المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ص: باب: التكني بأبي القاسم هل يصلح أم لا - نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار - جـ ١٤

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌ص: باب: رواية الشعر هل هي مكروهة أم لا

- ‌ص: باب: العاطس يشمت كيف ينبغي أن يرد على من يشمته

- ‌ص: باب: الرجل يكون به الداء هل يُجْتَنَب أم لا

- ‌ص: باب: التخيير بين الأنبياء عليهم السلام

- ‌ص: باب: إخصاء البهائم

- ‌ص: باب: كتابة العلم هل تصلح أم لا

- ‌ص: باب: الكي هل هو مكروه أم لا

- ‌ص: باب: نظر العبد إلى شعور الحرائر

- ‌ص: باب: التكني بأبي القاسم هل يصلح أم لا

- ‌ص: باب: السلام على أهل الكفر

- ‌ص: كتاب الصرف

- ‌ص: باب: الربا

- ‌ص: باب: القلادة تباع بذهب وفيها خرز وذهب

- ‌ص: كتاب الهبة والصدقة

- ‌ص: باب: الرجل ينحل بعض بنيه دون بعض

- ‌ص: باب: العمرى

- ‌ص: باب: الصدقات الموقوفات

- ‌ص: كتاب القضاء والشهادات

- ‌ص: باب: القضاء بين أهل الذمة

- ‌ص: باب: القضاء باليمين مع الشاهد

- ‌ص: باب: رد اليمين

- ‌ص: باب: الرجل تكون عنده الشهادة للرجل هل يجب أن يخبره بها؟ وهل يقبله الحاكم على ذلك أم لا

- ‌ص: باب: الحكم بالشيء فيكون في الحقيقة بخلافه في الظاهر

- ‌ص: باب: الحر يجب عليه دين ولا يكون له مال، كيف حكمه

- ‌ص: باب: الوالد هل يملك مال ولده

- ‌ص: باب: الوليد يدعيه رجلان كيف حكمه

- ‌ص: باب: الرجل يبتاع السلعة فيقبضها ثم يموت أو يفلس وثمنها عليه دين

- ‌ص: باب: شهادة البدوي هل تقبل على القروي

الفصل: ‌ص: باب: التكني بأبي القاسم هل يصلح أم لا

‌ص: باب: التكني بأبي القاسم هل يصلح أم لا

؟

ش: أي هذا باب في بيان تكني الرجل بأبي القاسم، هل يصلح ذلك أم لا؟

ص: حدثنا أبو أمية، قال: ثنا علي بن قادم، قال: ثنا فطر، عن منذر الثوري، عن محمَّد بن الحنفية، عن علي رضي الله عنه قال:"قلت: يا رسول الله، إن وُلِدَ لي ابنُ أسميه باسمك، وأكنيه بكنيتك؟ قال: نعم، قال: وكانت رخصة من رسول الله عليه السلام لعلي رضي الله عنه".

ش: أبو أمية محمَّد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي شيخ النسائي وأبو عوانة الإسفراييني وأبي حاتم الرازي.

وعلي بن قادم الخزاعي الكوفي، عن يحيى: ضعيف. وذكره ابن حبان في "الثقات".

وفطر هو ابن خليفة القرشي الكوفي الحناط بالنون، ثقة على قليل تشيع فيه، روى له البخاري مقرونًا بغيره؛ والأربعة.

ومنذر هو ابن يعلى الثوري الكوفي، روى له الجماعة.

ومحمد بن على بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية.

وأخرجه أبو داود (1): ثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة قالا: ثنا أبو أسامة، عن فطر، عن منذر، عن محمَّد بن الحنفية قال: قال عليٌّ رضي الله عنه: "قلت: يا رسول الله، إن وُلِدَ لي بعدك ولد، أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: نعم". ولم يقل أبو بكر يعني ابن أبي شيبة: قلت: قال علي للنبي عليه السلام".

وأخرجه الترمذي (2): عن ابن بشار، عن يحيى بن سعيد، عن فطر بن خليفة. . . . إلى آخره نحوه.

(1)"سنن أبي داود"(4/ 292 رقم 4967).

(2)

"جامع الترمذي"(5/ 137 رقم 2843).

ص: 225

وقال: حديث صحيح.

ويستفاد منه: جواز تسمية الرجل ابنه باسم محمَّد، وجواز تكنيته بكنيته، وجواز الجمع بينهما على ما ذهب إليه قوم.

ص: قال أبو جعفر رحمه الله: فذهب قوم إلى أنه لا بأس بأن يكتني الرجل بأبي القاسم وأن يتسمى مع ذلك بمحمد، واحتجوا في ذلك بما روي عن النبي عليه السلام في هذا الحديث.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: محمَّد بن الحنفية ومالكًا وأحمد في رواية؛ فإنهم قالوا: لا بأس للرجل أن يكتني بأبي القاسم ويتسمى بمحمد. وقال المنذري: وقد أجاز مالك بن أنس أن يجمع بين التكني بأبي القاسم والتسمي بمحمد.

قوله: "واحتجوا في ذلك" أي احتج هؤلاء القوم فيما ذهبوا إليه بالحديث المذكور.

ص: وقالوا: أما ما ذكر من أن ذلك كان رخصة لعلي رضي الله عنه فلم يذكر ذلك في الحديث عن رسول الله عليه السلام، ولا ذكر عن على رضي الله عنه أن ذلك كان رخصة من رسول الله عليه السلام له، وإنما هو قول ممن بعد على رضي الله عنه قد يجوز أن يكون ذلك على ما قال، ويجوز أن يكون على خلاف ذلك، والدليل على أنه خلاف ذلك: أنه قد كان في زمن أصحاب رسول الله عليه السلام جماعة قد كانوا مسمون بمحمد، مكتنين بأبي القاسم، منهم: محمَّد بن طلحة، ومحمد بن الأشعب، ومحمد بن أبي حذيفة، فلو كان ما أمر به النبي عليه السلام في الحديث الأول خاصًّا له؛ إذًا لما سوغه غيره؛ ولأنكره على فاعله وأنكره معه مَن كان بحضرته من أصحاب النبي عليه السلام.

ش: هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره: أن يقال للقوم المذكورين: كيف تحتجون بالحديث المذكور، وفيه قال:"وكانت رخصة من رسول الله عليه السلام لعلي رضي الله عنه" أي كان الجمع بين التسمِّي بمحمد والتكني بأبي القاسم رخصة من النبي عليه السلام لعلي رضي الله عنه فإذا كان كذلك فقد صار ذلك مخصوصًا لعلي رضي الله عنه فلا يجوز لغيره؟! وتقرير الجواب أن يقال: إن هذه الزيادة لم يذكر أنها من

ص: 226

النبي عليه السلام، ولا عن علي رضي الله عنه أن ذلك كان رخصةً منه له، وإنما هي قول ممن كانوا بعد علي رضي الله عنه.

فإن قيل: هذا احتمال؛ لأنه يحتمل أن يكون ذلك عن النبي عليه السلام أو عن علي رضي الله عنه ويحتمل أن يكون ممن بعد علي رضي الله عنه فلا يصح به الاحتجاج بالحديث المذكور.

وأشار إلى الجواب عن ذلك بقوله: "والدليل على أنه خلاف ذلك أنه قد كان في زمن الصحابة رضي الله عنهم جماعة مسمون بمحمد مكتنون بأبي القاسم"، فلو كان قول النبي عليه السلام:"نعم" لعلي رضي الله عنه حين سأله ما سأل مخصوصًا له؛ لكان على رضي الله عنه لم يجوز ذلك لغيره، ولا سوغه غيره، ولكان أنكر ذلك مَن كان معه من الصحابة في ذلك الوقت، فسكوتهم على ذلك وترك إنكارهم، يدل على أن ذلك لم يكن مخصوصًا له، وأنه يجوز لغيره كما جاز له.

قوله: "منهم: محمد بن طلحة" هو محمد بن طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي التيمي، ذكره ابن الأثير في "الصحابة" وقال: حمله أبوه إلى رسول الله عليه السلام، فمسح رأسه وسماه محمدًا، وكان يكنى أبا القاسم.

وأمه حمنة بنت جحش أخت زينب بنت جحش زوج النبي عليه السلام وقيل: إن رسول الله عليه السلام كناه أبا سليمان، فقال طلحة:"يا رسول الله أكُنِّه أبا القاسم؟ فقال: لا أجمعهما له هو أبو سليمان" والأول أصح، وكان محمَّد بن طلحة يلقب: السجَّاد؛ لكثرة صلاته وشدة اجتهاده في العبادة، قتل يوم الجمل مع أبيه سنة ست وثلاثين، وكان هواه مع علي رضي الله عنه إلا أنه أطاع أباه فلما رآه علي رضي الله عنه قال: هذا السجاد قتله بره بأبيه.

قوله: "ومحمد بن الأشعث" هو محمَّد بن الأشعث بن قيس الكندي، قيل: إنه وُلِدَ على عهد النبي عليه السلام، وروى عن عائشة رضي الله عنها.

ص: 227

قال أبو نعيم: لا تصح له صحبة، وروى الزبير بن بكار، عن محمَّد بن الحسن قال:"المحمدون الذين اسمهم محمَّد وكَناهم أبو القاسم: محمد بن طلحة، ومحمد بن علي، ومحمد بن الأشعث، ومحمد بن سعد".

قوله: "ومحمد بن أبي حذيفة" هو محمَّد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي، كنيته أبو القاسم، ولد بأرض الحبشة على عهد رسول الله عليه السلام وأمه: سهلة بنت سهل بن عمرو العامرية، وهو ابن خال معاوية بن أبي سفيان، ولما قتل أبوه أبو حذيفة أخذه عثمان بن عفان رضي الله عنه وكَفَلَهُ إلى أن كبر، ثم سار إلى مصر، فصار من أشد الناس بأسًا على عثمان رضي الله عنه.

وقال أبو نعيم: هو أحد من دخل على عثمان حين حوصر فقتل، ولما استولى معاوية على مصر أخذ محمدًا في الرهن وحبسه، فهرب من السجن، فظفر به رشدين مولى معاوية فقتله، وانقرض ولد أبي حذيفة وولد أبيه من عتبة إلا من قبل الوليد بن عتبة، فإن منهم طائفة في الشام. قاله أبو عمر.

ومِن جملة من تسمى بمحمد وتكنى بأبي القاسم من أبناء وجوه الصحابة: محمَّد بن جعفر بن أبي طالب، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، ومحمد بن حاطب، ومحمد بن المبشر، ذكرهم البيهقي في "سننه" (1) في باب: من رخص في الجمع بين التسمي بمحمد والتكني بأبي القاسم.

ص: فقال الذين ذهبوا إلى أن ذلك كان خاصًّا بعلي رضي الله عنه: قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ما قلنا، فذكروا في ذلك ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح بن أسلم، قال: ثنا أيوب بن واقد، قال: ثنا فطر بن خليفة، عن منذر الثوري، عن محمد بن الحنفية، عن علي رضي الله عنه قال:"قال لي رسول الله عليه السلام: إن وُلِدَ لك بعدي ابن فَسَمِّه باسمي وكنِّه بكنيتي، وهي لك خاصَّةً دون الناس".

(1)"سنن البيهقي الكبرى"(9/ 309) ولفظ الباب: ما جاء من الرخصة في الجمع بينهما.

ص: 228

قالوا: ففي هذا الحديث الخصوصية من الرسول عليه السلام لعلي رضي الله عنه بذلك دون الناس.

ش: أراد بهؤلاء الذاهبين الجماعة من أهل العلم الذي خالفوا أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه.

قوله: "إلى أن ذلك" أي الجمع بين التسمي بمحمد والتكني بأبي القاسم "كان خاصًّا" أي مخصوصًا بعلي رضي الله عنه واحتجوا على ذلك بما أخرجه الطحاوي، عن إبراهيم بن مرزوق، عن روح بن أسلم الباهلي البصري، فيه مقال، فقال أبو حاتم: عن محمَّد بن عبد الله بن أبي الثلج: سمعت عفان يقول: روح بن أسلم كذاب. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: سئل يحيى بن معين عنه فقال: ليس بذاك لم يكن من أهل الكذب. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى له الترمذي.

وهو يروي عن أيوب بن واقد الكوفي أبي سهل، نزيل البصرة، فيه مقال، فعن يحيى: ليس بثقة. وعن البخاري: حديثه ليس بالمعروف، منكر الحديث. وكذا قال الدارقطني.

وهو يروي عن فطر بن خليفة .. إلى آخره.

قوله: "قالوا: ففي هذا الحديث" أي قال هؤلاء الذين ذهبوا إلى أن ذلك كان خاصًا بعلي رضي الله عنه: ففي هذا الحديث الخصوصية ثابتة لعلي رضي الله عنه بذلك من النبي عليه السلام، فلا تجوز لغيره من الناس.

ص: قيل لهم: هذا كما ذكرتم لو ثبت هذا الحديث على ما رويتم، ولكنه ليس بثابت عندنا؛ لأن أيوب بن واقد لا يقوم مقام من خالفه في هذا الحديث ممن رواه عن فطر؛ على ما ذكرنا في أول الباب.

ش: أي قيل لهؤلاء الذاهبين المذكورين، وأراد به الجواب عن حديثهم الذي احتجوا به من خصوصية ذلك الحكم لعلي رضي الله عنه وبيانه أن يقال: هذا الذي ذكرتم مُسَلَّم لو كان الحديث الذي رويتم ثابتًا صحيحًا على الوجه الذي رويتم، ولكنه لم

ص: 229

يثبت ذلك كذلك؛ لأن في "سنده" أيوب بن واقد، وقد ذكرنا أنه ليس بثقة، وحديثه منكر، فلا يعارض به السند الصحيح المذكور في أول الباب. وقال البيهقي: روي هذا الحديث من غير وجه وهو مختلف في وصله. وقال الذهبي: هو بهيئة المرسل.

قلت: رواه الترمذي موصولًا وصححه كما ذكرناه.

فإن قيل: كيف لا يقوم أيوب بن واقد مقام من خالفه في هذا الحديث ممن رواه عن فطر، والراوي عن فطر هو علي بن قادم، وقد ذكرنا أن يحيى بن معين قد ضعفه.

قلت: وقد روى عنه يحيى بن سعيد أيضًا على ما في رواية الترمذي، روى عنه أبو أسامة فافهم.

ص: فقال الذين ذهبوا إلى أن ذلك كان خاصًّا لعلي رضي الله عنه بعد أن افترقوا فرقتين، فقالت فرقة: لا ينبغي لأحد أن يتكنى بأبي القاسم كان اسمه محمدًا أو لم يكن.

وقالت الفرقة الأخرى: لا ينبغي لمن تسمى محمدًا أن يتكنَّى بأبي القاسم ولا بأس لمن لم يتسمَّ محمدًا أن يتكنى بأبي القاسم.

ش: أراد بهؤلاء الذاهبين: الجماعة الذين خالفوا أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه من جواز الجمع بين التسمي بمحمد والتكني بأبي القاسم. وأراد بقوله: "فقالت فرقة": محمَّد بن سيرين وإبراهيم النخعي والشافعي، وأراد بالفرقة الأخرى: طائفة من أهل الحديث منهم: أحمد في رواية، وطائفة من الظاهرية.

ص: وقد روي عن رسول الله عليه السلام ما يدل على ما قلنا من تخصيص رسول الله عليه السلام بذلك عليًّا رضي الله عنه فذكروا ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن عبد الله بن يزيد النخعي، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تَسَمُّوا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي".

ص: 230

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا وهب، قال: ثنا هشام، عن محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي عليه السلام مثله، غير أنه قال:"سموا باسمي".

حدثنا أبو أمية، قال: ثنا الحسين بن محمَّد قال: ثنا جرير بن حازم، عن محمَّد، عن أبي هريرة، عن النبي عليه السلام مثله.

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب وابن نافع، قالا: ثنا داود بن قيس (ح).

وحدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا القعنبي، قال: ثنا داود بن قيس، عن موسى بن يسار، عن أبي هريرة، أن رسول الله عليه السلام قال:"تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي، فإني أنا أبو القاسم".

حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا أحمد بن أشكيب الكوفي، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي".

حدثنا محمَّد، قال: ثنا أبو ربيعة، قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي حَصِين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي عليه السلام مثله.

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا شعبة، عن قتادة.

ومنصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر، عن النبي عليه السلام مثله.

قالوا: فقد نهى رسول الله عليه السلام أن يتكنى بكنيته، وأباح أن يتسمى باسمه، وجاء ذلك عنه مجيئًا ظاهرًا متواترًا، فدل ذلك على خصوصية ما خالفه.

ش: هذه كلها حجج الفرقة الأولى، والفرقة الثانية من أهل المقالة الثانية في دعواهم خصوصية رسول الله عليه السلام عليًّا رضي الله عنه بالجمع بين التسمي باسمه والتكني بكنيته، وهي ما روي عن أبي هريرة وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم.

وأخرج عن أبي هريرة من ستة طرق:

الأول: رجاله كلهم رجال الصحيح ما خلا إبراهيم بن مرزوق، وأبو زرعة بن عمرو اسمه عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وقد مَرَّ ذكره غير مرة.

ص: 231

وهذا الحديث أخرجه البخاري (1) ومسلم (2) وأبو داود (3) وابن ماجه (4) بأسانيد مختلفة وألفاظ متغايرة.

وقوله: "تَسَمَّوْا" بفتح الميم أمر من تَسَمَّى يتَسَمَّى.

قوله: "ولا تكنوا" من كَنَى يُكْنَي، وَكنَى يكنو، يقال: كَنَيتُ زيدًا -بالتخفيف وكنيته بالتشديد- تكنيةً، والكنية بضم الكاف علم مُصَدَّر بأب أو أم، والكِنْيَة بالكسر واحدة الكنى، قاله الجوهري.

الثاني: أيضًا رجاله رجال الصحيح ما خلا أبا بكرة بكار القاضي.

وأخرجه الدارمي في "مسنده": عن سعيد بن عامر، عن هشام، عن محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة نحوه.

قوله: "سموا" أمر من سمى يسمي تسميةً وهو بفتح السين وضم الميم، فإذا فتحت الميم يكون ماضيًا. فافهم.

الثالث: أيضًا رجاله رجال الصحيح ما خلا أبا أمية محمَّد بن إبراهيم الطرسوسي.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(5): عن حسين بن محمَّد، عن جرير، عن محمَّد، عن أبي هريرة، عن النبي عليه السلام أنه قال:"تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي".

الرابع: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب وعبد الله بن نافع الصائغ، كلاهما عن داود بن قيس الفراء الدباغ المدني، عن موسى بن يسار القرشي المطلبي، عن أبي هريرة.

وهذا أيضًا إسناد صحيح.

(1)"صحيح البخاري"(1/ 52 رقم 110).

(2)

"صحيح مسلم"(3/ 1684 رقم 2134).

(3)

"سنن أبي داود"(4/ 291 رقم 4965).

(4)

"سنن ابن ماجه"(2/ 1230 رقم 3735).

(5)

"مسند أحمد"(2/ 392 رقم 9083).

ص: 232

الخامس: أيضًا صحيح عن ربيع بن سليمان الجيزى، عن عبد اللَّه بن مسلمة بن قعنب القعنبي شيخ الشيخين، عن داود بن قيس. . . . إلى آخره.

وأخرجه البزار "مسنده": ثنا عمرو بن علي، قال: نا عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا داود بن قيس، قال: حدثني موسى بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله عليه السلام: "من تسمى باسمي فلا يكتني بكنيتي؛ فإني أَنا أبو القاسم".

السادس: عن محمَّد بن خزيمة، عن أبي ربيعة القطعي زيد بن عوف، ليس ثقة، وقال مسلم: متروك الحديث. وقال الدارقطني: ضعيف.

يروي عن أبي عوانة الوضاح اليشكري، عن أبي حَصين -بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي، عن أبي صالح ذكوان الزيات، عن أبي هريرة.

وأخرجه البخاري بأتم منه (1): عن موسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال النبي عليه السلام: "تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي، ومن رآني في المنام. . . ." الحديث.

وأخرجه مسلم (2): عن محمَّد بن عبيد، عن أبي عوانة. . . . إلى آخره نحوه.

وأخرج عن جابر رضي الله عنه من طريقين صحيحين:

الأول: عن محمَّد بن خزيمة، عن أحمد بن أشكيب -ويقال له: إشكاب الحضرمي الكوفي نزيل مصر وشيخ البخاري، عن أبي معاوية محمَّد بن خازم الضرير، عن سليمان الأعمش، عن أبي سفيان طلحة بن نافع، عن جابر.

وأخرجه ابن ماجه (3): ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله عليه السلام: "تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي".

(1)"صحيح البخاري"(1/ 52 رقم 110).

(2)

"صحيح مسلم"(1/ 10 رقم 3).

(3)

"سنن ابن ماجه"(2/ 1230 رقم 3736).

ص: 233

الثاني: عن سليمان بن شعيب الكيساني، عن عبد الله بن زياد الثقفي، عن شعبة، عن قتادة ومنصور بن المعتمر، كلاهما عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر.

وأخرجه مسلم (1): عن محمد بن مثنى ومحمد بن بشار، كلاهما عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، عن سالم، عن جابر بن عبد الله:"أن رجلًا من الأنصار وُلد له غلام فأراد أن يسميه محمدًا، فأتى النبي عليه السلام فسأله، فقال: أحسنت الأنصار، سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي".

وأخرجه مسلم (1) بطرق متعددة.

قوله: "قالوا: فقد نهى" أي قالت الفرقة الأولى والفرقة الثانية من أهل المقالة الثانية: فقد نهى النبي عليه السلام عن التكني بكنيته وأباح التسمي باسمه.

قوله: "وجاء ذلك عنه" أي عن النبي عليه السلام، أراد بذلك أن حديث أبي هريرة وحديث جابر من الأحاديث الصحيحة الظاهرة الدالة على جواز التسمي باسم محمَّد، ومنع التكني بأبي القاسم، سواء كان اسمه محمدًا أو لم يكن.

ص: ثم رجعنا إلى الكلام بين الذين ذهبوا إلى ما كان من رسول الله عليه السلام في حديث ابن الحنفية أنه كان خاصًّا بعلي رضي الله عنه فكان من حجة الفرقة التي ذهبت إلى أن النهي المذكور في حديث أبي هريرة وجابر إنما هو على الكنية خاصةً كان اسم المكتني بها محمدًا أو لم يكن؛ ما قد روي عن رسول الله عليه السلام:

حدثنا بكار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني عبد الكريم، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة قال:"نهى رسول الله عليه السلام أن يكتني بكنيته".

فقصد بالنهي في هذا الحديث إلى الكنية خاصةً، فدل ذلك أن ما قصد بالنهي إليه في الآثار التي ذكرناها قبله هي الكنية أيضًا.

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1683 رقم 2133).

ص: 234

ش: أشار بهذا الكلام إلى بيان حجج كل واحدة من الفرقتين من أهل المقالة الثانية فيما ذهب إليه، وبيَّن أولًا حجج الفرقة الأولى، وهو قوله:"فكان من حجة الفرقة التي ذهبت. . . ." إلى آخره.

قوله: "ما قد روي عن رسول الله عليه السلام" في محل الرفع على أنه اسم كان.

وقوله: "من حجة الفرقة" مقدمًا خبره، بيان ذلك أنهم قالوا: النهي المذكور في حديث أبي هريرة وجابر إنما هو على التكني بكنية النبي عليه السلام خاصةً سواء كان اسم الذي اكتنى به محمدًا أو لم يكن، والدليل على ذلك ما روي عن أبي هريرة قال:"نهى رسول الله عليه السلام أن يكتني بكنيته" فنص في هذا على النهي عن الكنية، فدل على أن المنهي هو التكني بكنيته مطلقًا.

وأخرج ذلك بإسناد صحيح، عن القاضي بكار، عن أبي عاصم النبيل الضحاك ابن مخلد شيخ البخاري، عن عبد الملك بن جريج، عن عبد الكريم بن مالك الجزري، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة -واسم أبي عمرة: بشير- بن عمرو بن محصن النجاري الأنصاري المدني الصحابي. وابنه عبد الرحمن ثقة، روى له الجماعة إلا النسائي.

يروي عن أبي هريرة.

وفي بعض النسخ: عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عمه، عن أبي هريرة.

وفي رواية ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عمه قال: قال رسول الله عليه السلام: "لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي".

رواه عن وكيع عن سفيان، عن عبد الكريم، عن عبد الرحمن به. ولم يذكر في روايته: أبا هريرة.

وعَمُّ عبد الرحمن هو ثعلبة بن عمرو بن محصن الأنصاري الصحابي رضي الله عنه.

(1)"مصنفه ابن أبي شيبة"(5/ 264 رقم 25928).

ص: 235

ص: وقد دل على ذلك أيضًا ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله عليه السلام: "تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي؛ أنا أبو القاسم، الله يعطي وأنا أقسم".

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة وحسين، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:"ولد لرجل من الأنصار غلام فسماه محمدًا، فقال النبي عليه السلام: أحسنت الأنصار، تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي".

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا محمَّد بن خازم، عن الأعمش، عن ابن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله عليه السلام: "تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي؛ فإنما جعلت قاسمًا أقسم بينكم".

فقد أخبر رسول الله عليه السلام بالمعنى الذي من أجله نهى أن يكتني بكنيته؛ وإنما هو لأنه يقسم بينهم.

فثبت بذلك أن ما قصده كان في النهي إلى الكنية دون الجمع بينها وبين الاسم.

ش: أي: وقد دل أيضًا على أن ما قصد بالنهي في الأحاديث السالفة هو التكني بكنيته مطلقًا: ما حدثنا. . . . إلى آخره.

وأخرج في ذلك عن أبي هريرة وجابر.

أما عن أبي هريرة فأخرجه بإسناد صحيح، عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، عن محمَّد بن عجلان، عن أبيه عجلان مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، عن أبي هريرة.

وأخرجه الترمذي (1): عن قتيبة، عن الليث، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة:"أن النبي عليه السلام نهى أن يجمع أحد بين اسمه وكنيته، وسمى محمدًا وأبا القاسم".

(1)"جامع الترمذي"(5/ 136 رقم 2841).

ص: 236

قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح.

وأخرجه أبو يعلى في "مسنده": ثنا أبو خيثمة، نا يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي عليه السلام قال:"لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي، الله المعطي وأنا أقسم".

وأما عن جابر فأخرجه من طريقين صحيحين:

الأول: عن سليمان عن عبد الرحمن بن زياد الثقفي، عن سفيان، عن حصين بن عبد الرحمن السلمي، عن سالم. . . . إلى آخره.

وأخرجه مسلم (1): عن هناد بن السَّري، عن عبثر، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله قال:"وُلد لرجل منا غلام فسماه محمدًا، فقلنا: لا نكنيك برسول الله عليه السلام حتى نستأمره، فأتاه فقال: إنه ولد لي الليلة غلام فسميته برسول الله عليه السلام، وإن قومي أَبَوْا أن يكنوني به حتى نستأذن النبي عليه السلام، وقال: سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي؛ فإنما بعثت قاسمًا أقسم بينكم".

الثاني: عن ربيع بن سليمان المؤذن، عن أسد بن موسى، عن محمَّد بن خازم -بالخاء والزاي المعجمتين- أبي معاوية الضرير، عن سليمان الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر.

وأخرجه مسلم (1) أيضًا عن أبي كريب، عن أبي معاوية، عن الأعمش نحوه.

ص: واحتجوا في ذلك أيضًا بما حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل، وحسين بن نصر، قالا: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن حميد الطويل، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: "كان النبي عليه السلام في السوق فقال رجل: يا أبا القاسم، فالتفت إليه رسول الله عليه السلام، فقال الرجل: إنما أدعو ذاك، فقال رسول الله عليه السلام: تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي".

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1683 رقم 2133).

ص: 237

حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا حميد، عن أنس، عن النبي عليه السلام مثله.

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا محمَّد بن عبد الله الأنصاري، قال: ثنا حميد، عن أنس، عن النبي عليه السلام مثله.

فهذا يدل على أن نهي رسول الله عليه السلام إنما هو التكني بكنيته خاصةً دون الجمع بينها وبين التسمية.

ش: أي احتجت الفرقة الأولى من أهل المقالة الثانية أيضًا بحديث أنس.

وأخرجه من ثلاث طرق صحاح:

الأول: عن عبد الغني بن أبي عقيل المصري شيخ أبي داود، وعن حسين بن نصر، كلاهما عن عبد الرحمن بن زياد الثقفي، عن شعبة، عن حميد الطويل، عن أنس.

وأخرجه مسلم (1): حدثني أبو كريب محمَّد بن العلاء، وابن أبي عمر -قال: أبو كريب: نا وقال ابن أبي عمر: ثنا واللفظ له- قال: ثنا مروان -يعنيان- الفزاري، عن حميد، عن أنس قال:"نادى رجل رجلًا بالبقيع: يا أبا القاسم، فالتفت إليه رسول الله عليه السلام فقال: يا رسول الله، إني لم أَعْنِكَ، إنما دعوت فلانًا، فقال رسول الله عليه السلام: تسموا باسمي، ولا تكتنوا بكنيتي".

الثاني: عن حسين بن نصر. . . . إلى آخره.

وأخرجه الترمذي (2): عن الحسن بن علي الخلال، عن يزيد بن هارون، عن حميد، عن أنس، عن النبي عليه السلام:"أنه سمع رجلًا في السوق ينادي: يا أبا القاسم، فالتفت إليه النبي عليه السلام، فقال: لم أعنك، فقال النبي عليه السلام: لا تكتنوا بكنيتي".

(1)"صحيح مسلم"(2/ 1682 رقم 2131).

(2)

"جامع الترمذي"(5/ 136 رقم 2841).

ص: 238

الثالث: عن أبي بكرة بكار القاضي، عن محمَّد بن عبيد الله الأنصاري. . . . إلى آخره.

وأخرجه ابن ماجه (1): ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد الوهاب الثقفي، عن حميد، عن أنس قال:"كان رسول الله عليه السلام بالقيع، فنادى رجل رجلًا: يا أبا القاسم، فالتفت إليه رسول الله عليه السلام، فقال: إني لم أعنك، فقال رسول الله عليه السلام: تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي".

ص: وقد ذهب إلى هذا المذهب إبراهيم النخعي ومحمد بن سيرين: حدثنا أحمد بن الحسن الكوفي، قال: ثنا وكيع بن الجراح، عن مُحِلّ قال:"قلت لإبراهيم: أكانوا يكرهون أن يكنى الرجل بأبي القاسم وإن لم يكن اسمه محمدًا؟ قال: نعم".

فهذا إبراهيم يحكي هذا أيضًا عن مَن قبله، يريد بذلك أصحاب عبد الله أو مَن فوقهم.

وقد حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا يزيد بن إبراهيم، عن محمَّد بن سيرين، أن رسول الله عليه السلام قال:"تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي قال: ورأيت محمَّد بن سيرين يكره أن يكتني الرجل أبا القاسم، كان اسمه محمدا أو لم يكن".

ش: أشار بهذا المذهب إلى قول الفرقة الأولى من أهل المقالة الثانية.

وأخرج عن إبراهيم النخعي من طريق أحمد بن الحسن بن القاسم بن سمرة الكوفي، فيه مقال، عن وكيع، عن مُحِلّ -بضم الميم وكسر الحاء المهملة وتشديد اللام- أبي محرز الضبي الكوفي الأعور -وثقه أحمد وابن معين.

وأخرج عن محمَّد بن سيرين: عن سليمان بن شعيب الكيساني، عن الخَصِيب -

(1)"سنن ابن ماجه"(2/ 1231 رقم 3737).

ص: 239

بفتح الخاء المعجمة وكسر الصاد المهملة- بن ناصح الحارثي البصري نزيل مصر، وثقه ابن حبان، عن يزيد بن إبراهيم القشيري البصري، روى له الجماعة.

وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): ثنا وكيع، عن ابن عون، قال:"قلت لمحمد: "أكان يكره أن يكنى الرجل بأبي القاسم وإن لم يكن اسمه محمدًا؟ قال: نعم".

قوله: "أكانوا يكرهون" الهمزة فيه للاستفهام، وأراد به أصحاب عبد الله بن مسعود مثل: علقمة بن قيس والأسود بن يزيد وشقيق بن سلمة ومسروق وأضرابهم. وأراد بقوله: "أوْ من فوقهم": الصحابة رضي الله عنهم لأن أصحاب عبد الله تابعين، ومَن فوق التابعين صحابة رضي الله عنهم وحكى البيهقي أن هذا هو مذهب الشافعي أيضًا.

وقال المنذري: اختلف هل النهي عام أو خاص؟

فذهبت طائفة من السلف إلى أن التكني وحده بأبي القاسم ممنوع كيف كان الاسم. وذهب آخرون من السلف إلى منع التكني بأبي القاسم وكذلك تسمية الولد بالقاسم، لئلا يكون سببًا للتكنية.

وذهب آخرون من السلف إلى أن الممنوع الجمع بين التكنية والاسم، وأنه لا بأس بالتكني بأبي القاسم مجردًا ما لم يكن الاسم محمدًا أو أحمد. وذهب آخرون -وشذوا- إلى منع التسمية باسم النبي عليه السلام جملة وكيف ما كان يكنى. وذهب آخرون إلى أن النهي في ذلك منسوخ.

ص: وكان من حجة من ذهب إلى أن النهي في ذلك إنما هو على الجمع بين الكنية والاسم جميعًا: ما قد حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا عبد العزيز بن خطاب الكوفي، قال: ثنا قيس، عن ابن أبي ليلى، عن حفصة بنت البراء بن عازب، عن عمها عبيد بن عازب:"أن رسول عليه السلام نهى أن يجمع بين اسمه وكنيته".

(1)"مصنفه ابن أبي شيبة"(5/ 264 رقم 25930).

ص: 240

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني محمَّد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله عليه السلام مثله.

حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي، قال: ثنا هشام بن أبي عبد الله، قال: ثنا أبو الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سُمِّيَ باسمي فلا يكتني بكنيتي، ومَن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي".

قالوا: فثبت بهذه الآثار أن ما نهى عنه رسول الله عليه السلام من ذلك هو الجمع بين كنيته مع اسمه، وفي حديث جابر إباحة التكني بكنيته إذا لم يتسمَّ معها باسمه.

ش: أراد بهؤلاء الذين ذهبوا إلى أن النهي في ذلك هو الجمع بين التسمي والتكني: الفرقة الثانية من أهل المقالة الثانية.

قوله: "ما حدثنا" في محل الرفع على أنه اسم كان.

قوله: "من حجة" مقدمًا خبره، وأخرج لهم عن ثلاثة من الصحابة رضي الله عنهم:

الأول: عن عبيد بن عازب.

أخرجه عن أحمد بن داود المكي، عن عبد العزيز بن خطاب الكوفي -نزيل البصرة، قال أبو حاتم: صدوق. روى له ابن ماجه والنسائي في "خصائص على رضي الله عنه" عن قيس بن الربيع الأسدي الكوفي، فيه كلام كثير، فعن يحيى: ضعيف. وعنه: ليس بشيء. وقال الجوزجاني: ساقط.

عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الكوفي القاضي، فيه مقال، عن حفصة بنت البراء بن عازب، عن عمها عبيد بن عازب الصحابي.

وأخرجه الطبراني في "الكبير"(1): أنا العباس بن الفضل الأسفاطي، ثنا عبد العزيز بن الخطاب، نا قيس بن الربيع، عن ابن أبي ليلى، عن حفصة بنت البراء بن عازب، عن عمها عبيد بن عازب، قال: قال رسول الله عليه السلام: "لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي".

(1)"المعجم الكبير"(22/ 329 رقم 827).

ص: 241

الثاني: عن أبي هريرة.

أخرجه بإسناد صحيح. عن فهد بن سليمان، عن سعيد بن الحكم المعروف -بابن أبي مريم المصري- شيخ البخاري، عن يحيى بن أيوب الغافقي المصري، عن محمَّد بن عجلان المدني، عن أبيه عجلان مولى فاطمة بنت عتبة، عن أبي هريرة.

وأخرجه الترمذي (1) وأبو يعلى، وقد ذكرناه آنفًا.

الثالث: عن جابر بن عبد الله.

أخرجه بإسناد صحيح أيضًا، عن محمَّد بن خزيمة، عن مسلم بن إبراهيم الأزدي القصاب شيخ البخاري وأبي داود، عن هشام الدستوائي، عن أبي الزبير محمَّد بن مسلم المكي، عن جابر.

وأخرجه الترمذي (2): ثنا الحسين بن حريث، قال: نا الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله عليه السلام: "إذا سميتم باسمي فلا تكتنوا بكنيتي".

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

ص: فكان من الحجة عليهم لأهل المقالة الأولى: أنه قد يحتمل أن يكون رسول الله عليه السلام قصد بنهيه ذلك المذكور في حديث عبيد وأبي هريرة وجابر إلى الجمع بين الاسم والكنية، وأباح إفراد كل واحد منهما، ثم نهى بعد ذلك عن التكني بكنيته، فكان ذلك زيادة فيما تقدم من نهيه في ذلك.

ش: أي فكان من الدليل والبرهان على الفرقة الثانية من أهل المقالة الثانية؛ لأهل المقالة الأولى: أنه أي أن الشأن قد يحتمل، وأراد بهذا: الجواب عما احتج به هؤلاء فيما ذهبوا إليه بأحاديث عبيد بن عازب وأبي هريرة وجابر. وهو ظاهر.

(1)"جامع الترمذي"(5/ 136 رقم 2841) وقد تقدم.

(2)

"جامع الترمذي"(5/ 136 رقم 2842).

ص: 242

ص: فإن قال قائل: فما جَعَلَ ما قلتَ أولى من أن يكون نهى عن التكني بكنيته ثم نهى عن الجمع بين اسمه وكنيته، وكان ذلك إباحة لبعض ما كان وقع عليه نهيه قبل ذلك؟

قيل له: لأن نهيه عن التكني بكنيته في حديث أبي هريرة فيما ذكرنا معه من الآثار لا يخلو من أحد وجهين:

إما أن يكون متقدمًا للمقصود فيه إلى الجمع بين الاسم والكنية، أو متأخرًا عن ذلك، فإن كان متأخرًا عنه فهو زائد عليه غير ناسخ له، وإن كان متقدمًا له فقد كان ثابتًا ثم روي هذا بعده فنسخه، فلما احتمل ما قصد فيه إلى النهي عن الكنية أن يكون منسوخًا بعد علمنا بثبوته كان عندنا على أصله المتقدم وعلى أنه غير منسوخ حتى نعلم يقينًا أنه منسوخ، فهذا وجه النظر من طريق معاني الآثار.

ش: هذا السؤال وارد على قوله: "وأباح إفراد كل واحد منهما. . . ." إلى آخره. [وهو ظاهرٌ غنيٌّ عن مزيد بيان](1).

قوله: "فما جعل" أي: أيُّ شيءٍ جعل ما قلتَ أولى من أن يكون. . . . إلى آخره.

قوله: "فهذا وجه هذا الباب. . . ." إلى آخره. أي: هذا الذي ذكرنا إلى هنا من طريق "شرح معاني الآثار".

ص: وأما وجهه من طريق النظرة فقد رأينا الملائكة لا بأس أن نتسمى بأسمائهم، فكذلك سائر الأنبياء عليهم السلام غير نبينا عليه السلام فلا بأس أن يتسمى بأسمائهم ويُكنى بكناهم ويجمع بين اسم كل واحد منهم وكنيته، فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم لا بأس أن يتسمى باسمه، فالنظر على ذلك أن لا بأس أن يتكنى بكنيته، وأن لا بأس أن يجمع بين اسمه وكنيته، فهذا هو النظر في هذا الباب، غير أن اتباع ما ثبت عن رسول الله عليه السلام أولى.

(1) سقط من "الأصل"، والمثبت من "ك".

ص: 243

فقد روي عن رسول الله عليه السلام في ذلك أيضًا ما حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن ابن المنكدر سمع جابر بن عبد الله يقول:"ولد لرجل منا غلام فسماه القاسم، فقلت: لا نكنيك أبا القاسم ولا ننعمك عينًا. فأتى النبي عليه السلام، فذكر ذلك له، فقال: سم ابنك عبد الرحمن" فهذه الأنصار قد أنكرت على هذا الرجل أن يسمي ابنه القاسم، لئلا يكتني به وقصدوا بالكراهة في ذلك إلى الكنية خاصة، ثم لم ينكر ذلك عليهم رسول الله عليه السلام لما بلغه، فدل ذلك أن نهي رسول الله عليه السلام عن التكني بكنيته على أن لا يتكنى أحد بكنيته يتسمى مع ذلك باسمه أو لم يتسم به.

ش: أي: وأما وجه هذا الباب من طريق النظر والقياس، أراد أن [القياس يقتضي أن يباح](1) التسمي باسم محمَّد والتكني بكنيته، كما يباح ذلك بأسماء سائر الأنبياء عليهم السلام وكناهم، وكما يتسمى بأسماء الملائكة، ولكن ما ثبت عن النبي عليه السلام فالاتباع به أولى ويرفع به القياس، وقد ثبت عنه عليه السلام أنه نهى عن التكني بكنيته سواء تسمّي مع ذلك باسمه أو لم يتسم، وقد أوضح ذلك الطحاوي بقوله:"فقد روي عن رسول الله عليه السلام".

وأخرجه بإسناد صحيح، عن يونس بن عبد الأعلى، عن سفيان بن عيينة، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله.

وأخرجه مسلم (2): ثنا عمرو الناقد محمَّد بن عبد الله بن نمير جميعًا عن سفيان، قال عمرو: ثنا سفيان بن عيينة، قال: ثنا ابن المنكدر، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول:"ولد لرجل منا. . . ." إلى آخره نحوه سواء.

فدل ذلك أن النهي من رسول الله عليه السلام عن التكني بكنيته مطلقًا سواء تسمى مع ذلك باسمه أو لم يتسم.

قوله: "لا نكنيك" من كناه بكنيته بالتخفيف.

(1) سقط من "الأصل"، والمثبت من "ك".

(2)

"صحيح مسلم"(3/ 1684 رقم 2133).

ص: 244

قوله: "ولا ننعمك عينًا" بضم النون الأولى وسكون الثانية، والمعنى: لا تقر به عين، وهو نصب على التمييز، ومنه: أنعم الله بك عينًا، والمعنى: نعمك الله عينًا، أي: نعّم عينيك وأقرها، والألف زائدة وقد يحذ فوقها ويقولون: نعّمك الله عينًا.

ص: فإن قال قائلٌ: ففي هذا الحديث ما يدل على كراهة التسمّي بالقاسم.

قيل له: قد يجوز أن يكون ذلك مكروهًا كما ذكرت لقول رسول الله عليه السلام: "إنما أنا قاسم أقسم بينكم".

وقد يجوز أن يكون كره ذلك لأنهم كانوا يكنون الآباء بأسماء الأبناء، وقد كان أكثرهم لا يكتني حتى يولد له فيكتني باسم ابنه.

ش: أراد بهذا الحديث حديث جابر المذكور آنفًا.

والسؤال ظاهر، والجواب عنه من وجهين:

أحدهما: أن الكراهة تجوز أن تكون لقوله عليه السلام: "إنما أنا قاسم أقسم بينكم" فاختص باسم القاسم لذلك فكره أن يسمي غيره به.

والآخر: أن تكون الكراهة بسبب أنه تكون التسمية به ذريعة أن يكنى الآباء به، وقد نهى عن التكنية به كما مر فافهم.

ص: والدليل على ذلك ما حدثنا يونس، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عبيد الله ابن عمرو، عن عبد الله بن محمَّد بن عقيل، عن حمزة بن صهيب، عن أبيه صهيب رضي الله عنه قال: قال لي عمر رضي الله عنه: "نعم الرجل أنت يا صهيب لولا خصال فيك ثلاث، قلت: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: تكنيت ولم يولد لك، وفيك سرف في الطعام، وانتميت إلى العرب ولست منهم.

قلت: أما قولك: تكنيت ولم يولد لك؛ فإن رسول الله عليه السلام كناني أبا يحيى، وأما قولك: انتميت إلى العرب ولست منهم؛ فإني رجل من بني النمر بن قاسط سَبَتْنَا الروم من الطائف بعدما عقلت أهلي ونسبي.

وأما قولك: فيك سرف في الطعام؛ فإن رسول الله عليه السلام قال: خياركم مَن أطعم الطعام".

ص: 245

فهذا عمر رضي الله عنه قد أنكر على صهيب أن يتكنى قيل أن يولد له، فدل ذلك أنهم أو أكثرهم لا يكتنون حتى يولد لهم فيكتنون بأبنائهم، فلما ولد لذلك الأنصاري ابن فَسُمِّي القاسم، أنكرت الأنصار ذلك عليه؛ لأنه إنما سمى به ليكنوه به، فأبوا ذلك وأنكروه عليه، فأثنى عليهم رسول الله عليه السلام لذلك.

ش: أي الدليل على ما ذكرنا من أنهم أو أكثرهم كانوا لا يكتنون حتى يولد له. وهذا باب قد اختلفوا فيه، والصحيح أن ذلك يجوز.

والدليل على ذلك ما رواه البخاري وغيره من الجماعة (1) من حديث أنس قال: "كان رسول الله عليه السلام يدخل علينا ولي أخ صغير يكنى أبا عمير، وكان له نغر يلعب به. . . ." الحديث.

قوله: "ما حدثنا" في محل الرفع على أنه خبر لقوله: "والدليل على ذلك".

ويونس هو ابن عبد الأعلى، يروي عن علي بن معبد بن شداد الرقي نزيل مصر من أصحاب محمَّد بن الحسن الشيباني، وثقه أبو حاتم وغيره.

عن عبيد الله بن عمرو بن أبي الوليد الرقي، روى له الجماعة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب المدني، فيه مقال، فعن يحيى بن معين: ضعيف الحديث. وعنه: ليس بذاك. وقال البخاري: مقارب الحديث.

عن حمزة بن صهيب بن سنان المدني، وثقه ابن حبان، عن أبيه صهيب الصاحبي رضي الله عنه.

وأخرجه ابن ماجه (2) مختصرًا: ثنا أبو بكر، قال: ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا زهير بن محمَّد، عن عبد الله بن محمَّد بن عقيل، عن حمزة بن صهيب:

(1)"صحيح البخاري"(5/ 2270 رقم 5778)، ورواه أبو داود في "سننه"(2/ 711 رقم 4969)، والترمذي في "جامعه"(2/ 154 رقم 333)، والنسائي في "الكبرى"(6/ 91 رقم 10165)، وابن ماجه في "سننه"(2/ 1226 رقم 3720).

(2)

"سنن ابن ماجه"(2/ 1231 رقم 3738).

ص: 246

"أن عمر رضي الله عنه قال لصهيب: ما لك تكتني بأبي يحيى وليس لك ولد؟ قال: كناني رسول الله عليه السلام بأبي يحيى".

وأخرجه ابن حبان مختصرًا معلقًا في ترجمة حمزة بن صهيب.

وأخرجه الطبراني (1): ثنا محمَّد بن عمرو بن خالد الحراني، قال: ثنا أبي (ح).

وحدثنا جعفر بن محمَّد الفريابي، ثنا أبو جعفر النفيلي، قال: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن صهيب، عن أبيه:"أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال له: يا صهيب، اكتنيت وليس لك ولد، وانتميت إلى العرب وأنت رجل من الروم؟! فقال: يا أمير المؤمنين، أما قولك: اكتنيت وليس لك ولد؛ فإن رسول الله عليه السلام كناني بأبي يحيى، وأما قولك: انتميت إلى العرب وأنت رجل من الروم؛ فإني رجل من النمر بن قاسط سُبيتُ من الموصل بعد أن كنت غلامًا قد عرفت أهلي ونسبي".

قوله: "وفيك سَرَفٌ" بفتحتين أي إسراف وتبذير في النفقة.

قوله: "وانتميت" من الانتماء وهو الانتساب.

قوله: "من بني النَّمِر بن قاسط" ونَمِر -بفتح النون وكسر الميم أبو قبيلة، وهو نمر بن قاسط بن هنب بن أقصى بن دُعْمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة، والنسبة إليه نَمُرِي بفتح الميم؛ استحسانًا لتوالي الكسرات؛ لأن فيه حرفًا واحدًا غير مكسور.

ص: وقد دل على ذلك أيضًا ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا ابن لهيعة، عن أسامة بن زيد، أن أبا الزبير المكي أخبر عن جابر بن عبد الله قال:"ولد لرجل منا غلام، فسماه القاسم وتكنى به، فأبت الأنصار أن تكنيه بذلك، فبلغ ذلك رسول الله عليه السلام فقال: أحسنت الأنصار، تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي".

(1)"المعجم الكبير"(8/ 38 رقم 7310).

ص: 247

ففي هذا الحديث ما قد دل على أن رسول الله عليه السلام إنما حول اسم ذلك الصبي؛ لأن أباه تكنى به، فحوله إلى اسم يجوز لأبيه التكني به. وفيه ما يدل على أن النهي إنما قصد به إلى الكنية خاصة لا إلى الجمع بينها وبين الاسم. والله تعالى أعلم.

ش: [وقد دل على أن النهي إنما قصد به التكني](1) خاصة: ما حدثنا إبراهيم ابن أبي داود البرلسي، عن عمرو بن خالد [بن فروخ شيخ البخاري، عن عبد الله ابن لهيعة](1) فيه مقال، عن أسامة بن زيد، عن أبي الزبير محمَّد بن مسلم المكي، عن جابر.

[وأخرجه مسلم بطرق متعددة، وقد](1) ذكرناه.

(1) في "الأصل"، والمثبت من "ك".

ص: 248