الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفضيله كثيرًا على المصطلح محبة، لحب الله وحب الإنسان. وكان مصطلح العشق جزءًا من مفردات الصوفية الأولين (انظر، الحسن البصرى)؛ ولكن معنى "الرغبة" الذى كان أحد مدلولاته المألوفة، كان يذكر خوفًا من أن ينسب إلى الله عدم الثبات أو السلبية. وقد أوضح ماسينيون L. Massignon، أن محققى نصوص الحلاج، ومن بينهم البقلى الشيعى، لم يترددوا فى استبدال مصطلح محبة، بمصطلح عشق فى هذه النصوص، ومن ثم خففوا نظرية الحلاج بأن المصطلح عشق من صفات الذات الإلهية (انظر Notion de L'essentiel) فى ماسينيون Opera Mino- ra، بيروت سنة 1963، جـ 2، ص 226 - 253).
6 - مدرسة الحلاجية وفرقها:
يبدو أن مريدى الحلاج أنشأوا سنة 309 هـ (922 م) طريقة. وقد لجأوا بعد قتل شيخهم إلى الاختفاء والتشتت، بل انشقوا على أنفسهم. وفى واقع الأمر، أن الاضطهاد الشرعى قد استمر، وفى سنة 311 - 312 هـ (924 - 925 م) ضربت أعناق الكثيرين من أتباع الحلاج فى بغداد.
وقد هرب عدد من مريدى الحلاج إلى خراسان حيث شارك كثير منهم فى حركة الإصلاح الحنفية - الماتريدية. فابن بشر بعامة وفارس بن عيسى بخاصة (مؤسس الحلاجية الحلولية) اعتنق تعاليم الحلاج فى الدوائر الصوفية بخراسان ونشرها، وقد انبثق كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف للكلاباذى من هذه المدرسة. وفى القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى). يقول السلمى والخطيب أنه كان لا يزال فى نيسابور بعض غلاة الحلاجية، ولربما كان من بينهم ابن أبى الخير (وهو موضوع دراسة للمستشرق نيكلسون Nicholson) والفارمذى الذى كان شيخًا للغزالى - ومن هنا كان حكم الغزالى فى صالح الحلاج.
وثمة مريدون آخرون للحلاج مثل ابن خفيف (الذى كان صديقًا للحلاج فى أواخر حياته، أكثر منه مريدًا له) وأدخل بعض العناصر السالمية فى حركة الإصلاح التى قام بها الأشعرى.
وفى الأهواز والبصرة، يقال إنه كان ثمة طائفة عابرة من الحلاجية (لا
تعرف إلا من خلال حملات أعدائها عليها وحسب، وبخاصة التنوخى) وكانت تذهب مذاهب متطرفة. وكان ممثلها الأكبر: الهاشمى، ويقال إنه نادى بنفسه نبيًا توحى إليه الروح التى اتحدت بالحلاج ثم حلت فى واحد من زبنائه، وقد استترت عن الجميع (وهذه مؤثرات إسماعيلية).
وفى بغداد ادعت طائفة حلاجية أخرى، ذكر العطار أنها من أهل السنة، ولكن بمعنى متحرر كل التحرر، ورأت أن ثمة علاقة بين أنا الحق التى قال بها شيخها الحلاج، وكلمة الله التى خوطب بها موسى حين رأى نارًا (سورة طه، الآية 14). وهناك ابن عقيل الحنبلى النابه الشأن (الذى قام بدراسته جورج مقدسى)، فقد دافع عن الحلاج أول الأمر، ثم اضطر إلى التراجع.
وفى كتاب الفرق للبغدادى، تذكر الحلاجية بين الفرق التى يجب أن تعامل شرعيًا على اعتبار أنها فرقة متزندقة، وحلال القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى)، كان ثمة جدل نشط، ويبدو أن النقاط الأساسية التى دار حولها هذا الجدل هى:
(أ) فى الفقه: كانت التكاليف الشخصية الخمس (الفرائض) قابلة للاستبدال، بما فيها الحج (= إسقاط الوسائط).
(ب) فى علم الكلام: تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوقين (طول، عرض)؛ ووجود "روح ناطقة" تتحد فى روح الزاهد المخلوقة (حلول اللاهوت فى الناسوت) ويصبح "الولى" هو الشاهد الحى الشخصى لله (هو هو) ومن ثم التعبير الانجذابى "أنا الحق".
(جـ) فى التصوف: الاتحاد التام بالإرادة الإلهية (عين الجمع) من خلال المجاهدة المقبولة والمرغوبة. والذكر الذى ينسبه الشيخ السنوسى إلى الحلاجية، قول حديث.
وفى دوائر الشيعة الإمامية، كان أول أثر لإدانة الحلاجية وتكفيرها، هو أنهم غلاة زنادقة. ونجد من بعد تلميذًا