الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الإحرام
مدخل
…
باب الإحرام
[وهو واجب من الميقات] لأنه صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت، ولم ينقل عنه، ولا عن أحد من أصحابه أنه تجاوز ميقاتاً بلا إحرام. فميقات أهل المدينة: ذو الحليفة بينها وبين المدينة سبعة أميال أو ستة، وهي أبعد المواقيت من مكة، بينها وبين مكة عشرة أيام، وميقات أهل الشام ومصر: الجحفة، قرية خربة قرب رابغ بينها وبين مكة خمس مراحل أو ست. ومن أحرم من رابغ فقد أحرم قبل الميقات بيسير، وميقات أهل اليمن: يلملم - بينه وبين مكة ليلتان - وميقات أهل نجد قرن على يوم وليلة من مكة وهذه المواقيت لأهلها ولمن مر عليها.
[ومن منزله دون الميقات فميقاته منزله] لحديث ابن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك، فمهله من أهله، وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها. متفق عليه. ومن لم يمر بميقات، أحرم إذا حاذى أقربها منه، لقول عمر انظروا حذوها من قديد - وفي لفظ - من طريقكم 1
1 كذا في الأصل. ولم نجد لفظة "من قديد" في البخاري ورواية البخاري قال عمر: "فانظروا حذوها من طريقكم، فحد لهم ذات عرق" وفي النهاية: قديد – مصغراً – موضع بين مكة والمدينة.
رواه البخاري. ومن لم يحاذ ميقاتاً أحرم عن مكة بقدر مرحلتين، لأنه أقل المواقيت. قال في الشرح: أجمعوا على هذه الأربعة، واتفق أهل النقل على صحة الحديث فيها. وذات عرق: ميقات أهل المشرق، في قول الأكثر. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن إحرام العراقي من ذات عرق إحرام من الميقات. وفي صحيح مسلم. عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم، وقت لأهل العراق ذات عرق وعن عائشة مرفوعاً نحوه. رواه أبو داود والنسائي. ووقت عمر أيضاً لأهل العراق ذات عرق رواه البخاري. وذات عرق: قرية خربة قديمة، من علاماتها المقابر القديمة وعرق: هو المشرف على الجبل من العقيق إقناع. وعن أنس أنه كان يحرم من العقيق وكان الحسن بن صالح يحرم من الربذة. وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقت لأهل المشرق العقيق1 حسنه الترمذي. وقال ابن عبد البر: هو أحوط من ذات عرق2.
[ولا ينعقد الإحرام مع وجود الجنون والإغماء والسكر] لعدم وجود النية منهم.
[وإذا انعقد لم يبطل إلا بالردة] لقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ
…
} الآية3.
[لكن يفسد بالوطء في الفرج في التحلل الأول] قال ابن المنذر:
1 العقيق: كل موضع شققته من الأرض فهو عقيق، والجمع: أعقة وعقائق. وفي بلاد العرب مواضع كثيرة تسمى العقيق. والمذكور غير الوادي المعروف بالمدينة.
2 لأنه قبلها بمرحلة أو مرحلتين، كما في النهاية.
3 الزمر من الآية/65.
أجمعوا على أن الحج لا يفسد بإتيان شئ في حال الإحرام إلا الجماع، والأصل فيه ماروي عن ابن عمر وابن عباس، ولم يعرف لهما مخالف.
[ولا يبطل، بل يلزمه إتمامه والقضاء] روي عن ابن عمر وعلي وأبي هريرة وابن عباس، لقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} 1 ويقضي من قابل. قال في الشرح: لا نعلم فيه خلافاً.
[ويخير من أراد الإحرام بين أن ينوي التمتع وهو أفضل] روي ذلك عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما. قال الإمام أحمد: وهو آخر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم.
[أو ينوي الإفراد أو القران] قال في الشرح: ولا خلاف في جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة شاء، وقد دل عليه قول عائشة: فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج، ومنا من أهل بهما.
[والتمتع: هو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم بعد فراغه منها يحرم بالحج] قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من أهل بعمرة من أهل الآفاق في أشهر الحج من الميقات، وقدم مكة، ففرغ وأقام بها، وحج من عامه أنه متمتع، وعليه الهدي إن وجد وإلا فالصيام.
[والإفراد: هو أن يحرم بالحج، ثم بعد فراغه منه يحرم بالعمرة. والقران: هو أن يحرم بالعمرة، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها] لحديث جابر أنه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أهلوا بالحج مفرداً، فقال لهم:"حلوا من إحرامكم بطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، وقصروا وأقيموا حلالاً حتى إذا كان يوم التروية، فأهلوا بالحج، واجعلوا الذي قدمتم بها متعة". فقالوا: كيف تجعلها
1 البقرة الآية/196.
متعة وقد سمينا الحج؟ فقال "افعلوا ما أمرتكم به، فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل ما أمرتكم به، ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغً الهدي محله" متفق عليه.
[فإن أحرم به، ثم بها لم يصح] ولم يصر قارناً، وهو قول علي، رضي الله عنه. رواه الأثرم، لأنه لم يرد به أثر، ولم يستفد به فائدة، بخلاف ما سبق، ويبقى على إحرامه بالحج.
[ومن أحرم وأطلق صح، وصرفه لما شاء، وما عمل قبل فلغو] لقول طاووس خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، من المدينة لا يسمي حجاً ينتظر القضاء، فنزل عليه بين الصفا والمروة
…
الخ.
وكذا من أحرم بمثل ما أحرم به فلان، لحديث أنس قال قدم علي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، من اليمن، فقال:"بم أهللت يا على"؟ قال: أهللت بإهلال كاهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لولا أن معي الهدي لأحللت متفق عليه.
[لكن السنة لمن أراد نسكاً أن يعينه] لقول عائشة: فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بحج متفق عليه.
[وأن يشترط فيقول: اللهم إنى أريد النسك الفلاني فيسره لي، وتقبله مني، وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني] لما روى النسائي من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لعلي:"بم أهللت؟ " قال: قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل على ضباعة بنت الزبير فقال لها:"لعلك أردت الحج؟ " قالت: والله ما أجدني إلا وجعة، فقال لها:"حجي، واشترطي وقولي: اللهم إن محلي حيث حبستني" متفق