الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنِسَائِّي.
(الفصل الثالث)
2503-
(23) وَعَنْ الْقَعْقَاعِ أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قَالَ: لَوْلَا كَلِمَاتٌ أَقُولُهُنَّ لَجَعَلَتْنِي يَهُودُ حِمَارًا
ــ
في أواخر صفة الجنة، (والنسائي) في الاستعاذة وفي اليوم والليلة، وأخرجه أيضًا أحمد (ج3: ص117، 141، 155، 262) ، وابن ماجة في آخر سننه، وابن حبان في كتاب الأدعية من صحيحه، والحاكم (ج1: ص534، 535) ، والبغوي (ج5: ص165) والحديث رجال إسناده ثقات. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
2503-
قوله (عن القعقاع) بقافين وعينين مهملتين أولاهما ساكنة، وابن حكيم الكناني المدني تابعي ثقة وثقه يحيى ابن سعيد، وأحمد، وابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات (أن كعب الأحبار) تقدم (ج1: ص354) (لولا كلمات أقولهن) ، أي أدعو بهن (لجعلتني يهود) ، يمنع الصرف للعملية ووزن الفعل، أي من السحر (حمارًا)، أي بليدًا أو ذليلاً والمعنى أنهم سحرة وقد أغضبهم إسلامي فلولا استعاذتي بالكلمات الآتية لتمكنوا مني وغلبوا علي وجعلوني بليدًا وأذلوني كالحمار فإنه مثل في الذلة. قال الباجي: يحتمل أن يريد - والله أعلم - لبلدتني وأضلتني عن رشدي حتى أكون كالحمار الذي لا يفقه شيئًا وبه يضرب المثل في البلادة - انتهى. وقال الطيبي: لعله أراد أن اليهود سحرته ولولا استعاذتي بهذه الكلمات لتمكنوا من أن يقلبوا حقيقتي لبغضهم إياي من حيث أني أسلمت أو لتمكنوا من إذلالي وتوهيني كالحمار فإنه مثل في الذلة قال القاري: وفيه أن قلب الحقائق ليس إلا لله كما قال تعالى: {كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} (2: 65) وقال {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (20: 66) فهذا يدل على غاية سحرهم الذي أجمع عليه كيد السحرة في زمان فرعون الطامعين على مال فرعون وجاهه فلو كان في قدرتهم شيء أزيد من هذا لفعلوه في حق موسى عليه الصلاة والسلام فإذا لم يقدروا في حقه فكيف يجوز أن يقدروا على سيد الخلق أن يقلبوا حقيقته. ولذا قال البيضاوي: والمراد بالسحر ما يستعان في تحصيله بالقرب إلى الشيطان مما لا يستقل به الإنسان وذلك لا يستتب إلا لمن يناسبه في الشرارة وخبث النفس فإن التناسب شرط في التضام والتعاون وبهذا تميز الساحر عن النبي والولي، وأما ما يتعجب منه كما يفعله أصحاب الحيل بمعونة الآلات والأدوية فتسميته سحرًا على التجوز - انتهى. فإذا كان ليس للشيطان أن يجعل نفسه حمارًا حقيقة فضلاً عن غيره فكيف للمتوسل إلى قربه أن يقلب الحقيقة. وأما قول صاحب المدارك: وللسحر حقيقة عند أهل السنة - كثرهم الله تعالى - وتخييل وتمويه عند المعتزلة - خذلهم الله - فمعناه أن السحر ثابت وحق لا أنه خيال فاسد كرؤية الأحوال شيئًا واحدًا شيئين وكتخيل الأشياء عند خلل الدماغ وحصول الأفكار الفاسدة لما يدل عليه الكتاب والسنة من قوله تعالى: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (2: 102) وقوله: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (2: 102) ، أي علم السحر الذي يكون سببًا في التفريق بين الزوجين بأن يحدث الله عنده النشور والخلاف، وقوله عز وجل: {وَمِن
فَقِيلَ لَهُ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ وَبِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ وَبِأَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى مَا عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ.
ــ
شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (113: 4) كما هو مشهور في سحر اليهود له عليه الصلاة والسلام وبهذا يتبين قول البغوي. والصحيح أن السحر عبارة عن التمويه والتخييل، والسحر وجوده حقيقة عند أهل السنة وعليه أكثر الأمم، حكي عن الشافعي أنه قال إن السحر يخبل ويمرض وقد يقتل حتى أوجب القصاص على من قتل به، وقيل إنه يؤثر في قلب الأعيان فيجعل الآدمي على صورة حمار ويجعل الحمار على صورة الكلب والأصح أنه تخييل. قال تعالى:{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (20: 66) لكنه يؤثر في الأبدان بالأمراض والموت والجنون - انتهى. ومما يدل على بطلان قلب الحقائق بعد إجماع أهل السنة والمعتزلة على خلافه أنه لم يقع مثل هذا أبدًا في الكون. ويدل على بطلانه النقل والعقل، ومما يذكر من بعض الحكايات لإثبات ذلك فهي مجرد حكاية فاسدة مما يستمرها الناس ويحكونها في بيوت القهوة وتجوز في عقول النساء وبعض الرجال ممن سخف عقله وسخف قلبه. انتهى كلام القاري بحذف واختصار يسير وارجع لمزيد الكلام في ذلك إلى تفسير سورة الفلق لابن القيم (فقيل له) ، أي لكعب (ما هن؟)، أي تلك الكلمات (أعوذ بوجه الله) قال الباجي: قال القاضي أبو بكر: هو صفة من صفات الباري أمر صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بها. وقال أبو الحسن المحاربي معناه: أعوذ بالله - انتهى. وقال الحافظ تحت ترجمة البخاري في صحيحه باب قول الله عز وجل: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} (28: 88) قال ابن بطال: فيه دلالة على أن الله تعالى وجهًا من صفة ذاته وليس بجارحة ولا كالوجوه التي نشاهدها من المخلوقين كما نقول: أنه عالم ولا نقول إنه كالعلماء إلى آخر ما بسطه (العظيم الذي ليس شيء أعظم منه)، أي ولا مساويًا لعظمته ولا قريبًا منها بل ولا عظمة لغيره لأن الكل عبيده ثم يحتمل أن يكون الموصول صفة للمضاف أو المضاف إليه والمؤدى واحد قاله القاري:(وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن) ، أي لا يتعداهن (بر) بفتح الموحدة وتشديد الراء، أي تقي (ولا فاجر) ، أي مائل عن الحق وإعادة لا لزيادة التأكيد، أي لا ينتهي علم أحد إلى ما يزيد عليها. قال الطيبي: قوله ((لا يجاوزهن)) إلخ يشعر بأن المراد بالكلمات علم الله الذي ينفد البحر قبل نفاده وأراد بقوله ((بر ولا فاجر)) الاستيعاب كما في قوله تعالى: {لَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَاّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (6: 59) فإن تكرير حرف التأكيد للاستيعاب أو المراد بالكلمات القرآن لأن أحدًا من البر والفاجر لا يخرج عن وعده ووعيده بالثواب والعقاب (وبأسماء الله الحسنى) مؤنث الأحسن، وفي الموطأ بعده ((كلها)) قال الباجي: يشير إلى قوله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (7: 180)(مَا عَلِمْتُ منها) ، أي من الأسماء الحسنى (وما لم أعلم) ، أي منها {مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} ، أي أنشأ وقدر (وذرأ) بالهمز، أي بث ونشر (وبرأ) ، أي أوجد الخلق مبرأ عن التفاوت فخلق كل عضو على
رَوَاهُ مَالِك.
2504-
(24) عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: كَانَ أَبِي يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ فَكُنْتُ أَقُولُهُنَّ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ عَمَّنْ أَخَذْتَ هَذَا؟ قُلْتُ: عَنْكَ. قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُهُنَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ. رَوَاهُ النِسَائِّي، والتِرْمذي.
ــ
ما ينبغي ووضعه في موضعه. قال تعالى: {مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ} (67: 3) قال الزرقاني: قيل هما بمعنى خلق فذكرها لإفادة اتحاد معناهما، وقيل البرأ والذرأ يكون طبقة وجيلاً بعد جيل والخلق لا يلزم فيه ذلك (رواه مالك) في باب ما يؤمر به من التعوذ من كتاب الجامع ولم أجده عند غيره.
2504-
قوله: (وعن مسلم بن أبي بكرة) بن الحارث الثقفي البصري صدوق من أوساط التابعين وثقه ابن حبان والعجلي، مات في حدود سنة تسعين (كان أبي) أي: أبو بكرة واسمه نفيع بن الحارث تقدم ترجمته (يقول في دبر الصلاة) أي: المكتوبة أو جنس الصلاة وهو يحتمل أن يكون آخرها وعقبها قبل السلام أو بعده وهو الأظهر قاله القاري. قلت: وقع عند النسائي، وأحمد في رواية بلفظ:((في دبر كل صلاة)) أي: مكتوبة أو أعم من أن تكون فريضة أو نافلة والظاهر هو الأول وعليه حمله النسائي حيث ترجم لهذا الحديث باب التعوذ في دبر الصلاة وذكره أثناء أبواب ما يقول بعد تسليم الإمام (اللهم إني أعوذ بك من الكفر) أي: من أنواعه (والفقر) أي: الفقر الذي لا يصحبه خير ولا روع، ولذا ورد ((كاد الفقر أن يكون كفرًا)) رواه أبو نعيم في الحلية، والبيهقي في الشعب عن أنس مرفوعًا وهو حديث ضعيف فيه يزيد الرقاشي وهو ضعيف متروك، قال الصغاني: وصح من قول أبي سعيد ومعناه أي: قارب أن يوقع في الكفر لأنه يحمل على عدم الرضاء بالقضاء وتسخط الرزق وذلك يجر إلى الكفر والعياذ بالله، وقال القاري: أي من فتنة الفقر أو فقر القلب المؤدي إلى كفران النعمة وفي اقترانه بالكفر إشارة إلى ما ورد كاد الفقر أن يكون كفرًا حيث لم يكن راضيًا بما قسم الله له وشاكرًا لما أنعم عليه وللترمذي، والحاكم:((أعوذ بك من الهم والكسل)) بدل قوله: ((أعوذ بك من الكفر والفقر)) (أي بنُيّ) بضم الموحدة وفتح الياء المشددة والتصغير للشفقة (عمن أخذت هذا) أي هذا الدعاء وفيه إيماء إلى أن الأليق للسالك أن يدعوا بالدعوات المأثورة (قلت عنك) أي أخذته، وفيه تنبيه على أفضلية الإجازة في الأذكار والدعوات (قال) أي تنبيهًا له تحصيل السند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزاد في رواية لأحمد والنسائي ((فالزمهن)) أي حاف على قراءة هذه الكلمات (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولهن في دبر الصلاة) في القاموس الدبر بالضم وبضمتين نقيض القبل ومن كل شيء عقبه ومؤخره. (رواه النسائي) في الصلاة، وفي الاستعاذة، (والترمذي) في الدعوات، وأخرجه أيضًا الحاكم (ج1: ص533) ، وابن أبي شيبة، وابن السني (ص39) . وقال الترمذي: هذا حديث