المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة المائدة الآية الأولى منها: قوله تعالى: " أحلت لكم بهيمة الأنعام - ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل - جـ ١

[ابن الزبير الغرناطي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌سورة أم القرآن

- ‌سورة البقرة

- ‌الآية التاسعة:

- ‌الآية الحادية عشرة

- ‌الآية الثانية عشرة:

- ‌الآية الثالثة عشرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌قوله تعالى: "وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم

- ‌قوله عز وجل: "وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يأت أحدا من العالمين

- ‌الآية الثالثة عشرة: وهى تمام ما قبلها:قوله تعالى: "وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم

- ‌قوله تعالى: "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم

- ‌سورة الأنعام

- ‌قوله تعالى: "ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون

- ‌الآية الخامسة عشرة: قوله تعالى: "إن هو إلا ذكرى للعالمين

- ‌الآية السابعة عشرة: قوله تعالى: "ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة

- ‌الآية الموفية عشرينقوله تعالى: "ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ فاعبدوه وهو على كل شئ وكيل

- ‌قوله تعالى: "ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون

- ‌الآية الثالثة والعشرون قوله تعالى: "كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون

- ‌الآية الرابعة والعشرون قوله تعالى: "ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون

- ‌الآية السادسة والعشرون قوله تعالى: "سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا كذلك كذب الذين من قبلهم

- ‌الآية التاسعة والعشرون: قوله تعالى: "وأنا أول المسلمين "، وفى سورة الأعراف: "وأنا أول المؤمنين "، يسأل عن الفرق

- ‌سورة الأعراف

- ‌الآية الرابعة من سورة الأعرافقوله جل وتعالى: " وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ

- ‌الآية الخامسة قوله تعالى: "فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون

- ‌الآية الحادية عشرة من سورة الأعرافقوله تعالى فى قصة صالح: " قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

- ‌الآية الرابعة عشرة من سورة الأعرافقوله تعالى: " وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ

- ‌الآية السادسة عشرة قوله تعالى: " تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ

- ‌الآية السابعة عشرة قوله تعالى: " قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وأرسل فى المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم وجاء السحرة فرعون

- ‌الآية الخامسة والعشرون قوله تعالى: " قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة التوبة

- ‌الآية الثالثة قوله تعالى: " يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون

- ‌سورة يونس

الفصل: ‌ ‌سورة المائدة الآية الأولى منها: قوله تعالى: " أحلت لكم بهيمة الأنعام

‌سورة المائدة

الآية الأولى منها:

قوله تعالى: " أحلت لكم بهيمة الأنعام " وفى سورة الحج: "وأحلت لكم الأنعام "، للسائل أن يسأل عن وجه ما ورد فى الآيتين مع اجتماعهما فى التعريف بحلية هذا الضرب من الحيوان البهيمى مفصحا فيهما بتقرير حكم التحليل بالماضى وهو قوله "أحلت لكم " ثم خصت آية المائدة بزيادة لفظ "بهيمة " ولم يرد ذلك فى آية الحج فيسأل عن وجه ذلك؟

والجواب عنه والله أعلم: أن المقصود فى الآيتين مختلف فوردت الألفاظ بما يحرز ذلك وبيانه أن اسم الأنعام إنما يقع على ما ذكر فى آية سورة الأنعام من الأزواج الثمانية حين تفسرت مفصلة فقال تعالى: "ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين " ثم قال تعالى: "ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين " وهى أصناف أربعة الإبل والبقر والضأن والمعز تفصلت بحسب التذكير والتأنيث إلى ثمانية والحمولة منها ما أطاق الحمل على ظهره وهى الإبل والفرش ما سواها وقيل غير هذا وقال تعالى: "وإن لكم فى الأنعام لعبرة نسقيكم مما فى بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين " وإنما اللبن المراد هنا المنعم به علينا لبن الأنعام وهى الأزواج الثمانية أما لبن الوحشى غير الإنسى فلم يقصد هنا وان كان حلالا لتعذر إدراكه وليس هو المراد فى الأنعام وان جاز إطلاق اسم الأنعام على الوحشى مجازا لجامع سنذكره بعد.

قال الهروى: الأنعام المواشى من الإبل والبقر والغنم وإذا وضح أن الأنعام هى الأزواج الثمانية فمن المعلوم أن غيرها من الوحشى الذى لا يدرك إلا بالصيد محرم على الحاج ما دام فى عمله قال تعالى: "وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما " ولما كانت آية سورة الحج مناطة بما أمر به الحاج فى قوله: "ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق " والأمر بتعظيم تلك الحرمات والشعائر الإيمانية فى قوله تعالى: "ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه " وصل بها ما يحل أكل لحمه للمحرم حال إحرامه فقال تعالى: "وأحلت لكم الأنعام " ولم يكن ليلائم هذا الموضع ما ورد فى آية المائدة من قوله تعالى:

ص: 116

"أحلت لكم بهيمة الأنعام " لأن المراد ببهيمة الأنعام الوحشى، قال القرطبى "بهيمة الأنعام وحشيها " وقال الزمخشرى فى أحد تفسيريه "الظباء وبقر الوحشى " ووجه وقوعها فى آية المائدة أن آية المائدة من آخر ما نزل وقد تضمنت متممات من الأحكام كآية الوضوء والتيمم وتفاصيل الصيد واستيفاء المحرمات من المأكولات والمشروبات على التحرير وأحكام هذه السورة كثيرة ومحكمة غير منسوخه وفيها ورد "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا " فناسب هذا ذكر حلية بهيمة الأنعام إلحاقا لها بالأنعام إذ لم يذكره الله فى غيرها على ما ورد فى تحرير ذلك وبيان العوارض التى قد تحرم لأجلها وذلك قوله تعالى:"حرمت عليكم الميتة والدم " ثم أتبع بقوله: "والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة " لأن هذه العوارض تكثر فى الوحشى لمخالفة حاله فى التذكية وما تحل به الإنسية من الأنعام ثم أتبع ذكر ما يعرض مما ذكر مما وقعت الإشارة بقوله: "إلا ما يتلى عليكم " ثم أشار قوله: "غير محلى الصيد وأنتم حرم " إلى ما أفصح به قوله تعالى: "وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما " فوضح التناسب وإن عكس الوارد فى الآيتين لم يكن ليناسب والله أعلم بما أراد.

الآية الثانية من سورة المائدة:

قوله تعالى: "يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا " وفى سورة الفتح: "يبتغون فضلا من الله ورضوانا " وكذا فى سورة الحشر فيسأل عن موجب اختصاص سورة المائدة بما ورد فيها من إضافة اسم الرب تعالى إليهم بخلاف السورتين.

والجواب والله أعلم أن آية المائدة مبنية على تأنيس وتقريب واستلطاف وقد أحرز قوله "من ربهم " هذه المعانى الثلاثة حسبما يتبين بعد.

ومن التأنيس أيضا افتتاح خطاب من قصد بها بقوله "يأيها الذين آمنوا " مع انهم نهوا عن عدة منهيات والنهى مما يثير الخوف لمن قصد بالنهى، ثم يحكمه ويقويه ما وصف به آم البيت الحرام من ابتغاء الفضل والرضوان إلى ما تعضيده إضافة التخصيص فى قوله "من ربهم " إذ لا يحصل ذلك من أن لو قيل: يبتغون فضلا من الله عوض قوله "من ربهم " وإذاية من خص بتقريب ليست كإذاية من ليس كذلك، والمعصية قد تكون واحدة ثم تعظم بإيقاعها على صفة ما، وتأمل ما ورد فى الزنا بحليلة الجار والزنا كله كبيرة ولكن وقوعه بحليلة الجار زيادة وذلك لحرمته، وكذلك ما عظم الشرع من الإلحاد فى البيت الحرام والإلحاد كله

ص: 117

كفر ولكن فى وقوعه فى البيت الحرام زيادة، وتأمل هذا فى الكتاب العزيز وفى صحيح الأخبار تجد ذلك كثيرا، كما أن هذه الإضافة فى قوله "من ربهم " مشعرة إذا اقترن بها بعض القرائن بالتلطف والتقريب وتأنيس من عنى بها وتخويف من انتهك حرمة من جرت الكناية عنه بها تخصيصا وتأنيسا فلهذا خص هذا الموضوع بها وقدم أيضا تأنيس من خوطب بالنهى إذا هم امثلوا فأنسوا من شدة الخوف الحاصل من مجموع ما ذكرنا فلمجموع ما قصد فى هذه الآية من التأنيس والتخويف والاستلطاف خصت بما ورد فيها.

فإن قلت قد ترد هذه الإضافة حيث لا يقصد التلطف ولا التأنيس كقوله تعالى: "وللذيم كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير " إلى أمثال هذا مما يكثر قلت: أما آية الفتح فلم ينجر فيها تخويف مرتكب ولا بنيت على ذلك ولا داعية إلى ما يستدعى التأنيس كما فى آية المائدة وهذا مع أن المذكورين فى آية الفتح أعظم الأمة قدرا وأجلهم خطرا وهم أهل المزية والاختصاص فلم تين الآية الا على مدحهم وبيان مزيتهم التى لا يدركها غيرهم ولم ينجر فيها تخويف يدعو إلى تأنيس من خوطب بها كما فى آية المائدة بل وردت هذه مورد البشارة وتعريف حال الأنعام، وعلى ذلك وردت آية الحشر من الثناء والمدحة ولم يتخللها نهى ولا تخويف ولا ورود تفضيل بذكر مخالفى تلك الأحوال فقال تعالى:"للفقراء المهاجرين " إلى قوله "يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون " فقد وضح الوجه فى ورود كل من هه الآى على ما ورد وإن عكس الوارد فيها لا يناسب على ما تمهد والله سبحانه أعلم.

الآية الثالثة من سورة المائدة:

قوله تعالى: "ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا " وقال تعالى فيما بعد: "ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا " فاتفقت الآيتان على وصية المؤمنين وحضهم على مكارم الأخلاق والعفو ممن تقدمت منه إساءة أكسبت بغضه فكأن قد قيل لهم: لا يحملنكم ما وقر فى صدوركم من بغضكم إياهم على متقدم إساءتهم بصدهم إياكم عن المسجد الحرام عام الحديبية ومنعكم عن الاعتمار لا يحملنكم ذلك على الانتقام منهم والانتصار لأنفسكم والعفو أقرب للتقوى وقد ملكتم فاسجحو، خوطب المؤمنون بهذا بعد فتح مكة وقهر مفار العرب وإعلاء كلمة الله فندبوا إلى العفو عما تقدم ولا يحاسب من انقاد واستجاب فى دين الله بما كان تقدم من عدوانهم وان وقر فى

ص: 118

النفوس من بغضهم على إساءتهم ما وقر فاستوت الآيتان بأمر المؤمنين بمكارم الأخلاق ثم اختلف تعليق ما حذروا منه أن يحملهم عليه لحظ ما بقى فى نفوسهم فقيل فى الآية الأولى: "أن تعتدوا " وفى الثانية: "على ألا تعدلوا " والاعتداء أشد وأعظم من عدم العدل فللسائل أن يسأل عن وجه ما ورد فى كل من الموضعين ومناسبته لما تقدمه.

والجواب عن ذلك والله أعلم: أن الآية الأولى ورد فيها الإفصاح بعلة البغضاء الحاملة على الانتصار والانتقام وهى صدهم عن البيت الحرام عام الحديبية وذلك قوله تعالى: "أن صدوكم " أى من أجل أن صدوكم أى منعوكم فـ "أن " هنا مصدرية فى موضع المفعول من أجله فلما وقع الافصاح بسبب الشنئان ناسب النظم الافصاح بالعقوبة عليه وهو الاعتداء بالانتقام والمجازاة السيئة بالسيئة لولا ما ندب سبحانه إليه من التخلف الايمانى المشروع للمؤمنين تقديمه واختياره فقيل: "أن تعتدوا " أى لا يحملنكم ذلك على أن تعتدوا أى على الاعتداء أولا يكسبنكم ذلك المرتكب الفارط منه الاعتداء ولما لم يرد فى الآية الثانية إفصاح بجريمة بل بنيت على أمر المؤمنين بالعدل فقا تعالى: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط " فلما أمروا بالعدل ناسب ذلك وصيتهم وأمرهم ألا يحملهم شئ على ترك العدل الذى أمروا به فقيل "على ألا تعدلوا ".

فوضح جليل الالتئام والمناسبة وورود كل من المنهى عن ارتكابه فى الآيتين على ما يجب ويناسب ولا يمكن خلافه والله أعلم.

الآية الرابعة فى سورة المائدة:

قوله تعالى: "وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون " وفى النحل: "كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون " فورد فى الآيتين إتمام نعمته سبحانه على عبادة بعبارة متحدة ثن اختلف النترجى منه سبحانه جزاء على ذلك.

والجواب والله أعلم: أن آية المائدة خطاب للمؤمنين بما يجب عليهم من الطهارة لصلاتهم وتعليم لهم كيفية عملهم فى ذلك وإنعام عليهم برخصة التيمم إذا عدموا الماء وكل هذا مستوجب للشكر لله سبحانه فقيل فى ختام هذه الآية "لعلكم تشكرون " وأم آية النحل فإن السورة كلها مكية إلا آيات من آخرها وغالب حالها أنها خطاب لكفار قريش وما كان مثلهم ألا ترى افتتاحها بقوله تعالى: "أتى أمر الله فلا تستعجلوه " وإنما هذا خطاب للمرتابين فى الساعة تكذيبا وكفرا ثم قال "سبحانه وتعالى عما يشركون " وقرئ بالتاء فأوضح أن الخطاب

ص: 119