الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في رد نسبة المعترض الشيخ للجهل وعدم معرفة مذاهب أهل العلم]
فصل قال المعترض: (وسنذكر من عبارات الأصحاب وغالبها من الذين يميل هذا الرجل وذووه بزعمه إليهم، وإن كان هو لا يعمل بقولهم (1) ولا يفهم حقيقته مما يدرأ به عن التكفير للأمة مع صدوره بالجهل، وفيهم لمن تحقَّق قولهم المقنع، ولو ذهبنا نذكر قول (2) علماء أهل (3) المذاهب لم يرعووا إليها، لأنهم لا يرونهم قدوة لادعائهم الاجتهاد، وإن كانوا لا يصلحون مع أهل العلم لتعليم الأولاد) .
فيقال في جوابه: باب الدعاوى، والقول بلا حجة أوسع من المشرق إلى المغرب، يمكن كل مبطل أن يقول في خصمه ما شاء إن لم يمنعه مانع، أو يزعه وازع، من سنة أو قرآن أو رهبة أو سلطان، وإذا خلا الرجل من ذلك، وخلع ربْقَة الحياء والدين فليصنع ما شاء، كما في حديث (4)" «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت» "(5) وإذا رمى هذا المعترض
(1) في (ق) و (م) : "هؤلاء لا يعلم قولهم".
(2)
ساقطة من (م) .
(3)
ساقطة من (ق) و (م) .
(4)
في بقية النسخ: "الحديث".
(5)
تقدَّم تخريجه، انظر: ص (51) ، هامش 4.
خصمه بترك العمل وعدم الفهم، فمن الذي يشهد له هو بعلم أو عمل؟ وأي أحد من الأمة أهل الفطنة والدين فضلًا عن أهل العلم واليقين، يرضى حكمه في حزمة (1) بَقْلٍ أو شراك نَعْل، والمعروف عنه في هذا الكتاب وفي غيره من الجهل المركَّب الصريح، ما يتنزَّه عنه أحاد العامة، بل كثير من المشركين لا يرضى قوله، ولا يميل إليه، وإن وافق مذهبه لاستهجانه في نفسه، وظهور ضلاله وتناقضه، وكثير منهم يتستَّر ولا (2) يبدي ما أبداه هذا المعترض من الفضائح، وإن دعا الصالحين وتوجَّه إليهم من دون الله.
ثم قوله: (مما (3) يدرأ به عن التكفير للأمة) قد تكرَّر منه في كل صفحة (4) التشبيه بالأمة، وأن خصمه يُكَفِّر الأمة، وقد تقدَّم مرارًا أن الأمة المستجيبين لله ورسوله لا يكفرهم خصمه (5) ؛ بل هم أولياؤه إخوانه ولم يدع إلَاّ إلى طريقهم (6) ولم ينتحل سوى نحلتهم، وهم المقصودون من الأحاديث التي تدل على التزكية والثناء، وأمَّا مجرَّد الانتساب إلى الأمة (7) مع دعاء غير الله (8) والشرك الصريح بالأحياء والأموات، والبلة
(1) في (ق) و (م) : "بحزمة".
(2)
في (ق) و (م) : "يستتر"، "ولا" ساقطة من (م) .
(3)
في (ق) و (م) : "ما".
(4)
في (ق) و (م) زيادة: "بذا".
(5)
في (المطبوعة) زيادة: "ولا يدين لله بذلك ".
(6)
في (ق) و (م) : "طريقتهم"، وبإسقاط:" إلى ".
(7)
في (ق) و (م) : "الله".
(8)
في (ق) : " غيره".
والمجانين، والأحجار والأشجار والشياطين، فهذا (1) ليس هو دين الأمة المحمَّدية، كما زعمه هذا المعترض الجاهل، وإنَّما هو (2) دين إخوانه الضالين من الكتابيين والأميين، وإن كثر عددهم وعظم سوادهم، وتشابهت قلوبهم، فهم عند الله وعند رسوله وعند أولي العلم من خلقه الأقلون، الضالون، المنحرفون عما جاءت به الرسل، ودعت إليه الأنبياء، ولا يطلق عليهم اسم الأمة إلَاّ في مقام الدعوة والنذارة، كما في حديث:" «ما من رجل من هذه الأمة يهودي ولا نصراني يسمع بي (3) ثم لا يؤمن إلَاّ كان من أهل النار» "(4) .
وأمَّا زعمه: (أنَّ الشيخ وإخوانه الموحِّدين لا يرون العلماء قدوة، ولا يرعوون إلى أقوالهم لادعائهم الاجتهاد، وإن كانوا لا يصلحون لتعليم الأولاد) .
فيقال: هذا البهت والزور من جنس ما سبق وتكرَّر عنه في هذه الرسالة، وشيخنا رحمه الله لم يَخْرج في مسألة من الأصول والفروع عما عليه أهل العلم، الذين لهم لسان صدق في هذه الأمة، ويطالب هذا المفتري (5) بتصحيح دعواه في مسألة واحدة من مسائل الدين، وهذه المسائل التي نقلها هذا المفتري، واحتجَّ بها على دعواه، كافية في الرد عليه
(1) في (ق) و (م) : "فهو".
(2)
ساقطة من (م) .
(3)
ساقطة من (ق) .
(4)
أخرجه مسلم (153) ، وأحمد (2 / 317، 350) ، والحاكم في المستدرك (2 / 372) .
(5)
في (ق) : "المعترض".
والتسجيل على جهله وعدم فهمه، لما أورده من كلام أهل العلم والدين، وأنه (1) لم يدخل من الْإِسلام فيما دخل فيه عوام المسلمين، فضلًا عن أهل العلم واليقين، ومن عادة أهل الجهل والنفاق، نسبة أهل العلم والْإِيمان إلى السفه والجهالة.
كما قال تعالى عن المنافقين: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} [البقرة: 13] الآية [البقرة / 13] .
وقال فرعون لقومه: {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف: 52][الزخرف / 52] . فهذه سنَّة معروفة لأهل الكفر والنفاق، يستجهلون أهل الإيمان، ويزدرونهم، ويرمونهم (2) بالسفه، وعدم العلم، وقد ألبس الله هذا الرجل ثوب الجهل المركب وثوب التعصُّب، وعرف بذلك بين الورى، وانتزعت منه سمة أهل الإيمان والهدى، فنسأل الله العفو والعافية، والثبات على دينه الذي ارتضاه لنفسه.
(1) في (ق) : "والله".
(2)
ساقطة من (ق) و (م) .