الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبده ورسوله"؟ قال: نعم. قال يا بلال: "أذن في الناس فليصوموا غداً" رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وعن ابن عمر قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم، أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه رواه أبو داود. وتثبت بقية الأحكام تبعاً للصيام.
[ولا يقبل في بقية الشهور إلا رجلان عدلان] لحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، فيه:"فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا، وأفطروا" رواه أحمد والنسائي، ولم يقل مسلمان، وإن صاموا بشهادة واحد ثلاثين يوماً، فلم يروا الهلال، لم يفطروا، لقوله عليه السلام: "صوموا لرؤيته
…
" الحديث.
فصل في شروط وجوب الصوم
[وشرط وجوب الصوم أربعة أشياء: الإسلام، والبلوغ، والعقل] فلا يجب على كافر ولا صغير ولا مجنون، لحديث:"رفع القلم عن ثلاثة".
[والقدرة عليه. فمن عجز عنه لكبر، أو مرض لايرجى زواله أفطر، وأطعم عن كل يوم مسكيناً مدبر، أو نصف صاع من غيره] لقول ابن عباس في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} 1 ليست بمنسوخة هي للكبير الذي لا يستطيع الصوم رواه البخاري، "والحامل، والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا، وأطعمتا" رواه أبو داود.
[وشروط صحته ستة: الإسلام] فلا يصح من كافر.
[وانقطاع دم الحيض، والنفاس] لما تقدم في بابه.
1 البقرة من الآية/184.
[الرابع: التمييز، فيجب على ولي المميز المطيق للصوم أمره به، وضربه، عليه ليعتاده] قياساً على الصلاة.
[الخامس: العقل] لأن الصوم، الإمساك مع النية لحديث:"يدع طعامه وشرابه من أجلي" فأضاف الترك إليه، وهو لا يضاف إلى المجنون، والمغمى عليه.
[لكن لو نوى ليلاً ثم جن، أو أغمي عليه جميع النهار، فأفاق منه قليلاً] صح صومه لوجود الإمساك فيه. قال في الشرح: ولا نعلم خلافاً في وجوب القضاء على المغمى عليه - أي جميع النهار - لأنه مكلف، بخلاف المجنون. ومن نام جميع النهار صح صومه، لأن النوم عادة، ولا يزول به الإحساس بالكلية.
[السادس: النية من الليل لكل يوم واجب] لحديث حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له" رواه أبو داود.
[فمن خطر بقلبه ليلاً أنه صائم فقد نوى] لأن النية محلها القلب.
[وكذا الأكل، والشرب بنية الصوم] قال الشيخ تقي الدين: هو حين يتعشى عشاء من يريد الصوم، ولهذا يفرق بين عشاء ليلة العيد، وعشاء ليالي رمضان.
[ولا يضر إن أتى بعد النية بمناف للصوم] لأن الله تعالى أباح الأكل إلى آخر الليل، فلو بطلت به فات محلها.
[أو قال إن شاء الله غير متردد] كما لا يفسد الإيمان بقوله: أنا مؤمن إن شاء الله.
[وكذا لو قال ليلة الثلاثين من رمضان: إن كان غداً من رمضان ففرض وإلا فمفطر] فبان من رمضان أجزاءه، لأنه بنى على أصل لم يثبت زواله: وهو بقاء الشهر.
[ويضر إن قاله في أوله] لعدم جزمه بالنية.
[وفرضه الامساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس] لقوله تعالى: {
…
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ
…
} 1
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال، ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الافق" حديث حسن. وعن عمر مرفوعاً: "إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النًهار من ها هنا، وغربت الشمس، أفطر الصائم" متفق عليه.
[وسننه ستة: تعجيل الفطر، وتأخير السحور] لحديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور، وعجلوا الفطر" رواه أحمد.
[والزيادة في أعمال الخير] من القراءة والذكر والصدقة وغيرها.
[وقوله جهراً إذا شتم: إني صائم] لحديث أبي هريرة مرفوعاً "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن شاتمه أحد، أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم" متفق عليه. وقال المجد: إن كان في غير رمضان أسره مخافة الرياء. واختار الشيخ تقي الدين الجهر مطلقاً، لأن القول المطلق باللسان.
1 البقرة من الآية/187.
[وقوله عند فطره: اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، سبحانك وبحمدك. اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم] لحديث ابن العباس، وأنس كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أفطر قال:"اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، اللهم تقبل منا، إنك أنت السميع العليم" وعن ابن عمر مرفوعاً: كان إذا أفطر قال: "ذهب الظمأ وابتلت العروق، ووجب الأجر إن شاء الله" رواهن الدارقطني وفي الخبر: "إن للصائم عند فطره دعوةً لا ترد".
[وفطره على رطب، فإن عدم فتمر، فإن عدم فماء] لحديث أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن فعلى تمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء رواه أبو داود والترمذي، وقال: حسن غريب.
فصل يحرم على من لا عذر له الفطر
[ويحرم على من لا عذر له الفطر برمضان] لأنه ترك فريضة من غير عذر، وعليه إمساك بقية يومه الذي أفطر فيه، لأنه أمر به جميع النهار، فمخالفته في بعضه لا يبيح المخالفة في الباقي، وعليه القضاء، لقوله صلى الله عليه وسلم:"ومن استقاء فليقض".
[ويجب الفطر على الحائض والنفساء] للحديث الصحيح: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ ".
[وعلى من يحتاجه لإنقاذ معصوم من مهلكة] كغرق ونحوه، لأنه يمكنه تدارك الصوم بالقضاء، بخلاف الغريق ونحوه.
[ويسن لمسافر يباح له القصر] لحديث "ليس من البر الصيام في
السفر" متفق عليه. ورواه النسائي، وزاد: "عليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها". وإن صام أجزأه نص عليه، لحديث: هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه رواه مسلم والنسائي، وعن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أصوم في السفر؟ قال: "إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر" متفق عليه.
[ولمريض يخاف الضرر] لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الآية1.
[ويباح لحاضر سافر في أثناء النهار] لحديث أبي بصرة الغفاري أنه ركب سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع، ثم قرب غداءه، فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة، ثم قال: اقترب، قيل: ألست ترى البيوت؟ قال: أترغب عن سنة محمد صلى الله عليه وسلم؟ فأكل رواه أبو داود. وحديث أنس حسنه الترمذي. إذا فارق بيوت قريته العامرة لما تقدم، ولأنه قبله لا يسمى مسافراً. والأفضل عدم الفطر تغليباً لحكم الحضر، وخروجاً من الخلاف.
[ولحامل، ومرضع خافتا على أنفسهما] فيفطران ويقضيان لا غير. قال في الشرح: لا نعلم فيه خلافاً.
[أو على الولد. لكن لو أفطرتا خوفاً على الولد فقط، لزم وليه إطعام مسكين لكل يوم] لقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} 1. قال ابن عباس كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة
1 البقرة من الآية/184 وقد سبق ذكرها.