المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لباسًا واحدًا ويزودون بحبل وغرارة وهم يقفون معًا جماعات فى - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ١٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الحلاج

- ‌1 - تفصيلات سيرته:

- ‌خوزستان وخراسان، والرحيل من تستر:

- ‌2 - آثاره الكبرى (المنشورة)

- ‌3 - التهم الأساسية:

- ‌4 - مغزى الرياضة والشهادة:

- ‌5 - المفردات و"المصطلحات

- ‌6 - مدرسة الحلاجية وفرقها:

- ‌7 - أحكام معاصريه، ومن أتى بعدهم عليه:

- ‌المصادر:

- ‌الحلم

- ‌حمزة بن حبيب

- ‌المصادر:

- ‌حمزة الحرانى

- ‌المصادر:

- ‌حمزة بن عبد المطلب

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حمزة فنصورى

- ‌الحمس

- ‌المصادر:

- ‌حمص

- ‌المصادر:

- ‌تاريخها

- ‌آثارها

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حماد، بنو

- ‌ المصادر

- ‌حماد الراوية

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حماد عجرد

- ‌المصادر:

- ‌الحمال

- ‌الحمام

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حمام الصرخ

- ‌المصادر:

- ‌الحمة

- ‌المصادر:

- ‌حمود (بنو)

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌حمى

- ‌المصادر:

- ‌حميد الأرقط

- ‌ حميد بن ثور

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌الحميدي

- ‌ المصادر

- ‌حميدى

- ‌المصادر:

- ‌حمير

- ‌المصادر:

- ‌الحنابلة

- ‌المصادر:

- ‌الحناطة

- ‌المصادر:

- ‌حنظلة بن صفوان

- ‌المصادر:

- ‌حنظلة بن صفوان

- ‌المصادر:

- ‌حنظلة بن مالك

- ‌المصادر:

- ‌الحنفية

- ‌المصادر:

- ‌حنيف

- ‌حنيفة بن لجيم

- ‌حنين

- ‌حنين بن إسحاق العبادي

- ‌حواري

- ‌الحور

- ‌حوران

- ‌الحوض

- ‌الحوطة

- ‌حواء

- ‌الحويزة

- ‌حيدر

- ‌الحيرة

- ‌حيص بيص

- ‌حيفا

- ‌حيوان

- ‌حكايات الحيوان في الأدب الفارسي

- ‌الحيوانات في المأثورات التركية

- ‌حي

- ‌حي بن يقظان

- ‌خ

- ‌خادم الحرمين

- ‌الخازني

- ‌خالد، بنو

- ‌خالد بن سعيد

- ‌خالد بن سنان

- ‌خالد بن صفوان

- ‌خالدة أديب

- ‌خالد بن الوليد

- ‌الخالدي

الفصل: لباسًا واحدًا ويزودون بحبل وغرارة وهم يقفون معًا جماعات فى

لباسًا واحدًا ويزودون بحبل وغرارة وهم يقفون معًا جماعات فى أماكن الطلب المختلفة حيث يبحث عنهم الزبائن. ولا تحكم أجورهم تعريفة وهم بصفة عامة يرضون فيما يظهر بما يعطيه لهم الزبائن. زد على ذلك أن أمانتهم يضرب بها المثل، وأى تقصير منهم يكون محل عقاب شديد من الأمين. وظلوا إلى وقت قريب ينامون جماعات فى الأسواق والمخازن والفنادق، ويقومون بجولاتهم لمنع السرقات والإنذار فى حالة نشوب حريق.

خورشيد [إيوار وبلّا Cl. Huart & Ch. Pellat]

‌الحمام

أو حمام البخار، وما يزال فى كثير من الأحيان يعرف بـ "الحمام التركى" (وفى الفرنسية "الحمام المغربى"): بناء له سمات وخصائص العالم الإسلامى، حيث تشهد الأطلال الأثرية بأنه قديم قدم العصر الأموى، علاوة على وجود ما يشير إليه فى بعض النصوص التى تذكر بناء حمامات فى المدن الأولى التى أنشئت بعد الفتوحات: حمام عمرو بالفسطاط، ذكره ابن دقماق (جـ 1، ص 105) والحمامات الثلاثة الأولى بالبصرة، ذكرها البلاذرى فى "الفتوح"، (ص 353) وحيث استمر بناء هذه الحمامات حتى يومنا هذا يحتل أهمية كبيرة يقر بها الكتاب العرب أنفسهم (فهم - على سبيل المثال - يذكرون الحمامات ضمن المفاخر التى توجب المكانة الرفيعة لأى مدينة قديمة، ويضعون لها قوائم مفصلة ومعاصرة، علاوة على قوائم تسجيل الآثار).

واستعمال الحمام فى الشعائر الدينية لأداء التطهر الأكبر (الاغتسال) يفسر لنا لم كان الحمام يعد دائمًا إحدى مرافق الحياة ومتعها فى المدينة الإسلامية، التى استوعبته شيئًا فشيئًا ليصبح "ملحق للمسجد"(كما يقول مارسيه W. Marcais) فى الوقت الذى أضحت فيه حياة الحى بأسره تدور حول الحمام. وهكذا نسى المسلمون شيئًا فشيئًا ما أحاط به فى بادئ الأمر من أهواء تزعم أنه من العناصر المستعارة من حضارة أجنبية (فحتى

ص: 4306

وقت متأخر كالقرن الرابع الهجري الموافق العاشر الميلادى ظلت الإشارة إلى الحمام بعبارة "حمامات رومية") علاوة على أن زخرفته اقتبست، على مدى حقبة طويلة، من تقاليد عرفت قبل الإِسلام. وكان الناس يقصدونه طلبًا للراحة والاسترخاء، كما كانوا يقصدونه استيفاءًا لقواعد الصحة والنظافة أو إقامة شعائر دينية. وكانت الحمامات العامة كثيرة فى كل مدينة وتخص فى أيام بعينها أو أوقات بعينها للرجال وفى أيام وأوقات أخرى للنساء. وكانت مصدر دخل كبير لمن ينشؤنها من الأفراد أو السلطات. وقد أدى شيوع استعمال الحمام أيضًا إلى إقامة حمامات خاصة داخل حدود القصور أو داخل المنازل الكبرى بالمدن.

ويمكن العثور فى المصادر المتقدمة فى الزمن على معلومات بشأن عدد الحمامات التى كانت موجودة فى الحواضر الإِسلامية فى العصور الوسطى، حين وضعت التقديرات الحديثة لعدد سكان المدن فى ذلك العهد وفقًا لهذه المعلومات. والحقيقة أن قيمة التفصيلات التى تتوافر لنا على هذا النحو تتفاوت بدرجة كبيرة طبقًا للمصدر الذى تم استقاؤها منه: هل هو قوائم تسجيلية دقيقة للآثار أم مجرد تقديرات الإخباريين؟

فمما يندرج تحت الفئة الأولى، على سبيل المثال، ما قدمه ابن عساكر من معلومات عن دمشق فى القرن السادس الهجرى الموافق الثاني عشر الميلادى (57 حمامًا داخليًا: تاريخ دمشق، تحقيق صلاح المنجد، المجلد الثاني، الجزء الأول، دمشق، سنة 1954، ص 162 - 164) ثم ما قدمه ابن شدّاد بعد ذلك بقرن من الزمان عن حمامات حلب (80 حمامًا داخليًا و 94 حمامًا خارجيًا، علاوة على 21 حمامًا خاصًا فيكون مجموعها 195: Description d'Alep، تحقيق: D. Sourdel ، دمشق، 1953، ص 130 - 138)، وكذلك عن حمامات دمشق (85 حماما داخليًا و 31 حمامًا خارجيًا، أي 116 حمامًا على وجه الإجمال: Description de Damas، تحقيق سامى الدهان، دمشق، 1956، ص 291 - 302) وهى معلومات تبدو

ص: 4307

معقولة حينما نأخذ بعين الاعتبار أنه كان بدمشق منذ 30 عامًا ستون حمامًا تعود إلى تواريخ مختلفة وأن 41 حمامًا منها كانت ما تزال قيد الاستعمال فى ذلك الحين.

أما البيانات المتناقضة التى ساقها كاتب مثل هلال الصابى عن بغداد، فتقل درجة الثقة فيها والتعويل عليها كثيرًا عن البيانات السابق ذكرها: فإن الرقم الذى ذكره عن عدد الحمامات فى هذه المدينة فى حقبة زمنية تمتد من القرن الثالث الهجري الموافق التاسع الميلادى إلى القرن الرابع الهجري الموافق العاشر الميلادى يترواح بين 60 ألفًا وألف وخمسمائة. وبالمثل نجد الأرقام المذكورة عن قرطبة فى نهاية القرن الرابع الهجري الموافق العاشر الميلادى تتراوح ما بين 300 حمام فى عهد عبد الرحمن الثالث (ابن عذارى: البيان، جـ 2، تحقيق دوزى، ص 247؛ والترجمة الفرنسية بقلم Fagnan ص 383) و 600 فى عصر المنصور بن أبى عامر (المقرى: نفح الطيب Analectes، الجزء الأول، ص 355) وتبدو المعلومات التى ذكرها ليو الإفريقى عن فاس فى القرن العاشر الهجرى الموافق السادس عشر الميلادى) أجدر بالتعويل عليها (حيث أورد قائمة بمائة حمام، فى حين لم يوجد منها سنة 1942 سوى ثلاثين)، وكذلك المعلومات التى ذكرها أوليا جلبى عن استانبول فى القرن الحادى عشر الهجري الموافق السابع عشر الميلادى (61 حمامًا داخليًا و 51 حمامًا خارجيًا، علاوة على حمامات خاصة أخرى، مما يجعل إجمالى عددها نحو 150 حمامًا) وهي تفصيلات يصعب وصفها بالمبالغة. على أننا سقنا هذه الإحصائيات القليلة على سبيل المثال فحسب؛ لنبين المدى الذى تذهب إليه الوثائق المتاحة، مما يقتضي عقد مقارنات متأنية بين مصادر المعلومات المتماثلة (مع اللجوء إلى المحفوظات كلما أمكن ذلك) فى سبيل إصدار إضافة يعول عليها فى مجال التاريخ الاجتماعى والاقتصادى.

ومن جهة أخرى لا بد من ذكر الأوصاف الحية للحمامات الإِسلامية،

ص: 4308

التى تبرز فى كتابات الرحالة الغربيين، المتقدمين منهم والمتأخرين، بدءًا من شاردان Chardin أو لابولاى له جوز La Boullaye le Gouz، على سبيل المثال (عن الوصف الذى كتبه لابولاى مما يعد أقل شهرة، انظر Voyages et observations، باريس، 1657، ص 40 - 42) حتى إدوارد وليم لين (Manners: E.W. Lane and customs of the modern Egyptians فصل 16؛ وانظر كذلك النص الذى كتبه ن. دياز دى إسكوفار - N. Diaz de Es De Como se construia un banio en: covar tiempo de los arabes الذى استشهد به ليفى بروفنسال E. Levi. Provencal)، من غير أن يفوتنا ذكر المادة الفنية من الرسوم والصور التى توفرها لنا بعض المنمنمات الفارسية أو التركية، مثال ذلك صورة أحد الحمامات أبدعها فنان ينتمى إلى مدرسة بهزاد (انظر B. Gray: Persian Painting جنيف، 1961).

على أن بالإمكان الحصول على معلومات أعظم نفعًا بالرجوع إلى الكتب الفقهية وكتب الحسبة التى توفر لنا تفصيلات أكثر عن الرقابة التى كان المحتسب يمارسها على نظافة المبانى وعلى السلوك اللائق لروّاد الحمام وللقائمين بالخدم فيه.

ومما يؤسف له أنه لم تظهر حتى الآن دراسة وافية التفصيلات عن عدد الحمامات واستعمالها، تلك الحمامات التى ما تزال تقوم بدورها فى الأحياء القديمة من مدن إسلامية مختلفة، وتكون هذه الدراسة على مثال الدراسة التى سبق القيام بها عن دمشق، وتم فيها منذ وقت قريب جدًا استكمال قائمة تسجيلية أثرية بدأت فى عام 1931 للمبانى التى تندرج تحت هذا النوع، وقد استكمل هذا الحصر بإضافة بعض الملاحظات الجديدة. والحق إن وجود هذه الحمامات يعد برهانًا على حيوية العادات (على الأقل بين العوام) التى تأصلت فى تراث المجتمع الإِسلامى على مدى فترة طويلة، والتى يحتاج الكثير من جوانبها لإلقاء الضوء عليه عن طريق إجراء الدراسات الاجتماعية واللغوية، وبالأخص الاختلافات المحلية فى الاستعدادات والمصطلحات.

ص: 4309

وهناك يمكن أن نقارن التفصيلات التى تجمع على هذا النحو مقارنة مفيدة بالتفصيلات الأخرى التى تضيفها النصوص الفقهية أو الأدبية، ومن ذلك، على سبيل المثال، الأسماء التى اصطلح على إطلاقها على مختلف العاملين المنوط بهم تشغيل الحمام، والتى نجدها عند كاتب مثل هلال الصابى فى القرن الرابع الهجري الموافق العاشر الميلادى (رسوم دار الخلافة، بغداد سنة 1964، ص 19). وبخصوص هذا الموضوع الأخير مثلًا، فقد كشف بحث مختصر أن اثنين من طاقم العاملين بالحمام وهما "الوقّاد" و"الزبّال"(وهو الذى يشرف على إمداد الحمام بالوفود الذى هو عبارة عن الروث" لإيقاد التنور) ما يزالان يعرفان بهذين اللقبين فى دمشق (أما فى فاس فيطلق على الأول "السخان" وعلى الثانى "الغبَّار")، فى حين قد تبين أنه لم يعد يستخدم اليوم مصطلح "صاحب الصندوق" للدلالة على المشرف على غرفة تغيير الملابس (يُسمى "الجَلّاس" فى فاس ويرتبط فى دمشق بـ "المعلم" أي صاحب الحمام) كما لم يعد يستعمل مصطلح القَيَّم" للدلالة على مستأجر الحمام. أما وظيفتا "المُزَيَّن" و"الحجَّام"، التى ذكرهما هلال أيضًا، فيبدو أنهما فقدا أهميتهما وحل محلهما وظيفة "المكيس" أو "الكَيَّاس" (أى المدلِّك الذى يستخدم الكيس ببراعة، وهو كيس من ألياف الكتان يستخدم لتدليك الزبون) ومن الراجح أن وظيفة "الكيَّاس" مرتبطة بوظيفة "الحكَّاك" التى ثبت وجودها فى قرطبة فى القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى) وبوظيفة "الدلّاك" - التى تدل على المعنى نفسه وذكرها أوليًا جلبى فيما يختص باستانبول.

وهكذا وجب علينا أن نتناول جملة مفردات بالغة الثراء وكثيرة التغير، مما يعكس الفروق التى لا مناص من أنها قد وجدت بين الاستخدامات الاصطلاحية التى تميزت بها كل منطقة وكل حقبة زمنية على حده، مما يحفظه لنا فى كثير من الأحيان التراث الأدبى الزاخر بالأمثال والحكايات والأساطير الشعبية، ذلك التراث الذى يبدو دائمًا وقد أحاط بالحمام باعتباره مرتعًا خصبًا للمعتقدات والخرافات المحلية،

ص: 4310

وباعتباره كذلك خاصة المكان المفضل لسكنى الجن وانظر على سبيل المثال "نادرة الحمام" المضحكة التى نشرها. F Saussey وهى Une farce de karagueuz en: dialecte arabe de Damas فى B F O، جـ 7، 8 سنة 1937 - 1938، ص 5 - 37).

على أن جانب العمارة من الحمام الإسلامى هو أجدر الجوانب بالدراسة. وكثيرًا ما كانت المبانى من هذا النمط تتحكم فيها عوامل اختيار الموقع (كضرورة توفر الماء بغزارة) كما تحكمها الضرورات العملية التى يفرضها حل المشاكل العسيرة والتي كثيرًا ما تكون على شئ من الطرافة. إن الحمامات التى يمكن التعرف على هويتها والتي هى متاحة للدراسة الأثرية اليوم توفر لنا منطلقات ممتازة لإستكشاف وتصور المراحل التى تطورت فيها المدن التى تنتمى إليها، من واقع الحقب المتطاولة التى شغلت فيها المواقع نفسها، وعلاوة على ذلك توفر لنا أجزاؤها الأكثر قدمًا أوصافًا هامة لطرق البناء والأذواق الكامنة وراء الزخارف، والقدرات الفنية لبُنَاتها الأوائل، وهي تقدم ذلك فى تكوينات تتميز فى كثير من الأحيان بالأصالة سواء فى الخطة أو فى الشكل.

وهذا ما يجعل معرفة مراحل تطور هذه المبانى أمرًا نافعًا بصفة خاصة، وهى المراحل التى لم يتتبعها أحد حتى الآن بالدقة والعناية الواجبتين، ومرجع ذلك فى المقام الأول إلى الافتقار إلى الأعداد الكافية من الرسائل المتخصصة التمهيدية فى الموضوع - أما الخطوط العريضة لها فنحن على الأقل نستطيع بذل الجهد لتتبع أثرها. وهذا التطور يغلب عليه فى الحقيقة - منذ أول ظهور الحمامات فى العصر الأموى حتى انتشارها إلى أقاصى الأقاليم - وجود إجراءات صارمة، تبدو فى التفسيرات الأكثر اختلافًا وتنوعا كالتى كانت متأثرة أو مشروطة بطبيعة العمليات التى تؤدى فى الحمامات الإِسلامية.

وقد ظل الترتيب الذى تؤدى به هذه العمليات هو هو فى كل مكان. فزبائن الحمام الذين خلعوا ملابسهم وارتدوا مئزرًا بسيطًا من عدة فوط معقودة معًا، يعودون أنفسهم شيئًا فشيئًا على جو

ص: 4311

تتزايد حرارته ورطوبته كلما تقدموا نحو وسط المبنى، حيث تؤدى الفترة التى يقضونها فى غرفة العرق إلى إفراز غزير من العرق. فيمضون إلى أيدى طاقم من العمال المدربين تدريبًا خاصًا، من الذكور بالنسبة للرجال، ومن الإناث بالنسبة للنساء، حيث يتولى هؤلاء تنظيفهم برغوة الصابون، ويحكون أبدانهم بقوة، ويدلكونهم، وينزعون شعر أجسامهم ويحلقونهم. ثم يتقدمون بعد ذلك إما للإستحمام فى الماء الدافئ وإما بغمر أنفسهم فى حمامات من الماء الدافئ أو الساخن. وأخيرًا تأتى فترة قصيرة من الاسترخاء فى حجرة للاستراحة يقصد بها استرداد عافية الأجسام التى أنهكتها هذه المعالجة العنيفة.

ومن أجل أن يتم هذا البرنامج، فإن الحمام يتكون بصفة أساسية من عدد بعينه من الغرف كل منها لها وظيفة خاصة: ففي البداية غرفة لخلع الملابس والراحة، تعرف عادة بـ "المُشَلَّح" أو "المَشْلَحْ" فى الشرق، وبـ "المَسْلَخ" فى مصر ومراكش، و"المحْرَس" فى بلاد تونس، حيث تتصل هذه الغرفة بالمراحيض وقد توصل بالقسم الأوسط من الحمام بممرات متعرجة يتفاوت طولها، ثم غرفة انتقالية خالية من أى وسيلة للتسخين ولكن جوها مع ذلك سبق تدفئته بقربها من القسم الساخن، وهى تستعمل فى الشتاء لخلع الملابس، وقد تعرف باسم "البرّانى" كما فى فاس، أو "بيت أول" كما فى القاهرة: أو ربما اطلق عليها اسم آخر أكثر دقة مثل "الوسطانى البرانى" كما فى دمشق، أو "بيت البارد" كما فى تونس (وهو يلاصق قسمًا يسمى "بيت البدل")؛ ثم أول غرفة ساخنة أو دافئة، حيث يطلق عليها فى دمشق اسم "الوسطانى الجوانى" وفى فاس "الوُسْطى" وفى تونس تعرف عادة بـ "بيت السخُون"، وأخيرًا، غرفة ساخنة أخرى وهي الغرفة الساخنة الرئيسية أو حمام البخار (وتسمى "التحميم أو "عراقة" أو "زقاق" فى تونس) ويمكن أن تسمى ببساطة "حرارة" كما فى القاهرة أو على نحو أكبر صدقًا فى التعبير "جوانى" فى دمشق و"داخلى" فى فاس. وغرفة البخار هذه مزودة عادة

ص: 4312

بعدد بعينه من الفجوات (تسمى فى دمشق بـ "المقصورات") حيث توجد إما "مصاطب" من الحجر أو الطوب تستعمل لأوجه الرعاية التى يقوم بها طاقم العاملين للمستحمين، أو "حنفيات" تنقل موارد من الماء الساخن أو البارد، أو أحواض حجرية تقوم بدور حمامات سباحة صغيرة "مغاطس" مملوءة بالماء الساخن أو البارد.

وبالرغم من أن الضوء والهواء يتوفران فى بعض الحالات عن طريق فتحات ذات أغطية يمكن تحريكها (للفتح والإغلاق)، إلَّا أنه لا النوافذ ولا فتحات التهوية تتوفر فى القسم الأوسط، حيث تعمل الجدران السميكة بكفاية كبيرة على ضمان الاحتفاظ بالحرارة والبخار، وهذه الجدران تعلوها أقبية أو قباب صغيرة متساوية السمك ولها بطانات حافظة للبخار من الرخام أو الجص المصقول على أديم الأرض الممهدة؛ كما أنها مزودة بقنوات صغيرة لنقل الماء للخارج. ولا يتسرب الضوء إلا من خلال قطع كثيفة من الزجاج، شبيهة بأغطية الزجاجات مرصعة بالقباب، حيث تشكل فى معظم الأحيان موضوعات زخرفية بسيطة. ولا يوجد أثاث إلَّا فى غرفة تغيير الملابس والراحة، التى هى أفخم الغرف ترتيبًا وتنسيقًا بما تحويه من مصاطب خشبية مغطاة بوسائد موزّعة فى العادة حول حوض ماء به نافورة فى تونس:"خصّة") وأما المدخل نفسه الذى يدلف منه زبائن الحمام فلا ينظر إليه إلَّا نادرًا نظرة موضوع معمارى لتجميل واجهة ذات أهمية. وهو الفتحة الوحيدة التى يتصل من خلالها هذا البناء المحكم الإغلاق بالعالم الخارجى.

ومجموعة الغرف سواء تلك المتاحة للجمهور فى الحمامات العامة أو التى يستعملها من يملك حمامًا خاصًا (حيث لا يختلف طراز البناء فى أحدهما عن الآخر إلَّا فى حجم البناء ومبلغ ثراء الزخارف) تتصل بها ملاحق لا يمكن الاستغناء عنها، تحوى نظام التسخين وخدماته، ولا يصلها بالحمام نفسه أى ممر وإنما لها مخرجها الخاص إلى الشارع، حيث يستخدم بصفة خاصة

ص: 4313

لاستقبال الزاد من الوقود. وغرفة التنّور التى تسمى فى دمشق "الخزانة"(أى خزانة الحرارة والبخار) وفى تونس "الفرناق"، لا يفصلها عن الغرفة الساخنة إلَّا حاجز رقيق تخترقه ثقوب يمر منها الهواء المشبع بالبخار: وفيها يحفظ التنور الذى يستمر إضرامه فيحفظ درجة حرارة المراجل (فى تونس: "النحاسة") التى تحتوى على الماء المغلى. ومن هذه المراجل يتوزع الماء الساخن فى داخل الحمام، ويستكمل ذلك بتوزيع الماء البارد عن طريق نظام التهوية من الموقد وعن طريق الدائرة التى تصرف الماء المتخلف، ويتم تسيير هذا كله عادة فى أنابيب فخارية مطمورة فى الجدران، أو تحت أديم الأرض. وأخيرًا يتوفر إمداد المياه من الخارج على نحو مضمون إما عن طريق أنابيب تنقله من مرفق إمداد الماء بالمدينة - إن وجد - أو بالاستعانة بآلة رفع (ساقية) يديرها حيوان من حيوانات الجر.

ثم ظهرت فى وقت متأخر صور من التطوير ترتكن على هذا الترتيب التقليدى المتكامل، كتب النجاح لبعضها ولم يكتب للبعض الآخر، فأحيانًا تأخذ صور التطوير هذه صورة إجراءات لا تختلف إلَّا اختلافًا طفيفًا (كوضع المرجل فى وسط غرفة البخار بدلًا من وضعه فى غرفة مجاورة يفصلها حاجز) وأحيانًا أخرى تأخذ شكل تيسيرات تنطوى فى أكثر الأحيان على إزالة غرفة أو عدة غرف من تلك التى تهيئ السبيل لارتفاع تدريجى فى درجة الحرارة. وتتلاقى مختلف هذه التعديلات مع العادات المحلية أو التقاليد المؤقتة التى ما يزال من العسير التحقق منها على نحو واف فى ضوء وثائق البحث بصورتها الحالية.

ومع ذلك فمن أنواع الحمامات التى يتوفر بشأنها أكبر قدر من المعلومات الحمامات الأموية التى خلفت الحمامات العامة للإغريق والرومان فى العصور القديمة واقتبست منها على ما يبدو، مما يفسر ظهورها الفجائى فى القرن الثانى الهجرى (الثامن الميلادى) فى صورة مكتملة النمو - ولكن هذا الاقتباس لم

ص: 4314

يتم بدون إجراء تعديلات تبلغ من العمق ما يجعلها تصرف عن الأذهان تمامًا الظن بأن الأمر كان مجرد محاكاة مملاة لنماذجها، وليس علينا إلَّا أن نقارن أهم بقايا الحمامات من هذا العصر بالمبانى السابقة عليها لكى نتحقق من أصالة الخطة التى نجد أنه لم يعد فيها على سبيل المثال أثر للتتابع التقليدى للأقسام المتدرجة للغرف وهما الأبوديتيريوم (الاستراحة) والفريجيديوم (الغرفة الباردة) والتيبنديريوم (الغرفة الدافئة) ثم الكالديريوم (الغرفة الساخنة) ولا للتناسب بينها بالرغم من أوجه التشابه الشديدة الوضوح فى طرق البناء (استعمال التدفئة المركزية وأنابيب التسخين داخل الجدران على سبيل المثال).

والحق أن أول مصطلح من هذه المصطلحات الخاصة بغرف الحمام يمكن أن يسرى على غرفة تغيير الملابس والراحة فى الحمام الأموى، حيث احتفظت على تفاوت بوظائف ومظهر "الأبوديتريوم" لدرجة تضمين زخارفها تماثيل ولوحات جصية بأشكال مقلدة من أعمال هيللينية (أى على الطراز الإغريقى القديم) ولكن الغرفة المجاورة غير الساخنة لم يعد بها أى أثر أو ملمح مشترك يجمع بينها وبين "الفريجيديريوم"(وذلك على الرغم من أن الاستعمال الشائع لإسم "الغرفة الباردة" قد أدى إلى قدر من الخلط في هذا الموضوع) ولم يبق من "الفريجيديريوم" أبعاده الشاسعة ولا بقى منه - وهو الأهم .. ما به من تجهيزات الأروقة وحمامات السباحة وقاعات الرياضة البدنية"، وهى التى جعلت هذه الغرفة العنصر الأساسى فى حمامات العصور القديمة ومركز النشاط الاجتماعى والرياضى الذى كان الحمام ساحة له. وأخيرًا فإن الغرفتين الساخنتين تختلفان كذلك عن غرفتى "التيبيديريوم" و"الكاليديريوم" العتيقتين (وتسمى الأخيرة أيضًا "السوداتيريوم") فى أنها قصد بهما - بالنسبة لباقى أقسام الحمام - شغل مكان هام تدل أهميته على حدوث تحول عن التقاليد المتبعة فى أواخر العصور القديمة.

ص: 4315

وقد كان د. شلومبركر D. Schlum- berger هو أول من أوضح هذه الحقيقة حين نشر نتائج بحوثه الأولية عن حمام خاص صغير من العصر الأموى، وهو حمام قلعة "قَصَرْ الحبر الغربى" بالقرب من تدمر. على أن هذا التعديل نفسه للخطة القديمة لمواجهة متطلبات جديدة، بطمس "الفريجيديريوم" وأجزاء من السمات المعمارية التى لم يعد لها ثمة نفع - هذا التعديل لإنزال نشهده فى خرائب كثير من المواقع الأموية، وأول تعريف بطبيعتها الحقيقية ظهر فى بحوث ج. سوفاجيه J. Sauvaget والواقع أن هذا لا يتضح فحسب فى الحمامات الشهيرة فى "قُصَرْ عَمْرَة" و"حمام الصرخ". والحمامات المذكورة أولًا تدين بشهرتها للزخرف الفنى من اللوحات، على حين أن بكليهما نماذج من الزخرفة البديعة لغرفة الراحة، والمعدلة فى هذه الحالة لتوائم وظيفة غرفة الاستقبال لعلية القوم، ولكن هذا التعديل، علاوة على ذلك، يلقى الضوء على المبانى الأقل شهرة والتى تعود إلى تاريخ هو فى بعض الأحيان موضع ريب، والتى ما يزال بمقدورنا رؤية بقاياها فى السهوب الشآمية الأردنية (فى جبل سيس وخربة البيضا وعبدة، والرُحَيْبَة، والحسُوبَ) والتى تظهر فيها بانتظام - بالإضافة إلى مجموعة الغرف الثلاث (الباردة والدافئة والساخنة) غرفة مخصصة للراحة أو لخلع الثياب وغرفة أخرى - كانت فيما سبق تحتوى على المرجل، محاطة من جانب بغرفة البخار ومن الجانب الآخر بفناء الخدمات الأساسية.

والاستثناء الوحيد من هذا الطراز الموحد هو الحمام الرائع فى "خِرْبَة المفْجَر" الذى اكتشف أخيرًا فى منزل أموى بالوادى الأردنى، ذلك أنه خليق بذكره فى هذا الصدد ذكرًا خاصًا. فقد كانت غرفتاه الداخليتان الصغيرتان المزودتان بالبخار عن طريق فتحة فى جدار غرفة التنور المتاخمة، وكذلك غرفتاه الوسيطتان اللتان لهما نفس أبعاد ما سبقهما من الغرف - كانت كلها مقرونة بقاعة مربعة كبيرة المساحة تزيد فى طولها على ثلاثين مترًا، ولها أعمدة داخلية وسطح من القباب

ص: 4316

الصغيرة، وملحق بها مراحيض متقنة البناء مليئة بالزخارف، وغرفة صغيرة بها ظلة لها مقاعد مزينة بعناية خاصة، وهذه الغرفة الرحيبة الخاصة بالاستراحة كان الوصول إليها يخترق رواقًا ضخمًا مرفوعًا سقفه على تمثال رائع فخم، وكان هذا الرواق نفسه يقوم مقام غرفة الانتظار أو الاستراحة التى تؤدى إلى الغرفة ذات الظلة exedra، حيث كان يجلس صاحب الحمام على الراجح. وكانت غرفة الراحة "الأبوديتيريوم" مزودة بزخارف رائعة كالبلاط الفسيفسائى ومطلية ومنحوتة بالجص فى كل أجزائها العليا. كما أن وجود حمام للسباحة كبير يشغل مساحة تمتد على طول الجدار الجنوبى من الغرفة يكشف عن تعديل متعمد للغرفة الباردة "الفريجيديريوم" التى تنتمي إلى العصور القديمة. وهذا الإجراء هو من قبيل الاستثناء تمامًا من حمام إسلامى. وقد سبقت البرهنة على أنه يتواءم مع أذواق الفخامة والرفاهية التى كان يتسم بها منشئو هذه القلعة. وينبغي النظر لهذا الموقع الذى كان ثمرة للخيال المحلق الذى يكلف ثمنًا باهظًا لكى ندرك لِمَ لَمْ يُستلهم هذا الحمام بعد ذلك فى بناء أى حمام آخر، كما يظهر لنا.

والنسق الذى سارت عليه حمامات العصور الوسطى اللاحقة - حسبما يمكن الحكم عليها من النماذج المتناثرة المتاحة لنا - لا يعدو أن يزودنا بنسخة أخرى مع مزيد من التبسيط من النموذج الأولى لحمام من الحمامات الأموية: أربع غرف تتكون من غرفة لخلع الثياب وغرفتين وسيطتين وغرفة للبخار ملاصقة للقسم الذى يتضمن جهاز التسخين. وهذه هي الخطة التى تلتزم بها على وجه الخصوص حمامات العصر الأيوبى. وقد كانت هذه الحمامات موضوعًا لدراسات أثرية مفصلة تفصيلًا خاصًا، ويمكن لهذا السبب ذكرها هنا بصورة مفيدة، بالرغم من أنه لا تتوافر لسوء الحظ معلومات معمارية عن فجوة القرون الأربعة التى تفصلها عن المبانى الأموية، أو معلومات عن الحمامات الإيرانية فى العهد السلجوقى أو العهود السابقة التى ربما كشفت لنا عن بعض ملامحها

ص: 4317

(وفى هذا الصدد فإن الملاحظات المختصرة التى قام بها أ. شرودر. E Schroeder فى كتاب A. U. Pope وهو A Survey of Persian art أوكسفورد سنة 1939، ص 998، حول وجود حمام قديم فى نيكر، فى الجنوب من كرمان - هذه الملاحظات يشوبها النقص بدرجة كبيرة).

وفى دمشق فى القرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) نلحظ لأول وهلة الإستعاضة عن نظام التدفئة المركزية بأسلوب أكثر بساطة يتمثل فى إمرار مدخنة الموقد تحت الأرضيات الممهدة المقرر تسخينها. وهكذا يتم تخطيط غرف القسم الأوسط من الحمام طبقًا لمحور هذه الأنبوبة التى ينفذ منها الهواء الساخن. وبعد ذلك نحس بما كان للعراق القديم من أثر على الطرق المعمارية ظهر فى الاستعمال الذى يتسم بالبذخ للمحارات وللقباب الصغيرة ذات الروافد. ثم لا بد فى الختام أن نذكر الغلبة الواضحة من ترتيب الحمام كله للغرفة الوسطى أو الدافئة التى قد تكون ذات شكل ثماني معقّد الزخارف والتي تكون عندئذ نقطة المركز من خطة البناء.

أما التعديلات التى أتت بها العصور التالية وأدخلتها فى هذا النسق فقد تضمنت أولًا فى القرن التاسع الهجرى (الخامس عشر الميلادى) اختفاء الغرفة الوسطى غير الساخنة، ثم الاتساع المستمر للغرفة الساخنة التى تزايدت وتعاظم حجمها بفضل الإكثار من المقصورات المحيطة بها، إلى أن حَلَّ القرن الثانى عشر الهجرى (الثامن عشر الميلادى) فطغت هذه الغرفة على كل الغرف الأخرى وأصبحت - حتى فى أبنية أحدث زمنًا - هي الغرفة الوحيدة. وقبل أن نبرز هذا الترتيب إبرازًا يتجاوز به أهميته المحلية، لا بد لنا من التأكد من حدوث تطور فى باقى المدن الشامية، وعلى الأخص فى حلب (حيث ينبغى ربط هذا التطوير بتغيير سابق عليه فى عادات الذين يستخدمون الحمام). وسيكون من النافع كذلك أن نعرف هل ظهر فى إقليم مجاور مثل مصر، وبالذات فى القاهرة، حيث أن

ص: 4318

بعض حماماتها القديمة ذات الخطة المتميزة بالانتشار فى كل الاتجاهات والتى يعود منشأ معظمها إلى العصر المملوكى، لم تُدرس بعد الدراسة الأثرية ذات التفاصيل الشافية.

أما فى الأندلس والمغرب فيبدو أن أبنية الحمامات تنتمى لتراث مختلف ذى منشأ أندلسى أو أموى. وهكذا تكشف لنا بعض النماذج التى ترجع إلى تاريخ قديم ومنها حمامات من القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى) والسادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) بغرناطة وتلمسان عن قدر عظيم من البساطة فى التصور والتنفيذ دون بذل محاولة للزخرفة المعمارية فى أى مكان ما خلا غرف تغيير الثياب. ثم يظهر فى القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى) والثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى) نوع بعينه من الزخرفة المعقدة لأبنية الحمامات بسبب اتخاذ أنماط الغرف الباردة والدافئة والساخنة (مع طغيان الغرفة الدافئة) - فى تصميمات محورية ومستطيلة - كتلك التى وجدت فى الحمامات الأيوبية فى الشرق. على أن العلاقة التى يحتمل وجودها بين الحمامات المرينية ذائعة الصيت ونماذجها الشرقية التى تتباعد عنها على نحو يتفاوت مقداره هى مسألة لم تدرس بعد ولا حتى ذكرت بالعناية التى يستحقها هذا الافتراض.

وتكوّن الحمامات التى بنيت بعد الغزو السلجوقى لإيران وحمامات تركيا فصلًا له أهمية خاصة فى تاريخ الحمام. وتلاحظ هذه الأهمية بالذات فى انتشار الأبنية من هذا الطراز على نحو مدهش فى الأناضول واستانبول. والحمامات التركية تمتاز ببناء أكثر متانة من الحمامات الصفوية التى نفتقر - فى كل الأحوال - إلى دراسات وبحوث عنها (ويوجد لها نموذج واحد نادر هو حمام كاشان الذى نشر كوست P. Coste خطته فى كتاب Monu- ments modernes de la Perse، باريس، 1867، لوحة رقم 45) والحمامات التركية لها هذه الميزة، فقد تواتر ذكرها

ص: 4319