الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلد الأول
مقدمة
…
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الذي شرح صدر من شاء من عباده للفقه في الدين، ووفق لاتباع آثار السلف الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند ولا معين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الأمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فهذا شرح على كتاب:"دليل الطالب لنيل المطالب" الذي ألفه
الشيخ مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي
تغمده الله برحمته، وأباحه بحبوحة جنته، ذكرت فيه ما حضرني من الدليل والتعليل، ليكون وافياً بالغرض من غير تطويل، وزدت في بعض الأبواب مسائل يحتاح إليها النبيل، وربما ذكرت رواية ثانية أو وجهاً ثانياً لقوة الدليل، نقلته من كتاب الكافي لموفق الدين عبد الله بن اًحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ثم الدمشقي.
من شرح المقنع الكبير لشمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة وغالب نقلي من مختصره، ومن فروع ابن مفلح وقواعد ابن رجب وغيرها من الكتب.
وقد أفرغت في جمعه طاقتي وجهدي، وبذلت فيه فكري وقصدي، ولم يكن في ظني أن اًتعرض لذلك، لعلمي بالعجز عن الخوض في تلك المسالك، فما كان فيه من صواب فمن الله، أو خطأ فمني، وأسأله سبحانه العفو عني، ولما تكففته من أبواب العلماء وتطفلت به على موائد الفقهاء تمثلت بقول بعض الفضلاء:
أسير خلف ركاب النجب ذا عرج
…
مؤملاً كشف ما لا قيت من عوج
فإن لحقت بهم من بعد ما سبقوا
…
فكم لرب الورى في ذاك من فرج
وإن بقيت بظهر الأرض منقطعاً
…
فما على عرج في ذاك من حرج
وإنما علقته لنفسي، ولمن فهمه قاصر كفهمي، عسى أن يكون تذكرة في الحياة، وذخيرة بعد الممات، وسميته "منار السبيل في شرح الدليل" أسأل الله العظيم أن يجعله لوجهه خالصاً، وإليه مقرباً، وأن يغفر لي ويرحمني والمسلمين، إنه غفور رحيم.
مقدمة صاحب المتن مع شرحها
بسم الله الرحمن الرحيم
"الحمد لله رب العالمين" ابتدأ كتابه بالبسملة ثم بالحمدلة اقتداء بكتاب الله عز وجل، وعملاً بحديث "كل أمر ذي بال، لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر"، أي ذاهب البركة، رواه الخطيب والحافظ عبد القادر الرهاوي، وبحديث "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع" وفي رواية:"بحمد الله". وفي رواية: "بالحمد". وفي رواية "فهو أجذم". رواها الحافظ الرهاوى في الأربعين له.
"وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مالك يوم الدين" قال ابن عباس ومقاتل: قاضي يوم الحساب، وقال قتادة: الدين الجزاء. وإنما خص يوم الدين بالذكر مع كونه مالكاً للأيام كلها، لأن الأملاك يومئذ زائلة فلا ملك ولا أمر الا له.
"وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبين لأحكام شرائع الدين" بأقواله وأفعاله وتقريراته، والدين هنا الإسلام، قال تعالى {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة: 3] وقال صلى الله عليه وسلم في حديث عمر: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم".
"الفائز بمنتهى الإرادات من ربه" كالحوض المورود، والمقام المحمود،
وغير ذلك من خصائصه. قال تعالى: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى1} ، والفوز والنجاة والظفر بالخير، قاله في القاموس.
"فمن تمسك بشريعته" بفعل المأمورات، واجتناب المنهيات.
"فهو من الفائزين" في الدنيا والآخرة.
"صلى الله وسلم عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين" حكى البخاري في صحيحه عن أبي العالية الصلاة من الله تعالى ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى وقيل الرحمة، وقيل رحمة مقرونة بتعظيم. وتستحب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً2} ولقوله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا علي من الصلاة" وتتأكد في ليلة الجمعة ويومها، وعند ذكره، وقيل تجب لقوله صلى الله عليه وسلم:"البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي" وحديث: "رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي" وهي ركن في التشهد الأخير وخطبتي الجمعة كما يأتي - والنبي إنسان أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، فإن أمر بتبليغه فهو رسول.
"وعلى آل كل وصحبه أجمعين" وآل النبي أتباعه على دينه الصحيح عندنا، وقيل أقاربه المؤمنون، والصحب اسم جمع لصاحب بمعنى الصحابي، وهو من اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً ومات على ذلك. وجمع بين الآل والصحب رداً على الشيعة المبتدعة، حيث يوالون الآل دون الصحب.
1 الضحى -5.
2 الأحزاب – 56.
"وبعد" يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر استحباباً، في الخطب والمكاتبات، لفعله عليه السلام.
"فهذا مختصر" وهو ما قل لفظه وكثر معناه، قال علي رضي الله عنه: خير الكلام ما قل ودل ولم يطل فيمل.
"في الفقه" وهو لغةً الفهم، واصطلاحاً معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بالاستدلال بالفعل أو بالقوة القريبة.
"على المذهب الأحمد مذهب الإمام أحمد" بن محمد بن حنبل الشيباني رضي الله عنه وأرضاه، ولد ببغداد في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة، ومات بها في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين، وفضائله ومناقبه شهيرة.
"بالغت في إيضاحه رجاء الغفران" من الله جل وعلا.
"وبينت فيه الأحكام أحسن بيان" والأحكام خمسة: الوجوب، والحرمة، والندب، والكراهة، والإباحة.
"لم أذكر فيه إلا ما جزم بصحته أهل التصحيح والعرفان وعليه الفتوى فيما بين أهل الترجيح والإتقان" من المتأخرين.
"وسميته بدليل الطالب لنيل المطالب والله أسأل أن ينفع به من اشتغل به من المسلمين"
"وأن يرحمني والمسلمين إنه أرحم الراحمين" آمين.