المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ص: باب الانتباذ في الدباء والحنتم والنقير والمزفت - نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار - جـ ١٦

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌ص: باب: الإقرار بالسرقة التى توجب القطع

- ‌ص: باب الرجل يستعير الحلي ولا يرده هل يجب عليه في ذلك قطع أم لا

- ‌ص: باب سرقة الثمر والكَثَر

- ‌ص: كتاب الأشربة

- ‌ص: باب الخمر المحرمة ما هي

- ‌ص: باب ما يحرم من النبيذ

- ‌ص: باب الانتباذ في الدباء والحنتم والنقير والمزفت

- ‌ص: كتاب الوصايا

- ‌ص: باب ما يجوز فيه الوصايا من الأموال، وما يفعله المريض في مرضه الذي يموت فيه من الهبات والصدقات والعتاق

- ‌ص: باب الرجل يوصي بثلث ماله لقرابته أو لقرابة فلان، مَنْ هم

- ‌ص: كتاب الفرائض

- ‌ص: باب الرجل يموت ويترك ابنةً وأختًا وعصبةً سواها

- ‌ص: باب مواريث ذوي الأرحام

- ‌ص: كتاب المزارعة

- ‌ص: باب الرجل يزرع في أرض القوم بغير إذنهم، كيف حكمهم في ذلك؟ وما يروى عن رسول الله عليه السلام في ذلك

- ‌ص: كتاب الإجارات

- ‌ص: باب الاستئجار على تعليم القرآن هل يجوز أم لا

- ‌ص: باب الجعل على الحجامة هل يجوز ذلك أم لا

- ‌ص: كتاب اللقطة والضالة

- ‌ص: كتاب الزيادات من شرح معاني الآثار

- ‌ص: باب صلاة العيدين كيف التكبير فيهما

- ‌ص: باب حكم المرأة في مالها

- ‌ص: باب ما يفعله المصلي بعد رفعه من السجدة الثانية من الركعة الأولى

- ‌ص: باب ما يجب للمملوك على مولاه من الكسوة والطعام

- ‌ص: باب إنشاد الشعر في المساجد

- ‌ص: باب شراء الشيء الغائب

- ‌ص: باب تزويج الأب ابنته البكر هل يحتاج في ذلك إلى استئمارها

- ‌ص: باب المقدار الذي يحرم على مالكيه أخذ الصدقة

- ‌ص: باب فرض الزكاة في الإبل السائمة فيما زاد على عشرين ومائة

الفصل: ‌ص: باب الانتباذ في الدباء والحنتم والنقير والمزفت

‌ص: باب الانتباذ في الدباء والحنتم والنقير والمزفت

ش: أي هذا باب في بيان حكم الانتباذ. . . . إلى آخره.

و"الانتباذ": اتخاذ النبيذ؛ لأنه افتعال من نبذت التمر ونحوه، إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذًا.

و"الدباء": واحدها دباءة، وهي القرعة.

و"الحنتم": بفتح الحاء المهملة وسكون النون وفتح التاء المثناة من فوق، وهي جرار مدهونة خضر كانت تُحمل الخمر فيها إلى المدينة، ثم اتسع فيها فقيل للخزف كله حنتم واحده حنتمة.

و"النقير": بفتح النون وكسر القاف أصل النخلة يُنقر وسطه، ثم ينبذ فيه التمر ويلقى عليه الماء؛ ليصير نبيذًا مسكرًا.

و"المزفت": الوعاء المطلي بالزفت وهو نوع من القير.

ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا القواريري، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان الثوري، عن سليمان، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن علي رضي الله عنه قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والمزفت".

ش: إسناده صحيح. والقواريري: هو عبيد الله بن ميسرة، شيخ البخاري ومسلم وأبي داود.

وسليمان هو الأعمش.

وأخرجه البخاري (1): ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، عن سفيان، حدثني سليمان، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن علي رضي الله عنه:"نهى النبي عليه السلام عن الدباء والمزفت".

(1)"صحيح البخاري"(5/ 2124 رقم 5272).

ص: 124

وأخرجه مسلم (1) ثنا سعيد بن عمرو الأشعثي، قال: أنا عبثر (ح) وحدثني زهير بن حرب، قال: ثنا جرير. (ح)

وحدثني بشر بن خالد، قال: أنا محمد -يعني ابن جعفر- عن شعبة، كلهم عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن علي رضي الله عنه قال:"نهى رسول الله عليه السلام أن ينتبذ في الدباء والمزفت" هذا حديث جرير.

وفي حديث عبثر وشعبة: "أن النبي عليه السلام نهى عن الدباء والمزفت".

وأخرجه النسائي (2): عن محمد بن بشار، عن يحيى القطان، عن سفيان الثوري، عن الأعمش. . . . إلى آخره نحو رواية الطحاوي.

قوله: "نهى عن الدباء" أي عن الانتباذ في الدباء، ونهى عن الانتباذ في المزفت. والنهي واقع على ما يعمل فيها، لا عن نفس الدباء والمزفت فافهم.

ص: حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: ثنا هشام الدستوائي، قال: ثنا أيوب، عن سعيد بن جُبير قال:"سئل ابن عمر عن نبيذ الجر فقال: حرمه النبي عليه السلام، فأتيتُ ابن عباس فذكرت ذلك له، فقال: صدق. قلت: أي جرّ؟ قال: كل شيء من المدر".

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخَصيب بن ناصح، قال: ثنا وهيب، عن أيوب، عن رجل، عن سعيد بن جبير، مثله.

ش: هذان طريقان:

الأول: إسناده صحيح. عن علي بن معبد بن نوح، عن مسلم بن إبراهيم القصاب شيخ البخاري وأبي داود، عن هشام الدستوائي، عن أيوب السختياني. . . . إلى آخره.

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1578 رقم 1994).

(2)

"المجتبى"(8/ 305 رقم 5627).

ص: 125

وأخرجه النسائي (1): أنا أحمد بن عبد الله بن علي بن سويد بن منجوف، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن هشام بن أبي عبد الله، عن أيوب، عن سعيد بن جبير قال:"سألنا ابن عمر عن نبيذ الجر، فقال: حرمه رسول الله عليه السلام، فأتيت ابن عباس فقلت: سمعت اليوم شيئًا عجبت منه. قال: ما هو؟ قلت: سألت ابن عمر عن نبيذ الجر، فقال: حرمه رسول الله عليه السلام. فقال: صدق ابن عمر. قلت: ما الجر؟ قال: كل شيء من مدر".

الثاني: فيه مجهول. عن نصر بن مرزوق، عن الخَصِيب -بفتح الخاء المعجمة وكسر الصاد المهملة- بن ناصح الحارثي، عن وهيب بن خالد، عن أيوب السختياني، عن رجل، عن سعيد بن جبير. . . . إلى آخره نحوه.

ص: حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا سفيان، عن علي بن بذيمة قال: حدثني قيس بن حبتر قال: "سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن الجر الأبيض والأحمر، فقال: إن أول مَن سأل النبي عليه السلام وفد عبد القيس، فقالوا: إنا نصيب من البقل، فقال: لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير ولا في الجر".

ش: هذا أخرجه الطحاوي في الباب السابق، عن أبي بكرة، عن أبي أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري، عن سفيان الثوري، عن علي بن بذيمة الجزري، عن قيس بن حبتر النهشلي الكوفي، عن ابن عباس.

وأخرجه أبو داود (2): عن ابن بشار، عن أبي أحمد. . . . إلى آخره نحوه. وقد ذكرناه هناك.

ص: حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، عن يحيى البهراني، قال: سمعت ابن عباس يقول: "نهى رسول الله عليه السلام عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت".

(1)"المجتبى"(8/ 303 رقم 5619).

(2)

"سنن أبي داود"(3/ 331 رقم 3696).

ص: 126

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا شعبة وحماد بن سلمة، عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس يقول: "نهى رسول الله عليه السلام وفد عبد القيس عن الدباء والحنتم والنقير -في حديث شعبة، وربما قال: المقير والمزفت في حديثيهما جميعًا، وفي حديث شعبة-: فاحفظوهن عني، وأخبروا بهن مَن وراءكم".

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن زيد وأبو هلال، عن أبي جمرة، عن ابن عباس قال:"نهى رسول الله عليه السلام وفد عبد قيس عن الحنتم والنقير والمزفت -وفي حديث حماد-: والدباء"

ش: هذه ثلاث طرق صحاح:

الأول: عن إبراهيم بن مرزوق. . . . إلى آخره.

و"البهراني" بالباء الموحدة قبل الهاء.

وأخرجه مسلم (1): ثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن يحيى بن عمر، عن ابن عباس قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن الدباء والنقير والمزفت".

قوله: "نهى عن الدباء" أي اتخاذ النبيذ في الدباء، ولابد من التقدير؛ لأن النهي ليس عن عين الدباء، ولا عن عين النقير والمزفت.

الثاني: عن ربيع بن سليمان. . . . إلى آخره.

وأبو جمرة -بالجيم- اسمه نصر بن عمران بن عاصم الضبعي البصري. روي له الجماعة.

وأخرجه مسلم (2): ثنا يحيى بن يحيى، قال: أنا عباد بن عباد، عن أبي جمرة، عن ابن عباس. (ح)

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1580 رقم 17).

(2)

"صحيح مسلم"(3/ 1579 رقم 17).

ص: 127

وثنا خلف بن هشام، قال: ثنا حماد بن زيد، عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس يقول: "قدم وفد عبد القيس على رسول الله عليه السلام، فقال النبي عليه السلام أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمُقير". وفي حديث حماد جعل مكان "المقير""المزفت".

قوله: "المقير" هو المطلي بالقير، وهو المزفت، ويقال: إنما نهى عن الانتباذ في الحنتم لأنها تسرع الشدة فيها لأجل دهنها. وقيل: لأنها كانت تعمل من طين يعجن بالدم والشعر، فنهي عنها ليمتنع من عملها، والأول الوجه.

الثالث: عن ربيع بن سليمان أيضًا. . . . إلى آخره.

وأبو هلال هو الراسبي، واسمه محمد بن سُليم.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(1).

ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا أبي، عن يعلى بن حكيم، عن سعيد بن جبير قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: "حرَّم رسول الله عليه السلام نبيذ الجر. فأتيت ابن عباس فقلت: ألا تسمع ما يقول ابن عمر؟ قال: وما يقول؟ قلت: يقول: حرَّم رسول الله عليه السلام نبيذ الجر، فقال: صدق ابن عمر؛ حرَّم رسول الله عليه السلام نبيذ الجر".

ش: إسناده صحيح. عن إبراهيم بن مرزوق، عن وهب بن جرير، عن أبيه جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم الثقفي المكي. . . . إلى آخره.

وأخرجه أبو داود (2)، ثنا موسى بن إسماعيل ومسلم بن إبراهيم -المعنى- قالا: ثنا جرير، عن يعلى بن حكيم، عن سعيد بن جبير قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: "حرَّم رسول الله عليه السلام نبيذ الجر، فخرجت فزعًا من قوله: حرَّم رسول الله عليه السلام نبيذ الجر، فدخلت على ابن عباس، فقلت: أما

(1)"مسند أحمد"(1/ 228 رقم 2020).

(2)

"سنن أبي داود"(3/ 330 رقم 3691).

ص: 128

تسمع ما يقول ابن عمر؟! قال: وما ذاك؟ قال: حرَّم رسول الله عليه السلام نبيذ الجر! قال: صدق، حرَّم رسول الله عليه السلام نبيذ الجر".

وأخرجه مسلم (1) أيضًا: عن شيبان بن فروخ، عن جرير، عن يعلى بن حكيم. . . . إلى آخره نحوه. وفي آخره:"قلت: وما الجر؟ قال: كل شيء يصنع من مدر".

قلت: "الجر" بفتح الجيم وبتشديد الراء: جمع جرة.

ص: حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت أبا الحكم قال: "سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن النبيذ، فقال: نهى رسول الله عليه السلام عن نبيذ الجر والدباء. قال: وسألت ابن الزبير رضي الله عنهما، فقال مثل ذلك. قال: وسألت ابن عمر رضي الله عنهما فقال: نهى رسول الله عليه السلام عن نبيذ الجر والدباء والمزفت. قال: فأخبرني أخي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي عليه السلام مثل ذلك".

ش: إسناده صحيح.

وأبو عامر العقدي اسمه عبد الملك بن عمرو روى له الجماعة، وأبو الحكم اسمه عمران بن الحارث السلمي الكوفي، روى له مسلم والنسائي.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(2): ثنا يحيى، عن شعبة، حدثني سلمة بن كهيل، سمعت أبا الحكم:"سألت ابن عباس عن نبيذ الجر، فقال: نهى رسول الله عليه السلام عن نبيذ الجر والدباء، وقال مرة: مَن سره أن يُحرم ما حرَّم الله ورسوله فليحرم النبيذ. قال: وسألت ابن الزبير، فقال: نهى رسول الله عليه السلام عن الدباء والجر. قال: وسألت ابن عمر، فحدث عن عمر أن النبي عليه السلام نهى عن الدباء والمزفت. قال: وحدثني أخي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله عليه السلام نهى عن الجر والدباء والمزفت والبُسر والتمر".

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1581 رقم 1997).

(2)

"مسند أحمد"(1/ 27 رقم 185).

ص: 129

وحديث أحمد هذا مشتمل على رواية خمسة من الصحابة وهم: ابن عباس، وابن الزبير، وابن عمر، وأبوه عمر بن الخطاب، وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم.

وقد أخرجوا أحاديثهم أيضًا كل واحد بمفرده، على ما يجيء عن قريب إن شاء الله تعالى.

قوله: "قال: فأخبرني أخي" أي قال أبو الحكم: وأخبرني أخي.

وأخوه هو مالك بن الحارث السلمي الكوفي، وثقه يحيى وغيره، وروى له مسلم وأبو داود والنسائي.

ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عطاء بن يسار، عن ميمونة.

وعن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها عن النبي عليه السلام أنه قال:"لا ينبذ في الدباء والمزفت والنقير والجرار".

ش: هذا عن ميمونة وعن عائشة زوجي النبي عليه السلام. ورجاله ثقات، غير أن عبد الله بن محمد بن عقيل منكر الحديث. قاله ابن سعد، وعن يحيى: ليس حديثه بحجة. وقال النسائي: ضعيف.

وهذا الإسناد بعينه قد مر في باب "ما يحرم من النبيذ" ولكن متن الحديث هناك: "كل شراب أسكر فهو حرام"، والكل حديث واحد وإنما قطعه لأجل التبويب.

وأخرجه أحمد (1): بتمامه في موضع واحد: ثنا أحمد بن عبد الملك، ثنا عبيد الله ابن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن سليمان بن يسار، عن ميمونة زوج النبي عليه السلام قالت:"نهى رسول الله عليه السلام عن الدباء والنقير والجر والمقير. وقال: كل مسكر حرام".

(1)"مسند أحمد"(6/ 333 رقم 26867).

ص: 130

وثنا (1) أحمد بن عبد الملك، ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن القاسم، عن عائشة، عن النبي عليه السلام مثله.

ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد، عن شعبة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود قال:"سألت عائشة رضي الله عنها عما حرَّم رسول الله عليه السلام من الأوعية التي ينبذ فيها، فقالت: المزفت".

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح بن عبادة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود قال:"سألت عائشة عن الأوعية التي نهى عنها رسول الله عليه السلام، فقالت: القرع والمزفت، وهي جرار خمر كان يجاء بها من مصر مزفتة".

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن منصور قال: سمعت إبراهيم يحدث، عن الأسود قال:"سألت عائشة رضي الله عنها عما حرم رسول الله عليه السلام من الأوعية التي ينبذ فيها، فقالت: المزفت".

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد، عن شعبة قال: سمعت منصورًا. . . . فذكر بإسناده مثله.

"قال: قلت: فالجرار؟ قالت: ما أنا بزائدتك على ما قد سمعت".

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شيبان أبو معاوية، عن الأشعث بن أبي الشعثاء، قال: حدثني عبد الله بن معقل المحاربي، قال: سمعت عائشة تقول: "نهى رسول الله عليه السلام أن ينتبذ في الدباء والحنتم والمزفت".

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو عمر الحوضي، قال: ثنا همام، قال: حدثني قتادة، قال: حدثني أربعة رجال، عن أبي سعيد الخدري.

وحدثني خمس نسوة عن عائشة: "أن النبي عليه السلام نهى عن نبيذ الجر".

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: ثنا عبيد الله بن

(1)"مسند أحمد"(6/ 333 رقم 26868).

ص: 131

عمران -أو عمران بن عبيد الله- قال: سمعت عبيد الله بن شماس يقول: "سألت عائشة رضي الله عنها فقالت: نهى رسول الله عليه السلام عن الحنتمة -وهي الجرة- وعن الدباء والمزفت والنقير".

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا سليمان بن معاذ، قال: ثنا الأشعث، قال: سمعت حبة العرني يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: "نهى رسول الله عليه السلام عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت".

ش: هذه ثمان طرق أخرى عن عائشة، واحد منها عن أبي سعيد الخدري أيضًا.

الأول: إسناده صحيح. عن إبراهيم بن مرزوق، عن عبد الصمد بن عبد الوارث التميمي العنبري، عن شعبة، عن حماد بن أبي سليمان -شيخ أبي حنيفة- عن إبراهيم النخعي، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة.

وأخرجه مسلم (1): عن محمد بن حاتم، عن يحيى -وهو القطان- عن سفيان وشعبة، كلاهما عن منصور وسليمان وحماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، عن النبي عليه السلام مثله.

الثاني: أيضًا صحيح.

وأخرجه النسائي (2): عن ابن مثنى، عن يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن منصور وحماد، عن إبراهيم، عن الأسود.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(3): عن محمد بن فضيل، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن عائشة قالت:"نهى رسول الله عليه السلام عن الدباء والحنتم والمزفت، قالت: الحنتم جرار يجاء بها من مصر يحمل فيها الخمر".

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1579 رقم 1995).

(2)

"المجتبى"(8/ 305 رقم 5626).

(3)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 71 رقم 23790).

ص: 132

الثالث: أيضًا صحيح. عن أبي بكرة بكار القاضي، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي. . . . إلى آخره.

وأخرجه النسائي (1): عن محمود بن غيلان، عن أبي داود الطيالسي. . . . إلى آخره نحوه.

الرابع: أيضًا صحيح. عن إبراهيم بن مرزوق، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن شعبة، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة.

وأخرجه مسلم (2): ثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن جرير -قال زهير: ثنا جرير- عن منصور، عن إبراهيم قال: "قلت للأسود: هل سألت أم المؤمنين عما يكره أن ينتبذ فيه؟ قال: نعم، قلت: يا أم المؤمنين، أخبريني عما نهى عنه رسول الله عليه السلام أن ينتبذ فيه؟ قالت: نهانا أهلَ البيتِ أن ننتبذ في الدباء والمزفت.

قال: قلت له: أما ذكرت الحنتم والجر؟ قال: إنما أحدثك بما سمعت أأحدثك ما لم أسمع؟! ".

الخامس: عن ربيع بن سليمان المؤذن، عن أبي معاوية شيبان بن عبد الرحمن النحوي البصري، عن الأشعث بن أبي الشعثاء، عن عبد الله بن معقل المحاربي.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(3): ثنا هاشم، ثنا شيبان، عن الأشعث، قال: حدثني عبد الله بن معقل المحاربي قال: سمعت عائشة تقول. . . . إلى آخره نحوه.

(1)"السنن الكبرى"(4/ 187 رقم 6829).

(2)

"صحيح مسلم"(3/ 1578 رقم 1995).

(3)

"مسند أحمد"(6/ 80 رقم 24551).

ص: 133

السادس: إسناده فيه مجاهيل. عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أبي عمر حفص بن عمر الحوضي شيخ البخاري وأبي داود، عن همام بن يحيى العوذي، عن قتادة. . . . إلى آخره.

السابع: لا بأس به. عن إبراهيم بن مرزوق، عن روح بن عبادة، عن شعبة، عن عبيد الله بن عمران التميمي القريعي -ويقال له: عمران بن عبيد الله أيضًا- وثقه ابن حبان، عن عبيد الله بن شماس، ذكره ابن أبي حاتم وقال: يروي عن أبيه وعبيد الله بن عمران القريعي، ولم يتعرض إليه بشيء.

الثامن: أيضًا صحيح. عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي، عن سليمان بن قرة بن معاذ الضبي النحوي، عن أشعث بن أبي الشعثاء سليم المحاربي، عن حبَّة -بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة- بن جوين العرني البجلي. قيل: إنه رأى النبي عليه السلام، ونسبته إلى أحد أجداده عرينة.

وأخرجه الطيالسي في "مسنده"(1).

ص: حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت قال:"قلت لابن عمر رضي الله عنهما: أنهى رسول الله عليه السلام عن نبيذ الجر؟ قال: قد زعموا ذاك".

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا هُدْبة بن خالد، قال: أنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت قال:"قلت لابن عمر: أنهى رسول الله عليه السلام عن نبيذ الجر؟ قال: قد زعموا ذاك".

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن نافع، عن ابن عمر:"أن رسول الله عليه السلام خطب في بعض مغازيه فانصرف قبل أن أبلغه، فسألت: ماذا قال؟ قالوا: نهى أن يُنتبذ في الدباء والمزفت".

(1)"مسند الطيالسي"(1/ 215 رقم 1531).

ص: 134

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو الوليد، قال: ثنا شعبة، عن سليمان التيمي، عن طاوس، عن ابن عمر قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن نبيذ الجر".

حدثنا ابن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر:"أن رسول الله عليه السلام نهى عن القرع والمزفت".

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا أبو حثمة، عن أبي الزبير، عن جابر وابن عمر رضي الله عنهم:"أن رسول الله عليه السلام نهى عن النقير والدباء والمزفت".

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة (ح).

وحدثنا ابن مرزوق أيضًا، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا شعبة، عن عقبة -وهو ابن حريث- عن ابن عمر قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن الجر والدباء والمزفت، وأمر أن يُنبذ في الأسقية".

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن الدباء والتسبيح والمزفت. قال: ولا أدري أذكر النقير أم لا".

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا شعبة، قال: حدثني عمرو بن مرة، عن زاذان، قال: قلت لابن عمر: "أخبرني ما نهى عنه رسول الله عليه السلام من الأوعية وفسره لنا بلغتنا. قال: نهى رسول الله عليه السلام عن الحنتم وهي التي تسمونها الجرة، ونهى عن الدباء وهي التي تسمونها القرعة، ونهى عن المزفت وهو المقير، ونهى عن النقير وهي النخلة تنسح نسحًا وتنقر نقرًا، وأمر أن ينتبذ في الأسقية".

ش: هذه عشر طرق صحاح.

الأول: عن علي بن شيبة. . . . إلى آخره.

ص: 135

وأخرجه مسلم (1): عن يحيى بن يحيى، عن حماد بن زيد، عن ثابت. . . . إلى آخره نحوه.

الثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن هدبة بن خالد شيخ البخاري ومسلم وأبي داود. . . . إلى آخره.

الثالث: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر.

وأخرجه مالك في "موطأه"(2).

ومسلم (3) عن يحيى بن يحيى، عن مالك.

الرابع: عن أبي بكرة بكار، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي شيخ البخاري. . . . إلى آخره.

وأخرجه الترمذي (4): ثنا أحمد بن منيع، قال: ثنا إسماعيل بن علية ويزيد ابن هارون، قالا: ثنا سليمان التيمي، عن طاوس:"أن رجلًا أتى ابن عمر فقال: نهى رسول الله عليه السلام عن نبيذ الجر؟ فقال: نعم، فقال طاوس: والله إني سمعته منه".

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

الخامس: عن محمد بن خزيمة، عن الحجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن نافع، عن عبد الله بن عمر.

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1581 رقم 1997).

(2)

"موطأ مالك"(2/ 843 رقم 1536).

(3)

"صحيح مسلم"(3/ 1580 رقم 1997).

(4)

"جامع الترمذي"(4/ 293 رقم 1867).

ص: 136

وأخرجه النسائي (1): أنا عبيد الله بن سعيد، نا يحيى، عن عبيد الله، أخبرني نافع، عن ابن عمر "أن رسول الله عليه السلام نهى عن المزفت والقرع".

السادس: عن علي بن شيبة، عن يحيى بن يحيى، عن أبي خيثمة زهير بن معاوية ابن خديج، عن أبي الزبير محمد بن مسلم المكي، عن جابر وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم.

وأخرجه النسائي (2) مقتصرًا على جابر: أخبرنا سوار بن عبد الله، نا خالد بن الحارث، نا عبد الملك، نا أبو الزبير، عن جابر:"أن رسول الله عليه السلام نهى عن الدباء والنقير والجر والمزفت".

السابع: عن إبراهيم بن مرزوق، عن وهب بن جرير، عن شعبة، عن عقبة بن حريث التغلبي الكوفي، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

وأخرجه مسلم (3): ثنا محمد بن مثنى وابن بشار، قالا: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عقبة بن حريث، قال: سمعت ابن عمر يقول: "نهى رسول الله عليه السلام عن الجر والدباء والمزفت، وقال: انتبذوا في الأسقية".

الثامن: عن إبراهيم بن مرزوق أيضًا، عن بشر بن عمر الزهراني، عن شعبة، عن عقبة بن حريث، عن ابن عمر.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(4): ثنا بهز ومحمد بن جعفر، قالا: ثنا شعبة. قال بهز: ثنا عقبة بن حريث: سمعت عبد الله بن عمر، قال: نهى رسول الله عليه السلام عن الجر والدباء والمزفت، فقال:"انتبذوا في الأسقية".

التاسع: عن إبراهيم بن مرزوق أيضًا، عن وهب بن جرير. . . . إلى آخره.

(1)"المجتبى"(8/ 305 رقم 5631).

(2)

"المجتبى"(8/ 310 رقم 5649).

(3)

"صحيح مسلم"(3/ 1580 رقم 1997).

(4)

"مسند أحمد"(2/ 44 رقم 5030).

ص: 137

وأخرجه مسلم (1): ثنا ابن مثنى، وابن بشار، قالا: ثنا شعبة، عن محارب ابن دثار، قال: سمعت ابن عمر يقول: "نهى رسول الله عليه السلام عن الحنتم والدباء، قال: سمعته غير مرة".

العاشر: عن إبراهيم بن مرزوق أيضًا، عن روح بن عبادة. . . . إلى آخره.

وأخرجه مسلم (1): ثنا عبيد الله بن معاذ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: حدثني زاذان، قال: قلت لابن عمر: حدثني ما نهى عنه النبي عليه السلام من الأشربة بلغتك، وفسره لي بلغتنا، فإن لكم لغة سوى لغتنا، فقال: نهى رسول الله عليه السلام عن الحنتم، وهي: الجر، وعن الدباء، وهي القرعة، وعن المزفت، وهو المقير، وعن النخلة تنسح نسحًا، وتنقر نقرًا، وأمر أن ينبذ في الأسقية.

قوله: "تنسح نسحًا" أي: ينحى قشرها، ومادته: نون وسين وحاء مهملتين. قال الجوهري: نسح التراب نسحًا، أذاره.

والمعنى هاهنا: أن النخلة يزال قشرها ويملس، ثم ينقر نقرًا، ووقع في كثير من نسخ مسلم بالجيم أيضًا من النسج، وهو تصحيف.

ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، عن حماد، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن الدباء والمزفت والنقير".

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: قال لي أبو الزبير: سمعت جابر بن عبد الله يقول: "نهى رسول الله عليه السلام عن الجر والمزفت والدباء والنقير".

ش: هذان طريقان صحيحان:

الأول: عن إبراهيم بن مرزوق، عن روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة، عن أبي الزبير محمد بن مسلم المكي.

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1580 رقم 1997).

ص: 138

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): عن عبدة بن سليمان، عن عبد الملك، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن الدباء والنقير والمزفت".

الثاني: عن علي بن معبد بن نوح المصري، عن الحجاج بن محمد المصيصي الأعور، عن عبد الملك بن جريج، عن أبي الزبير محمد بن مسلم.

وأخرجه النسائي (2): أنا سويد، أنا عبد الله، عن ابن جريج قراءة، قال: أنا أبو الزبير: سمعت جابرًا يقول: "نهى رسول الله عليه السلام عن الجر والمزفت والدباء والنقير".

ص: حدثنا علي، قال: ثنا الحجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو قزعة، أن أبا نضرة وحسنًا أخبراه، أن أبا سعيد الخدري أخبراهما:"أن وفد عبد القيس لما أتوا النبي عليه السلام قالوا: يا نبي الله، جعلنا الله فداك، ما يصلح لنا من الأشربة؟ قال: "لا تشربوا في النقير" قالوا: يا نبي الله، جعلنا الله فداك، لا ندري ما النقير؟ قال: نعن الجذع ينقر وسطه، ولا في الدباء ولا في الحنتمة".

ش: إسناده صحيح، وعلي بن معبد، والحجاج هو ابن محمد المصيصي، وابن جريج هو عبد الملك، وأبو قزعة هو سويد بن حجير البصري روى له الجماعة سوى البخاري، وأبو نضرة بالنون والضاد المعجمة اسمه: المنذر بن مالك العبدي روى له الجماعة البخاري مستشهدًا، والحسن هو البصري.

وأخرجه البزار في "مسنده"(3): ثنا محمد بن معمر: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو قزعة، ثنا أبو نضرة وحسن، عن أبي سعيد الخدري: "أن وفد عبد القيس قدموا على رسول الله عليه السلام، فقالوا: يا رسول الله ما يحل لنا

(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 70 رقم 23785).

(2)

"المجتبى"(8/ 309 رقم 5647).

(3)

وأخرجه أحمد في "مسنده"(3/ 57 رقم 11561)، والطبراني في "الكبير"(6/ 36 رقم 5439) كلاهما من طريق ابن جريج به.

ص: 139

من الشراب؟ قال: لا تشربوا في النقير، قالوا: وما النقير؟ قال: جذع النخلة ينقر فينتبذ فيه، ولا في الدباء ولا في الحنتم، وعليكم بالموكأة، عليكم بالموكأة".

ولا نعلم روى أبو قزعة عن أبي نضرة، عن أبي سعيد إلا هذا الحديث.

وأبو قزعة بصري ليس به بأس، روى عنه شعبة وحماد بن سلمة ومحمد بن جحادة. قال أبو بكر: وحسن -يعني الحسن البصري- روى الحسن عن أبي سعيد حديثين أو ثلاثة، ولم يسمع منه.

ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عياش الرقام، قال: ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن إسحاق، عن الزهري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:"سمعت النبي عليه السلام ينهى عن ما يُصنع في الظروف المزفتة وفي الدباء، وقال: كل مسكر حرام".

ش: إسناده صحيح. وعياش -بالياء آخر الحروف المشددة، وبالشين المعجمة- هو ابن الوليد الرقام القطان البصري شيخ البخاري وأبي داود.

وابن إسحاق هو محمد بن إسحاق المدني، والزهري هو محمد بن مسلم.

وأخرجه مسلم (1): عن عمرو، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس بن مالك:"أن رسول الله عليه السلام عن الدباء والمزفت أن يُنتبذ فيه".

ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت التيمي يحدث، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد:"أن رسول الله عليه السلام نهى عن نبيذ الجر".

حدثنا ابن خزيمة، قال: ثنا أبو زيد النحوي، عن سليمان التيمي. . . . فذكر بإسناده مثله.

ش: هذان طريقان صحيحان.

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1577 رقم 1992).

ص: 140

الأول: عن إبراهيم بن مرزوق، عن روح بن عبادة، عن شعبة، عن سليمان ابن طرخان التيمي، عن أبي نضرة المنذر بن مالك.

وأخرجه مسلم (1): عن يحيى بن يحيى، عن يزيد بن زريع، عن التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد:"أن رسول الله عليه السلام نهى عن الجرِّ أن ينتبذ فيه".

الثاني: عن محمد بن خزيمة، عن أبي زيد النحوي، واسمه سعيد بن أوس ابن بشير شيخ الكشي وأبي حاتم السجستاني، عن سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2): ثنا يزيد بن هارون، عن التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن نبيذ الجر الأخضر. قلت: فالأبيض؟ قال: لا أدري".

ص: حدثنا يونس، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني الليث، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك أنه أخبره:"أن رسول الله عليه السلام نهى عن الدباء والمزفت أن ينتبذ فيهما".

ش: إسناده صحيح، ورجاله كلهم رجال الصحيح.

ويونس هو ابن عبد الأعلى شيخ مسلم.

ويحيى بن عبد الله شيخ البخاري.

وأخرجه مسلم (3): عن قتيبة، عن ليث. . . . إلى آخره نحوه.

ص: حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا علي بن الجعد، قال: أنا شعبة، قال: أخبرني سليمان الشيباني، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: "نهى رسول الله عليه السلام عن نبيذ الجر الأخضر. قال: قلت: فالأبيض؟ قال: لا أدري".

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1580 رقم 1998).

(2)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 73 رقم 23808).

(3)

"صحيح مسلم"(3/ 1577 رقم 1992).

ص: 141

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب وسعيد بن عامر، قالا: ثنا شعبة، عن سليمان الشيباني، عن ابن أبي أوفى، عن رسول الله عليه السلام مثله.

ش: هذان طريقان صحيحان:

الأول: عن علي بن معبد .. إلى آخره.

وأخرجه البخاري (1): ثنا موسى بن إسماعيل، نا عبد الواحد، ثنا الشيباني، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: "نهى النبي عليه السلام عن الجر الأخضر. قلت: أشرب في الأبيض؟ قال: لا".

الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق. . . . إلى آخره.

وأخرجه النسائي (2): عن محمد بن منصور، عن سفيان، عن أبي إسحاق الشيباني، سمعت ابن أبي أوفى يقول:"نهى رسول الله عليه السلام عن نبيذ الجر الأخضر والأبيض".

ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا روح، قال: ثنا شعبة، عن أبي شمر الضبعي؛ قال: سمعت عائذ بن عمرو يقول: "نهى رسول الله عليه السلام عن الدباء والنقير والمزفت والحناتم".

ش: إسناده صحيح.

وروح هو ابن عبادة.

وأبو شمر الضبعي البصري وثقه ابن حبان، وروى له مسلم والنسائي وأحمد.

وعائذ بن عمرو المزني الصحابي البصري.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(3): ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي شمر الضبعي قال:"سمعت عائذ بن عمرو ينهى عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير، فقلت له: عن النبي عليه السلام؟ قال: نعم".

(1)"صحيح البخاري"(5/ 2125 رقم 5274).

(2)

"المجتبى"(8/ 304 رقم 5622).

(3)

"مسند أحمد"(5/ 64 رقم 20657).

ص: 142

ص: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أبي التياح، عن حفص الليثي، عن عمران بن حصين:"أن رسول الله عليه السلام نهى عن الحنتم".

ش: إسناده صحيح. وحجاج هو ابن المنهال، وحماد هو ابن سلمة.

وأبو التياح -بفتح التاء المثناة من فوق، وتشديد الياء آخر الحروف، وفي آخره حاء مهملة- واسمه يزيد بن حُميد الضبعي.

وحفص هو ابن عبد الله الليثي، وثقه ابن حبان.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): ثنا يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن أبي التياح، عن حفص الليثي، عن عمران بن الحصين:"أن النبي عليه السلام نهى عن الحنتم".

ص: حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا هشام بن حسان، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:"نهى رسول الله عليه السلام وفد عبد القيس عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت والمزادة المجبوبة وقال: انتبذ في سقائك واشربه حلوًا طيبًا. فقال له رجل: أتأذن لي في مثل هذه -وأشار بيده وفرج بينهما؟ فقال: إذًا تجعلها مثل هذه وأشار بيده أكثر من ذلك".

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا سريج بن النعمان الجوهري، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، أخبره أبو سلمة، سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله عليه السلام: "لا تنتبذوا في الدباء ولا في المزفت. ثم يقول أبو هريرة: اجتنبوا الحناتم والنقير".

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت الأوزاعي يقول: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة، قال: حدثني أبو هريرة، قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن نبيذ الجرار المزفتة والدباء".

(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 73 رقم 23805).

ص: 143

حدثنا فهد، قال: ثنا النفيلي، قال: ثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق، قال: أنبأني مجاهد، قال: سمعت أبا هريرة يقول: "نهانا رسول الله عليه السلام أن ننتبذ في الدباء والمزفت".

حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون، قال: ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال:"نهى النبي عليه السلام عن الجرار والدباء والظروف المزفتة".

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه:"أن رسول الله عليه السلام نهى أن ينتبذ في الدباء والمزفت".

حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شبابة بن سَوَّار، قال: ثنا شعبة، عن بكير بن عطاء الليثي، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي، عن النبي عليه السلام مثله.

ش: هذه ست طرق صحاح:

الأول: عن حسين بن نصر بن المعارك. . . . إلى آخره.

ومحمد هو ابن سيرين.

وأخرجه مسلم (1): ثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: أنا نوح بن قيس، قال: ثنا ابن عون، عن محمد، عن أبي هريرة:"أن النبي عليه السلام قال لوفد عبد القيس: أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير -والحنتم: المزادة المجبوبة- ولكن اشرب في سقائك وأوكه".

وأخرجه أبو داود (2): ثنا وهب بن بقية، عن نوح بن قيس، قال: ثنا عبد الله ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة:"أن رسول الله عليه السلام قال لوفد عبد القيس: أنهاكم عن النقير والمقير والحنتم والدباء والمزادة المجبوبة، ولكن اشرب في سقائك وأوكه".

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1578 رقم 1993).

(2)

"سنن أبي داود"(3/ 331 رقم 3693).

ص: 144

قوله: "والمزادة المجبوبة" بالجيم من الجَبِّ وهو القطع، وأراد بها المزادة التي قطع رأسها وليس لها عزلاء من أسفلها يتنفس منها الشراب.

فإن قلت: ما وجه رواية مسلم: "والحنتمُ المزادة المجبوبة"؟

قلت: قال صاحب "المشارق": و"الحنتمُ": المزادة المجبوبة، كذا لكافتهم برفع الميم من الحنتم على الابتداء و"المزادةُ" خبرُه. وعند الهروي:"والمزادة المجبوبة" بالواو، وفي النسائي وأبي داود:"وعن المزادة المجبوبة" وهو الصواب، لأن الحنتم لا يفسر بالمزادة المجبوبة، وإنما المزادة المجبوبة التي جُبَّ رأسها أي قطع فصارت كالزق، فإذا انتبذ فيها لم يُعلم غليانه.

الثاني: عن علي بن معبد بن نوح البصري عن سريج -بضم السين المهملة، وفي آخره جيم- بن النعمان الجوهري، عن سفيان الثوري (1)، عن محمد بن مسلم الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة.

وأخرجه النسائي (2): عن محمد بن منصور، عن سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة. . . . إلى آخره نحوه. وفي الأطراف لابن عساكر ورواه ليث عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه.

الثالث: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن عمرو بن أبي سلمة التنيسي الدمشقي، شيخ الشافعي، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير الطائي اليمامي، عن أبي سلمة عبد الله، عن أبي هريرة.

وأخرجه ابن ماجه (3): ثنا إسحاق بن موسى الخطمي، ثنا الوليد بن مسلم،

(1) كذا في "الأصل، ك" وهو وهم من المؤلف رحمه الله، فإن سريج بن النعمان لم يذكروا في شيوخه الثوري وإنما يروي عن ابن عيينة، وكذا الزهري لم يذكروا في تلاميذه الثورى وإنما ذكروا ابن عيينة، فالراجح أنه ابن عيينة، والله أعلم.

(2)

"المجتبى"(8/ 305 رقم 5630).

(3)

"سنن ابن ماجه"(2/ 1128 رقم 3408).

ص: 145

ثنا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال:"نهى رسول الله عليه السلام أن ينتبذ في الجرار".

الرابع: عن فهد بن سليمان، عن عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل النفيلي الحراني، شيخ البخاري وأبي داود، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، عن مجاهد المكي، عن أبي هريرة.

وأخرجه البزار في "مسنده": ثنا محمد بن معمر، ثنا روح بن عبادة، ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال:"نُهي عن الدباء والحنتم والمزفت".

الخامس: عن محمد بن عبد الله بن ميمون الإسكندراني، شيخ أبي داود والنسائي، عن الوليد بن مسلم الدمشقي، عن عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عبد الله، عن أبي هريرة.

وأخرجه البزار أيضًا: عن محمد بن مسكين، عن محمد بن يوسف، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة:"أن النبي عليه السلام نهى عن الدباء والمزفت".

السادس: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن مالك .. إلى آخره.

وأخرجه مالك في "موطإه"(1).

ص: حدثنا علي بن معبد، قال: ثنا شبابة بن سَوَّار، قال: ثنا شعبة، عن بكير بن عطاء الليثي، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

ش: إسناده صحيح.

وعبد الرحمن بن يعمر له صحبة، عداده في أهل الكوفة.

(1)"موطأ مالك"(2/ 843 رقم 1537).

ص: 146

ويعمر -بفتح الياء آخر الحروف، وسكون العين المهملة، وضم الميم، وفي آخره راء.

والديلي -بكسر الدال- نسبة إلى ديل بن عمرو.

والحديث أخرجه الترمذي في "العلل"(1) عن عبد الله بن أبي زياد وغير واحد، عن شبابة، عن شعبة، عن بُكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر، به نحوه. وقال: غريب من قبل إسناده؛ لا نعلم أحدًا حدث به عن شعبة غير شبابة.

وأخرجه النسائي (2): عن محمد بن أبان البلخي، عن شبابة، به.

وابن ماجه (3): عن أبي بكر بن أبي شيبة وعباس العنبري، عن شبابة، به.

ص: حدثنا علي، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن وِقاء بن إياس، عن علي بن ربيعة، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن الدباء والحنتم والمزفت".

ش: علي هو ابن معبد بن نوح المصري.

ووِقاء -بكسر الواو، وبالقاف- ابن إياس الأسدي الوالبي الكوفي أبو يزيد. قال أبو حاتم: صالح. وذكره ابن حبان في الثقات، روى له أبو داود في "القدر"، والنسائي.

وعلي بن ربيعة الوالبي، روى له الجماعة.

والحديث أخرجه أحمد في "مسنده"(4): ثنا الحسن بن يحيى -من أهل مرو- وعلي ابن إسحاق، قالا: أنا ابن المبارك، عن وِقاء بن إياس، عن علي بن ربيعة -قال علي

(1)"علل الترمذي"(1/ 759).

(2)

"المجتبى"(8/ 305 رقم 5628).

(3)

"سنن ابن ماجه"(2/ 1127 رقم 3404).

(4)

"مسند أحمد"(5/ 17 رقم 20198).

ص: 147

ابن إسحاق: أنا وقاء بن إياس، حدثني علي بن ربيعة- عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال:"قام النبي عليه السلام فخطب، فنهى عن الدباء والمزفت".

ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو، عن عبد الله بن الديلمي، عن أبيه قال:"أتينا النبي صلى الله عليه وسلم حين نزل تحريم الخمر، فقلنا: يا رسول الله، إنا بأرض فيها أعناب وكرم، وقد أنزل الله تحريم الخمر، فماذا نصنع بها؟ فقال: تتخذونه زبيبًا. قلنا: يا رسول الله، نصنع بالزبيب ماذا؟ قال: تصنعونه على غدائكم، وتشربونه على عشائكم، وتصنعونه على عشائكم وتشربونه على غدائكم. قالوا: يا رسول الله، ألا نؤخره حتى يشتد؟ قال: لا تجعلوه في القلال والدباء".

ش: إسناده صحيح ورجاله ثقات.

وإسماعيل بن عياش -بالياء آخر الحروف المشددة، وبالشين المعجمة- قال دحيم: هو غاية في الشاميين.

ويحيى بن أبي عمرو السيباني -بالسين المهملة- الشامي الحمصي، وثقه أحمد وغيره، وروى له الأربعة.

وعبد الله بن الديلمي هو عبد الله بن فيروز الديلمي، وثقه العجلي وغيره، وروى له الأربعة.

وأبوه فيروز الديلمي -ويقال: ابن الديلمي- اليماني، له صحبة، وهو قاتل الأسود العنسي الكذاب.

والحديث أخرجه النسائي (1): أخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير، ثنا بقية، حدثني الأوزاعي، عن يحيى بن أبي عمرو، عن عبد الله بن الديلمي، عن أبيه فيروز قال: "قدمت على رسول الله عليه السلام، فقلت: يا رسول الله، إنا أصحاب كرم، وقد أنزل الله عز وجل تحريم الخمر، فماذا نصنع؟ قال: تتخذونه زبيبًا. قلت: فنصنع

(1)"المجتبى"(8/ 332 رقم 5735).

ص: 148

بالزبيب ماذا؟ قال: تنقعونه على غدائكم وتشربونه على عشائكم، وتنقعونه على عشائكم وتشربونه على غدائكم. قلت: أفلا نؤخره حتى يشتد؟ قال: لا تجعلوه في القلل، واجعلوه في الشنان؛ فإنه إن تأخر صار خلًّا".

فهذا كما رأيت قد أخرج الطحاوي أحاديث هذا الباب عن ستة عشر نفرًا من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وأبو سعيد الخدري، وميمونة، وعائشة، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك وعبد الله بن أبي أوفى، وعائذ بن عمرو، وعمران بن حصين، وأبو هريرة، وعبد الرحمن بن يعمر الديلي، وسمرة بن جندب، وفيروز الديلمي رضي الله عنهم.

ولما أخرج الترمذي حديث ابن عمر قال: وفي الباب عن ابن أبي أوفى وأبي سعيد وسويد وعائشة وابن الزبير وابن عباس وعمر وعلي وأبي هريرة وعبد الرحمن بن يعمر وسمرة وأنس وعمران بن حصين وعائذ بن عمرو والحكم الغفاري وميمونة.

فالطحاوي قد أخرج لهم كلهم ما خلا سويدًا وعمر والحكم الغفاري.

قلت: وفي الباب عن عبد الله بن المغفل، وزينب ربيبة النبي عليه السلام، وعمير ابن جودان العبدي، وأبي أيوب الأنصاري ورجل من ثقيف، وعبد الله بن جابر العبدي، وأبي قتادة، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم.

أما حديث سويد بن المقرن فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): ثنا غندر، عن شعبة، عن أبي حمزة -جار لهم- قال: سمعت هلالًا -رجلًا من بني مازن- يحدث، عن سويد بن مقرن قال:"أتيت رسول الله عليه السلام بنبيذ في جرة فسألته، فنهاني عنه، فأخذت الجرة فكسرتها".

وأما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخرجه أبو يعلى في "مسنده"(2): ثنا

(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 73 رقم 23807).

(2)

قال الهيثمي في "المجمع": رواه أبو يعلى في "الكبير" ورجاله ثقات.

ص: 149

أبو سعيد، نا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: حدثني سلمة بن كهيل، قال: سمعت أبا الحكم قال: "سئل ابن عمر عن نبيذ الجر، فقال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحدث، أن رسول الله عليه السلام نهى عن الدباء والجر والمزفت".

وأما حديث الحكم الغفاري فأخرجه الطبراني (1): نا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا يحيى الحماني. (ح).

وحدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا عاصم بن علي، قالا: نا قيس بن الربيع، عن عاصم بن سليمان، عن سوادة بن عاصم، عن الحكم الغفاري -وكان من أصحاب النبي عليه السلام قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير".

وأما حديث عبد الله بن مغفل فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2): ثنا يونس بن محمد، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، عن عاصم الأحول، عن فضيل بن زيد قال:"كنا عند عبد الله بن مغفل فتذاكرنا الشراب، فقال: الخمر حرام. فقلت: الخمر حرام في كتاب الله، قال: فأي شيء تريد؟ تريد ما سمعت من رسول الله عليه السلام؟ سمعت رسول الله عليه السلام ينهى عن الدباء والحنتم والمزفت".

وأما حديث زينب ربيبة النبي عليه السلام فأخرجه ابن أبي شيبة (3) أيضًا: نا أحمد ابن إسحاق، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: نا كليب بن وائل، قال: حدثتني ربيبة النبي عليه السلام أحسبها زينب قالت: "نهى النبي عليه السلام عن الدباء والحنتم، وأرى فيه النقير".

وأما حديث عمير بن جودان فأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4): ثنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن أشعث بن عمير، عن أبيه قال: "أتى النبي عليه السلام

(1)"المعجم الكبير"(3/ 209 رقم 3152).

(2)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 72 رقم 23795).

(3)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 72 رقم 23796).

(4)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 72 رقم 23791).

ص: 150

وفد عبد القيس، فلما أرادوا الانصراف قالوا: قد حفظتم عن النبي عليه السلام كل شيء سمعتموه، فاسألوه عن النبيذ، فأتوه فقالوا: يا رسول الله، إنا بأرض وخمة لا يصلحنا فيها إلا الشراب؟ قال: فقال: وما شرابكم؟ قالوا: النبيذ. قال: في أي شيء تشربونه؟ قالوا: في النقير. قال: فلا تشربوه في النقير. . . ." الحديث.

وأما حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه فأخرجه الطبراني (1): ثنا أحمد بن رشدين المصري، ثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكيرًا حدثه، أن أبا إسحاق مولى بني هاشم حدثه:"أنهم ذكروا يومًا ما ينتبذ فيه، فتنازعوا في القرع، فمر بهم أبو أيوب الأنصاري، فأرسلوا إليه إنسانًا، فقال أبو أيوب: سمعت النبي عليه السلام يَنهى عن كل مزفت ينُبذ فيه، لم يزد عليه".

وأما حديث رجل من ثقيف فأخرجه أحمد في "مسنده"(2): ثنا علي بن عاصم، أنا المغيرة، عن شباك، عن عامر، قال: أخبرني فلان الثقفي قال: "سألنا رسول الله عليه السلام عن ثلاث. . . ." الحديث وفيه: "وسألناه أن يرخص لنا في الدباء، فلم يرخص لنا فيه".

وأما حديث عبد الله بن جابر العبدي فأخرجه أحمد في "مسنده"(3): من حديث الحارث بن مرة، عن نفيس -رجل من أهل البصرة- عن عبد الله بن جابر العبدي قال:"كنت في الوفد الذين أتوا رسول الله عليه السلام مع أبي، فنهاهم عن الشرب في الأوعية: الدباء والحنتم والنقير والمزفت".

وأما حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي فأخرجه. . . . (4).

وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فأخرجه أحمد في "مسنده"(5):

(1)"المعجم الكبير"(4/ 158 رقم 4000).

(2)

"مسند أحمد"(4/ 310).

(3)

"مسند أحمد"(5/ 446 رقم 23805).

(4)

بيض له المؤلف رحمه الله.

(5)

"مسند أحمد"(2/ 211 رقم 6979).

ص: 151

ثنا أسود بن عامر، ثنا شريك، عن زياد بن فياض، عن أبي عياض، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا من الأوعية: الدباء والمزفت والحنتم. . . ." الحديث.

ص: قال أبو جعفر رحمه الله: ذهب قوم إلى أن الانتباذ في الدباء والحنتم والنقير حرام. واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: عمر بن عبد العزيز، وسعيد بن جبير، والحسن البصري، وجابر بن زيد، ومالك بن أنس، وأحمد وإسحاق؛ فإنهم كرهوا الانتباذ في القرع والجرة والنقير، وفي كل وعاء مطلي بزفت، وذهبوا في ذلك إلى الأحاديث المذكورة ورأوها غير منسوخة، وروي ذلك أيضًا عن عبد الله بن عمر.

قال أبو عمر: كان عبد الله بن عمر يرى أن النهي عن الانتباذ في الظروف نحو الدباء والمزفت غير منسوخ، وكان مالك يذهب إلى هذا، وتابعه طائفة من أهل العلم، وذكر ابن القاسم عن مالك أنه كره الانتباذ في الدباء والمزفت، ولا يكره غير ذلك. وكره الثوري الانتباذ في الدباء والحنتم والنقير والمزفت.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون فأباحوا الانتباذ في الأوعية كلها.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: إبراهيم النخعي، ومحمد بن الحنفية، ومسروقًا، والأسود، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وشريحًا، وأبا حنيفة، والشافعي، وأبا يوسف، ومحمدًا، فإنهم قالوا: الانتباذ في سائر الأوعية مباح وفي "المصنف"(1) أن معاذًا، وزيد بن أرقم، وأبا مسعود البدري، وابن مسعود وأبا برزة، وعلي بن أبي طالب، ومعقل بن يسار، وقيس بن عباد، وأنس بن مالك، وأسامة بن زيد، وأبا وائل، وابن عباس، وعمران بن الحصين، وأبا رافع، وسعدًا، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وابن الحنفية، ومسروقًا،

(1)"المصنف" لابن أبي شيبة (5/ 78 - 85 رقم 23865 - 23939).

ص: 152

والشعبي، وهلال بن يساف، والأسود، والضحاك، وأبا عبيدة بن عبد الله، كانوا يشربون نبيذ الجر.

وفي "المحلى"(1): والانتباذ في الحنتم والنقير والمزفت والمقير، والدباء، والجرار البيض والسود والحمر والخضر، والصفر، والموشاة، وغير المدهونة، والأسقية، وكل ظرف حلال، والشرب في كل ذلك حلال إلا إناء ذهب وفضة، أو إناء لأهل كتاب، أو جلد ميتة غير مدبوغ، أو إناء مأخوذ بغير حق.

ص: وكان من الحجة لهم في ذلك أن هذه الآثار التي رويناها منسوخة كلها، فمما روي في نسخها:

ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو معمر عبدة بن عمرو بن أبي الحجاج، قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا علي بن زيد، قال: حدثني النابغة بن مخارق بن سليم، قال: حدثني أبي، أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه السلام: "إني كنت نهيتكم عن الأوعية، فاشربوا فيها ما بدا لكم، وإياكم وكل مسكر".

حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن ربيعة بن نابغة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، عن النبي عليه السلام مثله.

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد. . . . فذكر بإسناده مثله.

ش: أي: وكان من الدليل والبرهان لأهل المقالة الثانية فيما ذهبوا إليه: أن الأحاديث التي احتجت بها أهل المقالة الأولى كلها منسوخة، فلا يصح الاحتجاج بها، والدليل على ذلك أن أحاديث أخرى وردت تدل على صريح النسخ، فمن ذلك ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

(1)"المحلى"(7/ 514 - 515).

ص: 153

أخرجه من ثلاث طرق:

الأول: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أبي معمر عبد الله بن عمرو ابن أبي الحجاج ميسرة المنقري شيخ البخاري وأبي داود، عن عبد الوارث بن سعيد، عن علي بن زيد بن جدعان البصري المكفوف، عن النابغة بن مخارق بن سليم الشيباني عن أبيه مخارق بن سليم الشيباني، قيل: له صحبة، وذكره ابن حبان في "الثقات" التابعين، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): ثنا يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن ربيعة بن النابغة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، عن النبي عليه السلام قال:"كنت نهيتكم عن هذه الأوعية، فاشربوا فيها واجتنبوا كل مسكر".

الثاني: عن ربيع بن سليمان المؤذن، عن أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن ربيعة بن النابغة، عن أبيه النابغة بن مخارق، عن علي رضي الله عنه.

وأخرجه ابن أبي عاصم في كتاب "الأشربة": من حديث علي بن زيد، عن ربيعة بن النابغة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، عن النبي عليه السلام قال:"نهيتكم عن الأوعية، فاشربوا فيها واجتنبوا كل مسكر".

الثالث: عن محمد بن خزيمة، عن الحجاج بن منهال شيخ البخاري، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن ربيعة بن النابغة، عن أبيه، عن علي.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(2): ثنا يزيد، أنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن ربيعة بن النابغة، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور وعن الأوعية، وأن تحبس لحوم الأضاحي بعد ثلاث، ثم قال: إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة، ونهيتكم عن الأوعية

(1)"مصنف بن أبي شيبة"(5/ 69 رقم 23770).

(2)

"مسند أحمد"(1/ 145 رقم 1235).

ص: 154

فاشربوا فيها واجتنبوا كل ما أسكر، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تحبسوها بعد ثلاث فاحبسوا ما بدا لكم" انتهى.

وهذا الحديث لا يخلو إسناده عن الاضطراب؛ لأن الراوي عن علي رضي الله عنه في الطريق الأول هو مخارق بن سُليم والد النابغة، والراوي عن مخارق هو ابنه النابغة، والراوي عن النابغة هو علي بن زيد.

وفي الطريق الثاني والثالث الراوي عن علي هو النابغة، والراوي عن النابغة هو ابنه ربيعة، والراوي عن ربيعة هو علي بن زيد.

وقال ابن أبي حاتم: نابغة بن مخارق يروي عن علي رضي الله عنه ويقال: يروي عن أبيه عن علي، روى عنه ابنه ربيعة بن نابغة.

وربيعة بن نابغة وثقه ابن حبان، وقال ابن الأثير في ترجمة مخارق: له أحاديث مضطربة. وذكر ابن أبي حاتم النابغة بن مخارق في كتاب "الجرح والتعديل" وسكت عنه.

ص: حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أنا ابن جريج، عن أيوب ابن هانئ، عن مسروق بن الأجدع، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي عليه السلام مثله. وزاد "ألا إن وعاءً لا يحرم شيئًا".

حدثنا حسين بن نصر، قال: سمعت يزيد بن هارون، قال: أنا حماد بن زيد، قال: ثنا فرقد السبخي، قال: ثنا جابر بن يزيد، أنه سمع مسروقًا يحدث، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله عليه السلام. مثل حديث علي رضي الله عنه عن النبي عليه السلام.

ش: من جملة ما يدل على انتساخ الآثار المتقدمة: ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه وأخرجه من طريقين:

الأول: عن يونس بن عبد الأعلى شيخ مسلم، عن عبد الله بن وهب، عن

ص: 155

عبد الملك بن جريج المكي، عن أيوب بن هانئ الكوفي، قال أبو حاتم: شيخ كوفي صالح. وقال الدارقطني: يعتبر به.

وأخرجه ابن ماجه (1): ثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا عبد الله بن وهب، أنا ابن جريج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق بن الأجدع، عن ابن مسعود، أن رسول الله عليه السلام قال:"إني كنت نهيتكم عن هذه الأوعية، ألا إن وعاءً لا يحرم شيئًا، كل مسكر حرام".

وهذا كما رأيت قد اشترك الطحاوي مع ابن ماجه في تخريج هذا الحديث عن شيخ واحد وهو يونس بن عبد الأعلى المصري، شيخ مسلم في الصحيح أيضًا.

الثاني: عن حسين بن نصر بن المعارك، عن يزيد بن هارون الواسطي، عن حماد بن زيد، عن فرقد بن يعقوب السبخي البصري، يُنسب إلى سَبخة البصرة، فيه مقال، فعن أحمد: رجل صالح ليس بقوي في الحديث. وعن يحيى: ليس بذاك. وعنه: ثقة. وعن النسائي: ليس بثقة.

وهو يروي عن جابر بن يزيد وليس هو جابر الجعفي. قاله ابن أبي حاتم، ثم قال: سئل أبو زرعة عنه فقال: لا يعرف، يروي عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(2): ثنا يزيد بن هارون، أنا حماد بن زيد، نا فرقد السبخي، ثنا جابر بن يزيد، أنه سمع مسروقًا، عن عبد الله، عن النبي عليه السلام أنه قال:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم أن تحبسوا لحوم الأضاحي فوق ثلاث فاحبسوا، ونهيتكم عن الظروف فانتبيذوا فيها واجتنبوا كل مسكر".

(1)"سنن ابن ماجه"(2/ 1128 رقم 3406).

(2)

"مسند أحمد"(1/ 452 رقم 4319).

ص: 156

ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن الصباح الدولابي، قال: ثنا شريك، عن زياد بن فياض، عن أبي عياض، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:"سئل رسول الله عليه السلام" عن الأوعية، فقال: لا تنتبذوا في الدباء والحنتم والنقير. فقال أعرابي: لا ظروف لنا. فقال النبي عليه السلام: اشربوا ما حلَّ لكم، واجتنبوا كل مسكر".

ش: من جملة ما يدل على انتساخ الآثار المتقدمة: ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص.

أخرجه بإسناد صحيح، عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن محمد بن الصباح الدولابي البغدادي البزاز شيخ البخاري ومسلم وأبي داود، عن شريك بن عبد الله النخعي، عن زياد بن فياض الخزاعي الكوفي من رجال مسلم، عن أبي عياض عمرو بن الأسود العنسي -بالنون- الشامي الدمشقي ويقال: الحمصي، روى له الجماعة إلا الترمذي.

وأخرجه أبو داود (1): ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شريك، عن زياد بن فياض، عن أبي عياض، عن عبد الله بن عمرو قال:"ذكر النبي عليه السلام الأوعية: الدباء والحنتم والمزفت والنقير، فقال أعرابي: إنه لا ظروف لنا. فقال: فاشربوا ما حل".

وفي رواية له (2): "فاجتنبوا ما أسكر".

وأخرجه البخاري (3): ثنا علي بن عبد الله، ثنا سفيان، عن سليمان بن أبي مسلم الأحول، عن مجاهد، عن أبي عياض، أن عبد الله بن عمرو قال:"لما نهى النبي عليه السلام عن الأسقية، قيل للنبي عليه السلام: ليس كل الناس يجد سقاء، فرخص لهم في الجر غير المزفت".

(1)"سنن أبي داود"(3/ 332 رقم 3700).

(2)

"سنن أبي داود"(3/ 332 رقم 3701).

(3)

"صحيح البخاري"(5/ 2124 رقم 5271).

ص: 157

وأخرجه مسلم (1): عن أبي بكر بن أبي شيبة وابن أبي عمر، عن سفيان، عن سليمان الأحول، عن مجاهد، عن أبي عياض. . . . إلى آخره نحوه.

ص: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى القطان، عن سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:"لما نهى رسول الله عليه السلام عن الأوعية، قالت الأنصار: إنه لابد لنا منها، فقال النبي عليه السلام فلا إذًا".

حدثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أنا نافع بن يزيد، قال: حدثني أبو حَزْرة يعقوب بن مجاهد، قال: أخبرني عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه أن رسول الله عليه السلام قال:"إني كنت نهيتكم أن تنتبذوا في الدباء والحنتم والمزفت، فانتبذوا، ولا أُحل مسكرًا".

ش: من جملة ما يدل على انتساخ الآثار المتقدمة ما روي عن جابر بن عبد الله.

وأخرجه من طريقين صحيحين:

الأول: عن محمد بن خزيمة، عن مسدد بن مسرهد شيخ البخاري. . . . إلى آخره.

وأخرجه البخاري (2): ثنا يوسف بن موسى، نا محمد بن عبد الله أبو أحمد الزبيري، ثنا سفيان، عن منصور، عن سالم، عن جابر قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن الظروف، فقالت الأنصار: إنه لابد لنا منها، قال: فلا إذًا".

الثاني: عن إسماعيل بن إسحاق، عن سعيد بن أبي مريم المصري شيخ البخاري، عن نافع بن يزيد الكلاعي المصري من رجال مسلم، عن أبي حَزْرة -بفتح الحاء المهملة، وسكون الزاي المعجمة، ثم راء مهملة- يعقوب بن مجاهد المدني القاص، من رجال مسلم.

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1585 رقم 2000).

(2)

"صحيح البخاري"(5/ 2123 رقم 5270).

ص: 158

عن عبد الرحمن بن جابر الأنصاري، روى له الجماعة.

وأخرجه البيهقي في "سننه"(1): من حديث سعيد بن الحكم. . . . إلى آخره نحوه.

ص: حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني أسامة بن زيد، أن محمد بن يحيى بن حَبَّان أخبره، أن واسع بن حَبَّان حدثه، أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه حدثه، عن رسول الله عليه السلام نحوه.

ش: من جملة ما يدل على انتساخ الآثار المتقدمة:

ما روي عن أبي سعيد الخدري.

وأخرجه بإسناد صحيح، عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب. . . . إلى آخره.

وحَبَّان -بفتح الحاء، وتشديد الباء الموحدة-.

وأخرجه البيهقي في سننه (2): من حديث أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن واسع بن حبان حدثه، أن أبا سعيد الخدري حدثه، أن رسول الله عليه السلام قال:"نهيتكم عن النبيذ ألا فانتبذوا، ولا أحل مسكرًا".

ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا علي بن معبد ويحيى بن عبد الحميد، قالا: ثنا أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي، عن سماك بن حرب، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن أبي بردة بن نيار، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني كنت نهيتكم عن الشرب في الأوعية، فاشربوا فيما بدا لكم ولا تسكروا".

ش: من جملة ما يدل على انتساخ الآثار المتقدمة: ما روي عن أبي بُردة هانئ بن نيار.

(1)"السنن الكبرى"(8/ 310 رقم 17261).

(2)

"سنن البيهقي الكبرى"(8/ 211 رقم 17264).

ص: 159

أخرجه عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن علي بن معبد بن شداد ويحيى ابن عبد الحميد، كلاهما عن أبي الأحوص. . . . إلى آخره. وكل هؤلاء ثقات.

وأخرجه الدارقطني (1): ثنا أبو القاسم بن زكرياء المحاربي، ثنا عبد الأعلى بن واصل، ثنا أبو غسان، نا أبو الأحوص، عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بُردة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اشربوا في المزفت ولا تُسكروا".

قال الدارقطني: وَهِمَ فيه أبو الأحوص في متنه وإسناده، وقال غيره: عن سماك، عن القاسم، عن ابن بُريدة، عن أبيه:"لا تشربوا مسكرًا".

حدثنا (2) عثمان بن أحمد الدقاق، ثنا يحيى بن عبد الباقي، نا لوين، ثنا محمد ابن جابر، عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي عليه السلام قال:"نهيتكم عن الظروف، فاشربوا فيما شئتم ولا تسكروا".

رواه غيره عن محمد بن جابر فقال: "ولا تشربوا مسكرًا" قال ذلك يحيى بن يحيى النيسابوري -وهو إمام- عن محمد بن جابر.

حدثنا (3) به علي بن أحمد بن الهيثم، ثنا أحمد بن إبراهيم القوهستاني، ثنا يحيى بن يحيى، ثنا محمد بن جابر، عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي عليه السلام قال:"كنا نهيناكم عن الشرب في الأوعية فاشربوا في أي سقاء شئتم ولا تشربوا مسكرًا". وهذا هو الصواب.

وقال ابن أبي حاتم في كتاب "العلل"(4): سألته -يعني أبا زرعة- عن

(1)"سنن الدارقطني"(4/ 259 رقم 66).

(2)

"سنن الدارقطني"(4/ 259 رقم 67).

(3)

"سنن الدارقطني"(4/ 259 رقم 68).

(4)

"علل ابن أبي حاتم"(2/ 24 رقم 1549).

ص: 160

حديث الأحوص، عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بردة يرفعه:"اشربوا في الظروف ولا تسكروا". فقال: وَهِم أبو الأحوص. فقال: عن سماك، عن القاسم، عن أبيه، عن أبي بردة؛ قلب في الإسناد موضعًا، وصحف في موضع:

أما القلب فقوله: عن أبي بردة وإنما هو ابن بريدة، عن أبيه ثم احتاج أن يقول: ابن بريدة عن أبيه؛ فقلب الإسناد بأسره وأفحش في الخطأ.

وأفحش من ذلك وأشنع تصحيفه في متنه "اشربوا في الظروف ولا تسكروا" وقد روى الحديث عن ابن بريدة أبو سنان ضرار بن مرة وزُبيد الياميّ ومحارب بن دثار وسماك والمغيرة بن سبيع وعلقمة بن مرثد والزبير بن عدي وعطاء الخراساني، وسلمة بن كهيل. كلهم عن ابن بُريدة، عن أبيه، عن سيدنا رسول الله عليه السلام:"نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية، ولا تشربوا مسكرًا".

وفي حديث بعضهم: "واجتنبوا كل مسكر" ولم يقل أحد منهم: "ولا تسكروا". فقد بان وهم حديث أبي الأحوص من اتفاق هؤلاء المسمين على ما ذكرنا من خلافه.

وقال أبو زرعة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إن حديث أبي الأحوص خطأ في الإسناد والكلام.

فأما الإسناد فإن شريكًا وأيوب ومحمد بن جابر رَوَوْه عن سماك، عن القاسم، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي عليه السلام كما رواه الناس:"فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرًا".

قال أبو زرعة: وكذا أقول.

وقال ابن أبي عاصم: لا اختلاف فيه أنه خطأ، وَهِمَ فيه أبو الأحوص، وقد

ص: 161

رواه شريك، عن سماك، عن القاسم، عن ابن بُريدة، عن أبيه فقال:"اجتنبوا ما أسكر، وكل مسكر حرام".

وقال الأثرم: هذا الحديث له علل بينة، وقد طعن فيه أهل العلم قديمًا، فبلغني أن شعبة طعن فيه، وسمعت أبا عبد الله يذكر أن هذا الحديث إنما رواه سماك عن القاسم، عن ابن بريدة، عن أبيه مرفوعًا "نهيتكم عن ثلاث. . . ." الحديث.

قال: فدَرَسَ كتابُ أبي الأحوص، فلقنوه الإسناد والكلام فقلب الإسناد والكلام، ولم يكن أبو الأحوص يقول: أبو بردة بن نيار. كان يقول: أبو برزة وإنما هو ابن بريدة، فلقنوه أبا بُردة بن نيار فقاله.

وقال صاحب "الاستذكار": هذه اللفظة -يعني: ولا تسكروا- أنما رواها شريك وحده، والذي روى غيره:"ولا تشربوا مسكرًا".

قلت: هذا التشنيع كله لأجل هذه اللفظة وهي قوله: "لا تسكروا"؛ وذلك لكونها حجة للحنفية في قولهم: أن ما لا يُسكر من النبيذ مباح وإنما الحرام هو السكر لا غير.

وأبو الأحوص ثقة ثبت متقن فَرَدّ حديثه بهذا الوجه غير موجه.

ص: حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم النبيل، قال: ثنا سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي عليه السلام نحوه.

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عمرو بن خالد، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن زبيد، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي عليه السلام مثله. حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم. (ح)

وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قالا: ثنا معرف بن واصل، قال: حدثني محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي عليه السلام مثله.

ص: 162

حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا زهير بن معاوية، عن زبيد اليامي، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة -قال زهير أُراه- عن أبيه، عن النبي عليه السلام مثله.

ش: من جملة ما يدل على انتساخ الآثار المتقدمة حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.

وأخرجه من خمس طرق صحاح:

الأول: عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد شيخ البخاري، عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، وهو سليمان بن بريدة.

كذا صرَّح به في رواية الترمذي (1) وقال: عن علقمة، عن سليمان بن بريدة.

وأخرجه مسلم (2): ثنا حجاج بن الشاعر، قال: ثنا ضحاك بن مخلد، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه:"أن رسول الله عليه السلام قال: "نهيتكم عن الظروف، وإن الظروف -أو ظرفًا- لا يحل شيئًا ولا يحرمه، وكل مسكر حرام".

الثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن عمرو بن خالد الخراساني شيخ البخاري، عن زهير بن معاوية، عن زُبَيد -بضم الزاي المعجمة، وفتح الباء الموحدة، وسكون الياء آخر الحروف- ابن الحارث اليامي، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه.

وأخرجه النسائي (3): أنا محمد بن معدان الحراني، نا الحسن بن أعين، نا زهير، نا زبيد، عن محارب، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله عليه السلام:

(1)"جامع الترمذي"(4/ 295 رقم 1869).

(2)

"صحيح مسلم"(3/ 1585 رقم 977).

(3)

"المجتبى"(7/ 234 رقم 4429).

ص: 163

"إني كنت نهيتكم عن ثلاث: زيارة القبور فزوروها، ولتزدكم زيارتها خيرًا، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث فكلوا منها ما شئتم، ونهيتكم عن الأشربة في الأوعية فاشربوا في أي وعاء شئتم، ولا تشربوا مسكرًا".

الثالث: عن فهد بن سليمان، عن أبي نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري، عن معرف بن واصل، عن محارب بن دثار. . . . إلى آخره.

وأخرجه مسلم (1): ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا وكيع، عن معرف بن واصل، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن الأشربة في ظروف الأدم؛ فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرًا".

الرابع: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن أحمد بن عبد الله بن يونس شيخ البخاري، عن معرف بن واصل. . . . إلى آخره.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(2).

الخامس: عن سليمان بن شعيب الكيساني، عن عبد الرحمن بن زياد الرصاصي الثقفي، عن زهير. . . . إلى آخره.

وأخرجه أحمد (3): عن أحمد بن عبد الملك، عن زهير، عن زُبيد بن الحارث، عن محارب بن دثار، عن ابن بُريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله عليه السلام: "إني كنت نهيتكم عن الأشربة في الأوعية؛ فاشربوا في أي وعاء شئتم ولا تشربوا مسكرًا".

ص: حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية وغيره، عن عبد الله بن المغفل قال:"شهدت رسول الله عليه السلام ين نهى عن نبيذ الجر، وشهدته حين أمر بشربه، فقال: اجتنبوا المُسكر".

(1)"صحيح مسلم"(3/ 1585 رقم 977).

(2)

"مسند أحمد"(5/ 350 رقم 23008).

(3)

"مسند أحمد"(5/ 355 رقم 23053).

ص: 164

ش: من جملة ما يدل على انتساخ الآثار المتقدمة: حديث عبد الله بن المغفل -بضم الميم وفتح الغين المعجمة، وتشديد الفاء- من أصحاب الشجرة.

أخرجه عن فهد بن سليمان، عن أبي نعيم الفضل بن دُكين شيخ البخاري، عن أبي جعفر الرازي مولى بني تميم، قيل: اسمه عيسى، وعن يحيى: كان ثقة.

وقال أبو حاتم: شيخ ثقة صدوق. روى له الأربعة.

وهو يروي عن الربيع بن أنس البصري، ويقال: الحنفي البصري ثم الخراساني، قال العجلي: صدوق. وقال النسائي: ليس به بأس. روى له الأربعة.

عن أبي العالية رفيع بن مهران الرياحي البصري، روى له الجماعة، وقد أدرك الجاهلية، وأسلم بعد موت النبي عليه السلام بسنتين، روى له الجماعة.

والحديث أخرجه الطبراني (1): ثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا أبو نعيم، عن أبي جعفر. . . . إلى آخره نحو رواية الطحاوي سواء.

ص: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، قال: أنا خالد الحذاء، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:"لما قفل وفد عبد القيس قال النبي عليه السلام: كل امرئ حسيب نفسه؛ لينتبذ كل قوم فيما بدا لهم".

ش: من جملة ما يدل على انتساخ الآثار المتقدمة: حديث أبي هريرة.

أخرجه بإسناد صحيح.

وأخرجه أحمد في "مسنده"(2): ثنا عبد الصمد، قال: ثنا حماد، ثنا خالد، عن شهر، عن أبي هريرة قال:"لما قدم وفد عبد القيس، قال رسول الله عليه السلام: كل امرئ حسيب نفسه، ليشرب كل قوم فيما بدا لهم".

(1) ورواه في "الأوسط"(1/ 270 رقم 880) من طريق أبي جعفر به، ورواه أحمد في "مسنده"(4/ 87 رقم 16850)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 68 رقم 23764) وغيرهم.

(2)

"مسند أحمد"(2/ 327 رقم 8318).

ص: 165

فإن قيل: قال ابن حزم: شهر بن حوشب ساقط.

قلت: هذا لا يقبل منه؛ فقد قال أحمد فيه: ليس به بأس. وأثنى عليه، وقال: ما أحسن حديثه، وذكره ابن شاهين في كتاب الثقات، وقال البزار: تكلم فيه شعبة، ولا نعلم أحدًا ترك الرواية عنه. وقال أبو الحسن القطان: لم أسمع لمضعِّفِهِ حجة. وصحح الترمذي وأبو علي الطوسي حديثه عن أم سلمة أن رسول الله عليه السلام قال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي. . . ."(1) الحديث.

وقال يعقوب بن سفيان: ثقة. وطرق حديثه صالحة رواها الشاميون.

وفي "تاريخ نيسابور": وثقه ابن معين وأبو زرعة والعجلي، وقال البخاري: حسن الحديث وقوي أمره. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة.

فأي سقوط مع ثناء هؤلاء الأئمة الكبار إن هذا لعجيب؟!

فهذا كما رأيت قد أخرج الطحاوي أحاديث هذا الفصل عن تسعة نفر من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمرو ابن العاص وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري، وأبو بُردة بن نيار، وبُريدة ابن الحصيب، وعبد الله بن المغفل، وأبو هريرة.

وقال الترمذي: وفي الباب عن ابن مسعود، وأبي سعيد، وأبي هريرة، وعبد الله ابن عمرو.

قلت: وفي الباب أيضًا عن عائشة وعمران بن حيان، عن أبيه، وعبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وابن الرسيم عن أبيه، وصحار بن عياش رضي الله عنهم.

أما حديث عائشة فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2): ثنا خلف بن خليفة، عن العلاء بن المسيب، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت:"كان يُنبذ لرسول الله عليه السلام في جرٍّ أخضر".

(1) جامع الترمذي (5/ 699 رقم 3871) وقال: حسن، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب.

(2)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 84 رقم 23932).

ص: 166

وأما حديث عمران بن حيان عن أبيه فأخرجه أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم في كتاب "الأشربة"(1): ثنا دحيم، قال: ثنا مروان بن معاوية، ثنا حميد بن علي الرقاشي، عن عمران بن حيان الأنصاري، عن أبيه:"أن رسول الله عليه السلام خطب يوم خيبر، فأحل لهم ثلاثة أشياء كان نهاهم عنها؛ أحل لهم لحوم الأضاحي، وزيارة القبور، والأوعية".

قلت: حيان هذا -بفتح الحاء وتشديد الياء آخر الحروف- هو ابن نملة الأنصاري، ذكره البخاري في الصحابة، وخالفه غيره.

وأما حديث عبد الله بن عباس فأخرجه ابن حزم في "المحلى"(2) من طريق المشمعل بن ملحان، عن النضر بن عبد الرحمن، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي عليه السلام قال:"انتبذوا فيها -يعني في الظروف- فإن الظروف لا تحل شيئًا ولا تحرمه، ولا تسكروا".

إسناده ضعيف ومعلول بالنضر بن عبد الرحمن.

وأما حديث أنس رضي الله عنه فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(3): ثنا أبو الأحوص عن يحيى بن الحارث، عن عمرو بن عامر، عن أنس قال:"نهى رسول الله عليه السلام عن الأنبذة في الأوعية، ثم قال بعد: إني نهيتكم عن الأنبذة في الأوعية، فاشربوا فيما شئتم".

وأما حديث ابن الرُّسَيم عن أبيه فأخرجه الطبراني (4) رحمه الله، نا محمد بن عبد الله الحضرمي وعبيد بن غنام، قالا: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن يحيى بن الحارث التيمي، عن يحيى بن غسان التيمي، عن ابن

(1) وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4/ 35 رقم 3573) من طريق دحيم به.

(2)

"المحلى"(7/ 482).

(3)

"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 86 رقم 23943).

(4)

"المعجم الكبير"(5/ 77 رقم 4634) وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا في "مصنفه"(5/ 86 رقم 23946).

ص: 167

الرُّسَيم، عن أبيه -وكان من أهل هجر، وكان فقيها-:"أنه انطلق إلى رسول الله عليه السلام في وفد بصدقة يحملها إليه، فنهاهم عن النبيذ في هذه الظروف، فرجعوا إلى أرضهم وهي أرض تهامة حارَّة فاستوخموا، فرجعوا إليه العام الثاني في صدقاتهم، فقالوا: يا رسول الله، إنك نهيتنا عن هذه الأوعية فتركناها، فشق ذلك علينا، فقال: اذهبوا فاشربوا فيما شئتم، ولا تشربوا ما أوكئ سقاؤه على إثم".

قلت: رُسَيم بضم الراء وفتح السين المهملتين، كذا قاله محمد بن نقطة من خط أبي نعيم. وقال ابن ما كولا: وأما رسيم بفتح الراء وكسر السين وسكون الياء آخر الحروف فهو رَسِيم له صحبة، روى عنه ابنه حديثًا رواه يحيى بن غسان التيمي، عن ابن الرسيم، عن أبيه.

وأما حديث صحار بن عياش فأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): ثنا وكيع، عن الضحاك بن يسار، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن عبد الرحمن بن صحار، عن أبيه قال:"قلت: يا رسول الله، إني رجل مسقام، فأذن لي في جرة أنتبذ فيها؛ فأذن لي".

قلت: صحار -بضم الصاد- بن عياش بالياء آخر الحروف المشددة وبالشين المعجمة. وقيل: عباس بالباء الموحدة والسين المهملة.

ص: فثبت بهذه الآثار نسخ ما تقدمها مما قد روينا في هذا الباب من تحريم الانتباذ في الأوعية المذكورة فيها، وثبت إباحة الانتباذ في الأوعية كلها.

وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

ش: أي فثبت بهذه الأحاديث المذكورة في الفصل الثاني انتساخ الأحاديث المذكورة في الفصل الأول الناطقة بتحريم الانتباذ في الأوعية المذكورة فيها. وقال الحازمي: إنما كان النهي عن هذه الأوعية لأن لها ضراوة يشتد فيها النبيذ، ولا يشعر بذلك صاحبها، فيكون على غرر من شربها.

(1)"مصنف بن أبي شيبة"(5/ 85 رقم 23933).

ص: 168

قلت: ذهب أكثر أهل العلم إلى أن الحظر كان في مبتدأ الأمر، ثم رفع وصار منسوخًا، ودلت الأحاديث الثابتة على أن النهي كان مطلقًا عن الظروف كلها، ودل بعضها أيضًا على السبب الذي لأجله رخص فيها وهو أنهم شكوا إليه الحاجة إليها، فرخص لهم في ظروف الأدم لا غير، ثم إنهم شكوا إليه أن ليس كل أحد يجد سقاء، فرخص لهم في الظروف كلها ليكون جمعًا بين الأحاديث كلها.

ص: ومما يدل على ذلك أيضًا: أن فهدًا حدثنا، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع بن أنس قال:"دخلت على أنس، فرأيت نبيذه في جرة خضراء".

حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان، قال:"دخلت على أنس بن مالك بواسط القصب، فرأيت نبيذه في جرة خضراء يُنتبذ له فيها".

فهذا أنس بن مالك ينتبذ في الظروف، وهو أحد من روى عن رسول الله عليه السلام النهي عن الانتباذ فيها؛ فدل ذلك على ثبوت نسخ ذلك عنده، والله أعلم.

ش: أي ومن الذي يدل على نسخ الأحاديث المتقدمة: ما روي عن أنس بن مالك؛ فإنه كان ينتبذ له في الظروف، والحال هو أحد الرواة عنه عليه السلام أنه نهى عن الانتباذ فيها، فلو لم يثبت عنده نسخ ذلك لما انتبذ له في الظروف.

وأخرجه من طريقين صحيحين:

الأول: عن فهد بن سليمان، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن أبي جعفر الرازي، قيل: اسمه عيسى عن الربيع بن أنس البصري البكري.

الثاني: عن محمد بن خزيمة، عن الحجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة.

ص: 169

وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1): عن محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن ثعلبة قال:"دخلت على أنس بن مالك فأكلنا عنده، ثم دعى بجريرة خضراء فيها نبيذ فسقانا".

قوله: "بواسط القصب" هي مدينة اختطها الحجاج بين الكوفة والبصرة في أرض كسكر، وهي نصفان على شطي دجلة وبينهما جسر من سفن؛ وإنما سميت واسطًا لأن منها إلى البصرة خمسين فرسخًا، ومنها إلى الكوفة خمسين فرسخًا، ومنها إلى الأهواز خمسين فرسخًا، ومنها إلى بغداد خمسين فرسخًا. وإنما أضيفت إلى القصب لأن أرضها كانت مقصبةً، وفيها قصب كثيرة، وأقلام مشهورة تنسب إليها، والله أعلم.

(1)"مصنف ابن أبي شيبة"(5/ 83 رقم 23910).

ص: 170