الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: اللهم قني من الفتنة بما وقيت به الصالحين من عبادك، فما أخرج ولا أصبح إلا بجنازته (1).
* * *
فاستعن بمولاي
عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: لما وقف الزبير (2) يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلومًا، وإن من أكبر همِّي لدَيْني، أفترى يُبقي دينُنا من مالنا شيئًا؟ فقال: يا بني، بع ما لنا فاقض ديني وأوصى بالثلث وثلثه لبنيه - يعني عبد الله بن
(1) سير أعلام النبلاء للذهبي، (2/ 334 - 335).
(2)
الزبير بن العوام بن خويلد، ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم صفية وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أهل الشورى، وأول من سل سيفه في سبيل الله؛ عن جابر رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق:«من يأتينا بخبر بني قريظة؟» فقال الزبير: أنا. فذهب على فرس فجاء بخبرهم، ثم قال الثانية فقال الزبير: أنا. فذهب، ثم الثالثة فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لكل نبي حواري وحواريَّ الزبير» . عن هشام بن عروة قال: كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف: إحداهن في عاتقه؛ إن كنت لأدخل أصابعي فيها؛ ضرب ثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك. قتله ابن جرموز سنة ست وثلاثين [السير للذهبي (1/ 41 - 67)].
الزبير - يقول: ثلث الثلث، فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدين فثلثه لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير - خبيب وعباد - وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بني إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت مَنْ مولاك؟ قال: الله. قال: فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض دينه. فيقضيه.
فقتل الزبير رضي الله عنه ولم يدَعْ دينارًا ولا درهمًا إلا أرضين منها الغابة وإحدى عشرة دارًا بالمدينة ودارين بالبصرة ودارًا بالكوفة ودارًا بمصر. قال: وإنما كان دينُه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف فإني أخشى عليه الضيعة. وما ولي إمارة قط ولا جباية خراج ولا شيئًا إلا أن يكون في غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم أو مع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.
قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف، قال: فلقي حكيم بن حزام (1) عبد الله بن
(1) حكيم بن حزام بن خويلد: أسلم يوم الفتح، قال ابن منده: وُلد حكيم في جوف الكعبة، وعاش مائة وعشرين سنة. قال البخاري في تاريخه: عاش ستين سنة في الجاهلية وستين في الإسلام. قلت - والكلام للذهبي: لم يعش في الإسلام إلا بضعًا وأربعين سنة. عن مصعب بن ثابت يقول: بلغني والله أن حكيم بن حزام حضر يوم عرفة ومعه مائة رقبة ومئة بدنة ومئة بقرة ومئة شاة فقال: الكل لله. قال رضي الله عنه: ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها، مات سنة أربع وخمسين. [السير للذهبي (3/ 44 - 51)].
الزبير فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدين؟ فكتمته فقال: مائة ألف. فقال حكيم: ما أرى أموالكم تَسَع لهذه. فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي.
قال: وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام فقال: من كان على الزبير حق فليوافنا بالغابة. فأتاه عبد الله بن جعفر - وكان له على الزبير أربعمائة ألف - فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم. قال عبد الله: لا. قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخِّرون إن أخرتم. فقال عبد الله: لا. قال: قال: فاقطعوا لي قطعة. فقال عبد الله: لك من هاهنا إلى هاهنا. قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية رضي الله عنه وعنده عمرو بن عثمان والمنذر بن الزبير وابن زمعة، فقال له معاوية: كم قوَّمت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف. قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف. فقال المنذر بن الزبير: قد أخذتُ سهمًا بمائة ألف. وقال ابن زمعة: قد أخذتُ سهمًا بمائة ألف. فقال معاوية: كم بقي؟ فقال: سهم ونصف. قال: أخذته بخمسين ومائة ألف. قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف.
فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير: اقسم بيننا