الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
درهماً، وإن رده من المصر فله دينار، لأنه يروى عن ابن مسعود، رضي الله عنه.
باب اللقطة
مدخل
…
باب اللقطة
[وهي ثلاثة أقسام]
[أحدها: ما لا تتبعه همة أوساط الناس، كسوط ورغيف ونحوهما، فهذا يملك بالالتقاط ولا يلزم تعريفه] لحديث جابر قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى العصا والسوط والحبل يلتقطه الرجل ينتفع به رواه أبو داود. وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بتمرة في الطريق، فقال:"لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها" أخرجاه. وفيه إباحة المحقرات في الحال. قاله في المنتقى. وقال في الشرح: ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والإنتفاع به. انتهى. وعن سلمى بنت كعب قالت: وجدت خاتماً من ذهب في طريق مكة، فسألت عائشة، فقالت: تمتعي به. ورخص النبي صلى الله عليه وسلم، في الحبل في حديث جابر وقد تكون قيمته دراهم، وليس عن أحمد تحديد اليسير. وقال: ما كان مثل التمرة والكسرة والخرقة وما لا خطر له فلا بأس.
[لكن إن وجد ربه دفعه إن كان باقياً] لربه لأنه عين ماله، كما في الإقناع.
[وإلا لم يلزمه شئ] أي: لم يضمنه، لأنه ملكه بأخذه. والذي رخص النبي صلى الله عليه وسلم، في التقاطه لم يذكر فيه ضماناً، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
[ومن ترك دابته ترك إياس بمهلكة أو فلاة، لانقطاعها، أو لعجزه عن علفها ملكها آخذها] لحديث الشعبي مرفوعاً: "من وجد دابة قد عجز عنها أهلها فسيبوها فأخذها فأحياها فهي له" قال عبد الله بن محمد بن حميد بن عبد الرحمن فقلت - يعني للشعبي -: من حدثك بهذا؟ قال: غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود والدارقطني، ولأن فيه إنقاذاً للحيوان من الهلاك مع ترك صاحبها لها رغبة عنها.
[وكذا ما يلقى في البحر خوفاً من الغرق] فيملكه آخذه لإلقاء صاحبه له اختياراً فيما يتلف بتركه فيه، أشبه ما لو ألقاه رغبة عنه.
[الثاني: الضوال] اسم للحيوان خاصة، ويقال لها: الهوامي، والهوافي، والهوامل.
[التي تمتنع من صغار السباع: كالإبل والبقر والخيل والبغال والحمير] أي: الأهلية. قال في الشرح والكافي: والأولى إلحاقها بالشاة، لأنه علل أخذ الشاة بخشية الذئب، والحمر مثلها في ذلك، وعلل المنع من الإبل بقوتها على ورود الماء وصبرها، والحمر بخلافها. انتهى بمعناه.
[والظباء] التي تمتنع بسرعة عدوها.
[فيحرم التقاطها] لأن جريراً أمر بالبقرة فطردت حتى توارت، ثم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول:"لا يؤوي الضالة إلا ضال" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة. وعن زيد بن خالد قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن لقطة الذهب والورق فقال:
"اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإذا جاء طالبها يوماً من الدهر فادفعها إليه". وسأله عن ضالة الإبل. فقال: "ما لك ولها؟ دعها، فإن معها حذاءها، وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها". وسأله عن الشاة، فقال:"خذها، فإنما هي لك، أو لأخيك، أو للذئب" متفق عليه.
[وتضمن كالغصب] للتعدي، ولا تملك بالتعريف، لعدم إذن المالك والشارع فيه، أشبه الغاصب.
[ولا يزول الضمان إلا بدفعها للإمام أو نائبه] لأن له نظراً في حفظ مال الغائب.
[أو بردها إلى مكانها بإذنه] أي: الإمام، أو نائبه، لقول عمر لرجل وجد بعيراً: أرسله حيث وجدته رواه الأثرم.
[ومن كتم شيئاً منها لزمه قيمته مرتين] لربه. نص عليه، لحديث:"في الضالة المكتومة غرامتها، ومثلها معها" قال أبو بكر في التنبيه: وهذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يرد.
[وإن تبع شئ منها دوابه فطرده، أو دخل داره. فأخرجه لم يضمنه حيث لم يأخذه] لحديث جرير السابق.
[الثالث: كالذهب والفضة والمتاع، وما لا يمتنع من صغار السباع، كالغنم والفصلان والعجاجيل والأوز والدجاج، فهذه يجوز التقاطها لمن وثق من نفسه الأمانة والقدرة على تعريفها] لحديث زيد بن خالد "في النقدين والشاة" وقيس عليه الباقي، لأنه في معناه.
[والأفضل مع ذلك تركها] قاله أحمد. فلا يتعرض لها. روي عن ابن عباس، وابن عمر، ولم يعرف لهما مخالف من الصحابة. ويحرم على من لا يأمن نفسه عليها أخذها، لما فيه من تضييعها على ربها، كإتلافها، ويضمنها إن تلفت فرط أولاً، لأنه غير مأذون فيه، أشبه الغاصب، ولا يملكها ولو عرفها، لأن السبب المحرم لا يفيد الملك، كالسرقة..
[فإن أخذها، ثم ردها إلى موضعها] بغير إذن الإمام أو نائبه.
[ضمن] لأنها أمانة حصلت في يده، فلزمه حفظها كسائر الأمانات، والتفريط فيها تضييع لها.
فصل
[وهذا القسم الأخير ثلاثة أنواع:]
[أحدها: ما التقطه من حيوان] مأكول، كفصيل وشاة.
[فيلزمه خير ثلاثة أمور: أكله بقيمته] في الحال، لحديث "هي لك أو لأخيك أو للذئب". فسوى بينه وبين الذئب، وهو لايستأني بأكلها. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن ضالة الغنم في الموضع المخوف عليها له أكلها، لأنه سوى بينه وبين الذئب. انتهى. ولأن فيه إغناء عن الإنفاق عليه حراسة لماليته على ربه إذا جاء. وإذا أراد أكله حفظ صفته، فمتى جاء ربه فوصفه غرم له قيمته.
[أو بيعه وحفظ ثمنه] ولو بلا إذن الإمام، لأنه إذا جاز أكله بلا إذن فبيعه أولى.
[أو حفظه وينفق عليه من ماله] ليحفظه لمالكه، فإن تركه بلا إنفاق عليه فتلف، ضمنه لتفريطه.
[وله الرجوع بما أنفق إن نواه] نص عليه، لأنه أنفق عليه لحفظه، فكان من مال صاحبه.
[فإن استوت الثلاثة خير] لعدم المرجح إذاً.
[الثاني: ما خشي فساده] بإبقائه كخضروات ونحوها.
[فيلزمه فعل الأصلح من بيعه] وحفظ ثمنه لما تقدم.
[أو أكله بقيمته] قياساً على الشاة.
[أو تجفيف ما يجفف] كعنب ورطب.
[فإن استوت الثلاثة خير] لأنه أمانة بيده فتعين عليه فعل الأحظ.
[الثالث: باقي المال] من أثمان ومتاع ونحوهما.
[ويلزم التعريف في الجميع] من حيوان وغيره لأنه صلى الله عليه وسلم، أمر به زيد بن خالد، وأبي ابن كعب، ولم يفرق ولأن طريق وصولها إلى صاحبها، فوجب كحفظها.
[فوراً] لأنه مقتضى الأمر، ولأن صاحبها يطلبها عقب ضياعها.
[نهاراً] لأنه مجمع الناس وملتقاهم.
[أو كل يوم] قبل اشتغال الناس بمعاشهم.
[مدة أسبوع] لأن الطلب فيه أكثر.
[ثم عادة] أي كعادة الناس، ويكثر منه في موضع وجدانها وفي الوقت الذي يلي التقاطها.
[مدة حول] لحديث زيد السابق. وروي عن عمر وعلي وابن عباس، ولأن السنة لا تتأخرعنها القوافل، ويمضي فيها الزمان الذي تقصد فيه البلاد، من الحر والبرد والإعتدال.
[وتعريفها بأن ينادي في الأسواق وأبواب المساجد] أوقات الصلوات لأن عمر، رضي الله عنه، أمر واجدها بتعريفها على باب المسجد قاله في الشرح.
[من ضاع منه شئ أو نفقة] ولا يصفها، لأنه لايؤمن أن يدعيها بعض من سمع صفتها فتضيع على مالكها.
[وأجرة المنادي على الملتقط] نص عليه، لوجوب التعريف عليه فأجرته عليه.
[فإذا عرفها حولاً فلم تعرف دخلت في ملكه قهراً عليه] كالميراث. نص عليه. وروي عن عمر وغيره، لقوله صلى الله عليه وسلم:"فإن لم تعرف فاستنفقها" - وفي لفظ: "وإلا فهي كسبيل مالك" - وفي لفظ: "ثم كلها" - وفي لفظ: "فانتفع بها" - وفي لفظ: "فشأنك بها" - وفي لفظ: "فاستمتع بها".
[فيتصرف فيها بما شاء بشرط ضمانها] لقوله في حديث زيد السابق: "فإذا جاء طالبها يوماً من الدهر فادفعها إليه" متفق عليه.