المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أيوب عليه السلام - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌أيوب عليه السلام

‌أيوب عليه السلام

-

ورد ذكره في التوراة، وقال القرآن الكريم عنه إنه من الصالحين. وتصفه التوراة بأنه كان "عبدا للرب وكان من الصالحين". أما القرآن الكريم فقد أوجز قصته فقال إن الله ابتلاه ونادى ربه فاستجاب الله له وكشف ما مسه من ضر ورد عليه أهله وماله (انظر سورة الأنبياء: الآيتان 83 - 84؛ سورة ص، الآية 41 وما بعدها). وحكى كتّاب المسلمين عن أيوب حكايات كثيرة أخذوا مادتها من سفر أيوب ومن تفسير اليهود للتوراة المسمى "هجّادة".

ويقال عن أيوب إنه كان روميا من نسل عيص (انظر سفر أيوب، طبعة James " جيمس"، الإصحاح الأول)، وهو أيوب بن أموص (على أن ضبط هذا الاسم لم يحدد تحديدا دقيقا) وأمه من ولد لوط، وانفرد كاتب من الكتاب ذكره الطبري بأن قال إنه ولد من آمن بإبراهيم. ويروى معظم كتاب المسلمين أن امرأة أيوب كانت رحمة بنت إفرايم بن يوسف. وقال أحدهم إنها "مشير" أو"ماخير" ابنة منَسَا أو ميشا وأنها أنجبت غلاما ظنوه بنتا. أما البيضاوى فيقول إن امرأة أيوب هي ليا بنت يعقوب (انظر تفسير البيضاوى للآيات التي أشرنا إليها). ويظهر أن البيضاوى خلط في قوله هذا بين ليا زوجة يعقوب وابنته "دينا" التي جاء في سفر أيوب وفي تفسير اليهود للتوراة أنها كانت زوجة أيوب (انظر Baba Batra، ص 115؛ Bereshit Rabba، ص 57؛ Targum of Jerusalem on Job 2، 9).

بل إن رجال الحديث ومنهم كعب الأحبار قد وصفوا شكل أيوب فقالوا إنه كان رجلًا طويلًا عظيم الرأس، جعد الشعر، حسن العينين والخلق، قصير العنق غليظ الساقين والساعدين، ووصفوا ممتلكاته وصفا يشبه ما ورد في سفر أيوب، وبالغوا في ذلك بعض الشيء بالطبع، وزعم واحد من المؤرخين أنه كان لأيوب اثنا عشر ابنا واثنتا عشرة بنتا.

ص: 1441

وكان أيوب رجلًا عظيم التقوى رحيما بالمساكين يكفل الأرامل والأيتام ويكرم الضيف، وكان نبيا بعثه الله ليدعو أهل بلده إلى التوحيد وقيل إنه كان في حوران وفي رواية أخرى أنه كان في بثنية. وكان الذين آمنوا به يلتفون حوله كل مساء ويصلون معه (انظر aba Batra 15؛ Seder Olam Rabba 21؛ Bereshit Rabba، 30، 9، Abot Natan . R، طبعة Schechter ص 33 - 34، ص 164). وأورد رجال الحديث حرفا حرفا تقريبا جزءًا كبيرا من سفر أيوب (1: 6، 2: 7) وهو الجزء الذي يتحدث عن ابتلاء الله له، وزادوا عليه أن إبليس أراد أن يقضى على أيوب حسدا منه وغيرة.

ولما سلطه الله آخر الأمر على جسد أيوب دون أن يجعل له سلطانا على قلبه أو لسانه أو عقله، جاءه إبليس فنفخ في منخريه نفخة اشتعل منها جسده وخرج به من فوقه إلى قدمه ثآليل مملوءة بالديدان، وتغير لحمه وأنتن حتى أخرجه أهل القرية منها وجعلوه على كناسة (انظر Abot R. Natan ص 164 سفر أيوب: الإصحاح الخامس).

وكانت امرأة أيوب تعمل للناس وتأتى بالطعام لها ولزوجها المنكوب. ورأى إبليس أن جهوده مع أيوب باءت بالفشل والخسران، ولكنه مع هذا لم يكف عن تدبير أحابيل جديدة للإغراق في عذاب أيوب، وكان يظهر في صور مختلفة: ذهب مرة إلى أهل القرية ونصح لهم ألا يستخدموا امرأة أيوب، وظهر مرة أخرى لامرأة أيوب نفسها وطلب إليها أن تؤمن به وهو قادر على أن يضع حدا لآلام زوجها، ولما باء بالخسران في ذلك كله اعترف بعجزه، ويقول أكثر علماء المسلمين إن أيوب كان في السبعين من عمره عندما سلط الله عليه إبليس (انظر Bereshit Rabba، 4، 61، 3، 58، سفر أيوب: الإصحاح 12؛ تفسير البيضاوى للآية 83 من سورة الأنبياء). واختلفوا في مدة بلائه، قال بعضهم إنها سبع سنوات (انظر سفر أيوب: الإصحاح الخامس) وقال غيرهم سبع سنوات وسبعة أشهر وسبع ساعات، وقال آخرون بل ثلاث

ص: 1442

سنوات وغيرهم ثلاث عشرة سنة وثمانى عشرة سنة.

ويروى القرآن الكريم (سورة ص، آية 41) أن الله أمر أيوب أن يركض برجله الأرض فنبعت عين ماء اغتسل منها وشرب من مائها [فلم يبق من دائه شيء]. وتجعل الرواية الإسلامية صلة لجبريل بهذه القصة إذ تقول إن أيوب بعد أن دعا ربه تلك الدعوة التي أشار إليها القرآن الكريم، ظللته سحابه ولمع البرق ودوى الرعد، وسمع أيوب خلال ذلك أصواتا مختلفة تعلن إليه رحمة ربه وعفوه عنه. وفي أصيل اليوم التالي، وكان يوم جمعة، ظهر جبريل لأيوب وأجلسه وأمره أن يضرب الأرض برجله ثم أعطاه كساءين ونعلا من ذهب على بالجواهر وسفرجلة من ثمار الجنة. ويقول أحد الكتاب إن العين كانت في موضع بعيد عن مكان أيوب وأنه كان لا يقوى على المشي فحمله جبريل إليها على جناحيه (انظر Leyendas: Robles moriscas جـ 1، ص 225 وما بعدها).

وبعد أن اغتسل أيوب عادت إليه القوة والشباب، واستحالت الديدان التي كانت تأكل جسده نحلا ودود قز.

ويقول المفسرون في تفسير الآية "وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث، إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أوّاب" إنها تتعلق بامرأة أيوب وكان قد نذر إن شفاه الله ليضربنها مائة جلدة. والسبب في هذا النذر مختلف فيه، يقول البعض إن أيوب غضب عليها لأن غيابها عنه طال عليه في أحد الأيام، ويقول آخرون إنها استحقت ذلك لأنها أشارت على أيوب بأن يعبد إبليس- ولكن يقول المفسرون إنه لما أراد أيوب أن يبر بيمينه أمره الله أن يأخذ "جماعة من الشجر مبلغ مائة قضيب، خفافا لطافا فيضربها بها ضربة واحدة"، وقيل "غصنا فيه مائة ورقة".

ولم يتفق الرواة أيضًا على عدد أبناء أيوب الذين ردهم الله إليه بعد شفائه. يقول البعض إن الله رد إليه أبناءه الذين هلكوا بأعيانهم، ويقول غيرهم إن الله رد إلى امرأته شبابها وأنجبت له أبناء اختلف في عددهم حتى قيل إنهم ستة

ص: 1443

وعشرون ولدا. وقيل إن الله أمطر عليه جرادا من ذهب فجعل يحثو منه في ثوبه فناداه: يا أيوب، ألم أغنك عما ترى؟ قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى لي عن فضلك ورزقك ورحمتك، ومن يشبع من نعمتك؟ "وكان له أندران. أندر للقمح وأندر للشعير، فبعث الله سحابتين، فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض".

ويروى أن عمر أيوب كان ثلاثًا وتسعين سنة، وقيل إنه عاش بعد شفائه مثل عمره قبل بلائه. ويقول المسعودى إن دير أيوب والعين التي اغتسل بها كان الناس يقدسونهما في عهده وأنهما كانا على مقربة من نوا في إقليم الأردن. (انظر ياقوت: معجم البلدان، جـ 2 ص 645، مادة "دير أيوب"). وما زال يوجد في ذلك الموضع إلى اليوم "حمام أيوب" ومقام يسمى مقام الشيخ سعد، وكان يسمى من قبل "مقام أيوب".

وينبغى أن نشير أيضًا إلى صخرة أيوب المشهورة، وهي في الواقع أثر مصرى يرجع إلى عهد رمسيس الثاني كما هو معروف. ويهمنا أن نذكر أيضًا أن "عين تفوح" المذكورة في التوراة (سفر يشوع، الإصحاح 17، فقرة 7) تسمى الآن بئر أيوب (انظر مجير الدين: تاريخ بيت المقدس، المنشور في FundRruben des Orients. جـ 2، ص 130).

المصادر:

(1)

الطبري، جـ 1، ص 361 - 364. النص الفارسي، ترجمة زوتنبرغ، جـ 1، ص 255 ما بعدها.

(2)

الثعلبي: قصص الأنبياء طبعة باريس (مخطوط) والعرائس، ص 134 وما بعدها.

(3)

المسعودى: مروج الذهب (باريس) جـ 1، ص 91 وما بعدها.

(4)

Koran: Sale، جـ 3. ص 138.

(5)

Neue Beitrdge zur: Grunbaum semitischen sagenkunde، ص 262 وما بعدها.

[سليكسون M. Seligsohn] .

ص: 1444