الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ص: باب: القلادة تباع بذهب وفيها خرز وذهب
ش. أي: هذا باب فيه بيان حكم القلادة المركبة من الذهب والخرز تباع بذهب كيف يكون حكمه؟
ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن عون الواسطي، قال: ثنا هشيم، عن ليث بن سعد، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش الصنعاني، عن فضالة بن عبيد قال:"أصبت يوم خيبر قلادة فيها ذهب وخرز، فأردت أن أبيعها، فأتيت النبي عليه السلام فذكرت ذلك له، فقال: أفصل بعضها من بعض، ثم بعها كيف شئت".
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا الليث بن سعد، قال: حدثني أبو شجاع سعيد بن زيد الحِمْيري، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش الصنعاني، عن فضالة بن عبيد صاحب النبي عليه السلام قال:"اشتريت يوم خيبر قلادة فيها ذهب وخرز باثني عشر دينارًا، ففصلتها فإذا الذهب أكثر من اثني عشر دينارًا، فذكرت ذلك لرسول الله عليه السلام فقال: لا تباع حتى تفصل".
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن سعيد بن يزيد، قال: سمعت خالد بن أبي عمران يحدث، عن حنش عن فضالة بن عبيد قال:"أتي النبي عليه السلام يوم خيبر بقلادة فيها خرز معلقة بذهب ابتاعها رجل بسبع -أو بتسع- فأتى النبي عليه السلام فذكر ذلك له، فقال: لا، حتى يتميز ما بينهما، فقال: إنما أردت الحجارة، فقال: لا، حتى تميز ما بينهما، فردَّه".
ش: هذه ثلاث طرق صحاح:
الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي. . . . إلى آخره، وقد مضى ذكر رجاله عن قريب.
وأخرجه النسائي (1) نحوه: عن عمرو بن منصور، عن محمَّد بن محبوب، عن هشيم، عن الليث، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش، عن فضالة بن عبيد، به.
الثاني: عن ربيع بن سليمان المؤذن، عن أسد بن موسى. . . . إلى آخره.
وأخرجه مسلم (2): ثنا قتيبة بن سعيد، قال: نا ليث، عن أبي شجاع، عن
سعيد بن يزيد، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش الصنعاني، عن فضالة. . . . إلى آخره نحوه سواء.
الثالث: عن فهد بن سليمان، عن أبي بكر عبد الله بن محمَّد بن أبي شيبة شيخ البخاري ومسلم وأبي داود وابن ماجه، عن عبد الله بن مبارك المروزي. . . . إلى آخره.
وأخرجه الترمذي (3): عن قتيبة عن ليث، وعن قتيبة عن ابن المبارك جميعًا، عن سعيد بن يزيد. . . . إلى آخره نحوه. وقال هذا حديث حسن صحيح.
ص: قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم إلى أن القلادة إذا كانت كما ذكرنا لم يجز أن تباع بالذهب؛ لأن ذلك الثمن وهو ذهب يقسم على قيمة الخرز وعلى الذهب، فيكون كل واحدٍ منهما مبيعًا بما أصابه من الثمن، كالغرضين يباعان بذهب، فكل واحد منهما مبيع بما أصاب قيمته من ذلك الذهب.
قالوا: فلما كان ما يصيب الذهب الذي في القلادة إنما يصيبه الحَزْر والظن، وكان الذهب لا يجوز أن يباع بالذهب إلا مثلًا بمثل؛ لم يجز البيع إلا أن يُعلم أن ثمن الذهب الذي في القلادة مثل وزنه من الذهب الذي اشتريت به القلادة، ولا يُعلم بقسمة الثمن، إنما يُعلم بأن يكون على حدة بعد الوقوف على وزنه، وذلك غير موقوف عليه إلا بعد أن يُفصل من القلادة.
(1)"المجتبى"(7/ 279 رقم 4574).
(2)
"صحيح مسلم"(3/ 1213 رقم 1591).
(3)
"جامع الترمذي"(3/ 556 رقم 1255).
قالوا: فلا يجوز بيع هذه القلادة بالذهب إلا بعد أن يُفصل ذهبها منها؛ لِما قد ذكرنا عن رسول الله عليه السلام؛ ولما احتججنا به من النظر.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: سالم بن عبد الله والقاسم بن محمَّد وشريحًا القاضي ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبا ثور رحمهم الله فإنهم قالوا: بيع القلادة إذا كانت على الصفة المذكورة لا يجوز إلا بعد أن يفصل ذهبها منها.
وقال عياض: حكم ما كان من الحلي منظومًا: أن يُفصل ويُباع على الانفراد ذهبه وعرضه، ولا يجمعان في عقد واحد على مذهب مالك إلا أن يكون ما مع الذهب تبعًا أو ما مع العروض من الذهب تبعًا، فيباع بخلاف ذلك من العين، ولا يجوز أن يباع بما فيه من العين، فإن كان مصوغًا بالعرض مربوطًا به لا يُفصل منه إلا بفساد أو نفقة ومؤنة، فإن كان مما لا يجوز إتخاذه كان حكمه حكم ما تقدم، وإن كان مما يجوز إتخاذه كلحي النساء والمصحف والسيف والخاتم وجميع آلة الحرب على خلاف عندنا فيما عدا السيف يجوز بيعه، بخلاف ما فيه من العين ناجزًا كيف كان من قلة ما فيه من العين أو كثرته، ويجري في بيعه مجرى الصرف مما يحل ويحرم، وأما بيعه بجنس ما فيه من العين فيجوز إذا كان فيه من العين تبعًا الثلث فأدنى نقدًا عند مالك وجمهور أصحابه وكافة العلماء.
وروي عن عمر وابن عمر منع ذلك، وروي عن جماعة من السلف، وقاله محمَّد ابن عبد الحكم من أصحابنا، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق.
ولو كان ما في السيف من ذلك مُمَوَّهًا بالذهب أو الفضة ومسبوكًا فيه مستهلكًا كان تبعًا بكل حال، وجاز بيعه كيف ما كان، وعلى هذا قاس شيوخنا جواز بيع الثياب المعلمة بالذهب إذا كان فيها من الذهب الثلث من قيمتها فأدنى بالدنانير نقدًا، أو بالدنانير والدراهم نسيئة، قال الإمام أبو عبد الله: مذهب مالك أن الذهب إذا كان معه سلعة فلا يجوز بيعها بذهب، وكذلك إذا كانت فضة وسلعة
فلا يجوز بيعها بفضة؛ لأن ذلك يؤدي إلى التفاضل بين الذهبين، والذهب المنفرد جميع أجزائه مقابلة للذهب والسلعة، فلم يقع التماثل، ولا بيع الذهب بمثله سواء بسواء ولكن مالكًا استثنى السيف المحلى إذا كانت حليته تبعًا له؛ أن يباع بالفضة، وإن كان حليته فضة انتهى.
وقال ابن حزم في "المحلى"(1): فإن كان مع الذهب شيء غيره أي شيء كان من فضة أو من غيرها ممزوج به أو مضاف فيه أو مجموع إليه في دنانير أو في غيرها لم يحل بيعه مع ذلك الشيء ولا دونه بذهب أصلًا، لا بأكثر من وزنه ولا بأقل ولا بمثله إلا حتى يخلص الذهب وحده خالصًا، وكذلك إن كان مع الفضة شيء غيرها كصفر أو ذهب أو غيرهما ممزوج بها أو ملصق معها أو مجموع إليها لم يحل بيعها مع ذلك الشيء ولا دونه بفضة أصلًا، دراهم كانت أو غير دارهم لا بأكثر من وزنها ولا بأقل ولا بمثل وزنها إلا حتى تخلص الفضة وحدها خالصة، سواء في كل ما ذكرنا السيف المحلى والمصحف المحلى والخاتم فيه الفصّ والحلي فيه الفصوص والفضة المذهبة والدنانير فيها خلط صفر أو الفضة أو الدراهم فيها خلط ما، ولا ربا في غير ما ذكرنا أصلًا. انتهى.
وقال ابن قدامة (2): وإن باع شيئًا فيه الربا بعضه ببعض ومعهما أو مع إحداهما من غير جنسه، وصورتها أن يبيع مدًّا ودرهمًا بمدين، أو بمد ودرهم، أو بدرهمين، أو يبيع شيئًا محلى بجنس ما عليه، فالمذهب أنه لا يجوز؛ نصَّ عليه أحمد.
وقال ابن أبي موسى في السيف المحلى بالمنطقة والمراكب المحلاة بجنس ما عليها: لا يجوز قولًا واحدًا.
وذكر المتأخرون رواية أخرى: أنه يجوز بشرط أن يكون المفرد أكثر من الذي معه غيره، أو يكون مع كل واحد منهما من غير جنسه.
(1)"المحلى"(8/ 494 - 495).
(2)
"المغني"(4/ 168).
قوله: "نصيبه بالحَزْر" بالحاء المهملة وسكون الزاي المعجمة ثم راء مهملة-: وهو الظن والحسبان.
قوله: "وكان المذهب" الواو فيه للحال.
قوله: "لِما قد ذكرنا" اللام فيه مكسورة وهي للتعليل، وكذا اللام في قوله:"ولِما احتججنا".
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: إن كانت هذه القلادة لا يُعلم مقدار ذهبها أهو مثل وزن جميع الثمن أو أقل من ذلك أو أكثر إلا بأن تُفصل القلادة فيوزن ذلك الذهب الذي فيها فيوقف على وزنه؛ لم يجز بيعها بذهب إلا بعد ما يُفصل ذهبها منها فيُعلم أنه أقل من ذلك الثمن، وإن كانت القلادة يُحيط العلم بوزن ما فيها من الذهب، ويُعلم أنه أقل من الذهب الذي بيعت به، أو لا يحيط العلم بوزنه إلا أنه يعلم في الحقيقة أنه أقل من الثمن الذي بيعت به القلادة وهو ذهب؛ فالبيع جائز؛ وذلك أنه يكون ذهبها بمثل وزنه من الذهب الثمن، ويكون ما فيها من الخرز بما بقي من الثمن، ولا يحتاج في ذلك إلى قسمة الثمن على القيمة كما يحتاج إليه في العروض المبيعة بالثمن الواحد.
والدليل على ذلك أنا رأينا الذهب لا يجوز أن يباع بذهب إلا مثلًا بمثل، ورأيناهم لا يختلفون في دينارين أحدهما في الجودة أفضل من الآخر بيعا صفقة واحدة بدينارين متساويين في الجودة، أو بذهب غير مضروبٍ جيدٍ؛ أن البيع جائز، فلو كان ذلك مردودًا إلى حكم القسمة كما ترد العروض من غير الذهب والفضة إذا بيعت بثمن واحد؛ إذا لفسد البيع؛ لأن الدينار نصيبه أقل من وزنه إذا كانت قيمته أقل من قيمة الدينار الآخر، فلما أُجْمع على صحة ذلك البيع، وكانت السنة قد ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الذهب تبره وعينه سواء، ثبت بذلك أن حكم الذهب في البيع إذا كان بذهب على غير القسمة على القيمة، وأنه مخصوص في ذلك بحكمٍ دون حكمِ سائر العروض المبيعة صفقةً واحدةً، وأن ما يصيبه من الثمن هو وزنه لا ما يصيب قيمته؛ فهذا هو ما يشهد لهذا القول من النظر.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الشعبي وحماد بن أبي سليمان والثوري والحسن بن حي، وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا رحمهم الله فإنهم قالوا: إن هذه القلادة. . . . إلى آخر ما ذكره. وهو ظاهر.
وتحقيق مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أن بيع القلادة المفضوضة يجوز إذا كان بأكثر مما فيها من الفضة كثرت فضتها أو قلت، ولا يجوز مثلها أو أقل منها. وقال صاحب "البدائع" (1): إذا باع سيفًا محلى بفضة أو جارية في عنقها طوق فضة بفضة مفردة، والفضة المفردة أكثر؛ جاز البيع، وكان بحصة الفضة صرفًا، فيراعى فيه شرائط الصرف، وبحصة الزيادة التي هي من خلاف جنسها بيعًا مطلقًا، فلا يشترط له ما يشترط للصرف، فإن وجد التقابض وهو القبض من الجانبين قبل التفرق بالأبدان يجب الصرف والبيع جميعًا، وإن لم يوجد أو وجد القبض من أحد الجانبين دون الآخر بطل الصرف؛ لوجود الافتراق من غير قبض، وهل يبطل البيع المطلق؟ ينظر إن كانت الفضة المجموعة مع غيرها يمكن فصلها وتخليصها من غير ضرر، كالجارية مع الطوق وغير ذلك؛ فالبيع جائز، وفساد الصرف لا يتعدى إلى البيع، وإن كان لا يمكن فصلها وتخليصها إلا بضرر بطل البيع أيضًا؛ لأنه بيع ما لا يمكن تسليمه إلا بضرر، وأنه لا يجوز ابتداءً كبيع الجذع في السقف ونحو ذلك، فكذا في حالة البقاء، فإذا بطل العقد في قدر الصرف بطل في البيع أيضًا.
وقال ابن حزم (2): اتفق الحسن وإبراهيم والشعبي وقالوا: لا بأس بالسيف فيه الحلية والمنطقة والخاتم بأن يبتاعه بأكثر مما فيه أو بأقل ونسيئة.
وقال المغيرة: سألت إبراهيم النخعي عن الخاتم أبيعه نسيئة، فقال: أفيه فصّ؟ فقلت: نعم، فكأنه هوَّن فيه.
(1)"بدائع الصنائع"(4/ 455).
(2)
"المحلى"(8/ 497).
واتفق ابن سيرين وقتادة على أنه لا بأس بشراء السيف المفضض، والخِوَان (1) المفضض والقدح بالدراهم.
وسأل شعبة حماد بن أبي سليمان عن السيف المحلى يباع بالدراهم، فقال: لا بأس به، وروي هذا أيضًا عن سليمان بن موسى ومكحول، وعن الشعبي: إن كانت الدارهم أكثر من الحلية فلا بأس به.
وروي ذلك عن الحسن وإبراهيم والثوري. وقال الأوزاعي: إن كانت الحلية تبعًا وكان الفضل في النصل جاز بيعه بنوعه نقدًا وتأخيرًا.
قوله: "ويعلم أنه" أي أن الذهب الذي في القلادة.
قوله: "وهو ذهب" أي والحال أنه ذهب.
قوله: "وذلك" إشارة إلى الجواز الذي يدل عليه قوله: "فالبيع جائز".
قوله: "والدليل على ذلك" أي على ما ذكرنا من قولنا: "ولا يحتاج في ذلك إلى قسمة الثمن على القيمة. . . ." إلى آخره.
قوله: "ورأيناهم" أي العلماء الذين اختلفوا في هذا الباب.
قوله: "بِيعا" على صيغة المجهول في محل النصب على الحال من قوله: "في دينارين".
قوله: "إذًا لفسد البيع" أي حينئذٍ لفسد البيع.
قوله: "وكانت السُّنَّة قد ثبتت" الواو فيه للحال، ويجوز أن تكون بمعنى المصاحبة.
قوله: "تبره وعينه" مرفوعان على أنهما بدلان من الذهب، و"التبر" القطعة المأخوذة من المعدن.
(1) قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 89): "وهو ما يوضع عليه الطعام عند الأكل".
قوله: "فهذا هو" أي هذا الذي ذكرنا هو الذي يشهد لهذا القول، أي قول أهل المقالة الثانية من النظر والقياس، أراد بذلك أن السنة تشهد لهذا القول مع القياس. والله أعلم.
ص: وقد اضطرب علينا حديث فضالة الذي ذكرنا، فرواه قوم على ما ذكرنا في أول هذا الباب، ورواه أخرون على غير ذلك:
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا أبو هانئ، أنه سمع عُلَيّ بن رباح اللخمي يقول: سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يقول: "أتي رسول الله عليه السلام وهو بخيبر بقلادة فيها ذهب وخرز وهي من الغنائم تباع، فأمر رسول الله عليه السلام بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده، ثم قال رسول الله عليه السلام: الذهب بالذهب وزنًا بوزن".
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا حميد بن هانئ، عن عُلي، عن فضالة، عن رسول الله عليه السلام، مثله غير أنه لم يقل:"بخيبر".
حدثنا بكر بن إدريس، قال: ثنا المقرئ، قال: ثنا حيوة، عن هانئ. . . . فذكر بإسناده مثله.
ففي هذا الحديث غير ما في الحديث الأول، في هذا أن رسول الله عليه السلام نزع الذهب فجعله على حدة، ثم قال:"الذهب بالذهب وزنًا بوزن" ليُعَلِّم الناس كيف حكم الذهب بالذهب، فقد يجوز أن يكون رسول الله عليه السلام فصل الذهب؛ لأن صلاح المسلمين كان في ذلك، ففعل ما فيه صلاحهم لا لأن بيع الذهب قبل أن ينزع مع غيره في صفقة واحدة غير جائز، وهذا خلاف ما رَوَى مَنْ رَوَى أن رسول الله عليه السلام قال:"لا تباع حتى تفصل".
ش: هذا جواب عن حديث فضالة بن عبيد الذي احتج به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه؛ حاصله أن هذا حديث مضطرب قد روي على وجوه مختلفة، فرواه قوم وأراد بهم: إبراهيم البرلسي عن عَمرو بن عون، والربيع عن أسد،
وفهد عن ابن أبي شيبة، فإنهم رووه على ما يقتضى صحة ما ذهب إليه أهل المقالة الأولى من عدم جواز بيع الذهب بالذهب إذا كان مع أحدهما شيء غير الذهب، ورواه آخرون أي قوم آخرون وأراد بهم: يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب، وربيع أيضًا عن أسد عن ابن لهيعة، وبكر بن إدريس عن المقرئ على غير ذلك، أي على غير ما رواه القوم الأولون، وَبَيَّنَ ذلك بإخراجه عن ثلاث طرق:
الأول: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن أبي هانئ حميد بن هانئ الخولاني، عن عُلي -بضم العين- بن رباح اللخمي، عن فضالة.
وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه مسلم (1): حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سَرْح قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني أبو هانئ الخولاني، أنه سمع عُلي بن رباح اللخمي يقول: سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يقول: "أتي رسول الله عليه السلام وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب -وهي من المغانم- تباع، فأمر رسول الله عليه السلام بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده، ثم قال لهم رسول الله عليه السلام: الذهب بالذهب وزنًا بوزن.
الثاني: عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي، عن أسد بن موسى، عن عبد الله بن لهيعة، فيه مقال، عن حميد بن هانئ، عن عُلي بن رباح، عن فضالة .. إلى آخره.
الثالث: عن بكر بن إدريس بن الحجاج، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، شيخ البخاري، عن حيوة بن شريح بن صفوان التجيبي المصري الفقيه العابد، عن أبي هانئ حميد بن هانئ، عن عُلي بن رباح، عن فضالة، عن النبي عليه السلام.
قوله: "ففي هذا الحديث" أراد به هذا الحديث الذي أخرجه من هذه الطرق المذكورة. "غير ما في الحديث الأول" وأراد به ما أخرجه في أول الكتاب، وبين
(1)"صحيح مسلم"(3/ 1213 رقم 1591).
الغيريَّة بقوله: "في هذا أن رسول الله عليه السلام نزع الذهب فجعله على حده. . . ." إلى آخره وهو ظاهر.
ص: وقد رواه آخرون على خلاف ذلك أيضًا، فحدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا خالد بن أبي عمران، قال: حدثني حنش بن عبد الله الصنعاني: "أنه كان في البحر مع فضالة بن عبيد الأنصاري، فقال حنش: فاشتريت قلادة فيها تبر وياقوت وزبرجد فأتيت فضالة بن عبيد الأنصاري فذكرت له ذلك فقال: لا تأخذ التبر بالتبر إلا مثلًا بمثل؛ فإني كنت مع رسول الله عليه السلام بخيبر، فاشتريت قلادة بسبعة دنانير فيها تبر وجوهر، فسألت رسول الله عليه السلام عنها، فقال رسول الله عليه السلام: لا تأخذ التبر بالذهب إلا مثلًا بمثل".
ففي هذا الحديث عن رسول الله عليه السلام هو في التبر بالذهب مثلًا بمثل، ولم يذكر فساد البيع في القلادة المبيعة بذهب إذا كان فيها ذهب وغيره، فهذا خلاف الأحاديث الأول.
ش: أي: وقد روى الحديث المذكور قوم آخرون، وأراد بهم رواة الحديث الذي أخرجه عن ربيع بن سليمان المؤذن، عن أسد بن موسى، عن عبد الله بن لهيعة، فيه مقال، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش الصنعاني، عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه.
قوله: "على خلاف ذلك" أشار به إلى ما رواه فيما قبله من الطرق الثلاث، وبين هذا الخلاف بقوله:"ففي هذا الحديث عن رسول الله عليه السلام. . . ." إلى آخره.
ص: وقد رواه آخرون أيضًا على خلاف ذلك: حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني قرة بن عبد الرحمن وعمرو بن الحارث، أن عامر بن يحيى المعافري أخبرهما، عن حنش أنه قال:"كنت مع فضالة بن عبيد في غزوة، فطارت لي ولأصحابي قلادة فيها ذهب وَوَرِق وجوهر، فأردت أن أشتريها، فسألت فضالة، قال: انزع ذهبها واجعله في الكفة، واجعل ذهبًا في الكفة الأخرى لا تأخذ إلا مثلا بمثل؛ فإنى سمعت رسول الله عليه السلام يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلًا بمثل".
فهذا خلاف لما تقدم من الأحاديث؛ لأن فيه أمر فضالة بنزع الذهب وبيعه وحده، ولم يذكر ذلك عن النبي عليه السلام، والذي ذكره عن النبي عليه السلام هو نهيه عن بيع الذهب بالذهب إلا وزنًا بوزن، فهذا ما لا اختلاف فيه، والأمر بالتفصيل من قول فضالة، فقد يجوز أن يكون أمر بذلك على أن البيع عنده لا يجوز فيها بالذهب حتى يفصل، وقد يجوز أن يكون أمر بذلك لإحاطة علمه أن تلك القلادة لا يوصل إلى علم ما فيها من الذهب ولا إلى مقداره إلا بعد تفصيله منها، فقد اضطرب هذا الحديث، فلم يوقف على ما أريد منه، فليس لأحد أن يحتج بمعنى من المعاني التي روي عليها إلا احتج مخالفة عليه بالمعنى الآخر.
ش: أي: وقد روى الحديث المذكور قوم آخرون، وأراد بهم: رواة الحديث الذي أخرجه بإسناد صحيح، عن يونس بن عبد الأعلى المصري، عن عبد الله بن وهب، عن قرة بن عبد الرحمن وعمرو بن الحارث بن يعقوب المصري، كلاهما عن عامر بن يحيى المعافري، عن حنش. . . . إلى آخره.
وأخرجه مسلم (1): حدثني أبو الطاهر، قال: أنا ابن وهب، عن قرة بن عبد الرحمن المعافري وعمرو بن الحارث وغيرهما، أن عامر بن يحيى المعافري أخبرهم، عن حنش أنه قال:"كنا مع فضالة بن عبيد. . . ." إلى آخره نحو رواية الطحاوي سواء.
قوله: "على خلاف ذلك" أشار به إلى ما روي من الاختلاف المذكور فيما مضى في حديث فضالة، وبين هذا الخلاف أيضًا بقوله: فهذا خلاف لما تقدم من الأحاديث. . . . إلى آخره.
قوله: "فطارت لي ولأصحابي" أي حصل لنا النصيب قلادة. مأخوذ من طير الإنسان وهو ما حصل له في علم الله مما قدر له.
(1)"صحيح مسلم"(3/ 1213 رقم 1591).
قوله: "واجعله في الكفة" قال عياض: الكفة للميزان -بالكسر- ولكل مستدبر وللثوب وللطرية -بالضم- ولكل مستطيل، وقد قيل بالوجهين فيهما جميعًا.
ص: وقد قدمنا في هذا الباب كيف وجه النظر في ذلك، وأنه على ما ذهب إليه الذين جعلوا حكم الذهب المبيع مع غيره بالذهب لا على تقسيم الثمن على القيم، ولكن على أن الذهب مبيع بوزنه من الذهب الثمن وما بقي مبيع بما بقى من الثمن، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
ش: قد ذكر وجه النظر فيما قبل، وهو قوله:"والدليل على ذلك أنا رأينا الذهب. . . ." إلى قوله: "فهذا هو ما يشهد لهذا القول من النظر".
ص: وحدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرنى ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة السبائي، عن أبي تميم الجيشاني قال: اشترى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قلادة فيها تبر وزبرجد ولؤلؤ وياقوت بستمائة دينار، فقام عبادة بن الصامت رضي الله عنه حين طلع معاوية المنبر -أو حين صلي الظهر- فقال: ألا إن معاوية اشترى الربا وأكله، ألا وإنه في النار إلى حَلْقِه".
فقد يجوز أن تكون تلك القلادة كان فيها من الذهب أكثر مما اشتريت به، فكان من عبادة ما كان لذلك، ويجوز أن تكون بيعت بنسيئة فإنه قد روي عن معاوية رضي الله عنه أنه لم يكن يرى بذلك بأسًا".
ش: أورد هذا الحديث؛ لأنه كالإيراد على أهل المقالة الثانية، ليجيب عنه نصرة لهم.
أما الحديث فإنه أخرجه عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة السبائي، عن أبي تميم عبد الله بن مالك الجيشاني.
وهؤلاء كلهم مصريون ثقات غير أن ابن لهيعة فيه مقال.
والسَّبائي: نسبة إلى سبأ، وقد مَرَّ ذكره عن قريب.
والجيْشَاني -بفتح الجيم وسكون الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة- نسبة إلى جيشان بن عبدان بن حجر بن ذى رعين الحميري.
وأما الجواب فهو قوله: فقد يجوز. . . . إلى آخره.
وحاصله على وجهين:
الأول: أنه إنما قال عبادة ما قال لاحتمال أن يكون الذهب في القلادة أكثر من الذهب الثمن، فإذا كان كذلك كان مما أُجمع على عدم جوازه.
الثاني: يحتمل أن يكون معاوية قد كان اشتراها نسيئة؛ فإن معاوية قد كان يرى بجواز ذلك ويذهب إليه. وهذا هو الوجه الراجح على ما يذكره الآن.
ص: وقد روي في ذلك وفي السبب الذي من أجله أنكر عبادة على معاوية في ذلك ما أنكر: ما حدثنا إسماعيل بن يحيى، قال: ثنا محمد بن إدريس، قال: أنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث قال:"كنا في غزاة علينا معاوية، فأصبنا ذهبًا وفضة، فأمر معاوية رجلًا أن يبيعها الناس في أعطياتهم، قال: فسارع الناس فيها، فقام عبادة فنهاهم فردوها، فأتى الرجل معاوية فشكى إليه، فقام معاوية خطيبًا فقال: ما بال رجال يحدثون عن رسول الله عليه السلام أحاديث يكذبون فيها عليه لم نسمعها؟! فقام عبادة رضي الله عنه فقال: والله لنحدثن عن رسول الله عليه السلام وإن كره معاوية، قال رسول الله عليه السلام: لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الفضة بالفضة، ولا البر بالبر، ولا الشعير بالشعير، ولا التمر بالتمر، ولا الملح بالملح إلا سواءً بسواءٍ يدًا بيدٍ عينًا بعينٍ".
حدثنا إسماعيل بن يحيى، قال: ثنا محمَّد بن إدريس، قال: ثنا عبد الوهاب، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني أنه قال:"قدم أناس في إمارة معاوية يبيعون آنية الذهب والفضة إلى العطاء، فقام عبادة بن الصامت رضي الله عنه فقال: إن رسول الله عليه السلام نهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والتمر بالتمر والشعير بالشعير والملح بالملح، إلا مثلًا بمثل، سواء بسواء، فمن زاد أو ازداد فقد أربى".
فدل ذلك أنما كان من إنكار عبادة على معاوية هو بيع الذهب أو القلادة التي فيها الفضة المبيعة بالفضة، ولا دلالة فيما روينا عنه على حكم ذلك إذا بيع بأكثر من وزن ذهبه أو فضته من الذهب أو الفضة.
ش: أي قد روي في تجويز معاوية بيع الذهب والفضة نسيئة، وروي أيضًا في السبب الذي من أجله أنكر عبادة بن الصامت على معاوية بن أبي سفيان فيما يراه من ذلك.
قوله: "ما حدثا" في محل الرفع؛ لأنه مسند إلى قوله: "وقد روي".
وأخرجه من وجهين صحيحين:
الأول: عن إسماعيل بن يحيى المزني، عن الإِمام محمَّد بن إدريس الشافعي، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، عن أبي الأشعث شراحيل بن آدة.
وأخرجه مسلم (1): ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: "كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار فجاء أبو الأشعث: قال: قالوا: أبو الأشعث، أبو الأشعث، فجلس، فقالوا له: حدث أخانا حديث عبادة بن الصامت، قال: نعم، غزونا غزاة وعلى الناس معاوية رضي الله عنه، فغنمنا غنائم كثيرة فكان فيما غنمنا أنية من فضة، فأمر معاوية رجلًا أن يبيعها في أعطيات الناس، فتسارع الناس في ذلك، فبلغ عبادة بن الصامت فقام فقال: إنى سمعت رسول الله عليه السلام نهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواءً بسواءٍ عينًا بعينٍ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى، فرد الناس ما أخذوا، فبلغ ذلك معاوية، فقام خطيبًا فقال: ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله عليه السلام أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه؟! فقام عبادة فأعاد القصة، فقال: لنحدثن بما سمعنا
(1)"صحيح مسلم"(3/ 1210 رقم 1587).
من رسول الله عليه السلام وإن كره معاوية -أو قال: وإن رغم- ما أبالي ألا أصحبه في جنده ليلة سوداء، قال حماد هذا أو نحوه".
الثاني: عن المزني، عن الشافعي، عن عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد، عن أبي الأشعث شراحيل بن آدة.
وأخرج الطحاوي هذا الحديث في باب بيع الشعير بالحنطة متفاضلًا من طرق متعددة، واستوفينا الكلام فيه هناك.
ص: وقد حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:"اشتر السيف المحلى بالفضة".
فهذا ابن عباس قد أجاز بيع السيف الذي حليته فضة بفضة.
ش: ذكره شاهدًا لما يقوله أهل المقالة الثانية.
وأخرجه بإسناد صحيح، عن علي بن شيبة، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، شيخ البخاري، عن إسرائيل بن يونس. . . . إلى آخره.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): نا وكيع، عن إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:"لا بأس ببيع السيف المحلى بالدراهم".
ص: وقد روي في مثل ذلك أيضًا عن جماعة من التابعين اختلاف:
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني حيوة وابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران:"أنه سأل القاسم بن محمَّد وسالم بن عبد الله عن اشتراء الثوب المنسوج بالذهب، فقالا: لا يصلح اشتراؤه بالذهب".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد:"أنه كان لا يرى بأسًا أن يشتري ذهبًا بذهب أو فضة بذهب وفضة".
(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(4/ 286 رقم 20197).
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن مبارك، عن الحسن:"أنه كان لا يرى بأسًا أن يباع السيف المفضض بالدراهم بأكثر مما فيه، فتكون الفضة بالفضة والسيف بالنصل".
ثنا سليمان بن شعيب، عن أبيه، عن محمد بن الحسن، عن أبي يوسف، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم:"أنه قال في بيع السيف المحلى: إذا كانت الفضة التي فيه أقل من الثمن فلا بأس بذلك".
حدثنا سليمان بن شعيب، عن أبيه، عن محمَّد بن الحسن، عن أبي يوسف، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عامر الشعبي، قال:"لا بأس ببيع السيف المحلي بالدراهم؛ لأن فيه حمائله وجفنه ونصله".
ش: أي: وقد روي في جواز بيع السيف المحلي بفضة بثمن فضة عن جماعة من التابعين.
وأخرج في ذلك عن القاسم بن محمَّد وسالم بن عبد الله ومجاهد والحسن البصري وإبراهيم النخعي وعامر الشعبي.
أما ما روي عن القاسم بن محمَّد وسالم فأخرجه بإسناد صحيح، عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن حيوة بن شريح المصري وعبد الله بن لهيعة، كلاهما عن خالد بن أبي عمران. . . . إلى آخره. وذكر ابن لهيعة متابعة.
وأما ما روي عن مجاهد فأخرجه أيضًا بإسناد صحيح، عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، عن سفيان الثوري، عن عثمان بن الأسود بن موسى المكي، عن مجاهد.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": عن وكيع، عن سليمان، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد نحوه.
وأما ما روي عن الحسن، فأخرجه أيضًا بإسناد صحيح، عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد شيخ البخاري، عن مبارك بن فضالة البصري، عن الحسن البصري.
وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه": عن معمر وسفيان الثوري وحُيي بن عمر قال معمر: عن قتادة، عن الحسن البصري.
وقال سفيان: عن المغيرة، عن إبراهيم النخعي، وقال حُيي: عن عبد الكريم بن أبي أمية، عن الشعبي: ثم اتفق الحسن وإبراهيم والشعبي قالوا كلهم: "لا بأس بالسيف فيه الحلية والمنطقة والخاتم بأن يبتاعه بأكثر مما فيه أو بأقل ونسيئة".
وأما ما روي عن إبراهيم النخعي فأخرجه أيضًا بإسناد صحيح عن سليمان بن شعيب الكيساني، عن أبيه شعيب بن سليمان، عن الإِمام محمَّد بن الحسن الشيباني، عن الإِمام القاضي أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي معشر زياد بن كليب التميمي الكوفي، عن إبراهيم النخعي.
وقال ابن حزم (1) روينا من طريق شعبة "سألت حماد بن أبي سليمان عن السيف المحلى يباع بالدراهم، فقال: لا بأس به".
وروي هذا عن سليمان بن موسى ومكحول أيضًا.
ومن طريق سعيد بن منصور: ثنا هشيم، أنا حصين -هو ابن عبد الرحمن- عن الشعبي فقال:"إن كانت الدراهم أكثر من الحلية فلا بأس به" وروينا مثله أيضًا عن الحسن وإبراهيم، وهو قول سفيان الثوري.
وأما ما روي عن الشعبي فأخرجه أيضًا بإسناد صحيح عن سليمان. . . . إلى آخره.
(1)"المحلى"(8/ 497).