الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِذَلِكَ قَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي الَّذِينَ بَعَدَ الصَّحَابَةِ، وَأَثْبَتَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي جُمْلَةِ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ أَحَدُ الْأَجِلَّةِ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ، سَمِعَ أَبَاهُ وَأَبَا سَعِيدٍ وَغَيْرَهُمَا. رَوَى عَنْهُ نَفَرٌ، مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ وَلَهُ اثْنَتَانِ وَتِسْعُونَ سَنَةً، كَذَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلَّفُ. (قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قُلْتُ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ وَفَاءُ عِدَّةِ الْأَنْبِيَاءِ) ؟ أَيْ كَمْ كَمَالُ عَدَدِهِمْ (قَالَ: " مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا ") . الْعَدَدُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ مَجْزُومًا بِهِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَقْطُوعٍ، فَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ مُجْمَلًا مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ فِي عَدَدٍ، لِئَلَّا يَخْرُجَ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلَا يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ فِيهِمْ.
5738 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ مُوسَى بِمَا صَنَعَ قَوْمُهُ فِي الْعِجْلِ، فَلَمْ يُلْقِ الْأَلْوَاحَ، فَلَمَّا عَايَنَ مَا صَنَعُوا أَلْقَى الْأَلْوَاحَ فَانْكَسَرَتْ» ". رَوَى الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ أَحْمَدُ.
ــ
5738 -
(وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى) : اسْتِئْنَافٌ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ، وَالْمَعْنَى لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ (أَخْبَرَ مُوسَى بِمَا صَنَعَ قَوْمُهُ فِي الْعِجْلِ، فَلَمْ يُلْقِ الْأَلْوَاحَ) أَيْ: لِعَدَمِ تَأْثِيرِ الْخَبَرِ فِيهِ تَأْثِيرًا زَائِدًا بَاعِثًا عَلَى الْغَضَبِ الْمُوجِبِ لِلْإِلْقَاءِ (فَلَمَّا عَايَنَ مَا صَنَعُوا أَلْقَى الْأَلْوَاحَ) ، أَيْ غَضَبًا لِلَّهِ عَلَى قَوْمِهِ لِمُخَالَفَةِ دِينِهِ (فَانْكَسَرَتْ) . أَيْ الْأَلْوَاحُ مِنْ شِدَّةِ إِلْقَائِهِ الدَّالَّةِ عَلَى كَثْرَةِ غَضَبِهِ، ثُمَّ فِي إِلْقَائِهَا إِيمَاءٌ بِأَنَّهَا إِنَّمَا تَنْفَعُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، فَإِذَا اخْتَارُوا الْكُفْرَ وَالطُّغْيَانَ لَمْ يَبْقَ فَائِدَةٌ فِي إِبْقَائِهَا، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَا فَاتَ شَيْءٌ مُهِمٌّ مِنْ كَسْرِهَا. قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ إِلَخِ اسْتِشْهَادٌ وَتَقْرِيرٌ لِمَعْنَى قَوْلِهِ: لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ:{فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [طه: 85] عِنْدَ نُزُولِ أَلْوَاحِ التَّوْرَاةِ عَلَيْهِ لَمْ يُلْقِ الْأَلْوَاحَ، {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} [الأعراف: 150] . (رَوَى الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ أَحْمَدُ) . وَوَافَقَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ صَدْرَ الْحَدِيثِ فَقَطْ، وَهُوَ قَوْلُهُ:" لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ " عَنْ أَنَسٍ، وَكَذَا الْخَطِيبُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
[كِتَابِ الْفَضَائِلِ] [
بَابُ فَضَائِلِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ]