الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خادم الحرمين
أي مكة والمدينة: لقب تلقب به عدد من سلاطين المسلمين واتخذه السلطان سليم الأول العثماني بعد غزو مصر سنة 922 هـ (1517 م) كما اتخذه بعض خلفائه، وعد هذا اللقب في الأيام المتأخرة للعثمانيين لقبا من ألقاب الخليفة، ويقال إن سليما الأول انتحله من الخليفة العباسى في القاهرة وهذا القول لا يتفق مع الشواهد ويبدو أنه جزء من أساطير الخلافة العثمانية. وبقدر ما نستطيع أن نتثبت من الأمر فإن اللقب لم يتخذه الخلفاء العباسيون في العراق أو في مصر. ومهما يكن من شئ فإن عدة سلاطين من المماليك اصطنعوه، ومن سلاطين مصر، وليس من خلفائها، اصطنع العثمانيون هذا اللقب هو وغيره من ممتلكات السلطنة ومستلزماتها. والقلقشندى واضح كل الوضوح (صبح الأعشى، جـ 6 ص 46) إذ ذكر هذا اللقب ضمن ألقاب السلاطين. والظاهر أن أول من اتخذه هو صلاح الدين، وأقدم ذكر لذلك ورد في ترميم نقش بقبة يوسف في بيت المقدس يرجع إلى سنة 587 هـ الموافقة لسنة 1191 م (CIA jeusalem جـ 2، رقم 150 = RCEA جـ 9، رقم 3447). والراجح أن استحداث هذا اللقب الجديد كان خطوة من خطوات المنافسة بين صلاح الدين والخليفة الناصر حول إمارة الحج وما يتصل بها من مسائل تتعلق بالأماكن المقدسة في الحجاز انظر عن هذه المنافسة E.Sivan: Saladin et le calife al-Nasir في scripta Hierosolimitana جـ 23 ، سنة 1972، ص 126 وما بعدها، وخاصة ص 139 وما بعدها).
وفي نقش بيت المقدس المؤرخ سنة 587 هـ (1191 م) جاء بعد عبارة "خادم الحرمين" عبارة "وهذا البيت المقدس" أي بيت المقدس. وهذه الصيغة تتردد بدون "الحرمين" في نقش بيت المقدس تاريخه سنة 589 هـ الموافقة سنة 1193 (CIA Jerusalem، جـ 1 رقم 36 = RCEA جـ جـ 9، رقم 3464).
وكان لقب "خادم الحرمين" أو صيغة منه مختلفة بعض الخلاف (مثل خادم حرمى الله ورسوله؛ انظر قايتباى، القاهرة سنة 885 هـ = 1480 م ، CIA Egypt، جـ 1، رقم 325) لا يتخذه سلاطين المماليك إلا بين الحين والحين، ويبدو أنه لم يكن يدخل في ألقابهم المعهودة.
وثمة رسالة غير مؤرخة يظهر أنها أرسلت من تيمور إلى بايزيد الأول يشكو فيها من أن السلطان المملوكى يتخذ لقب "سلطان (كذا! ) الحرمين"، ويرى الكاتب أن ذلك من باب الخيلاء والادعاء، وحسب السلطان أن يكون خادما للحرمين (فريدون: منشآت، جـ 1 ، ص 128 ، وانظر: T.W. Arnold The caliphate، أوكسفورد سنة 1924 ، وأعيد طبعه في لندن سنة 1965، ص 151). ويروى إخبارى تركى أن العثمانيين جروا على مخاطبة سلاطين مصر بلقب "سلطان حرمين بابام" أي أبي سلطان الحرمين، ولكن محمدًا الثاني استبدل بهذا اللقب لقبا أقل احتفاء وهو خادم الحرمين بل لقب "قارنداشم مصر سلطان" أي أخي سلطان مصر (عاشق باشا زاده: تاريخ آل عثمان، استانبول سنة 1332 ، تحت سنة 863، ص 209، ووردت هذه الفقرة في الحاشية المجهولة الكاتب على تاريخ عاشق باشا، وانظر صلاح الدين تانسل: عثمانلى قاينا قلرنده كوره فا تح سلطان محمد سياسى وعسكرى فعاليتى، أنقرة سنة 1953 ، ص 337 - 338).
وجاء في المصادر العربية أن سليما الأول في أثناء غزوه الشام ومصر حياه الوعاظ في مساجد حلب ثم بعد ذلك في مساجد القاهرة (Arnold Cali Phate، ص 140 - 141، ص 145، وهو يستشهد بابن إياس: تاريخ مصر، جـ 3، ص 98 وقطب الدين: Chroniken der staat Mecca جـ 3، ص 278 - 279، وانظر Histoire: Von Hammer جـ 4. ص 280 و 448) وتعلق
المصادر العثمانية بعض الأهمية على هذا الاعتراف من قبل شريف مكة، وبذلك تؤكد سلطانه على الحرمين دون أن تشير إلى اللقب، وهذا أمر له مغزاه (انظر مثلا سعد الدين: تاج التواريخ، جـ 2، ص 371 - 372؛ صولاق زاده: تاريخ، ص 480، وعن بعض الوثائق انظر: صلاح الدين تانسل: باوز سلطان سليم، أنقرة سنة 1969 ،ص 215 - 217) وجاء في رسالة بعث بها السلطان سليمان إلى شريف مكة يعلن فيها السلطان ولايته للعرش، إشارة إلى أبيه السلطان سليم ملقبًا أياه بلقب "خادم بيت الله والحرم فاتح ممالك العرب والعجم"(فريدون، جـ 1، ص 448، وانظر Arnold ص 155). على أن هذا يعد من السلطان سليمان وصفًا تشريفيا أكثر منه لقبًا، وفي وثائق هذا السلطان التي يدخل فيها مكة والمدينة في أملاكه لم يستخدم فيما يبدو لقب خادم. على أن هذا اللقب يظهر على سكة سليمان التي ضربت في بغداد سنة 942 هـ (1535 - 1536 م؛ انظر انتزاع بغداد من الفرس) وفي سنة 985 هـ (1551 م) وسنة 960 هـ (1553 م؛ انظر خليل أدهم: مسكوكات عثمانية، إستانبول سنة 1334 هـ، ص 250 - 252)، واستمرت الحال على هذا المنوال أحيانا في عهد السلاطين المتأخرين ولكنها لم تكن مطردة الحدوث. ومن ثم فإن اللقب ظهر في ديباجة المعاهدة مع بولندة ضمن ألقاب السلطان الأخرى (Histoire: Hammer. ص 407 مستشهدًا بدستور الإنشاء لصارى عبد الله). وكذلك ظهر في توقيع السلطان محمود الأول (ا. ح أوزون جارصيلى: عثمانلى دولتنكك سراى تشكيلاتى، أنقرة سنة 1945، ص 292 - 293) وعاد إلى الظهور في بعض الوثائق الأخرى التي ترجع إلى القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادى) في صيغة مختلفة بعض الاختلاف: "خادم وحاكم مكة والمدينة وبيت المقدس" H.Scheel: Die schreiben der Tuerkischen Suitane and die preussisschen Koenige un der Zeit von 1721 bis 1774 في MSOS جـ 33/ 2، سنة 1930 ،ص 30 ، 34 ، 37، 39 ، 62، 65، 67، 70) وثمة صيغة مشابهة لهذه استعملت في وثائق السلطان سليم الثالث Poleografia Sidip lomatica turcu .Osmana M. Guboglu بوخارست سنة 1958 و، ص 60).
خورشيد [لويس B. Lewis]