الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مأخذان، تخليطه في اللغة وعدم تدبره فيما يقول في كثير من الأحيان، أما المأخذ الآخر فإنه قد رمي بالبخل (انظر الجاحظ: البخلاء، الفهرس) وفقد خالد بصره في أخريات حياته (الصفدى: العمدة، ص 148 - 149).
المصادر:
(1)
ابن الكلبى: الجمهرة، تحقيق كاسكل Caskel 76، جـ 2، ص 343.
(2)
الجاحظ: البيان والتبيين، والحيوان، انظر فهارس الكتابين.
(3)
ابن قتيبة: عيون الأخبار، الفهرس.
(4)
المؤلف نفسه: المعارف، الفهرس.
(5)
ابن عساكر تاريخ دمشق، جـ 5، ص 53 - 63.
(6)
الهروى: الزيارات، ص 82.
(7)
ابن عبد ربه: العقد الفريد، الفهرس.
(8)
المبرد: الكامل.
(9)
ياقوت: الأدباء، جـ 11، ص 24 - 35.
(10)
دائرة المعارف جـ 2، ص 351 - 352.
(11)
بروكلمان، القسم الأول، ص 105 (ويجب ألا يخلط بينه وبين القناص، قسم 1، ص 93).
خورشيد [بلا Ch. Pellat]
خالدة أديب
(في التركية الحديثة Halide Edib Adivar): روائية تركية بارزة، وكاتبة ووطنية (1884 - 1964 م)، ولدت في بشيكطاش غير بعيد من قصور يلدز حيث كان أبوها كاتب السر الأول للجيب السلطانى الخاص (جيب همايون سر كاتبى)، وكان أديب ابنًا بالتبنى للشيخ محمود السلانيكى، وقد نشأه هذا الشيخ ثم بعث إلى إستانبول ليستكمل تعليمه (خالدة أديب: Memoirs، نيويورك سنة 1926 ، ص 200)، ثم أصبح في وقت متأخر من حياته مديرا لإدارة الطباق في يانينا وبورصة. وكانت بدر فم أم خالدة أديب ابنة على أغا من بلدة كماح (في الشمال
الشرقى للأناضول) الذي كان من قبل رئيس القهوجيه (قهوجى باشى) في قصر الأمير رشاد (محمد الخامس). وتزوجت بدرفم في سن الخامسة عشرة على شامل بك (باشا من بعد، 1855 - 1908 م)، على أن هذا الزواج لم يدم، وكان محمد أديب هو زوجها الثاني. وتوفيت بدرفم بالسل بعد ذلك بسنين قلائل، وبادر أديب بك إلى الزواج مرة أخرى، وأحست خالدة بالحاجة إلى عطف الأم فوجدته عند جدتها وأختها غير الشقيقة مخمورة وغيرهما من أفراد البيتين.
وأطلعتها نساء العامة والخدم على الأسلوب الإسلامى والتركى التقليدى في الحياة وأطلعوها على الحكايات الشعبية وقصص الملاحم من الأدب الشعبى، وعلمها إمام من أهل البلد القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم. فلما بلغت الحادية عشرة أرسلها مدة سنة إلى الكلية الأمريكية حيث تعلمت الإنكليزية ودرست -على سبيل المعرفة- الكتاب المقدس فأثارت فزع أهل المنزل. ثم أصبح لها بعد مربية إنكليزية وعدة مؤدبين من المشاهير، وخاصة رضا توفيق رائد الشعر الشعبى الملهم (رستم أشرف: ديورلركي، إستانبول سنة 1918، ص 133، 134 ، 179). وفي سنة 1899 م عادت إلى الالتحاق بالكلية الأمريكية في القسم الداخلى، وكانت بذلك التلميذة التركية الوحيدة. وكانت سنة 1900 م نقطة تحول في حياتها، ذلك أن العالم بالرياضيات صالح ذكى بك أصبح مؤدبًا لها (انظر إ ا. كوصة: تورك مشهور لرى انسيكلوبيدياسى، استانبول سنة 1948) وتزوجته خالدة في سنة تخرجها (1901) وأعقبت منه ابنين. وفي السنوات من 1901 إلى سنة 1908 أدمنت قراءة شيكسبير وزولا والإخباريين الأتراك. وفي يولية سنة 1908 أعيد الدستور فأصبحت خالدة كاتبة طول الليل تحث على القيام بإصلاحات عاجلة في التعليم والحياة الاجتماعية، ونشرت مقالاتها بصفة خاصة في الصحيفة اليومية "طنين" لسان حال جمعية الاتحاد والترقى، وكان قد أسس هذه الصحيفة في أغسطس سنة 1908 حسين جاهد
وتوفيق فكرت ووجدت خالدة استجابة طيبة سريعة لهذه المقالات: ولما قامت المحاولة المناهضة للثورة في 13 أبريل سنة 1909 ظنت خالده أن حياتها في خطر فشخصت إلى مصر ومنها مضت إلى إنكلترة حيث تأثرت بحديث الوطنى الإيرلندى جون ديلون John Dillon فكان ذلك "من الأسباب العاطفية التي وضعتها على طريق الوطنية"(المصدر المذكور، ص 293) وعادت إلى تركيا في أكتوبر سنة 1909، وكتبت أول رواياتها الهامة "سويه طالب"(نشرت سنة 1910) وعلى حين مضت تكتب مقالاتها في المسائل التعليمية فإنها انضمت إلى زمرة المعلمات في كلية المعلمات (دار المعلمات)، واستطاعت بمعاونة المعلمة المشهورة نقية خانم (نقية إلكون 1882 - 1965) أن تصلح منهاجها الدراسى وإدارتها. وفي الوقت نفسه طلقت من صالح ذكى بك، فقد تركت بيت الزوجية من فورها حين أنبأها بزواجه من امرأة ثانية (1910). ولم تلبث خالدة أن استهوتها الحركة الجديدة (توركجولوق) فكتبت روايتها "يكى طوران"(1911) واشتركت في نشاط "البيت التركى"(تورك أوجاغى) فعملت مع ضيا كوك آلب ورفقائه.
واستقالت من منصبها في التدريس لخلاف على المبدأ مع وزير التعليم العام شكرى بك (انظر كوصة المصدر المذكور) فوليت منصب المفتش العام لمدارس الأوقاف التي قام الوزير (شيخ الإسلام من بعد، مصطفى خيري أفندى) بتجديدها. وأتاح لها هذا فرصة زيارة أحياء إستانبول البعيدة وأفقر هذه الأحياء ودراسة ناسها فأصبح ذلك على غير اتفاق معينا لها على كتابة رواياتها، كما شاركت مع نقية (إلكون) في نشاط نادى السيدات (تعالئ نسوان جمعيتى) وأسهمت في الإسعاف الاجتماعى والتمريض.
وفي خريف عام 1916 دعاها جمال باشا قائد الجيش في الشام إلى القيام بجوله في جميع معاهد التعليم الهامة فيه وقبلت ثم عادت إلى إستانبول وقدمت تقريرها، ثم مضت تزاول نشاطها في التعليم هناك فنظمت مدارس وأصلحت ملجأ أيتام عينتورة الكبير، وتزوجت بالوكالة في هذه
الأثناء الدكتور عدنان (أديوار) من أعضاء جمعية الإتحاد والترقى البارزين (23 أبريل سنة 1917). وأتمت مهمتها في التعليم، فعادت إلى إستانبول في باكورة شهر مارس سنة 1918؛ وفي الخريف من السنة نفسها انتهت الحرب العالمية الأولى، وعقدت هدنة مدروس في 30 أكتوبر، وفر من البلاد الثلاثى المتولى رئاسة جمعية الإتحاد والترقى وأعضاء الجمعية البارزين ودخلت أساطيل الحلفاء إستانبول وحل البرلمان واحتلت الجنود الإيطالية أنطالية، ونزل اليونانيون بمعاونة الحلفاء في إزمير يوم 15 مايو سنة 1919 وراحوا يتقدمون صوب الداخل. وبدأت المقاومة المتفرقة وحرب العصابات تناوشهم في الأناضول، واشتركت خالدة في الاحتجاج والدعوة إلى ضم الصفوف. واقترن اسمها خاصة بالاجتماع التاريخى الهائل الذي عقد يوم 23 مايو في ميدان السلطان أحمد، وألقت فيه خطابا مثيرًا يلهب المشاعر، ويقوم تمثال لها اليوم هناك تخليدًا لهذه المناسبة الفريدة Halide The Turkish ordeal: Edib نيويورك سنة 1928، ص 32 - 33) وفي الأسبوع التالى نفي البريطانيون 55 شخصًا من المفكرين إلى مالطة. وفي هذه الأثناء تولى مصطفى كمال أتاتورك قيادة حركة المقاومة في الأناضول. وفي 10 أغسطس من السنة نفسها كتبت خالدة أديب رسالة مشهورة تجادله فيها مؤيدة قيام انتداب أمريكى على تركيا (غازى مصطفى كمال: نطق، أنقرة سنة 1927، ص 56 - 59؛ Speech، الطبعة الثانية، إستانبول سنة 1963، ص 76 - 80) وكانت خالدة تمثل فريقًا من الرأى العام رأى في صيف عام 1919 أنه يمكن العدول عن المقاومة المسلحة وانقسام البلاد إلى سؤال الدول الكبرى أن تتولى حكم تركيا بالانتداب (The King. Crane Commis-: H.N.Howard sion بيروت سنة 1963، الفهرس؛ صباح الدين سلك: أناضولى احتلالى، الطبعة الثانية، إستانبول سنة 1968 ، ص 276 - 278، نيازى بركس: توركيه ده جغدا شلشمه، أنقره سنة 1973 ،ص 419 - 420) وباقتراح من خالدة بعث تشارلس د. كرين (4 - 11 سبتمبر) الرئيس المشارك لوكالة كنج
كرين الأمريكية ممثلا من قبله لأمريكا في مؤتمر سيواس ليلقى مصطفى ويستقصى مسألة الانتداب الأمريكى. (نطق، ص 63، Speech، الطبعة الثانية، ص 85 - 86: Kinross: Ataterk ص 188 Howard: المصدر المذكور، ص 289 - 290). ونوقشت الفكرة ورفضها المؤتمر رفضا حاسما، (على فؤاد جبه صوى: ملى مجادلة خاطره لرى، إستانبول سنة 1953، ص 175 - 176). وفي أشهر الشتاء من عام 1919 - 1920 ظلت خالدة على اتصال وثيق بالوطنيين وأنصارهم في إستانبول وتحدثت مرارًا مع عدد من الموظفين الأمريكيين والبريطانيين، ولكن الاحتلال البريطانى عزز في إستانبول (16 مارس سنة 1920) وأعقبته غارة على البرلمان وزيادة في إجراءات القبض والنفي مما حمل البرلمان المنتخب حديثا من غلاة الوطنيين والذي أقر الميثاق الوطنى (ميثاق ملى) على أن يؤجل في 18 مارس اجتماعاته (انظر Emer: B. Lewis gence، الطبعة الثانية، ص 251).
وأرادت خالدة أديب وزوجها الدكتور عدنان أن يتحاشيا أسباب الاعتقال والنفي (انظر Ordeal ص 65 - 68؛ A.E Yalman: كوردوقلرم وكجيرديكلرم، جـ 2، إستانبول سنة 970 ص 55)، فاختبآ في تكية للدراويش (أوزبكلرتكيه سى) في أسكدار ثم شخصا سرًا إلى أنقرة، وبلغاها في أول أبريل سنة 1920 (وتبعهما بعيد ذلك العميد عصمت إينونو) وفوزى جاقماق باشا (Tuerh Kurtulus savashi kro-: G. Jaechke nolojisi أنقرة 1970 ، ص 96 - 100) ، وبدأت خالدة من فورها تعمل في "المدرسة الزراعية" قاعدة الوطنيين حيث أشرقت على الصحافة الأجنبية وأخذت تجمع الأخبار للوكالة الأناضولية وتترجم أو تكتب مسودات الرسائل الإنكليزية والفرنسية، وتسهم بين الحين والحين في تحرير الصحيفة اليومية ، "حاكميت مليه" لسان حال الوطنيين. وسرعان ما أصبحت عضوة في "دائرتهم الداخلية"، وحكم عليها بالإعدام هي ومصطفي كمال باشا وخمسة من زعماء الوطنيين في 11 مايو بأمر من حكومة السلطان في إستانبول. وأحرز الجيش النظامى
الوطنى أول انتصار له في وسط الأناضول على يد عصمت إينونو (10 يناير سنة 1921) بعد أن انضم قائد العصابات جركس أدهم إلى اليونانيين بعد أيام قلائل وانهمكت خالدة في العمل تستثير همة نساء المدينة وتعيد تنظيم الصليب الأحمر وأعمال الإسعاف. ومضت إلى اسكيشهر قبل الهجوم اليونانى في يولية واشتغلت ممرضة في مستشفى الصليب الأحمر حتى سقطت هذه المدينة. وفي 5 أغسطس انتخب مصطفى كمال قائدًا عاما (باش قومندان)، ولم تلبث خالدة أن تطوعت للعمل في الجبهة الغربية بقيادة عصمت باشا. وعملت في الأسابيع الحرجة التي سبقت معركة سقاريا وفي خضمها بين 22 أغسطس و 11 سبتمبر في مقر القيادة العامة (Ordeal، ص 284 - 310) ورقيت إلى رتبة أومباشى، وأصبح الاسم "خالدة أومباشى" رمزًا على النساء التركيات اللائى أسهمن في النضال الوطنى. وحوالي نهاية ديسمبر سنة 1921 انتقلت خالدة إلى آقشهر (بين أفيون وقونية) التي أصبحت المقر الجديد للقيادة، وقضت خير أوقات الأشهر الثمانية الأولى من عام 1922 مع الجيش الذي كان يتأهب للهجوم العام. وفي 24 أغسطس استدعيت إلى الجبهة قبيل أن يبدأ الهجوم، وبدأ الجيش اليونانى في التقهقر بعد معركة دوملو بيكار الحاسمة، محرقًا المدن والقرى مذبحًا السكان المدنيين في أعقاب ارتداده (Atatuerk: Lord Kinross، لندن سنة 1971 ،ص 318). وأمضت خالدة أسبوعًا مع القادة في إزمير التي استردوها، ثم تركتها هي وجماعة من الصحفيين بعد أن أصبحت في رتبة نقيب أول، لتدرس المنطقة التي تخربت بين أزمير وبورصة وتقدم تقريرًا عن مشاهداتها (نشر التقرير في إزمير دن بور صايا بالاشتراك مع يعقوب قدرى وفالح رفقى، إستانبول، سنة 1922) وألغيت السلطنة بعد هدنه مدانية، (11 أكتوبر) التي عززت انتصار الوطنيين، بقرار من المجلس الوطنى الكبير برئاسة
الدكتور عدنان (أول نوفمبر) واستقرت خالدة في إستانبول، ذلك أن زوجها عين ممثلا لوزارة أنقرة للشئون الخارجية (خارجية مرخصى) في إستانبول.
وقامت خلافات إيديولوجية بين مصطفى كمال الذي كان متطرف المبادئ لا تلين له عريكة وبين معظم رفقائه المقربين (بما فيهم خالدة وعدنان) محافظين وأحرارًا، وسرعان ما تطورت هذه الخلافات إلى فرقة انتهت بتأليف حزب الترقى الجمهورى (ترقى برور جمهوريت فرقه سى) في 17 نوفمبر سنة 1924. ولم يلبث هذا الحزب أن صودر في 3 يونية سنة 1925 عقب الثورة التي قامت ضد الثورة يقودها بخاصة الشيوخ الكرد في الشرق. ومضت خالدة والدكتور عدنان إلى أوربا قبل اكتشاف المؤامرة على حياة مصطفي كمال في 15 يونية سنة 1926 التي دبرها بخاصة جماعة من حزب الاتحاد السابقين. وقبض على جميع الأعضاء البارزين لحزب الترقى السابق، فقد اشتبه في أن يكونوا ضالعين مع المتآمرين وحوكم الدكتور عدنان غيابيا وأدين إدانة تامة، ومع ذلك فقد عاش هو وخالدة أديب في أوربا في نفي فرض عليهما أربع عشرة سنة.
وكتبت خالدة في أثناء إقامتها بإنكلتره أربع سنوات، من سنة 1924 إلى سنة 1928 مذكراتها ومضت تؤلف الروايات التي نشرت تباعًا في الصحف اليومية التركية (انظر ن. ا. بان أوغلى في لقائه بخالدة أديب الذي نشر في يديكون عدد 28 مايو سنة 1939). وعاشت خالدة معظم الوقت في باريس بين سنتى 1929 و 1939 حيث شغل زوجها منصب محاضر في اللغة التركية بمدرسة اللغات الشرقية الحية. وكانت خالدة في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1929 وقامت وهي فيها برحلة تلقى المحاضرات في شتى الجامعات الأمريكية. وكانت أستاذًا زائرا في جامعة كولومبيا في السنة الدراسية 1931 - 1932. وفي سنة 1935 مضت إلى الهند تلقى محاضرات في محور الحياة السياسية
والثقافية في تركيا والمشاكل التي تعانيها تركيا الحديثة بجامعة مليه إسلامية في دلهي، وتركتها في جولة من المحاضرات بالجامعات الكبرى في شبه الجزيرة الهندية. ثم عادت إلى باريس فكتبت روايات أخرى، وخاصة روايتها الوحيدة بالإنكليزية The Clown and his daughter، وأعادت كتابة هذه الرواية من بعد بالتركية بعنوان "سينكلى بقال". وزارت إستانبول زيارة قصيرة في أغسطس سنة 1935 وعادت إلى تركيا في الخامس من مارس سنة 1939 لتستقر فيها إلى غير رجعة بعد وفاة أتاتورك بأربعة أشهر (10 نوفمبر سنة 1938). وأقيمت خالدة في ديسمبر سنة 1939 رئيسة لقسم اللغة الإنكليزية في جامعة إستانبول، وكان قد أقيم حديثًا، حيث تخرج عليها في عشر سنوات جملة من الدارسين الشباب تعاونت معهم على ترجمة شيكسبير ترجمة جديدة. وانتخبت خالدة عضوا مستقلًا في البرلمان عن دائرة إزمير في الانتخابات العامة التي أجريت في مايو سنة 1950، واعتزلت الحياة السياسية في يناير سنة 1954. وتوفي زوجها الدكتور عدنان في يولية سنة 1955، وبدأت صحتها في الانحدار وأدركتها المنية ببيتها المتواضع في بايزيد يوم 9 يناير سنة 1964، وقد بلغت من العمر ثمانين عاما.
كانت خالدة أديب امرأة قلة، ولكنها كانت عارمة الحيوية والنشاط. وتعد خالدة في المقام الأول روائية، ولكنها كانت كاتبة متفننة كل التفنن في نواحى كثيرة، غزيرة الإنتاج في فروع جمة، ويمتد إنتاجها الضخم نحو ستين عامًا ويشمل ميدانا واسعا من روايات إلى قصص قصيرة ومقالات ونقد وموضوعات في الشئون الاجتماعية والتعليمية والسياسية، والمسرحيات والمذكرات والترجمات والبحوث. وقد ظهرت كثير من مقالاتها وغيرها في صحف يومية ودوريات شتى حيث نشرت معظم رواياتها مسلسلة أيضا. وبدأت خالدة حياتها الصحفية في صحيفة طنين اليومية وكانت توقع اسمها خالدة صالح حتى طلقت من صالح ذكى سنة 1910. ثم أخذت
تسهم في الكتابة بخاصة في الصحف اليومية أقشام ووقت وجمهوريت ويكى إستانبول والدوريات تورك يوردو، وبويوك مجموعه، ودركاه، ويديكون، وحيات وغيرها (انظر ثبتًا مفصلا بالتواريخ في مقدمة ديوان إينجى انكينون لخالدة أديب أديوار، إستانبول سنة 1975).
أما رواياتها العشرون فيمكن تقسيمها ثلاث فئات: (1) روايات محورها الأول الحب والعاطفة وبطلاتها التي تسيطر على هذه الروايات تتناولهن بتحليل نفسى مستفيض، وشاهد ذلك بعض رواياتها الأولى مثل "سويه طالب"(1910) و"خندان"(1912) وصون أثرى (نشرت مسلسلة سنة 1913 ، وطبعت سنة 1919) و"موعود حكم"(1919) والروايتان اللتان كتبتهما في العشرينات: "قلب أغرسى"(1924) وتكملتها "زينونون أوغلى"(1926) وتشمل هذه الروايات جميعًا عناصر من الترجمة الذاتية وبطلات عاطفيات مستقلات قويات الإرادة تبدين ما تسمو إليه الكاتبة من مثال للمرأة التركية المتحررة. وظل محيط رواياتها في معظمه حتى انضمت إلى الوطنيين سنة 1921 ، هو محيط أسر الطبقات العليا الآخذة بالحياة الغربية الموسرة متأثرة تأثرًا بلا وعى فيما يحتمل بتقاليد مدرسة "ثروت فنون" السابقة، مما حدا بكوك آلب أن ينقدها نقدًا شديدًا (Memoirs، ص 319) وينتقل محيط الروايتين الأخيرتين من إستانبول وأوربا إلى ريف الأناضول. (2) روايات تتناول حوادث حرب التحرير: "آتشدن كوملك"(نشرت مسلسلة في صحيفة "إقدام" من 6 يونية إلى 11 أغسطس سنة 1922، وطبعت سنة 1923 وترجمت إلى الإنكليزية بمعرفة ى. خان باسم The Daughter of Smyrna لاهور سنة 1938) و"وورن قحبية") أي إضرب العاهرة؛ نشرت مسلسلة في صحيفة "أقشام" وطبعت سنة 1926). وهاتان الرواياتان تعتمدان على التجربة الشخصية والمعلومات الفنية شأنهما شأن معظم قصصها القصيرة التي كتبت في هذا الوقت (انظر "داغة جكان
قورت، إستانبول سنة 1922 ، وتوسع في طبعتها الرابعة سنة 1963). وتعدان آثارا رائدة عن هذه الفترة وقد راجتا رواجا كبيرًا وكانتا موضوعا لعدة أفلام سينمائية (انظر آيتكين ياكار: تورك رومانينده ملى مجادله، أنقرة سنة 1973). (3) روايات مرحلية، ذلك أن خالدة أديب كتبت بعد سن الخمسين سلسلة من الروايات رأت أن تصف فيها النواحى المختلفة للمجتمع التركى. وبدأتها بأشهر رواياتها "سينكلى بقال"(كتبت أصلا بالإنكليزية بعنوان The Clown and daughter لندن سنة 1935) ونشرت مسلسلة في الصحيفة الإستانبولية اليومية (خبر) سنة 1935 ، وطبعت سنة 1936 ونالت جائزة حزب الشعب الجمهورى بوصفها خير رواية ظهرت سنة 1942 وأصبحت على الدوام أكثر روايات الأدب التركى مبيعًا (ظهرت الطبعة الثالثة والثلاثون منها سنة 1976) وكانت موضوع فيلم سينمائى في سنة 1968 ، وهي تصف بصفة خاصة مجتمع إستانبول بمناحيه المختلفة في منعطف القرن أيام حكم عبد الحميد الثاني. وموضوعها مهرج "قراكوز" وابنته ذات الصوت العذب يعيشان في طريق خلفي بإستانبول "في حي بقالين عامر بالذباب" وهما الشخصيتان البارزتان في الرواية يساعدهما عدد كبير من الأبطال الثانويين ومن بينهم الباشا الحميدى الذي لا غنى عنه وأتراك من تركيا الفتاة (ملخص الرواية في Ltteratur Lexiecon، انظر المصادر). وهذه الرواية الشعبية رسمت فيما يظن لتسلى المشاهدين من الأجانب الذين يلتمسون تفصيلات العجائب التي تشرح لهم جو الرواية وعقدتها التي ينكرها العقل. وكتبت خالدة بعد هذه الرواية "تاتار جيك"(أي التترى الصغير) سنة 1939، وهي أيضا وصف غير واقعى لجيل من الشباب نشأ في السنوات التي كانت قد نفيت فيها خالده (انظر ملخص هذه الرواية في المصدر المذكور، وفي مظفر أويكونز: خالدة أديب أديوار، إستانبول سنة 1968 ،ص 63). وبعد أربعة عشر عاما استقر النوى مرة أخرى بخالدة في حي قديم من أحياء إستانبول لم تلبث فيه أن اجتذبت
دائرة واسعة من الأصدقاء، ولم تكتف بذلك بل هي قد اكتشفت أيضا عالما جديدًا هو عالم الأناضول وسكان الريف الصغار الذين انتقلوا إلى إستانبول. وتنطوى معظم رواياتها التي كتبت بعد هاتين الروايتين، وخاصة رواية "سونسوز باناير"(أي السوق الدائمة سنة 1946) و"دونر آينه"(المراية الدائرة، سنة 1954) و"عقيلة هانم سوقغى"(شارع عقيلة هانم، سنة 1958) على تناول واقعى لتجاربها الشخصية وملاحظاتها عن المجتمع التركى في أواخر الأربعينيات وفي الخمسينيات، ووصف قوى للمشاهد المتتالية لأنماط مختلفة من الشخصيات والمشاكل الخاصة بمجتمع يأخذ بالمتغيرات السياسية والاجتماعية السريعة التي أعقبت سنوات الحرب العالمية الثانية.
وروايتها "يكى طوران"(نشرت مسلسلة في صحيفة "طنين" سنة 1912 وطبعت في هذه السنة نفسها، وترجمت إلى الألمانية بمعرفة F.Das neue Turan: Schrader سنة 1916) نسيج وحدها من حيث هي ثمرة توددها القصير العمر لحركة الجامعة الطورانية أو الجامعة التركية التي أيدتها في ذلك الوقت جمعية الاتحاد والترقى (ملخص هذه الرواية في Lit- teratur. Iexicon انظر المصادر) ولو أن خالده تنكرت لهذه الحركة من بعد من حيث هي عقيدة سياسية (خالدة أديب توركيه ده شرق، غرب وأمريكان تسير لرى، إستانبول سنة 1956، ص 99 - 101)، على أن هذه الرواية تنبض بالروح الوطنية القوية التي تتميز بها معظم كتاباتها. ثم إن ما منيت به هذه الحركة من نكسات واضحة بعد الفترة التي أعقبت سنة 1908 قوت أيضا من وعيها الوطنى (Memoirs ص 312 ، 329 - 334) ثم إن وطنية خالدة العارمة في سنوات محنتها من 1911 إلى 1922 ، قد ازدادت إرهافا وثراء بما كابدته من تجارب في منفاها.
وجمعت بعض قصصها القصيرة في ثلاثة كتب وهي "داغه جيكان قورت" التي أسلفنا بيانها، و"خراب معبدلر"(1911، والطبعة الرابعة سنة 1973) وتضمان أقدم آثارها، وما
تلاهما من مجموعة تضم قصصا شتى: "قبّه ده كالان حوش ساده"(إستانبول سنة 1974).
وكتبت خالدة ذكرياتها في مجلدين باللغة الإنكليزية في السنوات التي قضتها منفية في إنكلترة (Memoirs of Halide Edib ، نيويورك سنة 1926؛ The Turkish Ordeal سنة 1928) وهذان المجلدان لهما قيمتهما الأدبية الجوهرية، ولهما علاوة على ذلك أهمية لا تقدر من حيث هما وثائق عن سيرتها حتى سنة 1922 وأساس لكثير من حوادث التاريخ التركى بين سنتي 1900 و 1922. وقد تحرت فيهما منتهى الصدق والنزاهة في تسجيل كل شئ عن حياتها الشخصية كما أنهما يتميزان بالإنصاف والإتزان في وصفها لغيرها من الناس والحكم عليهم. ومن ثم فقد كانت كريمة في الثناء على كثير من الزعماء البارزين أمثال طلعتْ باشا وجمال باشا وعصمت باشا. ولكنها تفقد روح الإتزان والإنصاف كثيرًا وهي تتناول مصطفي كمال باشا. فهي تنوه بتفوقه الذي لا ينازع، ونشاطه الذي يكاد يفوق نشاط البشر وقدراته على القيادة، ولكنها تنوه أيضًا بعناده، وذلك يجعلها تتراوح بين الثناء واللوم. بل لقد بلغ بها البعد عن الإنصاف ما حملها على أن تغضى عن أمر واضح جلى فتسقط اسمه وهو بطل غاليبولى حين تشير إلى هذه الحملة (Memoirs، ص 384) ، وتشتكى في غير ذلك من المواضع من أن "الشعب التركى هو في جميع الأحوال ضحية عبادة الأبطال، وخاصة في الأمور العسكرية"(Memoirs، ص 341). ولا شك أن ذلك جاء منها بطبيعة الحال نتيجة للصراع الجوهرى بين آرائها الحرة ونزعة التطرف عند مصطفي كمال. ونشرت خالدة روايات مختصرة في جوهرها معدلة لذكرياتها: "مورسالكيملى أو"(نشرت مسلسلة على مراحل متقطعة في يكى إستانبول ما بين سنتى 1951 - 1955 وطبعت سنة 1963) و"توركون آتشله امتحانى"(نشرت مسلسلة في المجلة الأسبوعية "حيات" بعنوان: ملى مجادله خاطره لرى، سنة 1959 - 1960 ، وطبعت سنة 1962) وقد حذفت منها أو خففت الكثير من
موضوعاتها التي كانت مثار جدل. ولم تكن خالدة أديب تتحرى الدقة دائمًا في التواريخ، ومن ثم لا مناص من وضع معلوماتها التاريخية موضع النقد.
ونشرت خالدة أديب، علاوة على روايتها الإنكليزية السابق ذكرها، ثلاثة كتب بالإنكليزية وهي خارج البلاد، واعتمدت في الكتابين الأولين على محاضراتها في أمريكا والهند، وهما Turkey Faces west نيوهافن سنة 1930، Conflict of East and west in tur- Key، لاهور سنة 1935. أما الكتاب الثالث وعنوانه Inside India لندن سنة 1937، فيشمل انطباعاتها وأفكارها عن بلاد "أحست بأنها أقرب إلى جوها النفسى من أي بلد آخر غير بلادها"، وفي الهند لقيت المهاتما غاندى وسائر الزعماء الوطنيين البارزين في شبه القارة هذه. وقد نشرت الترجمة التركية: "هند ستانه داير" مسلسلة في "يكى صباح سنة 1940 - 1941، ولكنها لم تنشر في صورة كتاب. وكانت خالدة تهتم اهتماما شديدًا بالمسرح ولكنها لم تكتب إلا مسرحيتين لم تلقيا نجاحا وهما: المسرحية التجريبية "كنعان جوبانلرى" أخرجت في الشام سنة 1916. وطبعت سنة 1918)؛ و"ماسكه وروح" (نشرت مسلسلة في "يديكون" سنة 1937 - 1938، وطبعت سنة 1945، والنسخة الإنكليزية بعنوان. " Masks and souls" سنة 1953)، وأشرفت على ترجمة أربع مسرحيات لشيكسبير في قسم اللغة الإنكليزية بجامعة إستانبول وهي: هاملت (سنة 1941)، وكما تحب (سنة 1943)، وأنطونيو وكليو باتره (سنة 1943)، وكوريو لانوس (سنة 1945)، وترجمت بنفسها كتاب جورج أورويل AnimaI Farm حيوان جفتليغى، التي نشرت مسلسلة في "جمهوريت" سنة 1952، وطبعت سنة 1954؛ وتشمل بحوث خالدة في معظمها تاريخا للأدب الإنكليزى من أصوله حتى نهاية القرن السابع عشر في ثلاثة مجلدات "إنكليز أدبياتى تاريخى" (إستانبول سنة 1940 - 1949).
وكانت لغة خالدة أديب موضع نقد شديد من زملائها الكتاب ومن النقاد
(روشن أشرف: كتابه المذكور، في مواضع مختلفة؛ جودت قدرت: تورك أدبيا تنده حكايه ورومان، جـ 2، أنقره سنة 1970، ص 66 - 67). صحيح أن لغتها في كثير من الأحيان غليظة لا تسير مع قواعد النحو، وأسلوبها خلو من الأناقة وغير مصقول، إلا أن ما اتسم به حقا من حرارة وذاتية مسرفة يجعل له سحرا عجيبًا وأثرًا مباشرًا على القارئ. كانت معجبة إعجابا كبيرًا بالأدب الشعبى ومن ثم كرهت على الدوام اللغة المفتعلة المتأنقة المأثورة عن معظم معاصريها، وكتبت، مثل رفيق خالد بلغة تركية بسيطة مستقيمة حتى قبل أن ينادى عمر سيف الدين وأصدقاؤه في سلانيك، باللغة الجديدة (يكى لسان). وهذا هو السبب في أنها ما زالت أكثر كتاب جيلها رواجًا بين القراء.
المصادر:
علاوة على ما ذكر في صلب المادة:
(1)
إسماعيل حييب (سووق): تورك تجدد أدبياتى تاريخي إستانبول سنة 1924، ص 628 - 631.
(2)
المؤلف نفسه: تنظيما تانبرى ، إستانبول سنة 1940 ، 479 - 486.
(3)
كنعان آقيوز La Litterature moderne de Turquie في phTF، جـ 2، فيسبادن سنة 1964 ،ص 587 - 589.
(4)
Kindlers Littera-tur Lexicon زيورخ، السنوات 1965 - 1972، الملحق، سنة 1974 ، الفهرس.
(5)
بهاء دوردر: خالدة أديب وصنعتى، إستانبول سنة 1940.
(6)
خ. و. بارلاس: خالدة أديب أديوار، إستانبول سنة 1963.
(7)
Die moderne tuerkische: O.SpiesLiteratur في Handbuch der Orientalistik جـ 5، ليدن سنة 1963 ،ص 362 - 363.
(8)
حلمى يوجباش: بوطون جفلريله خالدة أديب، إستانبول سنة 1964.
(9)
تورك ديلى: رومان أوزل ساييسى، أنقرة سنة 1964.