الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العذاب، فقال لي: يا فضيل. قلت: لبيك يا أمير المؤمنين قال لي: عليَّ بهذا الحجازي
…
فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب الرجل فأتيته فقلت: أجب أمير المؤمنين. فقال: أصلي ركعتين؟ فصلى ثم ركب بغلة كانت له فصرنا معًا إلى دار الرشيد، فلما دخلنا الدهليز الأول حرك شفتيه، فلما دخل الدهليز الثاني حرك شفتيه، فلما وصلنا الرشيد قام إليه أمير المؤمنين كالمستريب له فأجلسه موضعه وقعد بين يديه يعتذر إليه، وخاصةُ أمير المؤمنين قيام ينظرون إلى ما أعده له من أنواع العذاب وإذا هو جالس بين يديه، فتحدثوا طويلاً ثم أذن له بالانصراف، فقال لي: يا فضل، احمل بين يديه بدرة - وعاء الدراهم - فحملت، ثم سأله الفضل عن ذلك فذكر له الدعاء (1).
* * *
ترك صديقة ودعا الله - تعالى
-
عن شقيق البلخي (2) قال: كنت في بيتي قاعدًا فقال لي أهلي:
(1) انظر: حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم (9/ 79) بتصرف.
(2)
شقيق بن إبراهيم الأزدي البلخي: شيخ خراسان، عن حاتم الأصم قال: كنا مع شقيق ونحن مصافو العدو الترك في يوم لا أرى إلا رؤوسا تندر وسيوفًا تقطع ورماحًا تقصف، فقال لي: كيف ترى نفسك هي مثل ليلة عرسك؟ قلت: لا والله. قال: لكني أرى نفسي كذلك. ثم نام بين الصفين على درقته حتى غط فأخذني تركي فأضجعني للذبح، فبينما هو يطلب السكين من خفه إذ جاءه سهم عائر ذبحه، قتل شقيق رحمه الله في غزاة كولان سنة أربع وتسعين ومئة. [السير للذهبي (9/ 313 - 316)].
يا أبا علي قد ترى ما بهؤلاء الأطفال من الجوع، ولا يحل لك أن تحمل عليهم ما لا طاقة لهم به. قال شقيق: فأسبغت الوضوء، وكان لي صديق لا يزال يقسم عليَّ بالله - تعالى - إن تكون لي حاجة أن أعلمه بها ولا أكتمها عنه، فخطر ذكره ببالي، فلما خرجت من المنزل مررت بالمسجد فذكرت ما روي عن أبي جعفر محمد بن علي (من عرضت له حاجة إلى مخلوق، فليبدأ بالله عز وجل قال: فدخلت المسجد وصليت فيه ركعتين، ثم نمت فرأيت في منامي أنه قيل: يا شقيق، تدلُّ العباد على الله - تعالى - ثم تنساه. قال: فاستيقظت وعلمت أن ذلك تنبيه نبهني ربي به، فلم أخرج من المسجد حتى صليت العشاء الآخرة ثم تركت الذهاب لصاحبي، وتوكلت على الله - تعالى - وانصرفت إلى المنزل فوجدت الذي أردت أن أقصده في الحاجة قد حركه المولى الكريم عالم الخفيات وكاشف الكربات، الله تعالى، وأجرى لأهلي على يديه ما أغناهم وكفاهم، والحمد لله كثيرًا كما هو أهله.
قال الذهبي - رحمه الله تعالى: (من التفرغ للعبادة السعي في السبب؛ ولا سيما لمن له عيال؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أفضل ما أكل الرجل من كسب يمينه» . أما من يعجز عن السبب لضعف أو لقلة