المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خوزستان وخراسان، والرحيل من تستر: - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الحلاج

- ‌1 - تفصيلات سيرته:

- ‌خوزستان وخراسان، والرحيل من تستر:

- ‌2 - آثاره الكبرى (المنشورة)

- ‌3 - التهم الأساسية:

- ‌4 - مغزى الرياضة والشهادة:

- ‌5 - المفردات و"المصطلحات

- ‌6 - مدرسة الحلاجية وفرقها:

- ‌7 - أحكام معاصريه، ومن أتى بعدهم عليه:

- ‌المصادر:

- ‌الحلم

- ‌حمزة بن حبيب

- ‌المصادر:

- ‌حمزة الحرانى

- ‌المصادر:

- ‌حمزة بن عبد المطلب

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حمزة فنصورى

- ‌الحمس

- ‌المصادر:

- ‌حمص

- ‌المصادر:

- ‌تاريخها

- ‌آثارها

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حماد، بنو

- ‌ المصادر

- ‌حماد الراوية

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حماد عجرد

- ‌المصادر:

- ‌الحمال

- ‌الحمام

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حمام الصرخ

- ‌المصادر:

- ‌الحمة

- ‌المصادر:

- ‌حمود (بنو)

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حمى

- ‌المصادر:

- ‌حميد الأرقط

- ‌ حميد بن ثور

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحميدي

- ‌ المصادر

- ‌حميدى

- ‌المصادر:

- ‌حمير

- ‌المصادر:

- ‌الحنابلة

- ‌المصادر:

- ‌الحناطة

- ‌المصادر:

- ‌حنظلة بن صفوان

- ‌المصادر:

- ‌حنظلة بن صفوان

- ‌المصادر:

- ‌حنظلة بن مالك

- ‌المصادر:

- ‌الحنفية

- ‌المصادر:

- ‌حنيف

- ‌حنيفة بن لجيم

- ‌حنين

- ‌حنين بن إسحاق العبادي

- ‌حواري

- ‌الحور

- ‌حوران

- ‌الحوض

- ‌الحوطة

- ‌حواء

- ‌الحويزة

- ‌حيدر

- ‌الحيرة

- ‌حيص بيص

- ‌حيفا

- ‌حيوان

- ‌حكايات الحيوان في الأدب الفارسي

- ‌الحيوانات في المأثورات التركية

- ‌حي

- ‌حي بن يقظان

- ‌خ

- ‌خادم الحرمين

- ‌الخازني

- ‌خالد، بنو

- ‌خالد بن سعيد

- ‌خالد بن سنان

- ‌خالد بن صفوان

- ‌خالدة أديب

- ‌خالد بن الوليد

- ‌الخالدي

الفصل: ‌خوزستان وخراسان، والرحيل من تستر:

بيته يعهد برعاية أسرته إلى شقيق زوجته، واسمه الكرَنْبَائى. وعن طريق صهره هذا، وجد الحلاج نفسه على صلة بعشيرة كانت تؤيد انتقاض الزيديين من الزنج الذين كانوا متشبعين على تفاوت بمبادئ غلاة الشيعة؛ ولعل هذا هو السبب فى الشهرة التى لزمته من غير أساس بأنه داعية شيعى. وإلى هذه الفترة يرجع احتفاظه بتعبيرات عجيبة تظهر عليها اثار الشيعة، بيد أنه واصل فى البصرة حياة النسك الشديد، وظل مؤمنًا أعمق الإيمان بمذهب أهل السنة. وشخص الحلاج إلى بغداد لمشاورة الجنيد المتصوف الذائع الصيت وقد ضاق بالصراع الذى نشأ بين والد زوجته الأقطع، وبين عمر المكى، ولم يستمع إلى نصيحة الجنيد فرحل بعد إخماد فتنة الزنج مباشرة.

الحجة الأولى: وفى مكة أدى فريضة الحج الأولى، ونذر البقاء عامًا معتمرًا بساحة البيت الحرام، ملازمًا الصيام والصمت لا يتحول. وكان يمارس فى هذا رياضته الشخصية للاتحاد بالله، وذهب مذهبًا مناقضًا للكتمان الذى يلتزم به المتصوفة، وبدأ فى الإعلان عن طريقته. وهنالك قطع عمرو المكى علاقته به، بيد أن الحلاج أخذ يجتذب المريدين.

‌خوزستان وخراسان، والرحيل من تستر:

وعاد الحلاج إلى خوزستان، وخلع خرقة الصوفية، واتخذ لباس عامة الناس (لعله القباء، وهو عباءة يلبسها الجند) حتى يستطيع أن يتكلم ويعظ بحرية أكثر. وهذه هى بداية دعوته التى كان هدفها الأساسى تمكين كل إنسان من أن يجد الله فى قلبه، مما أكسبه لقب "حلاج الأسرار"، وعرضه للريبة والكراهية وإلى افتضاح أمر الصوفية وأصبح من مريديه بعض السنيين الذين كانوا من قبل نصارى، وصار منهم وزراء فى بغداد من بعد. ولكن بعضًا من المعتزلة والشيعة الذين كانوا يشغلون مناصب هامة فى بيت المال، اتهموه بالخديعة وبزائف المعجزات، وأثاروا عليه الدهماء. فنزح إلى خراسان ليواصل دعوته بين الجاليات العربية

ص: 4230

بشرقى إيران، ومكث فيها خمس سنوات يعظ فى المدن، كما مكث غير قليل فى الرباطات على الحدود، التى كانت ملجأ للمتطوعين فى "الجهاد" ثم عاد إلى إقليم تستر، واستطاع بمساعدة الوزير حمد قنائى أن يوفر لأسرته الإقامة فى بغداد.

الحجة الثانية، والأسفار البعيدة، والحجة الثالثة:

حج الحلاج حجته الثانية بمكة، ومعه أربعمائة من مريديه، وهناك اتهمه بعض أصدقائه السابقين والصوفية بالسحر والعرافة ومخاواة الجن. وبعد حجته الثانية هذه رحل رحلة طويلة فى بلاد الهند (الهندوكية) وفى تركستان (المانوية والبوذية) فيما وراء حدود دار الإسلام. "متوجهًا إلى ما يجاوز المجتمع الإسلامى، إلى البشرية جمعاء يريد أن يكشف لها الشوق الحبيب إلى الله فى صبر وصفاء مما اتصف به الحلاج منذ ذاك

" (L. Massignon) وحوالى سنة 290 هـ (902 م) عاد الحلاج إلى مكة ليؤدى حجته الثالثة والأخيرة، أجل عاد إلى مكة مرتديًا المرقعة والفوطة حول وسطه. وكان يدعو الله بعرفات أن ينزل به إلى مرتبة العدم ليكون محتقرًا منبوذًا، ومن ثم فالله وحده هو الذى يفئ على نفسه تعالى نعمته من خلال قلب عبده وشفتيه.

الموعظة الأخيرة فى بغداد: عاد الحلاج إلى بغداد، وأقام فى بيته أنموذجًا للكعبة المشرفة، وظل يقوم الليل بجوار المقابر، ويعلن بالنهار فى الطرقات والأسواق عن حبه المتوقد لله، وعن رغبته فى أن يموت مغضوبًا عليه من مجتمعه بحكم اتحاده بالله. وكان يقول:"أيها الناس أغيثونى عن الله" .. "اعلموا أن الله تعالى أباح لكم دمى: فاقتلونى" .. وقد أثارت هذه الدعوة مشاعر الجمهور، وأشاعت القلق بين الطبقات المثقفة. وغضب محمد بن داود الظاهرى من ادعاء الحلاج بأنه اتحد صوفيًا بالله؛ وشكاه إلى القضاء، وطالب بالحكم عليه بالقتل، ولكن القاضى الشافعى المذهب ابن سريج قال إن الإلهام الصوفى خارج عن ولاية المحاكم. وفى هذه الفترة، وحيال الموقف العدائى لنحاة البصرة، قام الحلاج بالرد على الشبلى، فى جامع المنصور

ص: 4231

بالشطحة الشهيرة: أنا الحق، والحق لله حق لابس ذاته، فما ثم فرق".

القبض عليه: كان ثمة حركة لصلاح المجتمع أخلاقيًا وسياسيًا، أخذت تتبلور فى بغداد، مستلهمة مواعظ الحلاج، وما دعا إليه أولئك المخلصون المهتمون بأن يروا فيه قطب الزمان المستتر فى عصره. وقد أهدى الحلاج لابن حمدان وابن عيسى بعض الرسائل عن واجبات الوزراء. وفى سنة 296 هـ (908 م) قام بعض المصلحين من أهل السنة (تحت تأثير الحنابلة أتباع البربهارى، انظر La: H. Laoust Profession de foi d'Ibn Batta دمشق سنة 1958، فى مواضع مختلفة) بمحاولة فاشلة للاستيلاء على السلطة، ولمبايعة ابن المعتز بالخلافة. ولكنهم أخفقوا، وأعيد الخليفة الصبى المقتدر، وكان وزيره ابن الفرات المدبر للمال. وكان الحلاج متورطًا فيما تلا ذلك من حركة القمع المناهضة للحنابلة، ونجح الحلاج فى الفرار إلى السوس من أعمال الأهواز، وهى بلدة حنبلية، على الرغم من أن أربعة من مريديه قد تم القبض عليهم. وبعد ثلاث سنوات، ألقى القبض على الحلاج نفسه، وحمل إلى بغداد ضحية لكراهية حامد السنى، ومكث فى السجن تسع سنوات.

سجنه: فى سنة 301 (913 م) وضع الوزير ابن عيسى، وهو ابن عم واحد مريدى الحلاج، حدًا للمحنة (انظر فتوى ابن سريج) وأطلق سراح المسجونين من أنصار الحلاج. وأدى ضغط أعدائه ونفوذ رئيس الشرطة الذى كان عدوًا للوزير ابن عيسى، إلى وضع الحلاج فى "الصليبة" ثلاثة أيام، وكتب فوقه عبارة "عميل قرمطى". وحبس بعد ذلك فى القصر، حيث استطاع أن يعظ السجناء من العامة وفى سنة 303 هـ (915 م) شفى الحلاج الخليفة من الحمى، وفى سنة 305 هـ "أعاد إلى الحياة" ببغاء ولى عهد الخليفة. وفضح المعتزلة "شعوذته". وفى سنة 304 - 306 هـ، صرف الوزير ابن عيسى الذى كان من المحابين للحلاج، وحل محله ابن الفرات المعادى للحلاج، ولكن نفوذ أم الخليفة منع ابن الفرات من إعادة المحاكمة.

ص: 4232

ويظهر أن اثنين من أهم مؤلفات الحلاج يرجع تاريخها إلى هذه الفترة، هما: طآسين الأزل، وهو تأمل فى حالة إبليس "الموحد العاصى" والرسالة المختصرة عن "معراج" محمد عليه الصلاة والسلام، الذى وقف قاب قوسين أو أدنى من جوهر الذات الإلهية.

وقد أدانت هذه التأملات رفض إبليس طاعة الله وذهبت إلى أن اتحاد المحبة بين الله والإنسان أمر ممكن خارج عن تجربة النبى عليه السلام. ويبدو أن هذه التأملات إنما كانت ردًا على رجل من غلاة الشيعة هو الشلمغانى، الذى ذهب إلى أن الإيمان والإلحاد، والفضيلة والرذيلة، والإصطفاء واللعنة ليست جميعًا سوى "مقابلات" ترضى الله على حد سواء. وكان للشلغمانى نفوذ كبير فى بلاط بغداد، بل حتى فى مجرى محاكمة الحلاج.

الحكم: أعيدت المحاكمة، وأثيرت القضية سنة (308 - 309 هـ = 921 - 922 م). وكان أساسها مضاربة حامد المالية التى عارضها ابن عيسى دون جدوى. وأراد حامد القضاء على نفوذ ابن عيسى، فدبر إعادة محاكمة الحلاج. وساعده على ذلك ابن مجاهد الشيخ الوقور لجماعة قرّاء القرآن، وصديق الصوفيين ابن سالم والشبلى ولكنه كان من المعارضين للحلاج. وتظاهر الحنابلة بتحريض ابن عطاء، وهو نفسه حنبلى متصوف، وصلوا "للدعاء" على حامد: منكرين سياسته المالية ومستهدفين إنقاذ الحلاج. بل هم قد تظاهروا أيضًا على الطبرى الذى أدان أعمال الشغب. وقد هيأت هذه الاضطرابات الفرصة للوزير حامد، ليدخل ابن عطاء فى المحاكمة. ولكن ابن عطاء رفض أن يشهد على الحلاج، وقرر أن الوزير لا يملك حق الحكم على سلوك "الأولياء". وأهانه أحد الحراس فى جلسة المحاكمة، ومات متأثرًا بما لحق به من جراء ذلك.

وقد أعد الحكم سلفًا كل من حامد، والقاضى المالكى أبو عمر بن يوسف، الذى كان دائم التأييد لمن فى يدهم السلطة وقتذاك، وكان الحكم يدين

ص: 4233

الحلاج. وقد قال الحلاج ما معناه: إن أهم الأمور أن يطوف قلب الإنسان حول الكعبة سبع مرات: ولذلك اتهموه بأنه ثائر قرمطى، أراد أن يهدم الكعبة. ولم يحضر المحاكمة أى واحد من الشافعية. وامتنع القاضى الحنفى عن إصدار حكم، ولكن مساعده وافق على تأييد أبى عمر، ونجح وكيل الشهود المحترفين فى تقديم أربعة وثمانين موقعًا على عريضة الاتهام. وفى أثناء الجلسة، نطق أبو عمر، بتحريض حامد، بهذه العبارة:"الشرع يحل إهدار دمك".

تنفيذ الحكم: وظل كبير الحجاب نصر، وأم الخليفة يومين يتشفعان للحلاج عند الخليفة الذى داهمته الحمى، فألغى تنفيذ الحكم. ولكن دسائس الوزير انتصرت على تردد المقتدر الذى وقع الأمر بقتل الحلاج فى أثناء مغادرته وليمة كبرى. وفى الثالث والعشرين من ذى القعدة، أعلنت أصوات الطبول قرب تنفيذ الحكم. وسلم الحلاج لرئيس الشرطة، وفى المساء وعظ نفسه، وهو فى زنزانته استعدادًا للاستشهاد، وتنبأ ببعثه المجيد. وقد دونت هذه الأدعية والمواعظ وجمعت فى كتاب أخبار الحلاج.

وفى الرابع والعشرين من ذى القعدة، وعند باب خراسان، "وأمام حشد هائل" ضرب الحلاج وعلى رأسه تاج ضربًا مبرحًا، حتى أصبح شبه ميت، ثم صلب وهو بعد حيى على "صليب". وفى هذه الأثناء، أشعل المشاغبون النار فى الحوانيت وراح الأصدقاء والأعداء يسألونه، وهو مصلوب، وتحكى الروايات بعض إجاباته عن هذه الأسئلة. ولم يصل أمر الخليفة بضرب عنق الحلاج حتى حل الليل، وواقع الأمر، أن التنفيذ النهائى للحكم أرجئ حتى اليوم التالى. وفى أثناء الليل، ذاعت أخبار عن وقوع أحداث عجيبة خارقة، ولما أصبح الصباح تجمع فى قول التوزرى أولئك الذين وقعوا العريضة، حول ابن مكرم، وصاحوا قائلين: إنه فى سبيل الإسلام، دع دمه يسيل فوق رؤوسنا. وسقط رأس الحلاج، ورش جسده بالزيت وأحرق، وألقى رماد رفاته فى نهر دجلة من قمة مئذنة فى 27 مارس سنة 922 م.

ص: 4234