الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حماد عجرد
(فى الحقيقة الثابتة): شاعر عربى هجّاء، لا يعرف نسبه على وجه التحديد؛ وكنيته: أبو عمر قد تبرر قولنا الآتى: وهو أنه حماد بن عمر بن يونس (وهذا أصح من قولنا ابن يحيا أو يونس بن عمر) بن كليب الكوفي. ولد على أكثر تقدير فى مستهل القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادى)، ومن الراجح أنه مولى عشيرة من عشائر عامر بن صعصعة، وقد لقب بعجرد لقول قاله بدوى. ويتفق كُتَّاب سيرته فى بيان أنه أحرز شهرته أيام العباسيين وحسب، ومع ذلك فلم تفهم الإشارة إلى أن الوليد الثاني بن يزيد الثاني (125 - 126 هـ = 743 - 744 م) قد دعاه إلى بلاطه هو وعدد من الشعراء الآخرين، وأنه عاد لموطنه الأصلى بعد موت هذا الخليفة الأموي (على أن Melanges Gau-: R. Blachere detroy- Demombynes، ص 110، لم يستشهد بهذا القول). وعلى أية حال فإن هذه هي المعلومات التاريخية عن حياته التى كانت فيما يبدو حافلة بالأحداث. والجهشيارى وحده (الوزراء، ص 190) هو الذى يقول إنه كان كاتبًا فى الديوان، ويلاحظ أنه خدم تحت رئاسة يحيا بن محمد بن صول فى الموصل، وعقبة بن سلم بن قتيبة فى البحرين، ولعل عمله هذا يرجع إلى ما قبل سنة 140 هـ (758 م). ويبدو أنه فى أيام السفاح، قد نعم بصحبة والى الكوفة محمد بن خالد، وأنه كان مؤدبًا لمحمد بن أبى العباس بن الخليفة، وفى أيام المنصور اتصل بوزيره الربيع بن يونس، ويقال إن الخليفة نفسه قد قدرّ حماسته فى الهجاء. وجاء فى رواية من الروايات، أن الخليفة نفسه، أغراه هو وغيره بصحبة محمد بن أبى العباس إلى البصرة حين أقيم واليًا عليها سنة 147 هـ (764 - 765 م)، لأن المنصور أراد أن يشوه صورة ابن أخيه، ويجعله غير أهلٍ للخلافة. وكان هذا الأمير هو الشخص الوحيد الذى بقى حماد عجرد على وفاق معه، ونظم القصائد فى مدحه، على الرغم من أن الحُصرى (جمع الجواهر، ص 312) يعجب من إحدى قصائده فى محمد بن أبى العباس أهى مدح أم هجاء؟ ؛ وقد
رثاه حين موته سنة 150 هـ (767 - 768 م). ونظم حماد له عدة قصائد غزلية فى أميرة عباسية، هى زينب، وظل أخوها محمد بن سليمان من وقتها يسعى إلى الانتقام منه. ولهذا السبب، غادر الشاعر البصرة لاجئًا إلى المنصور الذى حماه بالفعل، بل كلفه بهجاء عدوه. ويصف بعض كُتَّاب السير إقامته فى بغداد، مع مجموعة أخرى على شاكلته، فى عهد المهدي (سنة 158 - 169 هـ = 775 - 785 م)، ولكن الروايات حول وفاته تختلف إلى حد كبير. فيقول بعضها إن محمدًا بن سليمان الذى أقيم واليًا على البصرة ثلاث مرات (انظر Milinu: Ch. Pellat، ص 281)، قد عمد إلى اغتياله بالأهواز، حيث ثبت وجوده بالفعل، وتقول روايات أخرى، إنه مات متأثرًا بمرضه بين الأهواز والبصرة، ولكن تاريخ هذا الحادث يختلف فى المراجع اختلافًا كبيرًا، إذ تجعله سنة 155 و 161 و 167، أو سنة 168 هـ. والظاهر أن سنة 161 هـ هى التاريخ الأرجح، ذلك أنه من ناحية مات قبل بَشَّار (توفى سنة 167 هـ أو سنة 168 هـ = 784 - 785 م)، ومن ناحية أخرى، نجد أسطورة أخرى تقول إن بشارًا، من سخرية الأقدار، قد دفن بجواره.
والجزء الأكبر من أشعار حماد الباقية، ليس إلَّا تشهيرًا ببشار، ويحفل كتاب الأغانى بنوادر عما ثار بين الرجلين من عداوات. ومع أن الشاعر الأعمى يعترف بموهبة خصمه، وأن بعض أشعاره أصابته بضربات أليمة (الأغانى، طبعة بيرون، جـ 14، ص 328؛ والجاحظ: البيان والتبيين، جـ 1، ص 30؛ والمؤلف نفسه، الحيوان، جـ 4، ص 66)، إلا أن النقاد يجتمعون على أنه لا وجه للمقارنة بين الشاعرين. وفى كتاب الأغانى (جـ 14، ص 332) أن علماء البصرة لم يجدوا سوى أربعين بيتًا من الشعر لها قيمة فى حكم حَمَّاد، فى حين وجدوا ما يربو على مائة من الحكم فى شعر بَشَّار؛ ويرى الجاحظ، وهو يزن عرضًا موهبة حماد (انظر، الحيوان، جـ 1، ص 239؛ ص 240 - 242) يحكم عليه بأنه أدنى مرتبة بكثير من خصمه، بل هو يرى أن البون شاسع بينه وبين أبان اللاحقى.