الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فعلى العامل بيعه وقبض ثمنه] لأن عليه رد المال ناضاً1 كما أخذه على صفته.
[والعامل أمين] لأنه يتصرف في المال بإذن ربه، ولا يختص بنفعه أشبه الوكيل.
[يصدق بيمينه في قدر رأس المال] لأنه منكر للزائد، والأصل عدمه.
[وفي الربح وعدمه، وفي الهلاك والخسران] إن لم تكن بينة لأن ذلك مقتضى تأمينه.
[حتى ولو أقر بالربح] ثم ادعى تلفاً أوخسارة بعد الربح قبل قوله لأنه أمين، ولا يقبل قوله إن ادعى غلطاً أو كذباً أو نسياناً، لأنه مقر بحق لآدمي، فلم يقبل رجوعه كالمقر بدين.
[ويقبل قول المالك في قدر ما شرط للعامل] بعد ربح مال المضاربة. نص عليه، لأنه ينكر الزائد. فإن أقاما بينتين، قدمت بينة العامل.
1 الناضر من المتاع: ما تحول ورقاً أو عيناً. قال الأصمعي: اسم الدراهم والدنانير عند أهل الحجاز الناض والنض، وإنما يسمونه ناضاً إذا تحول عيناً بعد ما كان متاعاً، وفي حديث عمر رضي الله عنه: كان يأخذ الزكاة من ناض المال. هو ما كان ذهباً أو فضة عيناً أو ورقاً.
فصل في شركة الوجوه
[الثالث: شركة الوجوه وهي: أن يشترك اثنان لا مال لهما في ربح ما يشتريان من الناس في ذممهما] بجاههما وثقة التجار بهما من غير أن يكون لهما رأس مال. قال أحمد: في رجلين اشتريا بغير رؤوس أموال
فهو جائز. وبه قال الثوري وابن المنذر، وسواء عين أحدهما لصاحبه ما يشتريه، أو قال: ما اشتريت من شئ فهو بيننا. نص عليه.
[ويكون الملك والربح كما شرطا] من تساو وتفاضل، لحديث "المؤمنون عند شروطهم" ولأن أحدهما قد يكون أوثق عند التجار وأبصر بالتجارة من الآخر، فكان على ما شرطا كشركة العنان.
[والخسارة على قدر الملك] فمن له فيه الثلثان فعليه ثلثا الوضيعة ومن له الثلث عليه ثلثها، سواء كان الربح بينهما كذلك أو لا، لأن الوضيعة نقص رأس المال، وهو مختص بملاكه، فيوزع بينهم على قدر الحصص. ومبناها على الوكالة والكفالة، وحكمها فيما يجوز لكل منهما، أو يمنع منه كشركة العنان.
[الرابع: شركة الأبدان. وهي: أن يشتركا فيما يتملكان بأبدانهما من المباح: كالاحتشاش، والاحتطاب، والاصطياد] والمعدن، والتلصص على دار الحرب، وسلب من يقتلانه بها، فهذا جائز. نص عليه، لقول ابن مسعود اشتركت أنا وسعد وعمار يوم بدر فلم أجئ أنا وعمار بشئ، وجاء سعد بأسيرين رواه أبو داود والأ ثرم، واحتج به أحمد، وقال: أشرك بينهم النبي، صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في غزوة بدر، وكانت غنائمها لمن أخذها قبل أن يشرك الله بينهم، ولهذا نقل أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:"من أخذ شيئاً فهو له" وإنما جعلها الله لنبيه بعد أن غنموا واختلفوا فيها، فأنزل الله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} 1.
[أو يشتركا فيما يتقبلان في ذممهما من العمل] فإن عمل أحدهما
1 الأنفال من الآية/1.
دون صاحبه فالكسب بينهما على ما شرطا. قال أحمد: هذا بمنزلة حديث عمار وسعد وابن مسعود. والحاصل من مباح تملكاه، أو أحدهما، أو من أجرة عمل تقبلاه، أو أحدهما كما شرطا من تساو أو تفاضل، لأن الربح مستحق بالعمل ويجوز تفاضلهما فيه.
[الخامس: شركة المفاوضة. وهي: أن يفوض كل إلى صاحبه شراءً وبيعاً في الذمة ومضاربة وتوكيلاً ومسافرة بالمال وارتهاناً] وهي جائزة لأنها لا تخرج عن أضرب الشركة التي تقدمت، فإن أدخلا فيها كسباً نادراً، كوجدان لقطة، أو ركاز، أو ما يحصل لهما من ميراث، أو ما يلزم أحدهما من ضمان غصب، أو أرش جناية، أو ضمان عارية، أو لزوم مهر بوطء، فهي فاسدة، لأنه عقد لم يرد الشرع بمثله، ولما فيه من كثرة الغرر، لأنه قد يلزم فيه ما لا يقدر الشريك عليه، ولأنه يدخل فيه اكتساب غير معتاد، وحصول ذلك وهم لا يتعلق به حكم.
[ويصح دفع دابة أوعبد لمن يعمل به بجزء من أجرته] معلوماً. نص عليه، لأنها عين تنمى1 بالعمل عليها، فجاز العقد عليها ببعض نمائها، كالشجر في المساقاة. ونقل عنه أبو داود فيمن يعطي فرسه على نصف الغنيمة: أرجو أن لا يكون به بأس، وبه قال الأوزاعي.
[ومثله خياطة ثوب ونسج غزل وحصاد زرع ورضاع قن واستيفاء مال بجزء مشاع منه] قال في الشرح: قال أحمد لا بأس بالثوب يدفع بالثلث أو الربع، قيل: يعطيه بالثلث أو الربع ودرهم أو درهمين، قال: أكرهه لأنه لا يعرفه. وإذا لم يكن معه شئ نراه جائزاً، لأن النبي،
1 نمى ينمي: زاد وكثر. قال في اللسان: وربما قالوا: ينمو نمواً.
صلى الله عليه وسلم، أعطى خيبر على الشطر. انتهى. ولا يعارضه حديث الدارقطني أنه صلى الله عليه وسلم، نهى عن عسب الفحل، وعن قفيز الطحان لحمله على قفيز من المطحون، فلا يدرى الباقي بعده، فتكون المنفعة مجهولة.
[وبيع متاع بجزء من ربحه] كمن أعطى فرسه على النصف من الغنيمة، بخلاف ما لو قال: بع عبدي والثمن بيننا، أو: آجره والأجرة بيننا، فإنه لا يصح. والثمن أو الأجرة لربه، ولآخر أجرة مثله.
[ويصح دفع دابة أو نحل أو نحوهما لمن يقوم بهما مدة معلومة بجزء منهما] معلوماً. قال البخاري في صحيحه، وقال معمر: لا بأس أن تكون الماشية على الثلث أو الربع إلى أجل مسمى.
[والنماء ملك لهما] أي: للدافع والمدفوع إليه على حسب ملكيهما، لأنه نماؤه.
[لا إن كان بجزء من النماء كالدر والنسل والصوف والعسل] فلا يصح لحصول نمائه بغير عمل.
[وللعامل أجرة مثله] لأنه بذل منافعه بعوض لم يسلم له. وعنه: يصح. اختاره الشيخ تقي الدين.