الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باشا
" باشا": كلمة تركية مأخوذة من الكلمة الفارسية "بادشاه"، والراجح أنها تأثرت بالكلمة التركية "باصقاق" وهي تدل على أعلى الألقاب الرسمية التي كانت مستعملة في تركية إلى عهد قريب وما زالت مستعملة في بعض الممالك الإسلامية التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية. وكلمة باشا تستعمل دائمًا مع اسم العلم شأنها في ذلك ألقاب الشرف في أوربا، إلا أنها تذكر بعد الاسم. أما ألقاب الشرف في أوربا فتذكر قبله. ويستعمل على هذا النحو أيضًا لقبا بك وأفندى وهما أقل شأنًا من لقب باشا، ويختلف هذا اللقب عن الألقاب الأوربية في أنه لا يورث ولا يترتب عليه مرتبة للزوجات ولا يقترن ذكره بذكر إقطاع من الإقطاعات، فهو ذو طابع عسكرى أكثر منه إقطاعى. ولم يكن منح هذا اللقب مقصورًا على العسكريين وحدهم، بل كان يمنح أيضًا لبعض كبار الموظفين المدنيين من غير رجال الدين.
وظهر لقب باشا أول ما ظهر في القرن الثامن الميلادي. ومن العسير أن نحدد على وجه الدقة استعماله الأصلي، وعلى آية حال فإن هذا اللقب كان في بادئ أمره يدل على معنى غامض هو"المولى"، وسرعان ما فقد هذا المعنى (انظر ديوان تركى سلطان ولد" ص 14، سنة 712 هـ = 1313 م، ففي هذا الديوان تضرع إلى الله بعبارة "أي باشا" أي يا مولاى): وفي هذا العهد كان لقب باشا مثل لقب سلطان يمنح للنساء أحيانًا (إسماعيل حقى: كتابلر، سنة 1927، الفهرس؛ قادم باشا: سلجوق باشا). وقد حدث هذا المنح مرة واحدة في القرن التاسع عشر الميلادي وذلك في حالة أم الخديو. وفي عهد سلاجقة الأناضول كان لقب باشا - من حيث هو اختصار "بادشاه" ومشابه لسلطان- ينعم به من وقت لآخر على بعض رجال الدين الذين كانوا في الوقت نفسه رجال حرب والذين لم نعرف بعد تاريخهم معرفة وافية. ونستدل من سلسلة
النسب التي ربط بها عاشق زاده نفسه أن هذا اللقب كان مستعملا بالفعل في النصف الأول من القرن الثالث عشر الميلادي. ويروى عالى أفندي أن مخلص الدين موسى بابا وإلياس شيخ مخلص أو مخلص باشا قبضا على أزمة السلطة في إقليم قره مان أو غلى بعد هزيمة السلطان السلجوقى غياث الدين كيخسرو الثاني سنة 1243 م (History of Ottoman Potery: Gibb جـ 1، ص 177).
ويظهر أنه حدث في آخر القرن الثالث عشر الميلادي أن أضيف لقب باشا إلى أسماء بعض أمراء الدويلات التركية والتركمانية التي اقتسمت حكم آسية الصغرى وكان عددهم محدودًا. وكانوا إما حكامًا وإما أعضاء من الأسر الحاكمة. وكان الأمر على هذه الحال أيضًا في إمارات تكه وآبدين ودكيزلى وقيزيل أحمدلى (انظر مادة "الأتراك") ولعل الأمر كان كذلك أيضًا في إمارات الأناضول الصغيرة (انظر ما ذكرة على باشا عن صاروخان فيما نقله شهاب الدين بن العمرى: "التعريف" واستشهد به القلقشندى في كتابه صحيح الأعشى، جـ 8، ص 16، س 14).
ولقب اثنان من أسرة عثمان بلقب باشا: هما علاء الدين بن عثمان وسليمان بن أورخان.
وقصة علاء الدين هذا غامضة جدًّا، فهناك شخصان مختلفان بهذا الاسم أحدهما علاء الدين بك ابن عثمان والآخر علاء الدين باشا وزير عثمان، ويظهر أنهم خلطوا بين الاثنين (انظر حسين حسام الدين: علاء الدين بك، أربع مقالات منشورة في تاريخ عثمانى انجمنى مجموعة سى، السنة الرابعة عشرة والسنة الخامشة عشرة) ونضيف إلى هذا أن علاء الدين أو واحدا من الاثنين اللذين عرفا بهذا الاسم ربما كان يلقب ب "بكلربكى" أيضًا [(انظر تاريخ أوروج الإخبارى، طبعة بابكر ص 15، س 15)] ومهما يكن من أمر هذه المشكلة التي لم تحل فإنه يبدو من المؤكد أن لقب باشا أنعم
به على بعض السياسيين منذ عهد طويل (انظر ما ذكر عن سنان باشا في عهد أورخان، ومادة "الأتراك").
وعلى أي حال فإن لقب باشا سرعان ما أصبح إمتيازًا لطبقتين من أصحاب المناصب: الأولى حكام الأقاليم "بكلربكية" والثانية وزراء القصبة، ثم أنعم بهذا اللقب بعد ذلك على أصحاب المناصب المماثلة.
وفي النصف الثاني من القرن الرابع عشر الميلادي (سنة 1359 أو سنة 1362؟ ) كان لا له شاهين الذي يقول المؤرخون العثمانيون إنه كان أول "بكلربكى العثمانلى" قد منح لقب باشا في الوقت الذي أسند إليه فيه هذا المنصب، ثم منح هذا اللقب إلى بكلربكى الأناضول، وبهذا احتفظ بفكرة وجود اثنين من البكلربكية أحدهما في الشرق والآخر في الغرب. وكلما كبرت الدولة أنشئ فيها مناصب جديدة وأعطى اللقب إلى أصحاب هذه المناصب من الولاة (البكلربكية).
وكان الأمر على هذا فيما يختص بالوزراء الذين كان أولهم، كما جاء في رواية المؤرخين العثمانيين، جاندارلى خليل الملقب بخير الدين باشا (770 هـ = 1368 - 1369 م) وارتفع عدد الوزراء الذين كانوا يسمون إلى عهد أحمد الثالث "قبه وزيرلى" إلى ثلاثة ثم إلى تسعة ومنح لقب وزير إلى كبار الموظفين مثل قبودان باشا النشانجى والدفتر دار وأصبح هذا اللقب شيئًا فشيئا من ألقاب الشرف وكان يقترن بلقب باشا. على أنه لم يكن في القصبة نفسها إلى وزير واحد لاغير واستمر ذلك وقتا طويلًا فأصبح لقب باشا في أرفع مدلولاته يطلق مجردًا على كبير الوزراء الذي سمى فيما بعد "أولى وزير" أو "صدر أعظم" ومن ثم لقب "باشا قابيسى" الذي استبدل به فيما بعد الباب العالى أي مقام كبير الوزراء.
ولم يزد عدد من كان يلقب بلقب باشا في أول الأمر زيادة سريعة. وقد ذكر دارامون D' Aramon أربعة أو خمسة من الباشاوات أو الوزراء
الباشاوات، وفي الوقت الذي كتب فيه (سنة 1547 م) كان يوجد ثلاثة من الباشاوات لا غير وهم: أياز وكوزلجه قاسم وإبراهيم وكلهم من أصل نصرانى. والواقع أنه يشير بهذا إلى من كان منهم في القصبة وحدها. أما في الولايات فقد أصبح عددهم كبيرًا، وكانوا طبقتين متمايزتين: الأولى طبقة الباشاوات أصحاب ثلاثة من ذنب الجواد وكانوا يلقبون بلقب "توغ" أو وزير، ومرتبتهم هذه أصبحت شيئًا فشيئا من مراتب الشرف وكانت تمنح في الولايات حي قضت على رتبة البكلربكى. والثانية طبقة الباشاوات أصحاب ذنبي الجواد أو"الميرميران" وهي رتبة فارسية كانت في أول الأمر مرادفة للكلمة التركية بكلربكى وللكلمة العربية أمير الأمراء ثم أصبحت أقل شأنا على مر الزمن. هذا إلى أن قدماء بكوات السناجق كانوا من حيث النظر أصحاب ذنب جواد واحد ولكنهم رقوا إلى رتبة الميرميران وبهذا أصبحوا بدورهم من الباشاوات.
وبعد "التنظيمات" منح لقب باشا إلى الأربعة الأوائل من تسعة من أصحاب المناصب المدنية وهم: "وزير، وبالا، وأولى، وثانية صنف أولى" وإلى مثلهم من رجال الجيش وهم: "مشير" وبرنجى فريق، ولوا" وكذلك إلى الأعيان (3 روم وإيلى بكلربكى و 4 ميرميران). وكان يلقب بلقب باشا من غير مبرر من الناحية العملية أصحاب رتبة "مير الأمراء" بعد اعتزالهم العمل، وفي هذه الحالة كان اللقب شرفيًا لأصحاب الرتبة السادسة.
وبعد سقوط آل عثمان ألغيت الرتب واحتفظت الجمهورية التركية بلقب باشا للعسكريين وحدهم، وقد ألغى هذا اللقب المجلس الوطنى الكبير بأنقرة في 26 من نوفمبر سنة 1934 م واستبدل بلقب باشا لقب جنرال وبلقب مشير لقب مارشال. وكان الأوربيون ينطقون هذه الكلمة أول الأمر باشا Basha ولم ينطقوا بها باشا Pasha إلا في القرن السابع عشر الميلادي، وكانت تكتب في الإيطالية Basica وفي اللاتينية Bassa