المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في احتجاج المعترض لكلام لابن القيم فهم منه منع التكفير بدعاء غير الله والشرك به] - مصباح الظلام في الرد على من كذب الشيخ الإمام ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام - جـ ٣

[عبد اللطيف آل الشيخ]

فهرس الكتاب

- ‌[حياة الأنبياء والشهداء بعد موتهم لا تدل على أنهم بقصدون للدعاء والاستغاثة]

- ‌[فصل في رد دعوى المعترض أن طلب الشفاعة ممن له شفاعة أو قرب يسوغ ولا يحرم وليس بشرك وأنه من جنس سؤال الأحياء ما يستطيعونه]

- ‌[فصل فيه الشفاعة المثبتة والمنفية والمقصود بملكية الشفاعة]

- ‌[فصل في منع ترتيب دعائه عليه السلام على أن جاهد في مزيد دائم]

- ‌[فصل فيه إبطال دعوى المعترض أن الشفاعة تطلب من الرسول عليه السلام بعد موته]

- ‌[فصل فيه معنى الاصطفاء والتفريق بين إنكار المنكر وتكفير من أشرك وعاند]

- ‌[فصل فيه مناقشة التفريق بين الخوارج وأهل السنة]

- ‌[حياة الأنبياء والشهداء بعد موتهم لا يدل على علمهم بحال من دعاهم ولا قدرتهم على إجابته]

- ‌[فصل فيه رد مسبة المعترض بلد الشيخ]

- ‌[بيان أن حديث توسل آدم بحق محمد عليه السلام موضوع]

- ‌[فصل فيه مناقشة أن الرؤيا المنامية ليست من الأحكام الشرعية]

- ‌[فصل في مناقشة ورد قصة العتبي]

- ‌[فصل في رد احتجاج المعترض بقول العلماء لقصة العتبي]

- ‌[فصل في رد ادعاء المعترض حسن قصده من اعتراضات وبيان سوء قصده وأثره وبطره]

- ‌[فصل في رد نسبة المعترض الشيخ للجهل وعدم معرفة مذاهب أهل العلم]

- ‌[فصل فيه بيان أن الحجة تقوم على المكلفين ويترتب حكمها بعد بلوغ ما جاءت به الرسل ويكفي في التكفير رد الحجة وعدم قبول الحق]

- ‌[فصل فيه رد على فهم خاطىء للمعترض لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية]

- ‌[باب الدعاوى مصراعاه من بصرى إلى عدن ولكن لا دعوى بدون بينة]

- ‌[فصل في مناقشة كلام لابن تيمية استدل به المعترض على عدم تكفير أهل الشرك والردة وخلط بينهم وبين أهل البدع والأهواء]

- ‌[فصل في بيان أن من كفر الفرق كلها فقد خالف الكتاب والسنة ومن الفرق من خرج عن الملة]

- ‌[فصل في احتجاج المعترض بكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية على أن عباد القبور وغيرهم خطؤهم مغفور لهم]

- ‌[فصل في احتجاج المعترض لكلام لابن القيم فهم منه منع التكفير بدعاء غير الله والشرك به]

- ‌[فصل في احتجاج المعترض بكلام لابن رجب الحنبلي على مقصده من عدم تكفير من أتى بشرك]

- ‌[فصل في الشفاعة وأنها لمن كان من أهل التوحيد]

- ‌[فصل في رد المعترض فيما حده للشفاعة من حد]

- ‌[فصل في مناقشة ورد دعوى المعترض أنه لا يكفر إلا من عرف وعلم واختار الكفر]

- ‌[فصل فيه جواب المعترض بأن الشيخ لم يكفر بلازم قوله أو مذهبه]

- ‌[فصل في رد دعوى المعترض التسهيل بقبول الشهادتين ممن دعا غير الله واستغاث بهم]

- ‌[فصب في رد استدلال المعترض بكلام لابن عقيل مع المتكلمين على رد قول علماء الإسلام]

- ‌[فصل في رد تأول المعترض كلام ابن عقيل والشافعي على المتكلمين في أئمة الهدى ومصابيح الدجى]

- ‌[فصل في احتجاج المعترض بأقوال لأهل العلم في أهل البدع يرمي به علماء التوحيد]

- ‌[فصل فيه بحث مسألة الإيمان والتكفير بالذنوب بين أهل السنة والخوارج]

- ‌[فصل في احتجاج المعترض بحديث البطاقة على منع تكفير من نقض الشهادتين]

الفصل: ‌[فصل في احتجاج المعترض لكلام لابن القيم فهم منه منع التكفير بدعاء غير الله والشرك به]

[فصل في احتجاج المعترض لكلام لابن القيم فهم منه منع التكفير بدعاء غير الله والشرك به]

فصل قال المعترض: (وقال شمس الدِّين (1) ابن القيم، لما أتى على مسألة التكفير:"اعلم أن الكفر والْإِيمان متقابلان، إذا زال أحدهما خلفه الآخر".

قال: "ولما كان الْإيمان أصلًا له شعب متعددة، وكل شعبة فيه تسمى إيمانًا، فالصلاة والزكاة والصيام والحج والأعمال الباطنة كالحياء والتوكل والخشية من الله تعالى والإنابة حتى تنتهي هذه الشعب إلى إماطة الأذى عن الطريق، وهذه الشعب منها ما يزول الإيمان بزواله، كالشهادتين، ومنها ما لا يزول بزواله" إلى أن قال: "وكذلك الكفر ذو أصل وشعب كما أن الْإِيمان أصل الشهادتين، وكما أن (2) أصل [الكفر] (3) الجحود لهما؛ فكما أن شعب الْإِيمان إيمان فشعب الكفر كفر" إلى أن قال: "وهاهنا أصل آخر، وهو أنه لا يلزم من قام به شعبة من شعب (4) الكفر أن يسمى كافرًا، وإن كان ما قام به كفر". إلى أن قال: "فمن صدر منه خصلة من خصال الكفر فلا يستحق اسم كافر على الْإِطلاق، لأن معه أصل الْإِيمان،

(1) ساقطة من (م) . وانظر قول ابن القيم في: "الصلاة وحكم تاركها" ص (27) .

(2)

في (المطبوعة) : " فإن".

(3)

ما بين المعقوفتين إضافة من بقية النسخ.

(4)

"من شعب" ساقطة من (ق) و (م) .

ص: 529

وهما الشهادتان"، إلى أن قال: "وهاهنا أصل آخر، وهو أن الكفر نوعان: كفر عمل، وكفر جحود وعناد، فكفر الجحود أن يكفر بما علم أن [219] الرسول صلى الله عليه وسلم جاء به من عند الله تعالى، جحودًا وعنادًا (1) منه، فهذا الكفر يضاد الْإِيمان من (كل وجه، وأما كفر العمل: فينقسم إلى ما يضاد الْإِيمان، وإلى ما لا (2)(3) يضاد الْإِيمان فالسجود للصنم؛ والاستهانة بالمصحف، وقتل النبي وسبه، يضاد الْإِيمان.

وأما الحكم بغير ما أنزل الله، وترك الصلاة فهو من الكفر العملي قطعًا، فالحاكم بغير ما أنزل الله كافر، وتارك الصلاة كافر بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكن كفر عمل لا كفر اعتقاد وعناد، وقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم الْإِيمان عن الزاني، والسارق، وشارب الخمر، وعمن لم يأمن جاره بوائقه، فهو كافر من جهة العمل، وإن انتفى عنه كفر الجحود والاعتقاد، وكذا قوله صلى الله عليه وسلم:" «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» "(4) 0 اهـ.

فقد نص رحمه الله أن الكفر لا يكون إلَاّ جحودًا أو عنادًا، فهذا الذي يخرج عن الملة، فمتى يكون هذا في الأمة؟ وما سوى ذلك له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير تكفير وقتال، كما يفعل هذا الرجل بالأمة) .

والجواب أن يقال: هذا المعترض له حظ وافر من تحريف النصوص

(1) في (ق) و (م) : "أو عنادًا".

(2)

ساقطة من (ح) .

(3)

ما بين القوسين ساقط من (ق) .

(4)

أخرجه البخاري (7077، 7078، 7079، 7080) ، ومسلم (65) .

ص: 530

والكذب فيها، وكلام شمس الدين رحمه الله في هذه المسألة معروف مشهور، جار على مذهب السلف، وأهل العلم في التكفير بكثير من الأقوال والأفعال الباطنة والظاهرة، ولا ينازع في تكفير من عبد غير الله وأشرك بربه، وكلامه في هذه العبارة صريح في ذلك، وقد ساقها مستدلًا بها على كفر تارك الصلاة، والمعترض حرَّف العبارة، وأسقط منها ما هو حجة عليه، وما لا يستقيم الكلام بدونه، فأسقط من أول العبارة قوله:(ومنها ما لا يزول بزوالها كترك إماطة الأذى عن الطريق، وبينهما شعب (1) متفاوتة تفاوتًا عظيمًا، ومنه ما (2) يلحق شعبة الشهادة، ويكون إليها أقرب) فأسقط هذا لأنه صريح في التكفير بدعاء غير الله والشرك به، وأن ما قارب هذا الأصل يكون كفرًا، ويلحق به، وهذا عين (3) كلام الشيخ؛ بل شيخنا رحمه الله لم يُكَفِّر إلَاّ بترك العمل بشهادة أن لا إله إلا الله، وباتخاذ الآلهة والأنداد مع الله، وقد نص في هذه العبارة المنقولة أن هذه الشعب منها ما يزول الإيمان بزواله كالشهادتين، وهذه هي مسألة النزاع، فإن من شهد (4) لله بالوحدانية، ولم يلتزم ذلك ولم ينقد لمقتضاه، لا يكون مؤمنًا (5) وكذلك شهادة أن محمدًا رسول الله لا بد فيها من التزام ما جاء به: من الْإِيمان بالله وتوحيده، وإلَاّ فلا تنفعه هذه الشهادة، ولا يسمى شاهدا.

(1) ساقطة من (ق) و (م) .

(2)

في (ح) : "ما لا".

(3)

في (ق) : "غير".

(4)

في (م) : "يشهد".

(5)

ساقطة من (م) .

ص: 531

[220]

قال تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1][المنافقون / 1] .

فأكذبهم في زعمهم، لأنهم لم يعملوا (1) بمقتضى الشهادة، بل خالفوها بالعمل والاعتقاد، فلو تفطن فيما نقله هذا المعترض لعرف أنه عليه لا له، وأن شيخنا أسعد بكلام أهل العلم والإيمان ممن أجاز دعاء الأموات والغائبين، والالتجاء إليهم من دون الله رب العالمين.

وكذلك قوله: (الكفر (2) ذو أصل وشعب) فهذا حق، وشيخنا لم يكفِّر إلَاّ بأصل الكفر لا بشعبه، مع أن هذا الكلام من المعترض نفاق ومغالطة، وإلا فقد صرَّح في مواضع مما مر بأن أهل هذا الشرك هم خير أمة أُخرجت للناس، وهم أهل (3) المساجد والمنار، وهم الذين أُمِرنا أن نسأل الله الهداية إلى صراطهم، فكيف يرجع هنا إلى عبارة لابن القيم فيها التفصيل بين أصول (4) الكفر وسائر شعبه؟ وهل هذا إلَاّ محض التناقض والتدافع؟ .

وقد أسقط من كلام شمس الدِّين قوله رحمه الله تعالى: (وكذلك من شعب الإيمان (5) الفعلية ما يوجب زوالها زوال (6) الإيمان، وكذلك

(1) في (ق) : "لا يعلمون".

(2)

في (م) : "والكف".

(3)

ساقطة من (ق) و (م) .

(4)

في (م) : "أصل".

(5)

في (ح) : "شعبه".

(6)

ساقطة من (ق) .

ص: 532

شعب الكفر القولية والفعلية، فكما يكفر بالْإِتيان بكلمة (1) الكفر اختيارًا، وهي شعبة من شعب الكفر، كذلك يكفر بفعل شعبة من شعبه، كالسجود للصنم والاستهانة بالمصحف) وهذا صريح في مسألة النزاع، لكن حذفه المعترض المُحَرِّف، لبسًا للحق بالباطل، وترويجًا لباطله، وليًّا بلسانه.

وقال رحمه الله (2) في هذا الأصل: (فالكفر كفران، والظلم ظلمان، والفسق (3) فسقان، والجهل جهلان، والشرك شركان: شرك (4) ينقل عن الملة، وهو الشرك الأكبر، وشرك لا ينقل عن الملة، وهو الشرك الأصغر: شرك العمل، كالرياء.

قال الله تعالى في الشرك الأكبر: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة: 72](5)[المائدة / 72] .

وقال: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31][الحج / 31] .

وقال: في شرك الرياء {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110][الكهف / 110] .

ومن هذا الشرك الأصغر قوله صلى الله عليه وسلم " «من حلف بغير الله فقد أشرك» "

(1) في (ق) و (م) : "بإتيان كلمة".

(2)

في (المطبوعة) : "ابن القيم".

(3)

في (ق) و (ح) و (المطبوعة) : "والفسوق".

(4)

في (ح) زيادة: "لا"، وهي خطأ.

(5)

في (ق) و (م) زيادة: وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ.

ص: 533

رواه أبو داود (1) وغيره؛ ومعلوم أن حلفه بغير الله لا يخرجه عن (2) الملة ولا يوجب له حكم الكفار، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم:" «الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل» ") (3)) .

ثم قال رحمه الله تعالى: (ثم انظر كيف انقسم الشرك والكفر والفسوق والظلم والجهل إلى ما هو كفر ينقل عن الملة، والى ما لا ينقل عنها، وكذلك النفاق نفاقان، نفاق اعتقاد ونقاق عمل) ، وكل هذا أسقطه المعترض؛ لأنه يدفع في صدره (4) ويرد باطله وترويجه.

ويقال أيضًا: ما نقلته عن شمس الدين ابن القيم حجة لنا عليك، مع [221] ، ما فيه من التحريف والحذف واللبس.

من ذلك قوله: (ولما كان الإيمان أصلًا له شعب) فهذه لنا؟ لأن النزاع في أصل الإيمان الذي هو شهادة أن لا إله إلَاّ الله، والكلام في التزامها والعمل بمقتضاها، وأما بقية الشعب فليس من مسألة النزاع، ولا يُكَفِّر بترك بعض الشعب التي هي دون الأصل وأركانه إلَاّ من يكفر بالذنوب كالخوارج، فهؤلاء يحسن الرد عليهم بمثل هذا النقل، وأما من لم يكفر إلَاّ بترك أصل الإيمان الذي هو مدلول شهادة أن لا إِله إلَاّ الله، فالرد عليهم (5) بكلام ابن القيم مجرد هوس وخيلاء، خرجت بصاحبها عن موضوع الكلام.

(1) أخرجه أبو داود (3251) .

(2)

في (ق) و (ح) و (المطبوعة) : "من".

(3)

أورده الألباني في صحيح الجامع (3730، 3731) وصححه، وفي ضعيف الجامع (3432، 3433) ، وضعفه وخرجه في السلسلة الضعيفة (3755) .

(4)

في (ق) و (م) : "صده".

(5)

في (ق) و (م) : "عليه".

ص: 534

وقد تقدم أنه قال: (وهذه الشعب منها ما يزول الإيمان بزواله كالشهادتين) . (وقد نقله هذا المعترض، ومن المعلوم أن المقصود زوال حقيقة الشهادتين)(1) علمًا وعملًا أو قولًا، لا زوال مجرد القول واللفظ، كما فهمه هذا الغبي.

وكذلك قوله: (وهاهنا أصل آخر، وهو أنه لا يلزم من قام به شعبة من شعب الكفر أن يسمى كافرًا، وإن كان ما قام به كفر؛ لأن معه أصل الإيمان وهما الشهادتان) وهذه العبارة لنا؛ لأنا لا نكَفِّر إلَاّ (2) بترك ما دلَّت عليه الشهادتان مطابقة أو تضمنًا، وما عدا ذلك فلم (3) نُكَفِّر به.

فظهر أن شمس الدين ابن القيم رحمه الله قد قرر في نقل المعترض، وكرر التكفير وزوال الإيمان بترك الشهادتين، ولكن هذا الجاهل المعترض يظن أن المقصود ترك اللفظ فقط (4) وهذا من كثافة جهله وعدم علمه، وقلة ممارسته، وبعده عن صناعة العلم، فالحمد لله الذي أخزاه وكبته في مماته ومحياه.

وكذلك (5) في نقله أن الكفر نوعان، كفر عمل، وكفر جحود وعناد، وكفر الجحود: أن يَكْفُر بما علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء به من عند الله جحودًا وعنادًا منه، فهذا الكفر يضاد الإيمان من كل وجه.

(1) ما بين القوسين ساقط من (ق) .

(2)

ساقطة من (المطبوعة) .

(3)

في (ق) : "فلا"، وفي (ح) و (المطبوعة) :"لم".

(4)

ساقطة من (ق) .

(5)

في (ق) زيادة: "قوله".

ص: 535

هذا نَقْلُهُ (1) ومن عرف ما جاء به الشيخ (2) ودعا إليه من توحيد الله تعالى، وإفراده بالعبادة، والبراءة من كل معبود سواه، وعرف أن هذا أصل الأصول وأكبر القواعد، وأظهر الشعائر، وأن القران "وأن القرآن"(3) من أوله إلى [222] آخره دال عليه، آمر به، مقرر له، محتج عليه، مبين له، وأن الآيات والبراهين على صحته وظهوره أظهر من الشمس في الظهيرة، عرف حينئذ أنَّ مَن رَدَّه وأباه، واستمر على اتخاذ الوسائط والشفعاء والأنداد، يدعوهم ويسألهم ويتوكل عليهم، من غير التفات إلى حجج الله وبيناته، من أعظم الناس جحودًا وعنادًا، وأغلظهم كفرًا وفسادًا؟ وأنَّ كُفْر هذا الصنف ملحق بكفر أهل الجحود والعناد، ولكن غلبة الجهل، وكثافة الفهم، وغلظة الطبع، واعتياد الشرك، وظلمة الكفر، حجب كثيفة حالت بين هؤلاء القوم وبين معرفة الكفر والإيمان، والتوحيد والإشراك، فالتبس الأمر عليهم، وصاروا يحتجون على أهل الإسلام بما هو عليهم لا لهم. وفي المثل:"أريها السّهى وتريني القمر".

ولما نزل قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98] الآية [الأنبياء / 98] .

قال ابن الزّبعرى: "اليوم أخصم محمدًا "(4) ظنًّا منه أن قياس الأولى يجري هنا، لم يعرف ما بين الأصل والفرع من الفرق في علة الحكم

(1) في (ق) و (م) زيادة: " المعترض".

(2)

في (ق) و (م) : "الرسول صلى الله عليه وسلم".

(3)

ساقطة من (ق) .

(4)

أخرجه الطبراني في الكبير (12 / 153) . قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7 / 69) : وفيه عاصم بن بهدلة وقد وثقه وضعفه جماعة.

ص: 536

ومناطه، بل ظن بجهله أن الاشتراك في العبادة هو العلة؛ ولذلك قاس قياس الأولى، والأمر ليس كذلك.

فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ - لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} [الأنبياء: 101 - 102][الأنبياء / 102 ،101] .

وروى بعضهم (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "ما أجهلك بلغة قومك: ما: لما لا يعقل"(2) لكن يُشْكل على (3) هذا ما قرره العلامة (4) ابن القيم رحمه الله من أن ابن الزبعرى إنما أراد إلحاق الحكم بالنظير، وإجراء العلة مجراها، لا أنه خفي عليه موضوع "ما"، وإن صح الحديث، فهو صريح في ردِّ ما قاله على كلا التقديرين، وتقرير شمس الدِّين ابن القيم رحمه الله يشير إلى أن أصل الحديث ثابت عنده، وهو كذلك، كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وشمس الدِّين حجة في النقل.

والمقصود بهذا: تحقيق المشابهة بين المعترض وأسلافه، ممن يعترض على كتاب الله ورسله وأوليائه، وحجتهم بحمد الله داحضة، لكن: ربما جرَّ شأن شؤونًا.

إذا عرفت هذا: فقول المعترض في آخر نقله: (فمتى يكون هذا في الأمة؟) يشير إلى كفر الجحود والعناد، وهذه القولة صريحة في استبعاد

(1) في (المطبوعة) زيادة: "في ذلك حديثًا، الله أعلم به".

(2)

لم أقف على هذا اللفظ، وقصة ابن الزبعرى أوردها ابن كثير في تفسير الآية عن ابن مردويه.

(3)

ساقطة من (م) .

(4)

ساقطة من (م) .

ص: 537

[223]

، وقوع هذا وحصوله في الأمة، كما دلَّ عليه حديث ثوبان وغيره، وظاهر هذا: أن ما حدث من بني حنيفة، والأسود العنسي، والمختار ابن أبي عبيد، وسائر أهل الردة، والقرامطة، والعبيديين ملوك مصر، والتتر الذين يتلفظون بالشهادتين، ومنهم من يصلي، وغلاة القدرية والجهمية، والرافضة، والجبرية وأمثالهم، ونظراؤهم وأشباههم ممن يتكلم بالشهادتين، وينتسب إلى الإسلام، لا يقع منهم كفر الجحود والعناد أبدًا، وإنما هو كفر عمل لا يخرج عن الملة، له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من غير تكفير وقتال، على زعم هذا المفتري، وهذه الفضيحة والخزية القبيحة الدالة على محله من العقل والدين كافية في رد أباطيله، ودحض أساجيله (1) فَلْيَهْن من ذكرنا من أعداء الرسل هذا الحكم القاسط الجائر، المخالف لجميع كتب الله، المناقض لسائر رسله.

ومن العجب خفاء هذا الجهل على كثير ممن ينتسب إلى الإسلام ممن يخالط هذا (2) وأمثاله، ويسمع لهم، ومن أعرض عن كتاب الله، ولم يكن له حظ من نور الوحي، وضياء الرسالة، فهو مستعد لقبول (3) ما (4) أوحته الشياطين إلى أوليائها من الجهل والعمى، والضلال عن سبيل الرشاد والهدى.

(1) في (ق) و (م) زيادة: "فقد خربت دار هذا إمامها فقيهها".

(2)

في (ق) و (المطبوعة) زيادة: "الجاهل".

(3)

في (م) : "لقول".

(4)

ساقطة من (ح) .

ص: 538