الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الفصل الثالث)
2435-
(32) عَنْ أَبِي مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذَا الْيَوْمِ فَتْحَهُ وَنَصْرَهُ وَنُورَهُ وَبَرَكَتَهُ وَهُدَاهُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهُ ثُمَّ إِذَا أَمْسَى فَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ. رواه أبو داود.
ــ
الحديث، وقال البخاري: متروك الحديث تركوه، وقال النسائي: متروك، روى له الترمذي حديثًا واحدًا في القول عند الأرق، وقال قد تركه بعض أهل الحديث، وقال صالح جزرة: كان يضع الحديث، وفي الكامل لابن عدي: قال يحيى كذاب. وقال ابن حبان: كان يشتم الصحابة ويروي عن الثقات الأشياء الموضوعات وهو الذي روى عن عاصم عن ذر عن عبد الله ((إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه)) .
2435-
قوله: (عن أبي مالك) الأشعري (اللهم إني أسألك خير هذا اليوم فتحه) أي الظفر على المقصود (ونصره) أي النصرة على العدو) (ونوره) بتوفيق العلم والعمل (وبركته) بتيسير الرزق الحلال الطيب (وهداه) أي: الثبات على متابعة الهدى ومخالفة الهوى. وقال الطيبي: قوله: فتحه وما بعده بيان لقوله: ((خير هذا اليوم)) والفتح هو الظفر بالتسلط صلحًا أو قهرًا، والنصر الإعانة والإظهار على العدو وهذا أصل معناهما ويمكن التعميم فيهما يعني فيفيد التأكيد (وأعوذ بك من شر ما فيه) أي: في هذا اليوم (ومن شر ما بعده) كذا في أكثر النسخ من المشكاة ووقع في بعض النسخ ((وشر ما بعده)) أي: بدون ((من)) وهكذا في أبي داود، وكذا نقله الجزري في الحصن، وجامع الأصول، والنووي في الأذكار واكتفى به عن سؤال خير ما بعده إشعارًا بأن درء المفاسد أهم من جلب المنافع (ثم إذا أمسى فليقل مثل ذلك) بأن يقول: أمسينا وأمسى الملك وخير هذه الليلة ويؤنث الضمائر (رواه أبو داود) في الأدب. قال النووي: بإسناد لم يضعفه قلت: سكت عنه أبو داود، وقال المنذري: في سنده محمد بن إسماعيل بن عياش وأبوه وكلاهما فيه مقال - انتهى. قلت: قال الحافظ في التقريب: محمد بن إسماعيل بن عياش الحمصي عابوا عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع. وقال في تهذيب التهذيب: قال أبو حاتم لم يسمع من أبيه شيئًا حملوه على أن يحدث فحدث، وقال الآجري: سئل أبو داود عنه فقال: لم يكن بذاك قد رأيته ودخلت حمص غير مرة وهو حي وسألت عمرو بن عثمان عنه فذمه، قلت (قائله الحافظ) : وقد أخرج أبو داود عن محمد بن عوف عنه عن أبيه عدة أحاديث لكن يروونها بأن محمد بن عوف رآها في أصل إسماعيل - انتهى. وأما أبوه إسماعيل بن عياش فهو صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم كما في التقريب وتهذيب التهذيب. وهذا الحديث رواه إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة الحمصي فلا بأس بروايته.
2436-
(33) وعن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قلت لأَبِي: يَا أَبَتِ أَسْمَعُكَ تَقول كُلَّ غَدَاةٍ اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ تُكررهَا ثَلَاثًا حِينَ تُصْبِحُ وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي فَقَالَ: يا بني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو بِهِنَّ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ. رواه أبو داود.
ــ
2436-
قوله: (وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة) بالتاء واسمه نفيع بن الحارث. قال المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكرة هو عبد الرحمن بن أبي بكرة الأنصاري البصري الثقفي ولد بالبصرة سنة أربع عشرة حيث نزلها المسلمون وهو أول مولود ولد للمسلمين بها، تابعي كثير الحديث سمع أباه وعليًّا، وروى عنه جماعة - انتهى. وقال الحافظ فيه: ثقة من كبار التابعين (قال) أي: عبد الرحمن: (يا أبت) بكسر التاء وفتحها (أسمعك) أي أسمع منك أو أسمع كلامك حال كونك (تقول: كل غداة) أي: صباح أو كل يوم. قال القاري: وهو الأظهر لما سيأتي. وقال الشيخ الدهلوي في اللمعات: لعل المراد بالغداة هنا اليوم فيصح تفصيله بقوله: تكررها ثلاثًا حين تصيح وثلاثًا حين تمسي، أو يقدر بعد قوله: كل غداة ((وكل عشية)) ويكون قوله: ((حين تصبح وتمسي)) تعيينًا للوقت لأن الغداة والعشي أوسع من الصبح والمساء لأنهما اسمان لما قبل الزوال وبعده (اللهم عافني في بدني) أي: من الآلام والأسقام، والمفاعلة لقصد والعافية دفاع الله عن العبد السيئة والمكروه، وعافاه الله معافاة وعافية: وهب له العافية من العلل والبلايا (اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري) خص السمع والبصر بالذكر بعد ذكر البدن مع أنه مشتمل عليهما لشرفهما فإن السمع يدرك ويعي الآيات المنزلة على الرسل، والعين هي التي تدرك وتجلو آيات الله المنبثة في الآفاق فهما جامعان لدرك الآيات النقلية والأدلة العقلية والنقلية وإليه ينظر قوله صلى الله عليه وسلم:((اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا)) (تكررها) وفي أبي داود، ومسند أحمد، والأدب المفرد، ((تعيدها)) وكذا نقله النووي في الأذكار، والشوكاني في تحفة الذاكرين يعني تكرر هذه الجمل أو هذه الدعوات بدل من ((تقول)) أو حال (فقال: يا بني) بفتح الياء والتصغير، وفي أبي داود ((فقال إني)) وهكذا في الأذكار ووقع في المسند، وابن السني، والأدب المفرد ((قال: نعم يا بني إني)) (يدعو بهن) أي: كذلك (فأنا أحب أن أستن) أي: أقتدي (بسنته) وأتتبع سيرته (رواه أبو داود) في الأدب وسكت عنه، وأخرجه أيضًا أحمد (ج5: ص42) ، والبخاري في الأدب المفرد (ج2: ص159) ، والنسائي في الكبرى، وابن السني (ص24، 25) كلهم من طريق جعفر بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، قال المزي: قال النسائي: جعفر بن ميمون ليس بالقوي، وقال المنذري بعد نقل كلام النسائي: وقال: فيه يحيى بن معين: ليس بذاك، وقال مرة: ليس بثقة، وقال مرة: بصري صالح الحديث. وقال الإمام أحمد ليس بقوي في الحديث، وقال أبو حاتم الرازي: صالح - انتهى. وقال الحافظ فيه: صدوق يخطئ.
2437-
(34) وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح قال: أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، والكبرياء والعظمة لله، والخلق والأمر والليل والنهار وما سكن فيهما لله، اللهم اجعل أول هذا النهار صلاحًا وأوسطه نجاحاً وآخره فلاحًا يا أرحم الراحمين.
ــ
2437-
قوله: (الكبرياء) أي: العظمة والتجبر (والعظمة) بفتح العين والظاء قال في القاموس: العظم بكسر العين حرف عظم كصغر عظمًا وعظامة فهو عظيم وعظم الرجل تكبر، والعظمة محركة الكبر والنخوة والزهو، وأما عظمة الله فلا توصف بهذا، ومتى وصف عبد بالعظمة فهو ذم - انتهى. والعظيم من أسماءه تعالى هو الذي جاوز قدره كل قدر وجل عن حدود العقول حتى لا تتصور الإحاطة بكهنة وحقيقته، والعظيم في صفات الأجسام كبر الطول والعمق والله تعالى جل عن ذلك (والخلق) أي: الإيجاد أو هو بمعنى المخلوق (والأمر) واحد الأوامر والمراد به الجنس أو واحد الأمور والمراد به التصرف والحكم، وقال الشوكاني في تفسير قوله تعالى:{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} (7: 54) الخلق المخلوق والأمر كلامه وهو كن في قوله تعالى {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} أو المراد بالأمر ما يأمر به على التفصيل أو التصرف في مخلوقاته (وما سكن فيه2ا) أي وتحرك فهو من باب الاكتفاء نحو {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (16: 81) أي والبرد، أو سكن بمعنى ثبت (لله) أي وحده لا شريك له وفيه رمز إلى قوله تعالى:{وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} (6: 13) وفي رواية ابن أبي شيبة: وما يضحى فيهما لله وحده. وهو بفتح الياء التحتية وإسكان الضاد المعجمة، وفتح الحاء المهملة، أي يبرز ويظهر، (اللهم اجعل أول هذا النهار صلاحًا) أي في ديننا ودنيانا، (وأوسطه نجاحًا) أي فوزًا بالمطالب المناسبة لصلاح الدارين (وآخره فلاحًا) . أي ظفرًا بما يوجب حسن الخاتمة وعلو المرتبة في درجات الجنة، والظاهر أن المراد من الأول والآخر والأوسط استيعاب الأوقات والساعات في صرفها إلى العبادات والطاعات لحصول حسن الحالات، والمعاملات في الدنيا ووصول أعلى الدرجات في الأخرى. قاله القاري. وقال الطيبي: صلاحًا في ديننا بأن يصدر منا ما ننخرط به في زمرة الصالحين من عبادك، ثم اشغلنا بقضاء مآربنا في دنيانا، لما هو صلاح في ديننا فانجحنا، واجعل خاتمة أمرنا بالفوز، بما هو سبب لدخول الجنة، فنندرج في سلك من قيل في حقهم:{أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2: 5) - انتهى. ولذا قالوا أجمع كلمة في الشريعة كلمة الفلاح. قال القاري: ولذا قال تعالى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى آخر الآيات، ثم قال:{أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ} (23: 10: 11)(يا أرحم الراحمين) قال القاري: ختم بهذا لأنه سبب لسرعة إجابة الدعاء، كما جاء في حديث. وروى الحاكم في مستدركه وصححه من حديث أبي أمامة مرفوعًا ((إن لله ملكًا موكلاً بمن يقول يا أرحم الراحمين، فمن قالها ثلاثًا قال له الملك: إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فسل)) والظاهر أن قيد الثلاث لأن الغالب أن من قالها ثلاثًا حضر قلبه ورحمه
ذكره النووي في كتابه الأذكار برواية ابن السني.
3438-
(35) وعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول إِذَا أَصْبَحَ: أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلَامِ وَكَلِمَةِ الإِخْلَاصِ وَعلى دِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَعلى مِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ
ــ
ربه. قلت: حديث أبي أمامة هذا سكت عليه الحاكم (ج1: ص544) وقال الذهبي: فضال بن جبير (الراوي عن أبي أمامة) ليس بشيء، (ذكره النووي) بحذف الألف وإثباته، (برواية ابن السني) ، وذكره الجزري في الحصين، برواية ابن أبي شيبة والهيثمي في مجمع الزوائد، (ج10: ص114، 115) برواية الطبراني مع اختلاف يسير وفيه:((وأوسطه فلاحًا وآخرة نجاحًا أسألك خير الدنيا والآخرة)) قلت: أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص14) والطبراني في معجمه، وابن أبي شيبة في مصنفه من طريق فائد أبي الورقاء وهو متروك اتهموه. فالحديث ضعيف جدًا. وانظر: تفصيل الكلام في أبي الورقاء في تهذيب التهذيب (ج8: ص255، 256) .
2438-
قوله (أصبحنا على فطرة الإسلام) بكسر الفاء أي دينه الحق. وقال القاري: أي خلقته قيل الفطرة الخلقة من الفطر، كالخلقة في أنها اسم للحالة كالجلسة، ثم إنها جعلت اسمًا للخلقة القابلة لدين الحق على الخصوص ومنه قوله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (30: 30) وحديث كل مولود يولد على الفطرة (وكلمة الإخلاص) في المسند ((وعلى كلمة الإخلاص)) أي التوحيد الخالص وهي كلمة لا إله إلا الله، وإنما سميت كلمة التوحيد كلمة الإخلاص لأنها لا تكون سببًا للخلاص إلا إذا كانت مقرونة بالإخلاص فالإضافة لأدنى ملابسة فإنها كلمة يحصل بها الإخلاص (وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم) وهو أخص مما قبله لأن ملل الأنبياء كلهم تسمى إسلامًا على الأشهر لقوله تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلَامُ} (3: 19) ولقول إبراهيم {أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (2: 131) ولوصية يعقوب لبنيه {فَلَا تَمُوتُنَّ إَلَاّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (2: 132) والظاهر أنه قاله تعليمًا لغيره. قال النووي في الأذكار: كذا في كتاب ابن السني ((دين نبينا محمد)) وهو غير ممتنع، ولعله صلى الله عليه وسلم قال ذلك جهرًا ليسمعه غيره فيتعلمه. والله أعلم. قال القاري: لا وجه لقوله ((لعل)) فإن الرواية متفرعة على السماع وهو لا يتحقق إلا بالجهر، وقيل الأظهر أنه صلى الله عليه وسلم أيضًا مأمور بالإيمان بنفسه كما ورد جوابه للمؤذن عند الشهادتين بقوله ((وأنا أنا)) قال ابن عبد السلام في أماليه: و ((على)) في مثل هذا تدل على الاستقرار والتمكن من ذلك المعنى لأن المجسم إذا علا شيئًا تمكن منه واستقر عليه ومنه، {أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ} (2: 5) (وعلى ملة أبينا إبراهيم) الخليل صلى الله عليه وسلم، وهو أبو العرب لأنهم من ولد إسماعيل ونسله ففيه تغلب، أو الأنبياء بمنزلة الآباء ولذا قال تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (33: 6) وفي قراءة شاذة وهو أب لهم، فأبو النبي يكون أبا أمته، وإنما احتيج لهذا التخصيص، لقوله تعالى:{أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} (16: 123) أي في أصول