الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنذر: ثبت عن ابن عباس، قال:"إذا أسلمت في شئ إلى أجل، فإن أخذت ما أسلفت فيه، وإلا فخذ عرضاً أنقص منه، ولا تربح مرتين" رواه سعيد.
[ومن أراد قضاء دين عن غيره، فأبى ربه، لم يلزم بقبوله] لما فيه من المنة، ولأنه إن كان المديون يقدر على الوفاء وجب عليه، وإلا لم يلزمه شئ، فإن ملكه لمدين، فقبضه ودفعه لرب الدين، أجبر على قبوله.
باب القرض
مدخل
…
باب القرض
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن اقتراض ماله مثل من المكيل والموزون والأطعمة جائز. وقال الامام أحمد: ليس القرض من المسألة، يريد أنه لا يكره لأن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يستقرض وهو مستحب للمقرض لحديث ابن مسعود مرفوعاً:"ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقة مرةً" رواه ابن ماجه، ولأن فيه تفريجاً وقضاء لحاجة المسلم، أشبه الصدقة.
[يصح بكل عين يصح بيعها] من مكيل وموزون وغيره لأنه صلى الله عليه وسلم، استسلف بكراً متفق عليه.
[إلا بني أدم] فلا يصح قرضه لأنه لم ينقل، ولا هو من المرافق، ويفضي إلى أن يقترض جارية يطؤها ثم يردها.
[ويشترط علم قدره ووصفه] ليتمكن من رد بدله.
[وكون مقرض يصح تبرعه] كسائر عقود المعاملات، لأنه عقد على مال فلم يصح إلا من جائز التصرف.
[ويتم العقد بالقبول] كالبيع.
[ويملك ويلزم بالقبض1] لأنه عقد يقف التصرف فيه على القبض فوقف الملك عليه.
[فلا يملك المقرض استرجاعه] للزومه من جهته بالقبض.
[ويثبت له البدل حالاً] كالإتلاف، أو لأنه عقد منع فيه التفاضل، فمنع فيه الأجل كالصرف ولو مع تأجيله، لأنه وعد لا يلزم الوفاء به، كتأجيل العارية، قال الإمام أحمد: القرض حال، وينبغي أن يفي بوعده، وكذا كل دين حال. وقال مالك والليث: يتأجل الجميع بالتأجيل، لحديث "المسلمون على شروطهم" واختاره الشيخ تقي الدين، وصوبه في الإنصاف، وذكره البخاري في صحيحه عن بعض السلف.
[فإن كان متقوماً فقيمته وقت القرض] نص عليه، لأنها حينئذ تجب.
[وإن كان مثلياً فمثله] لأنه صلى الله عليه وسلم، استسلف بكراً فرد مثله رواه مسلم.
[ما لم يكن معيباً] أي: المثلي، إذا رد بعينه، كحنطة ابتلت، فلا يلزمه قبوله لما فيه من الضرر، لأنه دون حقه.
[أو فلوساً ونحوها، فيحرمها السلطان، فله القيمة] وقت القرض، نص عليه في الدراهم المكسرة، قال: يقومها كم تساوي يوم أخذها، فإن لم تترك المعاملة بها لكن رخصت، فليس له إلا مثلها، لأنها لم تتلف، إنما تغير سعرها فأشبهت الحنطة إذا رخصت. قاله في الكافي والشرح.
1 إن لفظة "ويملك" ساقطة من الأصل، وهي في جميع المخطوطات.
[ويجوز شرط رهن وضمين فيه] لأن النبي صلى الله عليه وسلم، استقرض من يهودي شعيراً ورهنه درعه متفق عليه.
[ويجوز قرض الماء كيلاً] كسائر المائعات، ويجوز قرضه مقداراً بزمن من نوبة غيره، ليرد مثله في الزمن من نوبته، نص عليه، لأنه من المرافق.
[والخبز والخمير عدداً، ورده عدداً بلا قصد زيادة] لحديث عائشة قلت: يا رسول الله، إن الجيران يستقرضون الخبز والخمير، ويردون زيادة ونقصاناً، فقال:"لا بأس، إنما ذلك من مرافق الناس لا يراد به الفضل" وعن معاذ أنه سئل عن اقتراض الخبز والخمير، فقال:"سبحان الله إنما هذا من مكارم الأخلاق، فخذ الكبير وأعط الصغير، وخذ الصغير وأعط الكبير، خيركم أحسنكم قضاء". سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك رواهما أبو بكر في الشافي.
[وكل قرض جر نفعاً فحرام، كان يسكنه داره، أو يعيره دابته، أو يقضيه خيراً منه] أو يهدي له أو يعمل له عملاً ونحوه لأنه صلى الله عليه وسلم، نهى عن بيع وسلف صححه الترمذي. وعن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس، رضي الله عنهم أنهم كرهوه، ونهوا عن قرض جر منفعة ويروى كل قرض جر منفعة فهو ربا.
[فإن فعل ذلك بلا شرط، أو قضى خيراً منه بلا مواطأة جاز] 1 لأنه صلى الله عليه وسلم استسلف بكراً ورد خيراً منه وقال "خيركم أحسنكم قضاء" متفق عليه. وإن أهدى إليه قبل الوفاء من غير عادة
1 لم تكن الجملة واضحة في الأصل وما ذكرناه من مخطوطات المتن.
لم يجز إلا أن يحسبه من دينه، لما روى ابن ماجة عن أنس مرفوعاً:"إذا أقرض أحدكم قرضاً فأهدى إليه، أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله، إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك" وروى الأثرم أن رجلاً كان له على سماك عشرون درهماً، فجعل يهدي إليه السمك ويقومه، حتى بلغ ثلاثة عشر درهماً، فسأل ابن عباس فقال: أعطه سبعة دراهم وإن كتب له به سفتجة1 أو قضاه في بلد آخر، أو أهدى إليه بعد الوفاء فلا بأس بذلك. قاله في الكافي. وإن شرط أن يوفيه في بلد آخر، أو يكتب له به سفتجة، فروى عن أحمد: أنه لا يجوز. وكرهه الحسن ومالك والشافعي، وصححه في الإنصاف، وجزم به في الوجيز. وعنه: يجوز. اختاره الشيخ تقي الدين، وصححه في النظم والفائق. وذكر القاضي أن للوصي قرض مال اليتيم في بلد، ليوفيه في آخر، ليربح خطر الطريق. حكاه في المغني. قال: والصحيح جوازه، لأنه مصلحة لهما من غير ضرر بواحد منهما، والشرع لا يرد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها، ولما روي أن ابن الزبير كان يأخذ من قوم بمكة دراهم، ثم يكتب لهم بها إلى مصعب بن الزبير بالعراق، فيأخذونها منه فسئل عن ذلك ابن عباس فلم ير به بأساً وروي عن علي أنه سئل عن مثل ذلك فلم ير به بأساً انتهى.
[ومتى بذل المقترض ما عليه بغير بلد المقرض - ولا مؤنة لحمله -
1 السفتجة: بضم فسكون ففتحتين. وهو أن يعطي مالا لآخر، وللآخر مال في بلد المعطي فيوفيه إياه هناك فيستفيد أمن الطريق. انتهى، من القاموس بمعناه.