاطره (اذكر كذا اذكر كذا) ، من الأشغال الدنيوية والأحوال النفسية الشهوية أو ما لا تعلق له بالصلاة ولو من الأمور الأخروية (حتى ينفتل) ، أي ينصرف عن الصلاة (فلعله) ، أي فعسى (أن لا يفعل) ، أي الإحصاء، قيل: الفاء في ((فلعله)) جزاء شرط محذوف يعني أن الشيطان إذا كان يفعل كذا فعسى الرجل أن لا يفعل، وإدخال إن في خبره دليل على أن لعل ههنا بمعنى عسى، وفيه إيماء إلى أنه إذا كان يغلبه الشيطان عن الحضور المطلوب المؤكد في صلاته، فكيف لا يغلبه ولا يمنعه عن الأذكار المعدودة من السنن في حال انصرافه عن طاعته، وفي راوية أحمد (ج2: ص206) ((فيذكر حاجة كذا فيقوم ولا يقولها)) ، والمعنى أنه ينصرف عن الصلاة وهو مشغول بالحاجة التي ذكره بها الشيطان فلا يقول الذكر المطلوب إما نسيانًا أو عمدًا لاشتغاله بغيره، وهكذا يفعل معه عند النوم حتى ينام بدون ذكر (ويأتيه) ، أي الشيطان أحدكم (فلا يزال ينوّمه) بتشديد الواو، أي يلقي عليه النوم (حتى ينام) ، أي بدون الذكر، وفي رواية أحمد ((فينومه فلا يقولها)) وفي أخرى له أيضًا ولأبي داود ((فينومه قبل أن يقولها)) (رواه الترمذي) في الدعوات من طريق إسماعيل بن علية عن عطاء ابن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو (وأبو داود) في الأدب من
والنسائي. وفي رواية أبي داود قَالَ: خَصْلَتَانِ أَوْ خَلَّتَانِ لا يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وكذا في روايته بعد قوله ((وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ)) . قال: وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ وَيَحْمَدُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَيُسَبِّحُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ. وفي أكثر نسخ المصابيح ((عن عبد الله بن عمر)) .
2430-
(27) وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَنَّامٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أو بأحد من خلقك
ــ
رواية شعبة عن عطاء، (والنسائي) في الصلاة من طريق حماد بن زيد عن عطاء واللفظ للترمذي، وأخرجه أيضًا أحمد (ج2: ص160، 161) من طريق جرير عن عطاء، و (ج2: ص205) من طريق شعبة، وابن ماجة في الصلاة من طريق ابن علية ومحمد بن فضيل وأبي يحيى التيمي، وابن الأجلح عن عطاء والحميدي في مسنده (ج1: ص265) ، والبخاري في الأدب المفرد (ج2: ص621) من طريق سفيان عن عطاء، وابن حبان من طريق حماد بن زيد عنه، وابن السني (ص236) من طريق حماد بن سلمة عن عطاء. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح وسكت عنه أبو داود، ونقل المنذري تصحيح الترمذي وأقره. وقال النووي في الأذكار: إسناد صحيح إلا أن فيه عطاء بن السائب وفيه اختلاف بسبب اختلاطه. قلت: قال المنذري قال أحمد فيه: ثقة ثقة صالح من سمع منه قديمًا، أي قبل الاختلاط والتغير كان صحيحًا ومن سمع منه حديثًا لم يكن بشيء. وقال النسائي: ثقة في حديثه القديم لكنه تغير، ورواية الثوري وحماد بن زيد عنه جيدة وصحح حديثه الترمذي، وابن خزيم، وابن حبان، والحاكم وغيرهم - انتهى. قلت: سمع سفيان الثوري وشعبة وحماد بن زيد من عطاء قبل الاختلاط كما في تهذيب التهذيب ويكفي في صحة الحديث من هؤلاء التسعة الذين رووه عن عطاء، شعبة، والثوري، وحماد بن زيد الذين سمعوا من عطاء قديمًا. (وفي رواية أبي داود قال خصلتان أو خلتان) . أي على الشك وكذا وقع بالشك في رواية أحمد (ج2 ص206)(لا يحافظ عليهما عبد مسلم) ، أي بدل لا يحصيهما رجل مسلم، (وكذا في روايته) ، أي رواية أبي داود (وفي أكثر نسخ المصابيح عن عبد الله بن عمر) ، أي بدون الواو وهو خطأ من غير شك فإن الحديث من مسند عبد الله بن عمرو بن العاص عند جميع المخرجين.
2430-
قوله (عند عبد الله بن غنام) بفتح الغين المعجمة وتشديد النون وبعد الألف ميم. ابن أوس بن عمرو بن مالك بن عامر بن بياضة الأنصاري البياضي صحابي له حديث في سنن أبي داود والنسائي في القول عند الصباح يرويه عنه عبد الله بن عنبسة، ويأتي بقية الكلام عليه عند تخريج الحديث، (ما أصبح بي)، أي حصل لي في الصباح. قاله القاري. وقيل: أي ما أصبح متصلاً بي، (من نعمة) ، أي دنيوية أو أخروية (أو بأحد من خلقك) أو للتنويع والمراد التعميم، وهذا ليس في رواية أبي داود نعم هو عن النسائي كما يظهر من تحفة الذاكرين وكذا هو في حديث ابن عباس عند ابن حبان
فَمِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ. فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ. وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ. رواه أبو داود.
2431-
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ:
ــ
وابن السني (فمنك) ، أي فحاصل منك (وحدك) حال من الضمير المتصل في قوله ((فمنك)) ، أي فهو حاصل منك منفردًا (ومن قال مثل ذلك حين يمسي) لكن يقول أمسى بدل أصبح (فقد أدى شكر ليلته) ، هذا يدل على أن الشكر هو الاعتراف بالمنعم الحقيق ورؤية كل النعم دقيقها وجليلها منه، وكماله أن يقوم بحق النعم ويصرفها في مرضاة المنعم. قال الشوكاني: وفي الحديث فضيلة عظمية ومنقبة كريمة حيث تكون تأدية واجب الشكر بهذه الألفاظ اليسيرة القليلة وأن قائلها صباحًا قد أدى شكر يومه وقائلها مساءً قد أدى شكر ليلته مع أن الله تعالى يقول: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا} (14: 34) وإذا كانت النعم لا يمكن إحصاءها فكيف يقدر العبد على شكرها فلله الحمد ولله الشكر على هذه الفائدة الجليلة المأخوذة من معدن العلم ومنبعه - انتهى. (رواه أبو داود) في الأدب، وأخرجه أيضًا النسائي في الكبرى، والبغوي في شرح السنة (ج5: ص115) كلهم من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي عن عبد الله بن عنبسة عن عبد الله بن غنام البياضي، وقد سكت عنه أبو داود، وقال النووي: روينا في سنن أبي داود بإسناد جيد لم يضعفه عن عبد الله بن غنام فذكره. وقال الشوكاني: وجود النسائي إسناده، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، وابن السني (ص15) من طريق ربيعة الرأي عن عبد الله بن عنبسة عن ابن عباس، وهذا تصحيف من بعض الرواة، والصحيح ابن غنام، قال الحافظ: في تهذيب التهذيب (ج5: ص354) ، عبد الله بن عنبسة عن عبد الله بن عباس، وقيل: ابن غنام البياضي وهو الصحيح حديث ((من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة)) ، وعنه ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومحمد بن سعيد الطائفي، روى له أبو داود، والنسائي هذا الحديث الواحد، ووقع في رواية النسائي على الوجهين ورجح الطبراني وغيره ابن غنام، قلت (قائله الحافظ) : وقال أبو زرعة: لا أعرفه إلا في حديث واحد، وأخرجه ابن حبان في صحيحه فقال ابن عباس، وأما أبو نعيم فجزم في معرفة الصحابة بأن من قال ابن عباس فقد صحف، وكذا قال ابن عساكر أنه خطأ - انتهى.
2431-
قوله (أنه كان يقول إذا أوى) بقصر الهمزة ومدها وجهان ومعناه الاضطجاع للنوم (إلى فراشه) ، هذا لفظ أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، وأبي داود وابن ماجة في رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، ولمسلم، وابن السني عن سهيل قال: كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمين، ثم يقول: اللهم رب السموات إلخ، وكان يروي ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وللترمذي، ومسلم أيضًا من طريق سهيل عن أبيه عن أبي هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا أخذ أحدنا مضجعه أن يقول: اللهم رب السموات، إلخ،
اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى مُنَزِّلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الآخِرُ
ــ
ورواه أيضًا ابن ماجة من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: أتت فاطمة النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادمًا فقال لها: ما عندي أعطيك. فرجعت فأتاها بعد ذلك. فقال: الذي سألت أحب إليك أو ما هو خير منه فقال لها علي: قولي لا بل ما هو خير منه. فقالت. فقال: قولي اللهم رب السموات إلخ وهذه الرواية عند مسلم، والترمذي أيضًا لكن لم يسق مسلم لفظها (اللهم رب السموات) ، زاد في رواية لمسلم، والترمذي، وابن ماجة، وأحمد لفظه ((السبع)) (ورب الأرض) ، وللترمذي ((ورب الأرضين)) ، أي خالقهما ومربي أهلهما وزاد في رواية لمسلم، وابن ماجة، والترمذي، وابن السني ((ورب العرش العظيم)) يجر العظيم صفة للعرش والنصب نعتًا للرب (ورب كل شيء) تعميم بعد تخصيص، وفي مسلم، والترمذي ((ربنا ورب كل شيء (فالق الحب) الفلق الشق (والنوى) جمع النواة وهي عجم التمر وفي معناه عجم غيره والتخصيص لفضلها أو لكثرة وجودها في ديار العرب، أي يامن يشق حب الطعام ونوى التمر ونحوهما بإخراج الزرع والنخيل منهما (منزل التوراة) من الإنزال وقيل: من التنزيل (والإنجيل والقرآن) زاد في رواية الأعمش عند ابن ماجة، ((العظيم)) ولمسلم، وابن السني الفرقان بدل القرآن لأنه فرق بين الحق والباطل ولعل ترك الزبور لأنه مندرج في التوراة أو لأنه ليس فيه أحكام إنما هو مواعظ. قال الطيبي: فإن قلت: ما وجه النظم بين هذه القرائن؟ قلت: وجهه أنه صلى الله عليه وسلم لما ذكر أنه تعالى رب السموات والأرض، أي مالكهما ومدبر أهلهما عقبه بقوله {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} لينتظم معنى الخالقية والمالكية لأن قوله تعالى:{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ} تفسير لفالق الحب والنوى، ومعناه يخرج الحيوان النامي من النطفة والحب من النوى {وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ} ، أي يخرج هذه الأشياء من الحيوان والنامي، ثم عقب ذلك بقوله ((منزل التوراة)) ليؤذن بأنه لم يكن إخراج الأشياء من كتم العدم إلى فضاء الوجود إلا ليعلم ويعبد ولا يحصل ذلك إلا بكتاب ينزله ورسول يبعثه. كأنه قيل يا مالك، يا مدبر، يا هادي أعوذ بك - انتهى كلام الطيبي (أعوذ) ، أي أعتصم وألوذ، ووقع في بعض النسخ ((وأعوذ)) بواو العطف وهو خطأ من الناسخ (من شر كل ذي شر) كذا لأحمد وأبي داود، والترمذي، والبخاري في الأدب المفرد، وفي رواية مسلم والترمذي، وابن السني ((من شر كل شيء)) (أنت آخذ بناصيته) ، أي من شر كل شيء من المخلوقات لأنها كلها في سلطانه وهو آخذ بنواصيها، وفي رواية لمسلم، وابن ماجة ((من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها)) ، أي أعوذ بك من شر كل دابة مؤذية (أنت الأول) ، وفي مسلم ((اللهم أنت الأول)) ، أي القديم الذي لا ابتداء له (فليس قبلك شيء) قيل هذا تقرير للمعنى السابق وذلك أن قوله ((أنت الأول)) مفيد للحصر قرينة الخير باللام فكأنه قيل: أنت مختص بالأولية فليس قبلك شيء (وأنت الآخر) ، أي الباقي بعد فناء خلقك لا انتهاء
فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ. اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنْ الْفَقْرِ. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة، ورواه مسلم مع اختلاف يسير.
2432-
(29) وعَنْ أَبِي الأَزْهَرِ الأَنْمَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ:
ــ
لك ولا انقضاء لوجودك. وقال الجزري: أي الباقي بعد فناء خلقه كله ناطقة وصامتة (فليس بعدك شيء) لعدم البعدية (وأنت الظاهر) أي فلا ظهور لشيء ولا وجود له إلا من آثار ظهورك ووجودك (فليس فوقك) أي فوق ظهورك (شيء) يعني ليس شيء أظهر منك لدلالة الآيات الباهرة عليك. وقيل الظاهر هو الذي ظهر فوق كل شيء وعلا عليه. وليس فوقك شيء أي لا يقهرك شيء. أي: ليس فوقك غالب (وأنت الباطن) يعني الذي حجب أبصار الخلائق وأوهامهم عن إدراكه فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم (فليس دونك شيء) أي لا يحجبك شيء عن إدراك مخلوقاتك يعني مع كونه يحتجب عن أبصار الخلائق فليس دونه ما يحجبه عن إدراكه شيئًا من خلقه، وقيل أنت الباطن أي بعظمة جلالك وكمال كبرياءك حتى لا يقدر أحد على إدراك ذاتك مع كمال ظهورك، وقوله: فليس دونك شيء أي وراءك شيء يكون أبطن منك، وقيل: الباطن هو العالم بما بطن. يقال: بطنت الأمر إذا عرفت باطنه (اقض عني الدين واغنني من الفقر) . وفي رواية مسلم، والحاكم: اقض عنا الدين وأغننا من الفقر. قال النووي: يحتمل أن المراد بالدين هنا حقوق الله تعالى وحقوق العباد كلها من جميع الأنواع، وأما معنى الظاهر من أسماء الله فقيل: هو من الظهور بمعنى القهر والغلبة وكمال القدرة ومنه ظهر فلان على فلان، وقيل: الظاهر بالدلائل القطعية والباطن المحتجب عن خلقه، وقيل: العالم بالخفيات، وأما تسميته تعالى بالآخر فقال الإمام أبو بكر الباقلاني: معناه الباقي بصفاته من العلم والقدرة وغيرهما التي كان عليها في الأزل يكون كذلك بعد موت الخلائق وذهاب علومهم وقدرهم وحواسهم وتفرق أجسامهم - انتهى. (رواه أبو داود) في الأدب واللفظ له، (والترمذي، وابن ماجة) في الدعوات، وأخرجه أيضًا أحمد (ج) ، والنسائي في الكبرى، والبخاري في الأدب المفرد (ج2: ص619) ، وابن السنى (ص227) ، وابن أبي شيبة، وأبو عوانة في الدعوات، وابن حبان، والحاكم (ج1: ص546) وقال: حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وسكت عنه أبو داود، والمنذري. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. (ورواه مسلم) في الدعاء (مع اختلاف يسير) وقد ذكرنا مواضع الاختلاف.
2432-
قوله: (وعن أبي الأزهر) ويقال: أبو زهير مصغرًا (الأنمارى) بفتح الهمزة وسكون النون ويقال: النميري بالتصغير صحابي سكن الشام لا يعرف اسمه، وقيل: يحيى بن نفير روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في القول: إذا أخذ مضجعه. وعنه خالد بن معدان وغيره (كان إذا أخذ مضجعه) بفتح الميم والجيم أي موضع ضجوعه يعني استقر فيه لينام
بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَأَخْسِئْ شَيْطَانِي وَفُكَّ رِهَانِي وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الْأَعْلَى. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
ــ
(بسم الله وضعت جنبي لله) كذا في جميع النسخ من المشكاة وهكذا نقله في جامع الأصول وقع في المصابيح بدون ((لله)) وكذا في الأذكار، والحصن، والجامع الصغير. وهكذا وقع في سنن أبي داود. قال القاري: فوضعت متعلق الجار ويحتمل على الأول أيضًا أن يتعلق بقوله: وضعت أي: باسم الله وضعت جنبي حال كون وضعه لله أي للتقوى على عبادته (اللهم اغفر لي ذنبي) المراد به ذنبه اللائق بذاته الشريفة أو وقع تعليمًا لأمته (واخسأ شيطاني) أي: اجعله خاسئًا أي: مطرودًا وهو بوصل الهمزة وفتح السين من خسأت الكلب أي: طردته وزجرته مستهينًا به فانزجر وخسأ الكلب بنفسه فهو يتعدى ولا يتعدى ومنه قوله تعالى: {قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} (23: 108) والمعنى اجعله مطرودًا عني كالكلب المهين. قال الطيبي: أضافه إلى نفسه لأنه أراد به قرينه من الجن أو أراد الذي يقصد إغواءه ويبغي غوايته أي من شياطين الإنس والجن (وفك) بضم الفاء وتشديد الكاف المفتوحة ويجوز ضمها وكسرها (رهاني) بكسر الراء كسهام أي خلص نفسي ورقبتي عن كل حق علي. وأصل الفك الفصل بين الشَّيْئَيّنِ وتخليص بعضهما من بعض. والرهان الرهن وجمعه ومصدر راهنه وهو ما يوضع وثيقة للدين يعني المال المحبوس عند المرتهن والمراد هنا نفس الإنسان لأنها مرهونة بعملها لقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (74: 38) وقوله: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (52: 21) ولقوله صلى الله عليه وسلم: نفس المؤمن مرتهنة بدينه. أي محبوسة عن مقامها الكريم حتى يقضى عنه دينه. وفك الرهن تخليصه من يد المرتهن يعني خلص نفسي عن حقوق الخلق ومن عقاب ما اقترفت من الأعمال التي لا ترتضيها بالعفو عنها، وزاد في المستدرك وعمل اليوم والليلة لابن السني ((وثقل ميزاني)) أي بالأعمال الصالحة (واجعلني في النديّ الأعلى) النديّ: بفتح النون وكسر الدال وتشديد الياء هو النادي، قال الجزري: الندي النادي وهو المجلس يجتمع فيه القوم، فإذا تفرقوا عنه فليس بناد ولا ندي، والمراد بالندي الأعلى مجتمع الملائكة المقربين ولهذا وصفه بالعلو. وقال الخطابي: الندي القوم المجتمعون في مجلس، ومثله النادي وجمعه أندية، قال: ويريد بالندي الأعلى الملأ الأعلى من الملائكة - انتهى. وقيل: الندي أصله المجلس، ويقال للقوم أيضًا تقول: ندوت القوم أي جمعتهم، والمعنى اجعلني من القوم المجتمعين. ويريد بالأعلى الملأ الأعلى. وهم الملائكة أو من أهل الندي إذا أريد به المجلس، وهذا دعاء يجمع خير الدنيا والآخرة فتتأكد المواظبة عليه كلما أريد النوم وهو من أجل الأدعية المشروعة عنده على كثرتها (رواه أبو داود) في الأدب قال الحافظ في الإصابة في ترجمة أبي الأزهر الأنماري: بسند جيد. وقال النووي في الأذكار: بالإسناد الحسن، ورمز السيوطي في الجامع الصغير لصحته وسكت عنه أبو داود، وأخرجه أيضًا الحاكم (ج1: ص540، 549) ، وابن السنى (ص228) بلفظ ((كان إذا أخذ مضجعه قال: اللهم اغفر لي)) . إلخ، وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
2433-
(30) وعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ من الليل قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانِي وَآوَانِي وَأَطْعَمَنِي وَسَقَانِي وَالَّذِي مَنَّ عَلَيَّ فَأَفْضَلَ وَالَّذِي أَعْطَانِي فَأَجْزَلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اللَّهُمَّ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ وَإِلَهَ كُلِّ شَيْءٍ أَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ. رواه أبو داود.
2334-
(31) وعَنْ بُرَيْدَةَ قال: شَكَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنَامُ اللَّيْلَ مِنْ الأَرَقِ فَقَالَ نبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَقُلْ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظَلَّتْ وَرَبَّ الأَرَضِينَ
ــ
2433-
قوله: (الحمد لله الذي كفاني) أي دفع عني شر كل موذ من خلقه وكفى مهماتي وقضى حاجاتي أو أغناني عن الخلق (وآواني) بالمد أي جعل لي مسكنًا يقيني الحر والبرد وأحرز فيه متاعي (والذي من) أي أنعم من المن العطاء لا من المنة (عليَّ فأفضل) بالفاء وفي رواية أحمد بالواو أي زاد في المن أو أكثر (والذي أعطاني فأجزل) أي: فأعظم العطاء أو أكثر من النعمة. قال الطيبي: الفاء فيه لترتبها في التفاوت من بعض الوجوه كقولك خذ الأفضل فالأكمل واعمل الأحسن فالأجمل فالإعطاء حسن وكونه جزيلاً أحسن وهكذا المن، وقدم المن لأنه غير مسبوق بعمل العبد بخلاف الإعطاء فإنه قد يكون بإزاء عمل من العبد ومسبوقًا به كذا قال، وفيه بحث (الحمد لله على كل حال) وفي رواية ابن السني ((اللهم فلك الحمد على كل حال)) (اللهم رب كل شيء) أي: مربيه ومصلحه (ومليكه) وفي رواية أحمد ((وملك كل شيء)) ، ولابن حبان ((ومالك كل شيء)) (وإله كل شيء) زاد في رواية أحمد، وابن حبان ((ولك كل شيء)) (أعوذ من النار) أي مما يقرب إليها من علم أو عمل أو حال يوجب العذاب (رواه أبو داود) في الأدب، قال النووي: بالإسناد الصحيح. قلت: سكت عنه أبو داود، والمنذري، وأخرجه أيضًا أحمد (ج2: ص118) ، والنسائي في الكبرى، وابن حبان، وأبو عوانة في صحيحهما، وابن السني (ص230)، والبغوي في شرح السنة (ج5:ص106) ، وأخرجه الحاكم من حديث أنس (ج1: ص545، 546) وصححه وأقره الذهبي.
2434-
قوله: (وعن بريدة) بن الحصيب الأسلمي الصحابي (شكا خالد بن الوليد) المخزومي (إلى النبي صلى الله عليه وسلم) في القاموس: شكا أمره إلى الله شكوى، وينون وشكاية بالكسر وشكيت لغة في شكوت - انتهى. فعلى اللغة الأولى التي هي الفصحى يكتب شكا بالألف وعلى الثانية بالياء بناء على القاعدة المقررة في علم الخط (فقال: يا رسول الله ما أنام الليل من الأرق) هذا بيان لقوله: شكا، والأرق بفتحتين السهر في الليل لامتناع النوم لعلة من وسواس أو حزن أو غير ذلك. فمن ابتدائية للتعليل أي لأجل السهر (إذا أويت) بالقصر (وما أظلت) بتشديد اللام من الإظلال أي: وما أوقعت ظلها
وَمَا أَقَلَّتْ وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضَلَّتْ كُنْ لِي جَارًا مِنْ شَرِّ خَلْقِكَ كُلِّهِمْ جَمِيعًا أَنْ يَفْرُطَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَنْ يَبْغِيَ عَزَّ جَارُكَ وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ وَلا إِلَهَ غَيْرُكَ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ. رواه الترمذي وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ وَالْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ الراوي قَدْ تَرَكَ حَدِيثَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
ــ
عليه، قال الجزري: أظلت السماء الأرض أي: ارتفعت عليها فهي لها كالمظلة (وما أقلت) بتشديد اللام من الإقلال، أي حملت ورفعت من المخلوقات. قال الجزري: أقلت الأرض ما عليها أي: حملته (وما أضلت) من الإضلال وهو الحمل على الضلال ضد الهدى. أي: وما صيرته بإغوائها ضالاً. قال القاري: أي: وما أضلت الشياطين من الإنس والجن فما هنا بمعنى من، وفيما قبل غلب فيها غير العاقل، ويمكن أن ما هنا للمشاكلة يعني ليطابق ما قبله من تغليب غير ذوي العقول لكثرته على العقلاء (كن لي جارًا) من استجرت فلانًا فأجارني، ومنه قوله تعالى:{وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ} (23: 88) أي: كن لي معينًا ومانعًا ومجيرًا وحافظًا في القاموس الجار المجير والمستجير والحليف والناصر (من شر خلقك كلهم جميعًا) حال فهو تأكيد معنوي بعد تأكيد لفظي، وفي حديث خالد بن الوليد عند الطبراني ((من شر خلقك أجمعين)) (أن يفرط) بفتح الياء التحتية وضم الراء وهو العدوان ومجاوزة الحد، يقال: فرط عليه أي: عدا عليه ومنه قوله تعالى: {أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا} (20: 45)(على أحد منهم) أي: من يفرط على أحد من خلقك على أنه بدل اشتمال من شر خلقك أو لئلا يفرط أو كراهة أن يفرط. قال في المفاتيح: أي: يقصدني بالأذى مسرعًا (أو أن يبغي) بكسر الغين أي: يظلم على أحد، وفي حديث خالد ((أو أن يطغى)) من الطغيان وأو للتنويع وهو على منوال قوله تعالى حكاية عن موسى وهارون:{إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى} (20: 45)(عز جارك) أي: غلب مستجيرك وصار عزيزًا (وجل) أي: عظم (ثناءك) يحتمل إضافته إلى الفاعل والمفعول ويحتمل أن يكون المثني غيره أو ذاته فيكون كقوله صلى الله عليه وسلم: ((أنت كما أثنيت على نفسك)) وفي حديث خالد بن الوليد ((تبارك اسمك)) (رواه الترمذي) في الدعوات. قال النووي: بإسناد ضعيف، وقال المنذري: بإسناد فيه ضعف، وأخرجه الطبراني في الأوسط من حديث خالد بن الوليد أنه أصابه أرق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن نمت، قل: اللهم رب السماوات السبع إلخ. قال المنذري: إسناده جيد، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح إلا أن عبد الرحمن بن سابط لم يسمع من خالد بن الوليد، ورواه أي: الطبراني في الكبير بسند ضعيف بنحوه (والحكم) بفتحتين وفي بعض النسخ ((الحكيم)) بالياء وهو خطأ والصواب الحكم (بن ظهير) بالمعجمة مصغرًا (الراوي) بتخفيف الياء (قد ترك حديثه بعض أهل الحديث) قال الحافظ في التقريب: الحكم بن ظهير الفزاري أبو محمد وكنية أبيه أبو ليلى، ويقال أبو خالد متروك رمي بالرفض واتهمه ابن معين - انتهى. وقال في تهذيب التهذيب في ترجمته: قال أبو زرعة: إنه واهي الحديث متروك الحديث، وقال أبو حاتم: متروك