الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"القطر" في الأداء: "قلت: [يقصد نفسه]: وسمعت الشيخ الفقيه أبا زيد عبد الرحمن ابن خلدون يقول: كان بعضهم يُورِدُ على قول الحُصْرِيِّ في أول منظومة هذا في قوله:
إذَا قُلْتُ أَبْيَاتاً حسَاناً من الشِّعْرِ
…
فلا قُلْتُها في وصْف وَصْل ولا هَجْرِ
ولا مدحِ سلطان ولا ذَمِّ مسلم
…
ولا وصفِ خِلّ بالوفاء أو الغدْر
ولكنني في ذَمِّ نَفْسِى أقولُها. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال: قوله "ولا ذم مسلم" مع قوله "ولكنني في ذم نفسي أقولها"، يُنتِج الشكلَ الثاني، أنه غيرُ مسْلم!؛ على قوةِ دَعْوَاهُ، وشدّة عارضته في قوله "ولو كُتِبَتْ بِالمِسْكِ"؛ و "لَمْ أَرَهُمْ يَدْرُونَ وَرْشاً قِرَاءَةً" وقوله "وبَاعُهُمُ في النَحْوِ أَقْصَرُ مِنْ شِبْرِ"، إلى غير ذلك".
…
6 - أبو مهدي عيسى الغبريني
(ت 815 هـ):
عيسى بن أحمد بن محمد الغبريني التونسي، أبو مهدي، خطيبُ جامع الزيتونة وإمامه ومدرِّسُه، العالم الصالح، حافظ المذهب. قال أبو زيد الثعالبي:
شيخُنا أوحَدُ زمانه علما وديناً. وقال ابن ناجي: ممن يُظَن به حفظُ المذهب بلا مطالعة، ما رأيت أصح منه نقلا ولا أحسن منه ذهنا ولا أنصَفَ منه، مع كمال الرياسة. كان صحيح العقيدة متين الدين، سَجَدَ بين يديْه بعض جهلة المؤدِّبين مشْتكياً بشخص فصاح عليه وانتهره وغضب لمخالفته السنة وحلَفَ لا يسمع منه الآن كلمة.
وقال تلميذه الأمير محمد الحسين بن أبي العباس الحفصي: "كان شيخنا ابن عرفة وشيخنا الغبريني من مجتهدي المذهب، والعيان شاهد بذلك".
وهو شيخ البسيلي والثعالبي وابن ناجي والبرزلي وأحمد القلشاني والشرف العجيسي. قال التنبكتي: بل أخذ عنه غالب متأخري أصحاب ابن عرفة وغيرهم كالبسيلي، وأبي يحيى بن عَقيبَةَ وأبي القاسم القسنطيني، وأبي الحسن ابن عصفور والأبي والزَّلَدِيوِي وأبي عبد الله محمد بن عُقَاب وأبي عبد الله محمد بن عبد الله المغِربي في خلق. وكان يُقدِّم للعدالة من استوثق من دينه وأمانته من الطلبة، وهو الذي كلَّم أبَا فارس الحفصي في تقديم أبي عبد الله محمد بن أبي بكر. وقد استنابه ابن عرفة أثناء سفره للحج سنة 792 هـ، وتولى الإمامة بجامع الزيتونة بعد موته.
وقد مكث الغبريني 12 سنة يقرأ المعقولات، وندم على ذلك آخر عمره فقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لكانت مدة قراءتي في المعقول كلها في الفقه؛ ولذا عكف على "المدونة" بشرح ابن يونس، وسأله والد الرصاع عن ذلك فقال: لأن صاحب هذه الدار؛ يعني الشيخ القاضي ابن حيدرة -وكان ساكنا بداره وتتلمذ له-
يقول: عليكم بابن يونس فإنه عجوز الدار، وهو مرْويٌّ كله، ولذا يقول فيما لم يروه: وهذا لم أروه.
وكان الغبريني هو قارئ العشر في مجلس ابن عرفة، قال البسيلي عند الآية 80 من سورة يوسف:"هذا عشر يوم السبت، سابع شهر شعبان، منْ عام ستّةٍ وثمانينَ وسبعِمِائةٍ؛ وابْتَدَأَ قراءَةَ العشرِ والحدِيثِ مِنْ هَذَا اليَوْم، الفقيهُ أبُو عبدِ اللَهِ بنُ مُسَافِرٍ، عِوَضاً عَنْ سَيِّدِي عِيسَى الغُبْرِيني". وقد صرح البسيلي بتلمذته عليه، فقال عند تعريفه بالزمخشري: "وله يَرْثي شيخه أبا مُضَرٍ، حسبما وجدته مقَيًدًا بخطّ شيخِنا أبي مهْدِي عِيسَى الغُبْرِيني:
وقَائلَةٍ مَا هذِه الدُّرَرُ التِي
…
تساقط مِنْ عينِكَ سِمْطَيْنِ سِمْطَيْن
فقُلْتُ هُو الدُّرُّ الذي قدْ حَشَا بِهِ
…
أبُو مُضَرٍ أذْني تسَاقَطَ مِنْ عَيْنِي"
وساق من فوائده عند تفسيره لسورة الفلق: "ع: مما يسئل عنه هنا: لم قال (إذا وقب) و (إذا حسد)، ولم يقل من شر النفاثات إذا نفثت؟. فأجابه الفقيه عيسى الغبريني: بأنَّ الوسط الذي هو (النفاثات) لَمَّا أَنْ كان كله شرا وليس فيه من الخير شيء، لم يحتج لتقييد، ولما أن كان الطرفان يصلحان للخير والشر قُيِّدَا؛ ألا ترى أن غَسَقَ الليل فيه ما هو محمود ومحل لرجاء الخير وقبول الدعاء، وهو آخِرُه، لِمَا وَرَدَ فيه؛ وألا ترى أن الحسد لشكله شرا للحديث "لا حسد إلا في اثنتين".
ولم يذكر المترجمون أنه ترك تأليفا، لكنني عثرت على "شرح للبردة البوصيرية" للغبريني، وراجعت تراجم من عُرِفُوا بهذه النسبة، أبي العباس الغبريني صاحب "عنوان الدراية" وولديه الأخوين أبي القاسم وأبى سعيد، فلم أجد نسبة التأليف