الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأوائل
جمع "أول"، ويستخدم اللفظ اصطلاحيا للدلالة على أفكار شتى، مثل "المعلومات الأولية" للظواهر الفلسفية أو الطبيعية، و"القدامى" الذين عاشوا في الجاهلية وصدر الإسلام، و"المخترعين الأوائل" للأشياء (أو الأشياء التي تبتدع أو تنجز أولًا).
وفي هذا المعنى الأخير، يدل المصطلح دلالة خاصة على فرع صغير من التأليف الإسلامي يمت بصلة للأدب وأدب التاريخ والدين، وبين المسلمين أنفسهم لا يعرف "الأوائل" بأنه علم قائم بذاته يتصل بالتاريخ والأدب إلا حاجي خليفة الذي عاش في القرن العاشر الهجري (السابع عشر الميلادي)؛ طبعة Flugel، جـ 1، ص 490، استانبول سنة 1941 - 1943 م، العمود 1996).
وكان التطلع إلى معرفة أصول الأشياء قد رسخ في الوعى التاريخي للساميين الأقدمين وانتقل إلى العرب، وعند المسلمين أن معرفة "الأوائل" في اتصالها بتاريخ محمَّد [صلى الله عليه وسلم] وصدر الإِسلام كانت موضوعا من الموضوعات ذات الأثر البعيد من حيث الشرع ومن حيث العمل وذلك من نواح كثيرة، وحظيت هذه المعرفة من قبل بالالتفات في أقدم ما نعرف من كتب عن سيرة النبي محمَّد [صلى الله عليه وسلم]، وقد بررت العادات الإِسلامية مثل حف الشارب واستعمال السواك ونحوهما بنسبة مباشرتها أول الأمر إلى أكابر أئمة الدين في الماضي، (انظر الثعالبي: لطائف المعارف طبعة De Jong ص 6). ومع ازدياد الأهتمام بالتاريخ عند المسلمين، ولا نعنى التاريخ السياسي فحسب، بل نعنى بذلك تاريخ الحضارة والعلوم أيضًا (انظر بصفة خاصة الملاحظات التي استهل بها كل فصل من فصول الفهرست، عن أصل العلوم التي يتناولها ذلك الفصل بالذات)، سرعان ما كان يتبادر إلى الذهن السؤال: من كان الأول؟ وينطبق هذا على كل موضوع يمكن تصوره، وكان الجواب يمثل دائما، على أن مصنفات الأوائل تعد تعبيرا رائعا عن النظرة الثقافية والحس التاريخي لأصحابها، وهي
حافلة بمادة قيمة وبصر يسترعى الاهتمام. وهذا الموضوع يستهوى عقول دائرة واسعة من الناس.
وأقدم ما نعرف من الأمثلة على كتب الأوائل عند المسلمين يرجع إلى مستهل القرن الثالث الهجري (القرن التاسع الميلادي)، ويقال إن المصنف الكبير لأبي بكر بن أبي شيبة المتوفى سنة 235 هـ (= 849 م؛ انظر Brockelmann قسم 1، ص 215) يحتوي في خاتمته (أو قرب خاتمته) على فصل عن الأوائل استخدمه الشبلى مصدرا له في مصنفه "محاسن الوسائل إلى معرفة الأوائل"، ويبدو أنه يتحدث عن الأوائل في فجر الإِسلام وأصول تاريخ المسلمين وعاداتهم، وقد بقيت نهاية هذا الفصل في مخطوط برلين رقم 9409؛ ولم نستطع الرجوع إلى المجموعات الكبيرة من "المصنف".
وفي الفترة نفسها كتبت مصنفات بعنوان "كتاب الأوائل" كتبها هشام بن الكلبي (ياقوت، إرشاد الأريب، جـ 7، ص 252) والمدائنى (الفهرست ص 104)، والحسن بن محبوب (الفهرست، ص 221) ، وقد ذكر ياقوت ثبتا بمصنفاته في كتابه ("إرشاد الأريب، جـ 2، ص 32) في ترجمته لأحمد الرقى، ثم كتب في الموضوع نفسه أيضًا رجل يدعى سعيد بن سعدون العطار (الفهرست، ص 171) ، ولا نعرف تاريخ حياته؛ ولم يبق لنا شيء من هذه المصنفات أو يستشهد بها في كتب الأوائل المتأخرة، ومن ثم فإن من المشكوك فيه أشد الشك أن تكون هذه المصنفات قد عالجت موضوع "الأوائل" بالمعنى الذي تناولناه به هنا (أو أنها على آية حال قد احتوت بعض مادة الأوائل)، ويظهر مما جاء في الوصف الذي أتى به كتاب الفهرست (ص 133 (أن كتاب الأوائل الذي صنفه المرزبانى من أعيان القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) لم يتحدث عن المبدعين الأوائل بل تحدث عن تاريخ الفرس الأقدمين وعن المعتزلة.
وفي أواخر القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) أفرد ابن قتيبة في كتابه المعارف (طبعة wustenfeld ص 273 - 277) فصلًا عن الأوائل في نص تاريخي (انظر أيضًا الثعالبي
المتأخر عنه في الزمن: المصدر المذكور، ص 3 - 17) ، وقد ظهر فصل عن الأوائل في نص أدبى يرجع إلى مستهل القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، وذلك في كتاب البيهقي: المحاسن (طبعة Schwally ، 392 - 396)، وكتب أبو عروبة، والطبراني المتوفى عام 360 هـ (= 971 م؛ Brockelmann ، قسم 1، ص 279) حوالي هذا الوقت نفسه مصنفات عن "الأوائل" في علم الكلام.
وقد زودتنا كتب "الأدب" برسالتها الأولى التي تناولت بها هذا الموضوع في "كتاب الأوائل" لأبي هلال العسكري المتوفى سنة 395 هـ (1005 م)، وهو يزعم أنه لم يسبقه أحد في هذا المضمار، ويقتصر على مادة استقاها من تاريخ العرب والمسلمين مع إدخال بعض الشواهد الفارسية وشواهد من التوراة، ويتجاهل المعلومات الثقافية والعلمية اليونانية، وقد أفلح في أن يقلل بجلاء من شأن ما ذهب إليه المؤرخون المسلمون من أن كل إبداع هام جيد يرجع إلى عصر الجاهلية وصدر الإِسلام، على حين أن العصور التالية لم يصدر عنها بصفة عامة إلا إبداعات تافهة غير مرغوب فيها، وظل كتاب العسكري عمدة يستشهد به كثيرا وكان أساسا لما بذل من جهود متأخرة في هذا الشأن، مثال ذلك مصنفات الأوائل التي ظهرت في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) للعتائقى والسيوطى (انظر Brnckelmann جـ 1، 132، قسم 1، ص 193).
والظاهر أنه حدثت ثغرة في التأليف في موضوع "الأوائل" دامت حوالي قرنين من الزمان، فقد توفر لنا في مستهل القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) كتاب:"غاية الوسائل إلى معرفة الأوائل" للموصلى (انظر Brockehmann قسم 1، ص 597، H. Rit- ter في Oriens، سنة. 1950 م، ص 80)؛ وثمة رسالة في التاريخ قوامها طريقة الأوائل وهي كتاب المحاسن الذي سبقت الإشارة إليه، وهو من تصنيف الشبلي الذي عاش في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي، انظر Brnckelmann جـ 2، ص 90، الكتاب نفسه، قسم 2، ص 82؛ A History of Muslim: F. Rosenthal
Historiography ص 129، تعليق 1)، وهو مصنف حافل بالمعلومات، ويبدو أن جهود الشبلى الأدبية قد واصلها الشاعر ابن خطيب داريا (انظر - Brock elmann ، جـ 2، ص 17، الكتاب نفسه، قسم 2، ص 7؛ حاجى خليفة طبعة FlUgel؛ جـ 1، ص 490)؛ على أن ميل النزعة الكلامية لبعض علماء القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي) قد وجدت ما يعبر عنها في كتب الأوائل التي صنفوها والتي ربما نهجوا فيها نهج ابن حجر في مصنفه "إقامة الدلائل على معرفة الأوائل"(ولم نعثر عليه بعد، انظر حاجى خليفة: المصدر المذكور)، وهكذا صنف أبو بكر ابن زيد الجراعى (الصيغة غير محققة، وقد توفي سنة 883 هـ = 1478 م؛ انظر السخاوى: الضوء اللامع، جـ 11، ص 32) مصنفه كتاب الأوائل (مخطوط ببرلين رقم 9368) متبعا على تفاوت فصول علم الحديث؛ وفعل السيوطي الشيء نفسه في كتابه المفيد "الوسائل إلى معرفة الأوائل"، الذي يعتمد إلى حد ما على كتاب العسكري، قد أفاد على دده البوسنوى المتوفى سنة 1007 هـ (1589 م؛ انظر Brock elmann جـ 2، ص 635) الكتاب نفسه، قسم 2، ص 635) بدوره من مصنف السيوطي، الذي ضمن كتابه أيضًا "الأواخر" على سنة بعض الكتاب المتأخرين (انظر فيما يتصل بهذا الموضوع: السخاوى: الإعلان، دمشق سنة 1349 = 1930 - 1931 م؛ F. Ro senthal، المصدر المذكور، ص 214؛ وعن كاتب آخر أفاد من السيوطي انظر. G Vaida . في. R.S.Q، سنة 1950 م، ص 3)؛ وثمة مؤرخ عظيم عاش في ذلك الزمن هو ابن طولون المتوفى سنة 953 هـ (= 1546 م)، فقد كتب ابن طولون "عنوان الرسائل في معرفة الأوائل"(مخطوط بالقاهرة، مكتبة تيمور، تاريخ رقم 1467؛ انظر ابن طولون: الفلك المشحون، دمشق، سنة 1348 هـ = 1929 - 1930 م).
وتناول هذا الموضوع نظما في مصنف عنوانه "وسائل السائل إلى معرفة الأوائل"(انظر حاجى خليفة طبعة Flugel، جـ 6، ص 435)، والظاهر أن هذا المصنف محفوظ في القاهرة المجاميع رقم 474، الأوراق
48 (ب) - 36 (ب) وقد عرف هذا الكاتب في مخطوط القاهرة باسم شمس الدين محمَّد بن محمَّد بن (أبي) اللطف، وهو إما الأب وإما الابن، وقد توفي الأب سنة 971 هـ (= 1564 م)، والابن سنة 993 هـ (= 1585 م؛ انظر ابن العماد: الشذرات؛ Brokelemann. جـ 2، ص 367، الكتاب نفسه، قسم 2، ص 394)؛ واستمر الاهتمام الأدبى بهذا الموضوع موصولا إلى الأزمنة الحديثة" (انظر م. الطهرانى: الذريعة إلى تصانيف الشيعة، جـ 2، ص 481).
المصادر:
(1)
De Kitab Al-Awa'il: R. Gosche .
Eine literarhistorische Studie (2) هال سنة 1867 م، ويتضمن طبعة لجزء صغير من السيوطي.
(3)
السيوطي: الوسائل إلى معرفة الأوائل، القاهرة سنة 1950 م؛ ولم يطيع مصنف من مصنفات الأوائل المستقلة بذاتها بتمامه حتى الآن.
(4)
Brockelmann جـ 1، ص 132؛ قسم 1، ص 193، قسم 3، ص قسم 1، ص 279، قسم 1، ص 597، جـ 2، ص 90، قسم 2، ص 82، جـ 2، ص 203، قسم 2، ص 197 جـ 2، ص 203، قسم 2، ص 197، جـ 2، ص 562، قسم 2 ص 635.
(5)
y A.J. Wensinck غيره Con. cordance، جـ 1 ، ص 134.
(6)
Catalogue Berlin: Ahlwardt. أرقام 9368 - 9376 على أن معظم المصنفات المذكورة تحت رقم 9376 ليست من مصنفات الأوائل).
(7)
MMIA، سنة 1941 م، ص 357 - 9 عن القسم الذي يعالج الأوائل في عبد الرحمن البسطامى (Brockelmann، جـ 2، ص 300، قسم 2، ص 323 (: الفوائح المسكية.
(8)
وقد تناول القلقشندى في مصنفه "صبح الأعشى"، جـ 1، ص 412 - 436، الأوائل بوصفهم جزءًا من المعرفة التاريخية للكاتب.
(9)
نص سريانى وجيز عن العهد الإِسلامي في: . Verzeichniss d. Syr. Hss ، E. Sachau برلين سنة 1899. صبحى [روزنتال F. Rosenthal]