الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بإلى عدل فى ذلك إلى ما يصح فيه تقدير أذكر كقوله: "وابراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه " وقوله: "ولوطا إذ قال لقومه " فلما انفردت الآيتان اولا وهما آية إرسال نوح وآية إرسال شعيب لما انفردتا بما ذكر نوسب بينهما فدخلت الفاء فى قوله "فقال " فى قصة شعيب عليه السلام كما دخلت فى قوله "فلبث " فى قصة نوح كما تقدم.
وأما آية الأعراف وآية هود فإنه لما ذكر فى كل واحدة من هاتين السورتين جماعة من الرسل مبينا أخبارهم على وتيلة واحدة من ذكر الرسل والمرسل إليهم وتكرر ذلك بدئ بأول قصة على الاستيفاء فقيل: "لقد أرسلنا نوحا إلى قومه " ثم أوجز بعد فورد بغير الافصاح بلفظ الارسال وبغير الفاء والتحم ذلك وتناسب لاتحاد المقصد فى السورتين والله أعلم.
الآية السادسة عشرة قوله تعالى: " تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ
" وفى سورة يونس: " ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74)" وورد فى أول هذه السورة أيضا: " وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ".
فيها أربع سؤالات الأول: ورود الضمير المجرور فى الآية الثانية من سورة يونس وهو قوله "به " وسقوطه مما سواها والثانى قوله "كذلك يطبع الله " فجئ بالاسم الظاهر فى سورة الأعراف بالكفر وفى ثانية يونس بالاعتداء والرابع قوله تعالى فى الأولى فى سورة يونس عدولا عما فى السورتين "كذلك نجزى القوم المجرمين ".
للسائل أن يسأل عن ذلك؟
والجواب عن الأول: أنه لما تقدم فى سورة الأعراف قوله تعالى: " وتصدون عن سبيل الله من آمن به " وقوله: "وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذى أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا " ثم قال بعد: "فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا " وقع الاكتفاء بما تقدم من قوله "بالذى أرسلت به " والذى أرسل به هو الذى طلب منهم الإيمان به فحصل المقصود فلو قيل أخيرا "به " لكان تكرارا فاقتضى الإيجاز وإحراز البلاغة حذفه لحصوله كما حذف من قوله:
"وطائفة لم يؤمنوا " مع أنه مراد فحذف الموصول وصلته ورابطها إذ التقدير وطائفة لم يؤمنوا بالذى أرسلت به لحصول ذلك مما تقدم وأما قوله فى يونس: "فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل " فإنه لما تقدم هنا ما تقدم هناك فلم يكن بد من الإتيان بالضمير ليحصل ما وقع من التكذيب ولترتبط الصلة بالموصول.
والجواب عن الثانى: أن قوله تعالى فى سورة يونس: "كذلك نطبع على قلوب المعتدين " مناسب ومرتبط بما افتتحت به الآية من قوله تعالى: " ثم بعثنا " فأخبر تعلاى بإنعامه على عباده - ممن هداه - بنعمة الرسل إحسانا وامتنانا ولتقوم الحجة على الخلق فقال تعالى: "بعثنا " بإضافة هذا الفعل إلى الكناية العلية وهى ضمير المتكلم فناسب ذلك ما بنى عليه وارتبط به من قوله تعالى: " كذلك نطبع " مراعاة للتناظر والتقابل وأما آية الأعراف فمبنية على مطلعها من قوله تعالى أول الآية: "ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل " فلم يتقدم ما يطلب بورود الفاعل مضمرا فجاء على ما يجب إذ لا طالب بمناسبة.
والجواب عن الثالث: أن آية الأعراف لما تقدمها قصص قد جرى فيها ذكر مكذبى الأمم أنبياءهم وما ردوا عليهم وخاطبوهم به كقول كفار قوم صالح عليه السلام لمن آمن به منهم: "إنا بالذى آمنتم به كافرون " وقولهم: "ياصالح ائتنا بما تعدنا " وقول الملإ من قوم شعيب لمن آمن منهم: "لئن اتبعتم شهيبا إنكم إذا لخاسرون " إلى ما بعد وما قبل من سئ المجاورة من مكذبى الأمم فحصل من هذه الآى من التعريف بحال هؤلاء الأمم هذه القصص بذكر غيرهم ممن سلك مسلك من تقدمهم من المذكورين ما ناسبه قوله تعالى عقب جميعها: "كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين " وأما آية يونس فلم يتقدم قبلها تفصيل ولا إفصاح بمخاطبة نبى ومواجهته بمثل ما فى آى الأعراف بل ورد ذلك مورد الإجمال فناسبه وصفهم بالاعتداء وإن لم يقع إفصاح بكفرهم مع أنهم كفار وإن ذلك حاصل من مجمل ذكرهم إلا أن جليل مناسبة النظم مقتض ما ورد عليه كل مما فى السورتين وذلك واضح، والله أعلم بما أراد.
والجواب عن السؤال الرابع: أن قوله تعالى: " كذلك نجزى القوم المجرمين " لم يتقدم قبله تفصيل قصص ولا بسط قصة منها بل أوجز معنى ما انطوت عليه تلك القصة فعبر عن ذلك بقوله تعالى: "ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا "